علق المحلل السياسي الأستاذ محمد علي مهتدي في حديث خاص لوكالة أنباء التقریب على تصريحات الأمين العام لحزب الله حجة الاسلام والمسلمين السيد حسن نصر الله التي أدلى بها مساء امس الأحد وأعرب عن اعتقاده بأن توقيت تصريحاته يحظى بأهمية بالغة وذلك لأن المحكمة الدولية ونتيجة للضغوط الأميركية والصهيونية تعتزم خلال هذه الأيام اصدار قرارها بشأن اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري ومن المتوقع أنها ستتهم أعضاءا في حزب الله أو موالين ومتحالفين مع الحزب في تنفيذ عملية الاغتيال، ونوه الى ان السيد نصر الله شدد خلال تصريحاته على أن أعضاء كتلة المقاومة في البرلمان اللبناني لن يصوتوا لصالح رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، وانما سيصوتون لصالح احدى الشخصيات السنية الوطنية.
ورأى مهتدي أن حديث السيد نصر الله حول أوضاع وتحركات دول المنطقة لاحتواء الأزمة يترك تأثيرا كبيرا في الرأي العام الاسلامي والعربي من خلال التوضيحات التي قدمها بهذا الشأن فقد سعى اطلاع الرأي العام في المنطقة على المؤامرة الكبرى التي حبكتها وأعدتها أميركا واسرائيل، فمن خلال استخدام ذريعة المحكمة الدولية يسعون سحب الشرعية من المقاومة اللبنانية التي وجهت ضربات موجعة للكيان الصهيوني كان أهمها ضربتي عام ٢٠٠٠ وعام ٢٠٠٦ وقد تحولت هذه المقاومة الى رمز وفخر للعالم العربي.
وحول توقعاته للمستقبل لم يستبعد مهتدي أن تؤجل المحكمة الاعلان عن قرارها نتيجة التصريحات التي أدلى بها السيد نصر الله والتي كشفت العديد من أبعاد القضية، "وبغض النظر عن ذلك فينبغي الاشارة الى وجود مشروعين مختلفين يتحركان بنفس السرعة، المشروع الأول هو الذي تدعمه أميركا واسرائيل وتساهم فيه بعض الدول العربية ويرمي هذا المشروع الى سلب الشرعية عن المقاومة الاسلامية في لبنان ومحاصرتها وفي نهاية المطاف توجيه ضربة لها والقضاء عليها لتمهيد الطريق نحو ضرب محور المقاومة في المنطقة، وفي المقابل هناك المشروع الذي تتبناه المقاومة اللبنانية وعموم الذين يدعمونها سواء دول وحكومات أو أوساط شعبية وسياسية" وشدد مهتدي على أن أية خطوة تقدم عليها أميركا واسرائيل فان المقاومة ستقدم على خطوة في المقابل.
وأشار مهتدي في هذا الاطار الى القرار الذي اتخذته المقاومة في اسقاط حكومة الحريري عندما اعلن عن فشل المسعى السعودي-السوري لتسوية المشكلة "لذلك فمن الطبيعي أن تقدم المقاومة اللبنانية على خطوة ضد خطوة اتهام حزب الله بتنفيذ عملية اغتيال الحريري التي من المحتمل أن تقدم عليها المحكمة الدولية" ولم يستبعد مهتدي أيضا أن يكون الحلفاء والمتعاطفين مع المقاومة في الحكومة الجديدة التي بدأ اليوم التشاور بشأنها أكثر من الحكومة السابقة، مما يرجح سحب الطلب الذي تقدمت به الحكومة السابقة من مجلس الأمن الدولي بالتحقيق في عملية اغتيال الحريري، وقال: حتى لو اتهمت المحكمة أعضاء في حزب الله بتنفيذ عملية الاغتيال فان الحزب لن يسلم أعضائه للمحكمة ولن تكون هناك أية جهة أو دائرة لبنانية مستعدة للتحقيق أو اعتقال أعضاء في حزب الله لذلك فان القرار الذي تصدره المحكمة لن ينفذ.
واضاف مهتدي: "لا اتصور ان سعد الحريري سيرأس الحكومة الجديدة فبالاضافة الى كتلة المقاومة في البرلمان اللبناني فان كتلة زعيم الحزب الاشتراكي التقدمي وليد جنبلاط ستنظم الى كتلة المقاومة في التصويت وبالتالي سيكونون أكثرية ومن المرجح أن تترأس الحكومة الجديدة شخصية سنية معتدلة ووطنية كعمر كرامي أو سليم الحص لذلك فان الذين سيصوتون لصالح الحريري أقلية برلمانية".
وبخصوص احتمال اندلاع الحرب الاهلية والطائفية نتيجة تداعيات القرار الاتهامي اعتبر مهتدي أن بعض القوى الدولية والعربية تسعى الى الى اشعال فتيل الحرب الأهلية والطائفية في لبنان "الا أنني لا أعتقد وقوع مثل هذا الأمر لأن المشكلة سياسية بحتة ولا تمت للقضايا الطائفية بصلة فهي ليست قضية سنية أو شيعية، كما أن الشيعة في لبنان لا يرغبون بتاتا باندلاع حرب طائفية وفي نفس الوقت هناك في الطائفية السنية في لبنان الكثيرين ممن يدركون ويعون حقيقة ما يجري فلا ينجرون وراء مثل هذه الحرب، وبشكل عام فانه ونتيجة للحرية السائدة في لبنان والظروف الأمنية من المستبعد جدا وقوع الحرب على الرغم من أن عملاء اسرائيل لن يقفوا مكتوفي الأيدي فمن المتوقع أنهم سينفذون العديد من عمليات الاغتيال والتفجيرات، وسيسعى هؤلاء الى اثارة وتجييش المشاعر الطائفية، الا أنني اعتقد أن وعي المسلمين في لبنان سواء كانوا سنة أو شيعة سيحول دون اثارة مثل هذه الفتنة".