٥ أسباب وتدخل عسكري باهظ التكاليف تجعل مقترح المنطقة العازلة بسوريا مستحيل
تنا - بيروت
احتمال المنطقة العازلة في سوريا صعب ولربما مستحيل.
شارک :
تناولت الصحف الفرنسية مقترح فرنسوا هولاند بانشاء منطقة عازلة في سوريا بقدر كبير من الانتقاد واصفة الاقتراح بغير المنطقي والبعيد عن التطبيق. ولفتت الصحف الى ان الاقتراح صعب تطبيقه، مرجعةً ذلك لاسباب عدة، ومن هذه الاسباب:
١. التزام كبير تقطعه الدول
ذكرت "كريستيان ساينس مونيتور" الفرنسية انه من خلال إنشاء منطقة عازلة، سواء برعاية الأمم المتحدة أو عبر ائتلاف عدد من البلدان، على الأطراف المشاركة أن تتعهد توفير السلامة، وتقدم كل ما يلزم للحفاظ عليها. ولكن مصطلح «كل ما يلزم» قد يعني انحراف الدول نحو منعطف خطير في الصراع السوري.
٢. تفترض الانخراط في العمل العسكري
واضافت، لقد لقنت مجزرة “سربرينيتسا”، حيث كانت قوات حفظ السلام غير المسلحة تحيط بالبلدة، لكنها لم تستطع منع القوات الصربية من قتل الآلاف من المدنيين البوسنيين في العام ١٩٩٥، المجتمع الدولي درساً مفاده أن نجاح المنطقة العازلة يفترض وجود قوات حفظ أمن مدججة بالسلاح.
وفي هذا السياق، يقول أحد الناجين من المجزرة، والذي عمل مترجماً لقوات الامم المتحدة في المنطقة، إن «فعالية المنطقة العازلة تتطلب قوة مسلحة خطيرة تستطيع الدفاع عن المنطقة فضلاً عن دعم لوجستي يستطيع إسنادها عند الحاجة، وهذا يعني وجود الكثير من الأحذية العسكرية على الأرض ويفرض الالتزام الجدي». وهو ما يؤكد عليه مارك لينش بالقول إن درجة التورط العسكري اللازمة تعادل التدخل العسكري المباشر.
وفي الحقيقة، إن فرض المناطق العازلة يعني المس بسيادة الدولة ويتطلب تأمين القوة العسكرية للدفاع عن تلك المناطق. قد تكون إقامة تلك المناطق أسهل في الريف، لكن المدنيين الذين يعيشون في المناطق الحضرية المكتظة مهددون أكثر من غيرهم، ولذلك فإن الانخراط بقوة عسكرية في هذه المناطق يعادل التدخل العسكري المباشر. وبما ان الاخير يفترض موافقة من مجلس الأمن، من الأرجح عدم الحصول عليها نتيجة الضغط الروسي الصيني؛ تبقى الخطوة شديدة التعقيد.
للأمر تداعيات سياسية
قد تمضي كل من أميركا وتركيا وفرنسا وقطر والسعودية في الخطوة من دون إذن مجلس الأمن، ولكن ذلك يفتح الباب أمام توجيه الاتهامات بأن المنطقة العازلة غطاء للتدخل السياسي والمذهبي. وبما أن القوى التي تنوي إقامة المنطقة العازلة هي ذاتها التي تطالب بإسقاط النظام السوري وتدعم المعارضة ، فإن ما يسمى بمهمة إنسانية سيفسر بأنه فرض تغيير وفق أجندة الخارج. كما ستتنامى شكوك بأن المقاتلين السوريين سيستخدمون المناطق المحمية كمعسكرات لتنظيم الهجمات على قوات النظام التي بدورها قد تحاول إطلاق قذائف مدفعية بعيدة المدى على تلك المناطق.
٤. تتطلّب فرض منطقة حظر جوي
من جهة اخرى، تفترض هذه الخطوة الحصول على دعم فرنسي وأميركي. ولم تظهر الولايات المتحدة حماسة في تأمين الدعم العسكري المطلوب لفرض الحظر الجوي. وفرض منطقة الحظر الجوي يعني القيام على الأرجح بإجراءات قمع مكثف لتدمير قوات «العدو» الجوية ودفاعاته الجوية. وحتى منطقة الحظر الجزئية قد تتطلب بعض الضربات الجوية خارج حدود المنطقة المفروضة ذاتها لإضعاف المطارات السورية وأجهزة الإنذار المبكرة وأنظمة الدفاع الجوية المتحركة وشبه المتحركة.
أضف إلى ذلك، أن فرض منطقة حظر جوي ستكون بمثابة الحرب، تماماً كتسليح المقاتلين السوريين، وتعني التزاماً خارجياً بالحرب الأهلية، ونجاحها يعتمد على المزيج المحترق من العاطفة والعقل والحظ، تماماً كما في جميع الحروب.
وفي النهاية لا يمكن تجاهل احتمال أن يؤدي الفشل في إحدى هذه الخطوات المطروحة إلى الذهاب نحو خيار التدخل العسكري الكامل.
٥. لماذا عدم الاستمرار في الوضع ذاته؟
وبحسب مقال الصحيفة لقد كانت تركيا شبه حاسمة في اقتراحها لانها لم ترد تكرار ما حصل في العام ١٩٩١ إبان حرب الخليج، عندما تدفق اللاجئون الاكراد من العراق إلى تركيا. وهنا يقول الباحث المتخصص في الشؤون التركية سونر كاغبتاي إن «الدرس الذي تعلمته تركيا من التسعينيات هو أن ترك اللاجئين يتدفقون بأعداد ضخمة يعني أن تنتهي بأن يصبحوا مشكلتها وحدها».
ولكن لماذا لا يستمر الحال على ما هو عليه؟
يؤكد المراقبون بحسب الصحيفة الفرنسية، أن المنطقة العازلة المعترف بها دولياً تشكل رادعاً قوياً لأي نظام من استهداف المدنيين، كما يطمئن هؤلاء إلى أن البقاء في سوريا آمن وليس هناك من حاجة لتجاوز الحدود التركية أو حدود الدول المجاورة.