إعتبر عدد من العلماء والمثقفين البارزين، و من إعلاميون مراقبون للقنوات الفضائية العربية، أن التوظيف الطائفي لـ " حملة التضامن والذب عن عرض السيدة عائشة (رض) " ، ومحاولة التجييش ضد المسلمين الشيعة لاتخدم الأمة وإنما تسهم في تمزيق الأمة وضرب الإستقرار بين المسلمين في الوطن العربي.
شارک :
وكالـة أنبـاء التقريـب(تنـا) على خلفية الفتن التي أثيرت بسبب التعرض للسيدة عائشة (رض)، أعرب عدد من المراقبين على الوسط الإعلامي وخاصة القنوات الفضائية، عن امتعاضهم الشديد إثر " لجوء بعض هذه القنوات الفضائية" لإشعال فتيل النعرات القبلية والطائفية وإثارة الفتن على الدوام.
واستغرب مراقبون الطريقة التي تم من خلالها إبراز حماسة تلك القنوات في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والذب عن عرض أم المؤمنين عائشة وبيان مكانتها وفضلها، في وقتٍ تعرض فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والقرآن الكريم للإساءات المتكررة من قبل الغرب، ولم يحرك أصحاب تلك الفضائيات ساكناً بحجم ماكان عليها اليوم. واعتبروا التوظيف الطائفي لهذه الحملة ومحاولة التجييش ضد المسلمين الشيعة لاتخدم الأمة وإنما تسهم في تمزيق الأمة وضرب الإستقرار بين المسلمين في الوطن العربي.
وجاء هذا في الوقت الذي انضمت فيه أكثر من ١٨ قناة لقناة صفا الفضائية في بث( موحد) السبت الماضي لختام حملتها لنصرة أم المؤمنين عائشة , بمشاركة نخبة من العلماء والمشايخ حضورياً وهاتفياً.
من جهته قال منسق الحملة في الرياض، الإعلامي "إبراهيم رفعت " لبعض المواقع الالكترونية أن الحملة هدفت إلى الدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والذب عن عرض أم المؤمنين عائشة (رض) وبيان مكانتها وفضلها، وتتبرأ من أي محاولات أو دعوات للإثارة الطائفية أو التعدي في الرد إلى إستخدام القوة أو اليد.
وفي سياق متصل، أبدى سماحة السيد حسن النمر أسفه « الشديد» على ما تحمله ملامح المرحلة المقبلة في المنطقة خصوصاً مع وجود « مسوخ في الساحة » من الإعلاميين والمتمشيخين والسياسيين لا يريدون لهذه الأمة أن تنهض من «كبواتها» , بحسب تعبيره .
ورأى سماحة الشيخ حسن الصفار في وقت سابق أن تأييد الشحن الطائفي الذي تقوم به بعض الفضائيات، قد يحوّل التعايش إلى الهم والخرافة ويدعو للكراهية, لافتاً إلى أن الشحن الطائفي يدفع نحو ما لا تحمد عقباه.
خبراء الإعلام وعلماء دين يحذرون من قنوات الفتنة المذهبية : ونقلاً عن التوافق الإخبارية، حذر باحثون من أن عدد القنوات الفضائية التي تعمل بصبغة دينية وصل إلى ١٥٠ قناة منها أكثر من خمس وثلاثون قناة تعمل من منطلق طائفي بخلاف القنوات الدينية التي تميل لتغليب الرأي السني أو القنوات التي تميل لتغليب الرأي الشيعي، واعتبروا أن كل هذا لا يؤدي في النهاية إلا إلى بث الفتة المذهبية في مجتمعاتنا التي تعاني أصلاً من انعدام ثقافة إحترام الرأي والرأي الأخر .
دور المخابرات الأمريكية : وترى الدكتورة " نادية مصطفى " أستاذ العلاقات الدولية ومدير مركز الحوار بجامعة القاهرة أن ظهور قنوات الفتنة المذهبية لم يحدث إلا بعد إحتلال أمريكا للعراق، " فقد ظنت الولايات المتحدة وبإيعاز من الكيان الصهيوني أن السيطرة على العراق ومن بعده الأمة العربية كلها لن يحدث إلا من خلال زرع الشقاق المذهبي بين العرب بعضهم البعض وهكذا قامت أمريكا ومن خلال جهاز المخابرات الأمريكية بتشجيع أشخاص موالين لهم بإنشاء قنوات فضائية شيعية وأشخاص آخرون على إنشاء قنوات فضائية سنية وهكذا شجعتهم أيضا على تبنى لغة الحوار الذي يحث على الفرقة والنزاع ومن الواضح أن أمريكا نجحت في مسعاها للأسف الشديد وإلا ما كانت تلك القنوات المذهبية قد استمر وجودها حتى اليوم" .
وتضيف د. نادية مصطفى، " والواقع يؤكد بالفعل أن هناك إعلام طائفي بصورة غير مسبوقة في مواجهة إعلام سلفي متشدد الأمر الذي يزيد من حالة الإحتقان المذهبي ويطرح في القنوات الفضائية المعبرة عن الطرفين قضايا هامشية للخلافات تزيد من حدة التوتر والعداء والإنقسام المذهبي وتمثل العراق مجالاً واضحاً لذلك حيث تعددت القنوات الفضائية ذات الإنتماء المذهبي الطائفي وتركز على إثارة المشاعر العامة والإبتعاد عن الموضوعية ".
تمويل مذهبي خفي : ويقول " الدكتور عبد الفتاح الشيخ " الرئيس السابق لجامعة الأزهر المتابع للقنوات الطائفية، سيدرك دون شك أن هناك جهات وشخصيات تقف خلف هذه القنوات وتقوم بتمويلها بهدف تقوية النزاع المذهبي، حيث يتم تمويل تلك الفضائيات من جماعات وشخصيات تستخدم الإطار المذهبي لخدمة اتجاهات سياسية بالدرجة الأولى وتقوم على التحريض الشعبي لتبني مواقف سياسية ومذهبية تفتقد في كل الأحيان تقريباً إلى الموضوعية بل إن إختيار الضيوف والخبراء لمناقشة قضايا الحوار يرتبط بالدرجة الأولى بمبدأ إنحياز هؤلاء الضيوف والخبراء لوجهة النظر التي تسعي تلك القنوات لترويجها.
ويضيف د. الشيخ : " إن مواجهة تلك القنوات لن تحدث للأسف، إلا إذا اتقى القائمون عليها ربهم في المسلمين البسطاء وأنا أقول لهم اتقوا الله فينا وفي المجتمعات المسلمة التي عاشت طويلاً دون أن تسمع كلمة أنا شيعي أو أنا سني وكنا نسمع فقط كلمة أنا مسلم فلماذا نستعيد اليوم كلمات لن تنفع بقدر ما تضر ".
تشفي الغرب فينا : وترى الدكتورة " آمنة نصير" أن الغرب كله وعلى رأسه أمريكا يسرها للغاية حالة الإحتقان المذهبي التي يعانى منها المسلمون اليوم ولو تابعنا ما تنشره وسائل الإعلام الغربية عندما تغطى حوادث تفجيرات مراقد الشيعة أو المساجد السنية في العراق فسوف نكتشف بسهولة حالة التشفي التي تتناول بها تلك الصحف الأحداث من هذا النوع والغرب استخدم الإعلام بصورة متميزة في حربه النفسية ضد المسلمين وهكذا ظهرت تلك الفضائيات الدينية المتطرفة والحقيقة فإن خطورة تلك الفضائيات المذهبية لا تكمن في عددها وإنما فيما تطرحه من قضايا وأفكار وأحداث وتحليلات تعبرعن توجهات سياسية ومذهبية خطيرة تبث الأحقاد بين عنصري الأمة الإسلامية.