باحث اكاديمي فلسطيني : "اسرائيل" فشلت في سحق المقاومة وسيستمر اخفاقها السياسي والعسكري
تنـا - خاص
اكد الناشط والباحث الاكاديمي الفلسطيني، مدير مركز دراسات الإسلام والشؤون الدولية "الدكتور سامي العريان"، بان "اسرائيل" فشلت من خلال حربها الوحشية على غزة، في تحقيق اهدافها لسحق المقاومة الفلسطينية والقضاء على فصائلها وتحرير اي اسير صهيوني من ايدي المقاومين؛ لافتا الى انه سوف يستمر هذا الاخفاق على المستوى السياسي والعسكري للكيان من حيث رد اعتباره والتعويض عن فشله الذي مني به في 7 اكتوبر 2023م على ايدي المقاومين.
شارک :
جاء ذلك في حوار خاص اجرته وكالة انباء التقريب (تنـا) مع الدكتور العريان، حول التطورات الاخيرة في قطاع غزة؛ لافتا بان "هناك عدة اهداف يحاول العدو الصهيوني تنفيذها بارتكابه مجازر الابادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، ولعل اولها يريد التعويض عن الهزيمة التي مني بها في السابع من اكتوبر 2023، حيث عملية طوفان الاقصى التي هزت صورته امام شعبه، باعتياره يمتلك جيشا لا يقهر ولايهزم ويستطيع ان يهزم كل اعدائه مجتمعين بصورة سريعة وساحقة، لكن هذه الصورة اهتزت بشدة.
واوضح : ان العدو الصهيوني يريد ان يستعيد هذه الصورة، وهذه الهيبة التي ذهبت، من خلال المجازر اليومية التي يرتكبها في حق المدنيين والاطفال والنساء بغزة، وهدم البنى التحتية والمدارس والمستشفيات والمخابز والجامعات حيث اكثر من 70 بالمائة من بنايات غزة هدمت كليا او جزئيا.
واضاف : هناك مشكلة اخرى وهي ان عدد الفلسطينين والعرب قد تجاوز عدد اليهود في داخل فلسطين التاريخية، هذه هي مشكلة تاريخية ليس لها حل، ولو استمرت بهذه الوتيرة فسيكون حقوق الاكثرية مقابل حقوق الاقلية، وهذا سبّب للكيان الصهيوني احراجا كبيرا في خارج فلسطين، حيث انه يدعي الديمقراطية وفقا لاكثرية يهودية لا وجود لها اصلا.
وتابع : العدو الصهيوني يريد بهذه الذريعة ان يحرم الشعب الفلسطيني من ادنى حقوقه القانونية والسياسية، وعليه فقد استغل الفرصة من خلال حربه الوحشية على غزة اليوم، لتنفيذ مخططه الديمغرافي وذلك عبر تهجير قطاع كبير من الشعب الفسطيني، ابتداء بغزة وقد يكون انتهاءً بالضفة الغربية؛ مؤكدا بان ذلك لن يحدث، فالانسان الفلسطيني تعلم من نكبة 1948 م بانه اذا هجّر فلسطيني واحد من ارضه فسوف لا يعود اليها، لان هذا كان مخطط له من قبل القيادات الصهيونيه.
وفي تحليله للدعم الامريكي غير المحدود للكيان الصهيوني في حربه على غزة، يرى الباحث الفلسطيني، ان امريكا تنظر الى الكيان الصهيوني بان هذا الكيان اليهودي جاء نتيجة العنصرية الاوروبية التي كانت متواجدة منذ قرون في اوروبا والغرب، والاستعمار جاء الى المنطقة نتيجة سقوط الخلافة العثمانية وبعد تجزئة العالم الاسلامي، وخطط لنقل هذه الازمة للمنطقة، بان ياتي باليهود الذين كانوا معرضين للعنصرية في اوروبا، الى قلب العالم الاسلامي، حيث زرعت الهيمنة الصهيونية وبدات الفتنة بين المسلمين وتفتيت العالم الاسلامي الذي كان يقف دائما امام مخططات الاستعمار العالمي.
