تاريخ النشر2011 3 January ساعة 16:11
رقم : 35732

سیبقی السودان شامخا قویا حتی لو إنفصل عنه الجنوب

بقلم : امير موسوي
إذا لم تتمکن الدول العربیة والإسلامیة من الحفاظ علی وحدة السودان وعدم إنفصال الجنوب، علیها إن تساعد علی إستمرار التعاون والتفاهم بین الشمال والجنوب بعد الإنفصال وأن لایسمحوا لأعداء الأمة أن یصطادوا فی الماء العکر من خلال إثارة الخلافات والنزاعات بینهما.
سیبقی السودان شامخا قویا حتی لو إنفصل عنه الجنوب
وكالـة أنبـاء التقريـب(تنـا)
لقد عانى السودان حکومة وشعبا من مشاکل الجنوب وجرحه النازف منذ الإستقلال عام ١٩٥٦حیث أبقی الإستعمار البریطانی هذا الشرخ بین الشمال المسلم والجنوب ذات الأکثریة اللادینیة ‌والأقلیة المسیحیة المؤثرة لیبقی هذا الشرخ عصا بیده ومدخلا دائما له وذریعة مفتوحة للتدخل الأجنبي في هذا البلد الإسلامی الکبیر والمهم في شمال وشرق ووسط أفریقیا وذات الدور الریادي في القضایا العربیة المصیریة کالقضیة الفلسطینیة؛ فالسودان مع قلة إمکانیاته وقدراته المادیة إلا إنه لعب دورا هاما في إیجاد التوازن العربي والإسلامي مع الدول الغربیة في المنطقة والعالم بسبب تأثیراته
المعنویة والسیاسیة الإقلیمیة والدولیة وبسبب وقوفه بکل قوة وثبات إلی جانب القضایا العربیة والإسلامیة وخاصة وقوفه إلی جانب الشعبین الفلسطیني واللبناني في مواجهتهم للطغیان الصهیوني. 

وقد کان ولازال مهدا للحضارات والثقافات والأعراق المتنوعة وإسطورة في التفاهم والتحابب والتسامح فکانت تحسده الدول التي تدعي الحریة والدیموقراطیة علی سعة صدره للجمیع؛ فکان بلدا حلو المذاق وسهل التعامل بسبب طیب أهله وسماحة شعبة وببرکة مشایخه وخلاویه التی خرّجت الملایین من حفظة القرآن الکریم وکان ملاذا آمنا للمظطهدین الفارین من الظلم والجور في العالم فکان یتقاسم الرزق مع المستضعفین والمحتاجین والمظلومین ولا تأخذه في الله لومة لائم، ففرضت علیه الحروب والنزاعات والإختلافات والحصار الظالم والفتن لثنیه عن رسالته وقیمه ومبادئه. 

فلولا خذلان الأقارب وشحة الید وکثرة المصائب وتکالب القوی الإستکباریة علی هذا البلد الصامد لما وصلت الإمور إلی ماوصلت إلیه ولما وقعت بالأساس إتفاقیة نیفاشا التي مهدت الطریق للإستفتاء حول مصیر الجنوب في ٩/١/٢٠١١ والتي لقیت دعما إستکباریا ومحلیا منقطع النظیر لأنهم یعلمون ماهي نتیجة هذا الإستفتاء وقد وظفوا کل طاقاتهم وإمکانیاتهم لیتم الإنفصال حتی ینفردوا بنهب ثروات الجنوب من النفط والذهب والیورانیوم بالإضافة إلی الموارد المائیة والزراعیة والحیوانیة التي یمتاز بها الجنوب وطمعا بأن یکون الجنوب مأمنا وملتقی لأنشطتهم
الإستخباراتیة والأمنیة الصهیونیة والأمریکیة ولیس عبطا عندما یؤکد الکیان الصهیونی دعمه المستمر للإنفصال وحرصه علی إقامة علاقات واسعة وودیة مع الحکومة الجنوبیة لاحقا وقد باشر الإسرائیلیون هذه المهام من خلال تدریب القوات الجنوبیة وتقدیم المنح الدراسیة وتمویل بعض المشاریع الحیوییة هناک.

لکن السودان مازال متنوعا وبقبائله ومکوناته الإجتماعیة والسیاسیة فمازال الرشایدة والهدندوة فی الشرق والدناقلة والجعلیین والشایقیة فی الشمال والرفاعة والکواهلة والنوبة والمجانین في الوسط والفور فی الغرب موجودین وباقین. بالإضافة الی الأحزاب السیاسیة الکبیرة والمؤثرة التی ترسم الخارطة السیاسیة للسودان الجدید مازالت حیة وباقیة وهي بإمکانها ملأ الفراغ وجبران الکسر بعد الإنفصال شریطة أن ترقی الی أعلی مستویات المسؤلیة التاریخیة‌ وأن تخرج من الإطار الفئوي والحزبي الضیق الی لعب دور المنجي الوطني والقومي لکل السودان وأن تعتکف علی السعي الجاد لإیجاد روح التفاهم والتآلف فیما بینها لتثبیت الإستقرار والوئام والهدوء في ربوع السودان الجریح بسبب التدخلات الخارجیة وعملیة الإنفصال للجنوب وأن تسبدل هذا الألم والجرح إلی فرصة لتعبئة جمیع فئات الشعب السوداني نحو الوحدة الوطنیة والمثابرة في العلم والعمل وتوظیف جمیع الثروات المتوفرة لتحقیق العدالة والإستقلال الحقیقي للسودان والإبتعاد عن کل ما یضعف قوة وعزة السودان لتتفرغ القیادات الساسیة هناک أولا لدرأ الفتن والقلاقل التي تفتعلها القوی المعادیة وثانیا لإسثمار طاقات البلاد
البشریة والطبیعیة في سبیل خدمة المواطن السوداني الذي عانى الکثیر بسبب الحروب والخلافات السیاسیة وهو یستحق کل الإستحقاق بأن یعیش کریما حرا وأن یوضع حدا لمعاناته الطویلة التي فرضها الإستکبار العالمي علیه بسبب خیاراته الإسلامیة والوطنیة الداعمة للإستقلال والسیادة والمناصرة لقضایا الأمتین العربیة والإسلامیة.

ومن خلال التفاهم والتعاون مع حکومة الجنوب یمکن إقامة علاقات متینة وتاریخیة تعوض الجانبین عن آثار الإنفصال وتجعله فرصة للتعاون المشترک والذی یخدم الشعبین الشمالی والجنوبي ولا یتحقق ذلک إلا بتفویت الفرصة علی المتربصین والمتآمرین علی مصالح ومصیر الشعبین الجارین الشقیقین اللذین لایمکنهما الإستغناء‌عن الآخر وخاصة أنهما تعایشا مع بعضهما البعض لسنوات طویلة فی السراء والضراء. وإن عوامل التعاون والتلاقي بینهما أکثر بکثیر من غیرها.

إذا لم تتمکن الدول العربیة والإسلامیة من الحفاظ علی وحدة السودان وعدم إنفصال الجنوب علیها أن تساعد علی إستمرار التعاون والتفاهم بین الشمال والجنوب بعد الإنفصال وأن لایسمحوا لأعداء الأمة أن یصطادوا في الماء العکر من خلال إثارة الخلافات والنزاعات بینهما، فعلیهم جمیعا أن یسهروا ویساعدوا علی إستمرار العلاقات الودیة بینهما.
https://taghribnews.com/vdcb5zbf.rhbsfpukur.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز