>> أبحاث جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية من السكر! | وكالة أنباء التقريب (TNA)
تاريخ النشر2015 2 July ساعة 09:32
رقم : 196808

أبحاث جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية من السكر!

تنا بيروت
ارتفاع أسعار النفط والتلوث الناتج عن استعماله لتوليد الطاقة على أشكالها كافة (بالرغم من انه ليس بالطاقة المستدامة)، والتزايد في عدد السكان والطلب على الطاقة لتلبية حاجات المواطن... استدعى المزيد من الأبحاث لإنتاج طاقة متجددة، نظيفة، وبأقل تكلفة ممكنة.
أبحاث جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية من السكر!
 
كلما اقتربت المواعيد من ضرورة الوصول الى اتفاقية عالمية جديدة للحدّ من التغيرات المناخية، وكلما ضغط خبراء المناخ والمتابعين لهذه القضية باتجاه ضرورة الحدّ من الانبعاثات المتسببة بهذه الظاهرة وفي طليعتها انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون المتولدة بشكل رئيس من احتراق الوقود الأحفوري... زادت الأبحاث والدراسات المفتشة عن البدائل. رحلة البحث عن البدائل تتضمّن مروحة كبيرة من الخيارات، منها ما يتعلق ببدائل الوقود ومنها ما يتعلّق بما يسمّى التكنولوجيا الخضراء.

بين البدائل التي يتم التداول بها في الفترة الأخيرة المراوح لتوليد الكهرباء من الهواء واللواقط الشمسية للاستفادة من أشعة الشمس والضوء. والمعلوم أنه يتم استخدام أتربة نادرة في صناعة هذه التكنولوجيا المصنفة خضراء. كما هناك مشكلة مع استخدام مواد كيميائية في تصنيع هذه الأدوات. لذلك يفكر البعض في مراكز الأبحاث حول العالم بشكل دائم عن بدائل أكثر أمناً واستدامة، مع محاولة تجنّب الآثار البيئية السلبية الى الحدود الدنيا.

بين هذه الأبحاث محاولة الباحث اللبناني شادي مسلم من بلدة رشعين (قضاء زغرتا)، في إحدى الجامعات الفرنسية لاعتماد الكيمياء العضوية في تصنيع اللواقط الشمسية (من السكر).

درس مسلم مرحلة إجازة الكيمياء العامة في الجامعة اللبنانية، كلية العلوم الفرع الثالث، ومن ثم تابع الدراسة في جامعة كلود بيرنارد ليون في ليون الفرنسية، ومن ثم نال من جامعة انجيه الفرنسية شهادة الدكتوراه في تصنيع مواد كيميائية عضوية للطاقة الشمسية بطرق نظيفة نسبياً. ويقوم حالياً بأبحاث عن البطاريات العضوية مع المركز الفرنسي للطاقة والذرة في منطقة غرونوبل الفرنسية.

ولكن ما مدى تأثير استخدام السكر النباتي في تصنيع اللواقط الشمسية على الأمن الغذائي، خصوصاً أن هذه الصناعة مرشحة للتطور لناحية الكم وللاستخدام المكثف على الصعيد العالمي إن لناحية تسخين المياه او لناحية توليد الطاقة الكهربائية؟ مع العلم ايضاً ان حركة الخضر الاوروبية تحفظت تاريخياً على استخدام النباتات لانتاج البيوفيول، أي انتاج محاصيل الذرة وقصب السكر وغيرها من المواد الزراعية... لإنتاج الوقود البيولوجي البديل عن الوقود الاحفوري، ونصحت باستخدام النفايات فقط وليس المواد الغذائية! فكيف وفّق الباحث بين هذه المعطيات العلمية الجديدة وهذه المحظورات؟

ح. م.
يقول الباحث مسلم: «من المهم عندما نقوم بتصنيع أي شيء أن نفكر بتكلفته وبمخاطره البيئية، ولكن الأهم ان نفكر بعملية التلف وكيفية إعادة تدوير كل الأجزاء المصنعة منها... وطبعاً التكلفة. على سبيل المثال ان عملية تلف آلة حاسبة مكلفة عشرة أضعاف عن عملية تصنيعها». فهل ينطبق هذا الموضوع على الألواح الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية؟

يعتبر الباحث أن ارتفاع أسعار النفط والتلوث الناتج عن استعماله لتوليد الطاقة على أشكالها كافة (بالرغم من انه ليس بالطاقة المستدامة)، والتزايد في عدد السكان والطلب على الطاقة لتلبية حاجات المواطن... استدعى المزيد من الأبحاث لإنتاج طاقة متجددة، نظيفة، وبأقل تكلفة ممكنة. ويختصر الباحث تعريف الطاقة المتجدّدة بتلك «المولدة من مصدر طبيعي، مستمر لا ينضب»، مع أن لها معاني أبعد وأعمق من ذلك... ويذكر منها، الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، طاقة حركة الأمواج والمد والجزر وغيرها.
وهو يرى أن الطاقة الشمسية هي من أهم موارد الطاقة في العالم ومن أفضل الطرق المستعملة لتوليد الطاقة الطبيعية المتجددة والنظيفة. ومن خصائصها أنها متوفرة في كل بلدان العالم حتى النامية منها، وانها لا تلوث البيئة.

من الكيميائي الى العضوي
برأي الباحث، توسعت مؤخراً الدراسات والأبحاث في هذا الحقل، لكي تطال كل جوانب العملية الصناعية من المواد الكيميائية التي ترتكز عليها صناعة الألواح الشمسية الى التكلفة لهذه الألواح والتأثير البيئي. معتبراً أن المواد المستعملة حالياً في صناعة الألواح الشمسية هي ما تُسمّى بالمواد الكيميائية غير العضوية مثل السيليسيوم. ويقوم الباحثون بالعمل على استبدال هذه المواد بمواد كيميائية عضوية وذلك بسبب القدرة على الحصول عليها من الموارد الطبيعية أي الأعشاب والطحالب البحرية... ومن اهم ما توصل اليه الباحثون في جامعة انجيه الفرنسية في هذا المجال هو استعمال الـ «د-فروكتوذ» وهو نوع من انواع السكر لتصنيع هذه المواد العضوية وبالتالي استعمالها في صناعة الألواح الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية. وهو يعتبر ان نتائج هذه الابحاث كانت إيجابية وان العمل مستمر على تحسين أداء هذه الالواح.

وفي تبريره لهذا الخيار يعتبر الباحث «أن استعمال المواد الكيميائية العضوية أقل تكلفة من المواد الكيميائية غير العضوية مما يؤثر على التكلفة الصناعية وبالتالي يؤثر إيجابياً على القدرة الشرائية لهذه الألواح في البلدان النامية».

ومن الإيجابيات التي يعرضها ايضاً «انه من الممكن استعمال الألواح الشمسية العضوية على مساحات كبيرة مثل الجبال والسهول بسبب القدرة على التصنيع منها ألواح شمسية غير مستقيمة، أي ألواح من الممكن طيها، وهذا ما لا يمكن فعله اذا كانت الألواح مصنوعة من المواد غير العضوية».
كما يعتبر الباحث بأن الإنجاز البيئي من هذه الألواح الكيميائية العضوية لا يتوقف عند هذا الحد، فإن تصنيعها ايضاً يتم عبر الكيمياء الخضراء، أي النظيفة، وبالتالي لا تترك أي أثر على البيئة. ومن جهة ثانية تستعمل هذه الألواح لخدمة البيئة وتوليد الطاقة الكهربائية النظيفة، المتجددة والوفيرة.

حظر السيليسيوم
ولكن ألا تأكل هذه الالواح السكر من أفواه الفقراء؟
يرد الباحث: «لقد تم تمويل هذه الابحاث من قبل الدولة الفرنسية (جمعية الكيمياء الخضراء في خدمة البيئة)، وهذه كانت أول الأبحاث، حول استعمال المواد الكيميائية المستخرجة من السكر. وكان الهدف أن نقترب اكثر من خدمة البيئة. يكفي ان السكر لن ينضب ويمكن الحصول عليه من خلال الزراعة مع ما يؤمن ذلك من فرص عمل للمزارعين. ثم هناك حدود لكل شيء، الالواح الشمسية التي نراها على السطوح لتسخين المياه وتوليد الكهرباء، المكونة من السيليسيوم، سوف تمنع قريباً. فاذا علمنا كم هي التكلفة فقط لتقطيع لوح واحد؟ نحن بحاجة لطاقة كبيرة لتقطيع لوح واحد، هذا تناقض بحد ذاته. لتوليد الطاقة نستهلك الطاقة!
بالإضافة الى ذلك، إن مدة حياة الألواح الشمسية التي نراها على المباني لا تتعدى عشر سنوات واذا تعدت ذلك تخفّ قدرتها... بينما الالواح التي تتكون من الكيمياء العضوية، اثبتت الدراسات ان عمرها يمكنه تخطي العشرين سنة!

دفاع بحاجة الى مدافعة
يؤكد الباحث في نهاية دفاعه «أن بإمكان المواد المستخرجة من الـ د ـ فروكتوذ ان تولد الكهرباء بأسعار ضئيلة، وان الأوساخ الناتجة خلال تصنيع المواد العضوية هي المياه، أي لا انعكاسات جانبية على البيئة... هذه احد شروط المصانع الأوروبية. لقد كان علـــينا إيجاد طرق نظيفة لتصنيع المواد العضوية وهذا ما يُسمّى بالكيمياء الخضراء وذلك لاحترام البيئة».

ويذكر الباحث أنه حصل على جائزة المرتبة الاولى لأفضل عمل من الجمعية الفرنسية للكيمياء SCF-société chimie de la France section Bretagne et pays de la Loire متنافساً مع حوالي ٧٠ باحثاً في مجالات مختلفة... وإننا في لبنان نشهد على ولادة فروع بيتروكميائية كثيرة، وذلك بسبب اكتشاف البترول والغاز في البحر... مقترحاً إنشاء فروع ترتكز على الكيمياء لخدمة بحوث الطاقة المتجدّدة والبيئة. متمنياً إنشاء هذه الفروع، باعتبارها غير تقليدية، وهي بحسب رأيه، ثروة مستقبلية خصوصاً في مجال الصناعة واليد العاملة...الخ ولكنه لم يُجب على الأسئلة التالية: هل الأولوية لاستخدام السكر والمحاصيل الزراعية لاطعام الناس ام لتوليد الطاقة؟ وماذا عن الطاقة الجسدية التي نحتاجها من الغذاء؟ وماذا سيحصل اذا تطورت هذه التقنية واحتاجت إلى المزيد من الأراضي الزراعية والمياه؟ وعلى حســـاب ماذا سيكون هذا التوسع؟ وهـــل بتنا أمام خيار إنقاذ صناعة الالواح الشمسية عبر ضــرب الأراضي الزراعية واستنزاف الثروة المائية التي باتت نادرة؟

السفير
https://taghribnews.com/vdcbg0b8wrhb9wp.kuur.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز