أكد مندوب سورية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فيصل الحموي أن تقرير لجنة التحقيق الدولية حول سورية يفتقر إلى الدقة والموضوعية ويتجاهل الكثير من الحقائق، وأهمها الحديث عن دور بعض الأطراف الدولية والإقليمية في تأجيج نار الأزمة في سورية من خلال التحريض الإعلامي وتقديم السلاح والأموال وتدريب الإرهابيين المرتزقة وعناصر القاعدة وإرسالهم إلى سورية.
وقال الحموي في بيان ألقاه أمس أمام مجلس حقوق الانسان في جنيف، "كان حريا باللجنة عدم الاكتفاء بسرد وقائع وتوصيفات للجرائم بل توجيه أصابع الاتهام إلى داعمي القتلة الموجودين في الولايات المتحدة وقطر والسعودية وتركيا وأن تذكر هذه الدول بمسؤولياتها بموجب القانون الدولي وأهمها مبدأ عدم انتهاك حقوق الانسان عبر وسطاء"، مضيفاً "إن التقرير اعتبر أن ما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة هي أعمال غير ممنهجة الأمر الذي تنفيه مقاطع الفيديو والأفلام العديدة التي شاهدها العالم والتي تظهر الإعدامات العلنية خارج نطاق القانون في الشوارع وأمام أعين الأطفال والنساء وهي جرائم ارتكبت بشكل وحشي وممنهج ومتعمد".
الى ذلك، أشار الحموي إلى أن التقرير احتوى شهادات غير موثقة يرقى العديد منها إلى حد الخيال أدلى بها هاربون من العدالة وهي شهادات لا يعتد بها في القانون كما أنه تغاضى عن إدانة قرارات الجامعة العربية التي فرضت بموجبها عقوبات حاقدة ضد سورية أبرزها وقف بث الفضائيات التلفزيونية السورية الأمر الذي يعتبر انتهاكا سافرا لحقوق الانسان وفي مقدمتها الحق في حرية الرأي والتعبير، لافتا الى أن الجامعة العربية تعرف جيدا أن هناك أكثر من ٤٠ محطة فضائية تبث التحريض المذهبي والديني والفكري ضد الشعب السوري.
كما بيّن الحموي أن التقرير أغفل تعاون سورية مع المفوضية السامية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات الدولية ذات الصلة ومنها الاجراءات الخاصة حيث وجهت سورية بتاريخ ٨/٨/٢٠١٢ رسالة جوابية إيجابية إلى المقرر الخاص المعني بالقتل خارج نطاق القانون حول رغبته بزيارة سورية كاشفا أن سورية تدرس حاليا طلبات المقرر الخاص المعني بالتعذيب والمقرر الخاص المعني بالحق في التجمع والتظاهر السلمي والنازحين داخليا وقد أورد الامين العام للأمم المتحدة ذلك في تقريره المقدم الى الجمعية العامة بتاريخ /٤/٨/٢٠١٢/.
في سياق متصل، اوضح مندوب سورية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن التقرير أشار بشكل خجول إلى تطور تسليح المجموعات الإرهابية وزيادة تمويلها والمساعدات اللوجستية المقدمة لها ما أدى إلى قناعة اللجنة التي قالت"إن هذه المجموعات ارتكبت جرائم حرب بما فيها أعمال القتل والإعدام والتعذيب خارج نطاق القانون وحمل التقرير قيادا ت هذه المجموعات المسؤولية كاملة عن هذه الجرائم"، لافتاً إلى أن التقرير "أشار إلى تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني جراء العقوبات الاقتصادية المفروضة على الشعب السوري لكنه تجاهل الإشارة إلى مسؤولية الجهات التي فرضت هذه العقوبات ومشاركتها المباشرة في تدهور الوضع الانساني للشعب السوري وأهمل التقرير الإشارة الى ميثاق الأمم المتحدة وإلى مبادىء حقوق الانسان وإلى النظام التجاري متعدد الأطراف والى المبادىء التي تحكم العلاقات الودية بين الأمم ليأتي معبرا عن قناعة اللجنة بأن الحل الامثل للأزمة في سورية هو حل متفاوض عليه يتضمن حوارا شاملا ذا مغزى بين الاطراف كافة".
كما قال الحموي إن سورية "أبدت كل انفتاح وتعاون مع جميع المبادرات الايجابية لحل الأزمة بدءا من فريق المراقبين العرب وبعده فريق المراقبين الدوليين اللذين تم إنهاء مهمتيهما لأن تقاريرهما تحدثت بايجابية وموضوعية لم تعجب الولايات المتحدة وأدواتها في الجامعة العربية الذين سعوا إلى تدويل الأزمة واستحضار التدخل العسكري الخارجي كما تجاوبت سورية مع مهمة المبعوث الدولي كوفي أنان في الوقت الذي خذلته الاطراف المعادية لسورية ودفعته بقوة الى التخلي عن متابعة مهمته".
وأضاف الحموي إن سورية رحبت بتعيين الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي واستقبلته قبل يومين، مؤكدة على بذل كل جهد ممكن لإنجاح مهمته كما رحبت باتفاق جنيف واعتبرته قاعدة جيدة يمكن البناء عليها غير ان هذه الاطراف نفسها التي رفضت ولا تزال كل دور وجهد إيجابيين وصادقين وشاركت في لقاء جنيف نسفت هذا الاتفاق قبل مغادرة مدينة جنيف. مؤكداً أن إطالة عمر الأزمة في سورية وهو هدف الولايات المتحدة وأدواتها في المنطقة واستمرار دعم المجموعات الإرهابية بالمال والسلاح والتحريض الاعلامي المضلل وتدريب وإرسال المرتزقة التكفيريين الذين يتم شحنهم من أفغانستان واليمن وليبيا وغيرها لن يفيد هذه الأطراف بشيء بل سينعكس سلبا عليها لأنها ستحصد ثمار ما زرعته كما أن هؤلاء المرتزقة هم في واقع الأمر قنابل موقوتة ستنفجر لاحقا في البلدان التي تدعمهم بعد أن يؤدوا مهمتهم في سورية.
وقال الحموي إن العالم كله اصبح على علم ومعرفة أن الهدف من وراء هذا المخطط التدميري في المنطقة ليس الاصلاح والديمقراطية بل تحويل دول الشرق الأوسط إلى كيانات متصدعة متصارعة يسودها الفلتان الأمني والفوضى وتحكمها عصابات القتل المسلحة ويسيطر عليها الفكر التكفيري المتطرف الذي يهدف إلى تفتيت الدول العربية وإقامة إمارات إسلامية فيها لكي تحصل اسرائيل على مبتغاها في الأمن وتتابع تهديد الأراضي العربية المحتلة وتحول قضية فلسطين إلى قضية منسية وهامشية بينما العرب يتصارعون ويسفكون دماء بعضهم البعض وهو ما نشهده اليوم بكل وضوح.
وأضاف الحموي لا توجد في العالم كله دولة تقبل بأن تتسلل إليها مجموعات إرهابية من أكثر من ١٧ دولة مدفوعة بفتاوى تحريضية خطيرة كفتوى الجهاد في سورية التى أطلقها قبل يومين زعيم القاعدة أيمن الظواهري والجهاد في نظرهم هو تفجيرات انتحارية تقتل الاطفال والنساء والعجز الأبرياء، مؤكداً أن سورية ستظل تمارس واجبها ومسؤوليتها في حفظ أرواح مواطنيها وأمنهم مع أقصى درجات ضبط النفس وهي تنصح الجميع وتذكرهم أنه لا ينبغي إعطاء أي غطاء قانوني أو أخلاقي للإرهاب كما لا ينبغي السكوت عليه أو التحالف معه وعلى هذه الدول أن تعيد حساباتها بشكل سليم.
الى ذلك، أشار الحموي إلى أن كل من ارتكب جرائم بحق المواطنين لن يفلت من العدالة وأن لجنة التحقيق الوطنية المستقلة والتي تعالج منذ ثمانية عشر شهرا أكثر من عشرة آلاف شكوى فرضت بحق العديد من منتهكي حقوق الانسان العقوبات المنصوص عليها في القانون وأحالت وزارة الخارجية إلى المفوضية السامية لحقوق الانسان عددا من الملفات والمعلومات عن ذلك.