واضاف : ان عملية 7 من اكتوبر النوعية، جاءت لتضرب وتنسف هذه الفكرة، خصوصا بان الاستعمار استطاع خلال عقود ان ينتج تطبيعا مع بعض الدول العربية مثل مصر والاردن ومنظمة التحرير الفلسطينية، وبعد ذلك في 2020 مع الامارات والمغرب والبحرين، واراد ايضا ان يتموضع حتى يتفرغ لمنافسته مع الصين التي اصبحت قوة لا يستهان بها، اذن حاول الاستعمار ان يخفف من اعبائه خلال هذه المواجهة، فاعطي مهمة الحفاظ على مصالحه في المنطقة للسعودية والكيان الصهيوني، مقابل تحديات مثل ايران والمقاومة.
فجاءت عملية طوفان الاقصى لكي تنسف هذه الفكرة، ولذلك جنّ جنون الامريكان واعطو لاسرائيل كل ما يملكون لانهم لايريدون لهذا الكيان الذي زرعوه في قلب العالم الاسلامي والعربي ان يفقد هذه الصورة الرادعة، كما ارادت امريكا ان تمنح الثقة في الداخل الصهيوني ولجيش الاحتلال وايضا بعض دول المنطقة حتى تواصل الحفاظ على مصالحها في المنطقة ولكي يتسنى لها ان تتفرغ للمنافسة امام الصين واحتوائها.
واستطرد العريان قائلا : لذلك جاء الرد الامريكي على عملية طوفان الاقصى، ردا همجيا ودعما كاملا لعملية الابادة الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني كما رايناه.
وبشأن تقييمه لنتائج هذه المحاولات من جانب امريكا والغرب، قال العريان : انا اتصور بانهم ادركوا بان هذه الاستراتيجية ايضا فاشلة، لان العالم استطاع الان ان يعيد حساباته ويعيد نظرته بالنسبة للقضية الفلسطينية، وانهم ادركوا ان هناك مقبولية كبيرة للفلسطينيين واصبح هناك تحول جذري كبير ليس فقط على المستوى العالمي بل ايضا في المجتمع الامريكي نفسه تجاه القضية الفلسطينية.
واضاف : لو تمت ادانة سلوك الكيان الصهيوني في محكمة الجنايات الدولية سيكون ذلك انتصارا اخر على المستوى الدولي لهذه القضية المحورية، واذا لم تصدر المحكمة قرار ادانة لجرائم الابادة الجماعية التي يقترفها الاحتلال يوميا في غزة، ايضا هذا سيشكل انتصارا للقضية وسقوطا جديدا للنظام العالمي التقليدي الذي تدعمه امريكا فقط بينما يفقد مقبوليته على المستوى الدولي شيئا فشيئا.
وحول تقييمه لمواقف الدول العربية والاسلامية حيال الحرب في غزة ، اعتبر الناشط الفلسطيني ان مشكلة الانظمة العربية والاسلامية هي انها تفتقر الى رؤية حقيقية للمشاكل التي تعيشه هذه المجتمعات منذ سقوط الخلافة العثمانية، وبدء النفوذ الاجنبي الذي بات مسيطرا على كل اوضاعنا؛ مبينا انه لعل ما تتميز به الجمهورية الاسلامية الايرانية هو انها ادركت هذه الازمة واصبح عندها استقلال اكثر بكثير مما لدى الشعوب الاسلامية الاخرى. طبعا هناك الكثير من الضغوط و الحصار المفروض عليها الذي يجعلها تحسب خطواته.
ومضى الى القول : لكن على المستوى العالم العربي والاسلامي فلابد ان تكون هناك حركة وعي جدا بان سبب الازمة فيهما يعود الى هذه التبعية و التجزئة والتغريب من خلال النفوذ الاجنبي الذي بات مسيطرا تقريبا على كل النخب الحاكمة في اوطاننا وبلادنا، والتي تحولت اما الى انظمة ضعيفة غير قادرة على التحرر من سيطرة الاستعمار الاجنبي، او باتت متواطئة وجزءا من هذا النظام لكي تحافظ على مصالحها.
واضاف : بالتالي لابد للقوى الحية في مجتمعاتنا التي تريد ان تخرج من هذا الانبطاح تجاه الوجود الاجنبي ان يكون لها تركيز على ضرب نفوذه حتى نستعيد الاستقلالنا وتكون لنا سيادة.
واوضح العريان : لعل ذروة النفوذ الاجنبي بالمنطقة يتجسد في داخل الكيان الصهيوني، وعليه يجب ان يكون هدفنا تفتيت هذا الكيان، اي عدم القبول باي تسويات سياسية او ما يسمى بحل الدولتين، فالصهيوني لا يستطيع ان يعيش في هذه المنطقه الا اذا كان مهيمنا ومتفوقا واقوى من كل الدول المجتمعة، وبالتالي اذا قبلناه فيما بيننا سوف نبقى ضعفاء غير قادىرين على عمل اي نهضة حضارية او تقدم علمي او سياسي، وحتى اقامة النظام الديمقراطي في بلداننا، فكل ذلك سينظر له الاسرائيلي بانه مهدد لكيانه، وسيحاول من خلال النفوذ الاجنبي ان يحبط جميع هذه المحاولات، وبما يؤكد انه ليس امامنا بديل الا تفيت هذا الكيان.
وفي معرض الاشارة الى دور وموقف اليمن تجاه الحرب على غزة ودعمه للشعب الفلسطيني المظلوم هناك، قال : لو كانت هناك ارادة حقيقية عند الدول الاسلامية والعربية، لا تحسب ولا تخاف من القوى الاجنبية، فهي قادرة على التصدي لهذه الغطرسة الاسرائيلية الامريكية، وتستطيع ان تتحرك باتجاه تحقيق الاهداف، وهذا ما يحصل الان في اليمن الذي يتمتع بالجراة والارادة ليعلن بانه لن يوافق على ابادة الشعب الفلسطيني وسيمنع كل الطرق الملاحية على العدو الصهيوني حتى يتوقف عن عدوانه؛ انه موقف مشرف طبعا ولو كانت الدول الاسلامية والعربية ايضا اتخذت مثل هذا القرار لانتهب الحرب الان.
وتابع العريا : عندما تعجز الدول الاسلامية والعربية بكل ما تمتلك من قدرات عسكرية ومقومات رادعة، عن ادخال حتى زجاجة ماء الى غزة، فهذا يعني بان الذي يهيمن على هذه المنطقة هو الارادة الاسرائيلية؛ متسائلا : كيف نقبل نحن المسلمون والعرب في كل هذه المنطقة ان يحكمونا الصهاينة وتكون ارادتهم هي النافذة بينما نقف متفجرين على اخواننا في فلسطين وهم يبادون؟
وفي اشارة الى التحالف الامريكي البريطاني لاستهداف اليمن، قال : هؤلاء لا يريدون للنموذج اليمني ان ينجح ويسود في المنطقة، فلو نجح اليمن في الضغط على الكيان الصهيوني، فذلك يعني اشكالية وعليه فهم يضربون هذا الذي يتحدى الصلف الصهيوني الذي لا يتسطيع ان يحارب في كل الجبهات، فجاءت امريكا و بريطانيا لدعمه، لانه بنجاح النموذج اليمني سيتكرر ما حققه الشباب الفلسطيني من خلال عملية 7 اكتوبر فهو نموذج ملهم بان "يمكن هزيمة اسرائيل ويمكن كسر انف الصهاينة".
وحول الشكوى التي رفعتها جنوب افريقيا ضد جرائم الابادة والمجازر الصهيونية بحق الفلسطينيين، اعتبر هذا الباحث الاكاديمي، انه موقف مشرف وانساني وقد لاقى ترحيبا وتضامنا لدى الملايين من شعوب العالم، وبما يستدعي من الدول العربية والاسلامية ان تتخذ مثل هذه الخطوة نصرة لاهل غزة المظلومين.