>> لماذا تقلق المتغيرات العربية القادة الصهاينة؟ | وكالة أنباء التقريب (TNA)
تاريخ النشر2011 28 January ساعة 22:36
رقم : 38241

لماذا تقلق المتغيرات العربية القادة الصهاينة؟

قلق القادة الصهاينة بسبب المتغيرات في الواقع العربي ليس جديداً، وغير قاصر على من يعتبرون “يمينيين” أمثال نتنياهو وليبرمان، ولكنه تقليد صهيوني يعود للبداية الأولى لمشروع الاستعمار الاستيطاني الصهيوني
لماذا تقلق المتغيرات العربية القادة الصهاينة؟

وكالة أنباء التقریب (تنا) :
ما إن بدت مؤشرات تطور الانتفاضة التونسية باتجاه اقتلاع نظام زين الدين بن علي حتى توالت على نحو تصاعدي تصريحات نتنياهو وأركان وزارته معبرة عن قلقهم من سقوط النظام الأكثر تطبيعاً مع الكيان بين أنظمة المغرب العربي . ولقد أجمع المحللون السياسيون على أن “إسرائيل” خسرت تونس، وليس فقط ما وفره لها النظام من امتيازات: وتعقيباً على إعلان وليد جنبلاط، أنه بعد دراسات مستفيضة للظروف التي عطلت الوساطة السعودية السورية، التي كان طرفا المعادلة اللبنانية قد أقرا ما انتهت إليه، وبعد وضوح إفشال المسعى التركي القطري، فإنه وفريقه، والحزب التقدمي الاشتراكي، اختاروا الوقوف إلى جانب سوريا والمقاومة . وسرعان ما بادرت أجهزة الإعلام الصهيونية إلى التحذير الشديد من عواقب ما اعتبرته سيطرة “حزب الله” على الحكومة اللبنانية المقبلة .

وألاحظ أن قلق القادة الصهاينة بسبب المتغيرات في الواقع العربي ليس جديداً، وغير قاصر على من يعتبرون “يمينيين” أمثال نتنياهو وليبرمان، ولكنه تقليد صهيوني يعود للبداية الأولى لمشروع الاستعمار الاستيطاني الصهيوني أواخر القرن التاسع عشر . إذ عرف قادته المؤسسون بالمتابعة الدقيقة للواقع في عموم الوطن العربي وما يستجد عليه من متغيرات . ومما يذكر أن الوزير العمالي البريطاني كروسمان زار القاهرة سنة ١٩٥٣ مستطلعاً موقف قادة الثورة من الصراع العربي الصهيوني، وأنه بعد استقبال عبدالناصر له توجه إلى تل أبيب حيث التقى بن غوريون، وبادره قائلاً: ليس هناك ما يقلق، فما يشغل عبدالناصر والضباط الشباب إنما هو إخراج شعب مصر من ثلاثية: الجهل والفقر والمرض، التي لم تغب يوماً عن أي بيان وزاري في العهد الملكي . وهم يركزون على استثمار الإمكانات المادية المتوفرة وتطوير القدرات البشرية لشبابهم، ويرحبون بالمستثمرين الأجانب . فما كان من بن غوريون إلا أن رد عليه قائلاً بحزم: وهذا هو الداعي للقلق . وحاول أن يجر النظام المصري الجديد للحرب قبل أن يعمق جذوره الشعبية . غير أن عبدالناصر كان حريصاً على ألا يشغله شيء عن تحقيق الجلاء وتحرير إرادة مصر . ولقد اغتنم بن غوريون رفض بريطانيا وفرنسا تأميم القناة فسارع بإرسال شمعون بيريز، وكيل وزارة الدفاع يومذاك، إلى لندن وباريس، حيث شارك في وضع خطة العدوان الثلاثي على مصر في ٣١/١٠/١٩٥٦ .

إن استقراء تاريخ هذا الجزء من العالم منذ عملت دول الاستعمار الأوروبية، في ما عرف ب”الإجماع الأوروبي” على إجهاض مشروع محمد علي الوحدوي النهضوي في أربعينات القرن التاسع عشر، وحتى غزو العراق وتدمير دولته وتفكيك بناه وتمزيق وحدة نسيجه المجتمعي مطلع القرن الواحد والعشرين، يتضح أن القوى الاستعمارية، صاحبة المشروع الصهيوني وحاضنته، شديدة الحرص على إجهاض كل المحاولات العربية لتجاوز واقع التخلف الموروث . وذلك في مقابل التقاء مختلف القوى الأوروبية والأمريكية، برغم ما بينها من تناقضات، على دعم الكيان الصهيوني وتعزيز تواصله مع التقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع لديها، بحيث يبقى بؤرة التقدم في الإقليم العربي . وهو تقدم من بين أهم عوامل دوامه وتطوره، استغلال الأراضي العربية المحتلة، واستمرار القصور العربي عن المواجهة الحاسمة، ما يسهم في تواصل الهجرة والتبرعات اليهودية والدعم الأمريكي والأوروبي للكيان . ومن هنا ندرك دواعي القلق الصهيوني من المتغيرات والمستجدات العربية، وما قد يستتبع ذلك من تطور إمكانات وقدرات قوى الممانعة والمقاومة العربية وصمودها أمام ضغوط ومداخلات رعاة “إسرائيل” وحماتها على جانبي الأطلسي .

وكان هيكل في إطلالته الأسبوعية من على فضائية “الجزيرة” مساء الخميس العشرين من الشهر الجاري، قد حذر بأن “إسرائيل” لن تسكت على خسارتها الفادحة في تونس، وأن لبنان ستكون الساحة التي ترد فيها . وقد جاءت تعليقات الإعلام الصهيوني على المؤتمر الصحفي للنائب وليد جنبلاط تعزز ما حذر منه هيكل . ويذهب أكثر من خبير عسكري عربي مختص إلى أن “إسرائيل”، بعد خسارتها قوة ردعها أمام المقاومة اللبنانية بقيادة “حزب الله” في عدوان صيف ،٢٠٠٦ وعجزها عن استردادها بالمحرقة التي اقترفها في قطاع غزة أواخر عام ٢٠٠٨ ومطلع عام ،٢٠٠٩ وبعد أن نجحت المقاومة في لبنان والقطاع بأن تفرض على الكيان الصهيوني الردع المتبادل، لم تعد قادرة على غزو لبنان أو القطاع، وإن لم يتوقف قادتها وإعلامها عن قرع طبول الحرب . فضلاً عن أن لبنان بتعاون جيشه ومقاومته قضى على قسط غير يسير من شبكات التجسس، كما كشف التسلل الصهيوني إلى شبكة الاتصالات اللبنانية . ما يعزز القول بانتفاء إمكانية العدوان العسكري وبالتالي التوجه الصهيوني للاعتماد على إثارة الفتنة الطائفية في بلد محكوم بالتوافق الطائفي . وهذا ما تؤشر إليه الإثارة الإعلامية التي اعقبت تصريح وليد جنبلاط . والسؤال الأخير: هل تقرع أجراس الإنذار في مكاتب وقصور ودارات النافخين في جذوة الفتن في لبنان الصمود والمقاومة؟
عوني فرسخ



https://taghribnews.com/vdcjv8et.uqeoxzf3fu.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز