السعودية تقود حربا على العرب والإسلام ... والهزيمة تنتظرها
تنا-بيروت
السعودية قدمت في الحقبة الأخيرة نماذج صارخة تؤكد عمق انتظامها في المشروع الصهيواميركي و انخراطها في جبهة العدوان على العرب و المسلمين ، حيث قامت السعودية في أسبوع واحد برفع مستوى العلاقة مع إسرائيل الى اعلى المستويات و إخراجها من السر الى العلن دونما اكتراث بمشاعر الفلسطينيين او حقوقهم او عذاباتهم فضلا عن مشاعر العرب و المسلمين .
شارک :
العميد د. امين محمد حطيط
لم يكن العقلاء والموضوعيون من الباحثين والمواكبين للأحداث في المنطقة العربية والإسلامية ينتظرون سلوكا سعوديا اضافيا ليقفوا على حقيقة النظام السعودي وجوهره وموقعه من المشروع الصهيوأميركي الذي ينفذ أصحابه ودعاته اجتياحا احتلاليا للمنطقة لامتلاكها واستباحة ثرواتها فضلا عن تهجير اهلها او إبادة بعضهم جماعيا على وجه معنوي او اجتثاث بعضهم الاخر بشكل مادي مباشر مستندة الى فكر تكفيري تزعم انه تطبيق للشرع الإسلامي .
لكن السعودية قدمت في الحقبة الأخيرة نماذج صارخة تؤكد عمق انتظامها في المشروع الصهيواميركي و انخراطها في جبهة العدوان على العرب و المسلمين ، حيث قامت السعودية في أسبوع واحد برفع مستوى العلاقة مع إسرائيل الى اعلى المستويات و إخراجها من السر الى العلن دونما اكتراث بمشاعر الفلسطينيين او حقوقهم او عذاباتهم فضلا عن مشاعر العرب و المسلمين ، ثم حملت مجلس التعاون الخليجي على تصنيف حزب الله الذي نظم المقاومة الإسلامية التي هزمت إسرائيل مرتين ( 2000 و2006) ، هذا الحزب الذي ارعب إسرائيل عندما لوح لها بالقدرات التي يملكها و التي تحدث في مفاعيلها مفاعيل القنبلة النووية ، تقدم السعودية و معها من تملك قرارهم في مجلس التعاون الخليجي على تصنيفه بانه منظمة إرهابية أي ام هؤلاء يرون في إسرائيل حليفا و من يقاومها إرهابيا .
طبعا لن يكترث حزب الله بالتصنيف السعودي الخليجي ولن يعبأ به وهو يرى ان هناك من هو اهم منهم بل سادتهم في الغرب واميركا فعلوا الفعلة ذاتها ولم يؤثروا على الحزب في مساره ومقاومته، ويكفي ان نذكر بان الحزب قبل التصنيف الغربي كان قد هزم إسرائيل وأرسى معادلة الردع الميداني معها اما بعد التصنيف فقد ارتقى الى إرساء معادلة الردع الاستراتيجي ولجمها عن المغامرة بالحرب لأنها ستكون كارثة عليها، وأصحاب العقول والفكر الاستراتيجي يفهون ما تعني المعادلة الجديدة. ومع هذا يعاد السؤال ليطرح لماذا تندفع السعودية في العداء والعدوان على حزب الله وسؤال اخر لماذا يندفع الحزب في مواجهة السعودية في سياستها وسلوكيتها اليوم؟
بداية نذكر بان حزب الله حركة مقاومة نشأت من رحم معاناة العرب و المسلمين نتيجة المشروع الصهيواميركي الذي كانت ترجمته في لبنان احتلالا لأرضه و فرضا لاتفاقية اذعان و استسلام عليه ، و كان طبيعيا و حتى يكون الحزب منسجما مع نفسه ان يكون في الخندق المواجه لدعاة العدوان و اتباعهم والمنطق يفرض مواجهة بين منظومة العدوان بكل مكوناتها و منظومة المقاومة للعدوان بكل عناصرها ، أي ان المنطق يقود الى القول بان حصول المواجهة بين السعودية كجزء من منظومة المشروع و حزب الله كمقاومة لهذا المشروع امر طبيعي ، لكن الواقع لم يسجل ذلك في الماضي ، و السبب ان حزب الله المعني بمواجهة إسرائيل مباشرة لم يوسع دائرة المواجهة لان السعودية كانت حريصة على إخفاء علاقتها بالمشروع و ارتباطها بإسرائيل و المحافظة على سرية تلك العلاقة الى الحدود القصوى ، و بالتالي و عملا بقاعدة الشك يعمل لصالح المتهم فلم يكن الحزب معنيا بالتنقيب عن تلك العلاقة لمواجهة السعودية ، انما كانت الريبة الضمنية قائمة بين الجهتين لا يتأخر طرف منهما عن الإفصاح بما في صدره من شكوك ثم يعود الى الهدوء.
لكن هذا الامر تغير في العقد الأخير ، و تحديدا منذ العام 2005 حيث بدا واضحا ان هناك قرار اتخذه دعاة المشروع الصهيواميركي اثر احتلال العراق و رفض سورية الخضوع لأميركا ، و إصرار حزب الله على الاحتفاظ بسلاحه المقاوم لإسرائيل و للمشروع الذي تنتمي اليه ، هنا بدأت السعودية و بشكل تصاعدي تفصح عن موقعها ووظيفتها في المشروع ذاك ، لكن كانت تمارس الامر بحذر و تؤدة او لنقل بدبلوماسية خبيثة لكن غير مستفزة ، ثم صعدت السعودية ممارستها اكثر و دخلت في دعم الإرهاب الذي تسلل الى العراق مع الاحتلال الأميركي له ، الإرهاب الذي أراد دعاته ان يحدثوا شبهة و التباس بينه و بين مقاومة الاحتلال حتى تكون المقاومة مرذولة مثله ، ثم كان دور السعودية في البحرين لمواجهة ثورة إصلاحية يقوم بها غالبية شعب البحرين ، اما في سورية فقد كانت السعودية و لا زالت احد العناصر الرئيسية في تسعير الحرب على سورية و شعبها و تسخير الإرهاب الذي ابتدعته بفكرها التكفيري الوهابي من اجل تحقيق اهداف المشروع الصهيواميركي في المنطقة ، و أخيرا كان دورها المباشر في اليمن حيث سجلت السعودية انها الدولة العربية الثانية بعد العراق التي تعتدي على دولة عربية مستقلة و تقود حربا عليها بجيشها النظامي.
ومن المؤلم هنا ان العالم بمعظمه سكت او ايد العدوان السعودي على اليمن، في موقف كان نتيجة ترغيب بمال او ترهيب بعقاب، فالسعودية تملك من مال النفط ما يمكنها من شراء الذمم والأصوات في المحافل الدولية، كما انها تملك من المال والاعلام والقدرات السياسية ما يمكنها من معاقبة هذا او ذاك ممن يخرجون عن طاعتها. قدرات امتلكتها السعودية منذ ان صادرت قيادة العالم العربي والإسلامي إثر هزيمة التيار القومي في العام 1967.
لكن السكوت الدولي هذا خرق بصوت مزلزل أطلقه السيد حسن نصر الله معترضا على قتل الشعب اليمني ومستنكرا العدوان عليه، في موقف كانت دوافعه ثلاثة:
دافع انساني أخلاقي، يتمثل بوجوب الوقوف الى جانب المظلوم ونصرته في وجه الظالم فالسعودية لا تملك أي حق او مشروعية في القيام بحربها على اليمن وقتل شعبه وذريعة الاستجابة الى" سلطة شرعية" هي ذريعة واهية.
دافع وقائي دفاعي وسيادي يقضي بوجوب رفض سعي السعودية لفرض قرارها قهرا على الدول واللجوء الى القوة العسكرية لإخضاعها وتنصيب حكامها. وهنا من المفيد ان نشير الى حالة البحرين فلو واجهت السعودية ردعا دوليا يمنعها هناك لما كررت التجربة في اليمن، وإذا انتصرت السعودية في اليمن فأنها ستكرر التجربة في اي قطر عربي او إسلامي يخالفها الراي او يخرج عن ارادتها، وبهذا المعنى يفسر كيف ان السعودية وبكل وقاحة تتدخل في سورية وترعى الإرهاب الذي يستشري فيهاو تهدد بالتدخل العسكري المباشر فيها ويصرح وزير خارجيتها بان السعودية ماضية في سعيها لإخراج الرئيس الأسد من الحكم بالسياسة او بالقوة العسكرية.
استراتيجي استقلالي وتحريري. وهذا الامر بالغ الأهمية، فالسعودية التي باتت وعلانية حليفة لإسرائيل لا تخجل بل تباهي بعلاقتها معها، وتدعي انهما معا يعملان ضد إيران، ان السعودية في هذا التحالف توفر لإسرائيل فرص الانقضاض على ما تبقى من أوراق بيد الشعب الفلسطيني، وبشكل يسد الطرق كليا بوجه من يحلم بالعودة او يحلم بالتحرير.
على ضوء ذلك باتت مواجهة السعودية في سياستها الإرهابية والعسكرية، وعلاقاتها التحالفية مع إسرائيل باتت اليوم ضرورة دفاعية واستراتيجية للمقاومة ولكل محورها دفاعا عن الذات ونصرة لفلسطين كما و ضرورة لكل دولة عربية او إسلامية حريصة على استقلالها او قرارها السيادي، و هذا ما دفع حزب الله و بعد تفكير وتحليل استراتيجي عميق الى اتخاذ هذا الموقف الذي لا نعتقد انه موقف قابل للمراجعة او الرجوع عنه ان لم تتراجع السعودية عن موقفها وموقعها من المشروع الصهيوأميركي وسلوكياتها العدوانية القائمة والمستمرة، ومع هذه الحقيقة يطرح السؤال الاخر عن المتوقع من المواجهة؟
تظن السعودية ان حلفها مع إسرائيل ، و دعم اميركا لها و شراء الصوت الأوروبي بالمال و اخضاع الخليج و دول عربية و إسلامية لإرادتها سيمكنها من الانتصار في المواجهة وسيتيح لها توسيع فضائها الاستراتيجي كما تريد ، و هي ترى ان المملكة التي قامت بالسيف وبفكر تكفيري و استمرت بالسيف و المال ، انها قادرة بهذه المنظومة (السيف و المال معطوفة على الفكر الوهابي التكفيري) ان تنشئ الإمبراطورية السعودية عربيا و إسلاميا ، ظن يذكرنا بحلم اردغان بأحياء الإمبراطورية العثمانية ، لكن السعودية تنسى او تتجاهل ان من تعتبرهم متكآت قوتها هم في الحقيقة بحاجة الى من يساعدهم في شأنهم الدفاعي او الاستراتيجي ، فإسرائيل باتت مكبلة بمعادلة الردع الاستراتيجي و اروبا تتخبط في وهنها و اميركا تبحث عن مخارج لفشلها و تحديد خسائرها ، اما السعودية ذاتها فهي اليوم في أسوأ مراحل تاريخها منذ ان أنشئت .
في المقابل نرى ان محور المقاومة مع حلفائه يرتقي بثبات مؤكد في الميدان والسياسة وبات مطمئننا لنتيجة المواجهة القائمة، مقتنعا ان ما لاقاه اردغان التركي في أحلامه من فشل سيلاقيه السعودي في عدوانه ولن يغير التهديد بفتنة هنا او حريق هناك او حصار ومقاطعة هنالك من نتيجة المواجهة.