محمد حميد (أبو الحسن) عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي
المقاومة باتت أشبه بجيشٍ نظامي يدير معداته ومقدراته بكفاءة وانتظام
تنا
أكد محمد حميد (أبو الحسن) عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، اليوم الثلاثاء ، أن المقاومة الفلسطينية أظهرت تطوراً كبيراً في الجولات التصعيدية الأخيرة، وباتت أشبه بجيشٍ نظامي يدير معداته ومقدراته بكفاءة وانتظام، لافتاً إلى أن الاحتلال يأمل في ضربةٍ خاطفة يستعيد معها ردعه المتهالك ويوقف تعاظم القوة في الجبهتين الشمالية والجنوبية، مقابل أقل قدر من الأضرار.
شارک :
وعَدَ القيادي حميد استئناف السلطة للتنسيق مع "إسرائيل" ضربةً في ظهر الشعب الفلسطيني الذي يكتوي يومياً بتجاوزات الاحتلال على جميع المستويات، مجدداً رفض الحركة مسار التسوية والمفاوضات من بادئه المتمثل باتفاق أوسلو الذي لم يحقق أي إنجاز وطني يذكر ولم يورد أصحابه سوى المهانة.
وأكد حميد في حديث مع "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، أن التهديد المتواصل للاحتلال للعودة إلى سياسة الاغتيال لن ترهبنا ولن تثنَي المجاهدين عن عزمهم نحو العمل ومراكمة القوة والتجهيز والإعداد بل والرد الفوري على جرائم الاحتلال إن لزم الأمر.
وحول تلويح الاحتلال بين الفينة والأخرى عن حربٍ مقبلة على صعيد لبنان وغزة، شدد القيادي حميد على أن تلويح الاحتلال بالحرب أمرٌ معهودٌ على هذا العدو الصهيوني المجرم الذي اعتاد إرهاب الأبرياء والشعوب الحرة، إلا أنه –وبلا شك-ينظر إلى هاتين الجبهتين على أنهما مناطق تعاظم قوة لجهات مناوئة له، وهو يعي جيداً حجم الجهد المبذول فيها للوصول إلى الحد الأقصى من الإعداد والتجهيز.
وقال القيادي حميد: "غدر هذا الاحتلال المعتاد، واشتعال منطقة الشرق الأوسط يجعلنا ننظر إلى هذا التلويح على أنه جدي إلى أبعد الحدود، خاصةً أن الاحتلال يأمل في ضربةٍ خاطفة يستعيد معها ردعه المتهالك ويوقف تعاظم القوة في الجبهتين الشمالية والجنوبية، مقابل أقل قدر من الأضرار".
وعن قدرات المقاومة وتطورها، أكد القيادي أبو حميد، أن أساس المعرفة لدى الإنسان قائمة على نظرية الاستفادة من الخبرات السابقة وتراكم المعرفة، وكذلك تطور المقاومة الفلسطينية، فهذه المقاومة التي بدأت جذورها في عهد الانتداب البريطاني قاربت على إتمام قرنها الأول في أكثر من إطار، وهي تستفيد من تجاربها السابقة وأخطائها وعثراتها، وتحاول تطوير نفسها ومقدراتها، وهذا جزءٌ من النضال الفلسطيني الذي تنوع بين المقاومة العسكرية والمقاومة الشعبية.
وشدد على أنه في الآونة الأخيرة، أظهرت التجربة تطوراً كبيراً في قدرات المقاومة الفلسطينية، فبعد أن كانت مجموعات متفرقة، أضحت اليوم أشبه بجيشٍ نظامي يدير معداته ومقدراته بكفاءة وانتظام، بل إن هذا التطور انعكس على أسلحة المقاومة وعتادها وأساليب هجومها، فالجولات التصعيدية الأخيرة وما سبقها من حروب تشهد بالتطور التصاعدي لترسانة المقاومة الفلسطينية ممثلةً بسرايا القدس وكتائب القسام وغيرها من الفصائل المقاومة.
وأشاد القيادي أبو حميد، بعلاقة حركة الجهاد الإسلامي بفصائل المقاومة الفلسطينية، مؤكداً أن حركته تملك علاقاتٍ مميزة مع جميع فصائل المقاومة الفلسطينية، ويوجد هناك تعاونٌ وتنسيق مشترك على كافة المستويات.
وقال:"إن حركة الجهاد الإسلامي ترى في هذه الفصائل رفاقاً وشركاءً في مشوار النضال والتحرير، والحركة حريصة أشد الحرص على الحفاظ على علاقاتٍ متينة مع جميع شركاء المقاومة."
وبشأن ارتفاع وتيرة التطبيع مع "إسرائيل"، في الآونة الأخيرة، أضاف القيادي حميد:"إن لهث المطبعين إلى التطبيع مؤشرٌ جازم على انتهاء صلاحيتهم من جميع النواحي، إذ أنهم يهرولون إليه ظناً منهم أن التقرب إلى الاحتلال كفيلٌ في أن يعوضهم عن الشرعية الشعبية التي افتقدوها، وكفيلٌ أن يسد عجزهم القانوني والاقتصادي والاجتماعي، فهم أولاً وآخراً ليسوا سوى مجموعةٍ جشعة من الأنانيين المتجردين من كافة الضوابط الدينية والقيم الوطنية، فهم قد قدموا مصالحهم الشخصية في البقاء في سدة الحكم على مصالح شعوبهم الجمعية والوطنية، والمثير للشفقة أنهم لا يعلمون أن خطوات التطبيع –بدلاً من أن تزيد فترة حكمهم- ستجعل نهايتهم قريبةً عاجلةً."
ولفت إلى أن لجوء عدد من الأشخاص والكيانات إلى التطبيع، قد أزال هالةً وغطاءً لطالما تنعم وتدثر به المنافقون، فأخفوا تواطؤهم مع الاحتلال وعداءهم لفلسطين به، رغم أن الصحافة الغربية، والصهيونية تحديداً قد أشارت إلى علاقات دافئة بين هؤلاء وبين الاحتلال، أما اليوم وبعد لهثهم إلى التطبيع، أضحوا وجوهاً واضحة من وجه العتو العالمي، وزالت أقنعة الوطنية التي كانوا يرتدونها.
وأكد أن هذا التطبيع-وإن كان مدعوماً من أعلى المستويات الرسمية في بعض الدول-لا يحمل في طياته النعيم المقيم لدولة الاحتلال، فليس هناك شكٌ في الانفصام القائم بين المستويات الرسمية والمستويات الشعبية، فحسبنا في التجربة المصرية آية، فبعد مضي أكثر من أربعين عاماً على التطبيع مع الاحتلال، ما زالت المستويات الشعبية مبغضةً لدولة الاحتلال رافضةً للتطبيع معه.
أما بشأن استئناف السلطة "التنسيق الأمني"، فجدد القيادي حميد تأكيد موقف حركة الجهاد الإسلامي من التنسيق الأمني الواضحٌ والجليٌ وقد أعلنت عنه الحركة في مناسبات عديدةٍ، مشدداً على أن الحركة ترفض مسار التسوية والمفاوضات من بادئه المتمثل باتفاق أوسلو الذي لم يحقق أي إنجاز وطني يذكر ولم يورد أصحابه سوى المهانة.
ووصف قرار السلطة استئناف التنسيق الأمني بالأمرٌ المؤسفٌ، موضحاً أنه ضرب بعرض الحائط جميع القرارات الصادرة من المجلس المركزي خلال الأربع سنوات السابقة والتي لم تكن سوى حبرٍ على ورق، كما أن في هذا الاستئناف ما يمثل الضربة في ظهر الشعب الفلسطيني الذي يكتوي يومياً بتجاوزات الاحتلال على جميع المستويات.
وتابع:"إن اقترابنا من أي شخصٍ معتمدٌ على اقترابه من فلسطين، فما اقترب شخصٌ من فلسطين شبراً إلا اقتربنا منه باعاً، وما ابتعد شخصٌ من فلسطين إلا ابتعدت حساباتنا عنه، واختل رهاننا عليه.
وعلق القيادي حميد على توقف عجلة المصالحة، قائلاً:" أعتقد أن من الأهمية بمكان التفرقة بين مسألتين: أولاها: الاتفاق على المشروع النضالي والسياسي، وثانيها: المصالحة على مستوى قيادات الفصائل الفلسطينية، فالمسألة الثانية ذات بعدٍ شخصيٍ وأعتقد أنه قد تم تجاوزها إلى حدٍ كبيرٍ، ولكن أنظار الشعب الفلسطيني تتجه إلى المصالحة باعتبارها توافقٌ على المشروع السياسي لفصائل العمل الوطني، وعلى هذا المفهوم فإن أي انحرافٍ عن المشروع النضالي الثوري المتمثل في المقاومة يعيق الوصول إلى هذا التوافق المأمول، ويمثل عقبةً أمام المصالحة الحقيقية الكفيلة بإنقاذ المشروع الوطني.
وحول سياسة الاغتيالات، حيث شهد عام 2020 حملةً شرسةً من الاحتلال "الصهيوني" أبرزها التهديد بالعودة إلى سياسة الاغتيال، قال القيادي حميد:" لا شك أن للمشوار الجهادي والمقاوم كلفةً وأن الانضمام إلى هذا الطريق قد يكلف الإنسان حياته أو سلامة جسده أو حريته أو ماله، فالشهادة –على عظم فقد الشهداء-أمرٌ متوقعٌ لمن خرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله، لذا فإن تهديد الاحتلال العودة إلى هذه السياسة لن يرهبنا ولن يثنيَ الإخوة المجاهدين عن عزمهم نحو العمل ومراكمة القوة والتجهيز والإعداد بل والرد الفوري على جرائم الاحتلال إن لزم الأمر، فهؤلاء هم مشاريع شهادة، وهم مدركون تماماً أنهم شهداء مع وقف التنفيذ".
وزاد:"نرى في فرسان المقاومة في سرايا القدس وكتائب القسام وغيرها من الفصائل عزماً منقطع النظير على مواصلة العمل المجاهد والمواجهة الميدانية مع الاحتلال الذي يملك قدرات تقنية وعسكرية فائقة، لذلك فإن الجعجعة الإعلامية الصهيونية لن تحول دون إكمال مشاريع المقاومة إلا أن يهلك المجاهدون دونها."
وفيما يتعلق بالإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن، أكد القيادي حميد أن للسياسة الخارجية الأميركية ضوابط محددة يقرها الأمن القومي الأميركي تضع في حسبانها البعد الاستراتيجي لدولة الاحتلال وضرورة إقامة علاقات معها، وهذه الضوابط ثابتة ومستقرة مهما تداول الرؤساء الأميركيون السلطة، ونحن ننظر إلى الولايات المتحدة الأميركية كمجموع نرى انحيازه المستمر للاحتلال بكامل مؤسساته.
وأوضح أن الأفضل للمراهن على الرئيس الأميركي المنتخب بادين أن يراهن على إعادة تطبيق قانون الرعاية الصحية الأميركية "أوباما-كير" للأميركيين بدلاً من أن يراهن على السراب المتمثل في إحداث إدارة بايدن اختراق في الملف الفلسطيني، كما أن بايدن ليس محلاً للتعويل عليه، ذلك أنه امتلك أثناء شغله لمنصب نائب الرئيس في إدارة الرئيس أوباما، وقبل ذلك أثناء عضويته في مجلس الشيوخ علاقاتٍ مميزة مع الاحتلال الصهيوني.
وأوضح عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، أن التعجرف والعلو والصلف الأميركي قد بلغ أوجه، فلم تعد الإدارة الأميركية تقبل بأي معارضةٍ أو مناوئةٍ لسياستها الاستعمارية، فهي تمارس حرباً اقتصادية ودعائية ضد المعارضين لها، والأنظمة العربية المفتقرة للشرعية وللإرادة لا تقوى على إبداء أية معارضة لهذه القوة الاستعمارية، ولا تملك سوى الإذعان لما تمليه عليهم هذه الإدارة، فأصبحوا جزءاً لا يتجزأ من محور الإمبريالية الصهيو-أميركية.
واستطرد:" لم يبق في خندق الحق سوى الشعوب الأبية التي ترفض هذا الاستعمار وكذلك الدول ذات الإرادة الشعبية الحرة، وذات الضمير الوطني الحر التي تغار على كرامتها وهيبتها، والأنظمة العربية أقل من أن تُمْنَح هذه الكرامة للوقوف في خندق المقاومة والمناوئة لهذا الطغيان الأمريكي.
ومع نهاية عام 2020، وبداية عام جديد قال القيادي حميد:" إن العام الحالي الذي أوشك على الانصراف قد أشرقت شمسه مع استمرار جهوزية وتطور المقاومة وقدراتها من حيث الكم والنوع، لذلك عاشت فيه المقاومة تضييقاً وحصاراً مستمراً، دفع ضريبته المقاومون وحاضنتم الشعبية".
وتابع:"مع ذلك فإننا ننظر إلى العام القادم بعيني الرجاء والاستبشار، نرجو الله عز وجل أن تظل راية المقاومة خفاقةً بصمودها وكبريائها، ونستبشر أمام الصمود الأسطوري المسجل خلال هذا العام بانتصار المقاومة وانتصار الحق، فإنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً."