إسرائيل تعيش أزمة أمنية متفاقمة إثر الوضع الذي طرأ بالساحة العربية
دفع المصير المبهم لمستقبل نظام ملك الأردن عبد الله الثاني رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لتكليف طواقم أمنية وعسكرية التخطيط لبناء جدار على طول الحدود مع الأردن، أسوة بالجدار الفولاذي الذي يبنى على الحدود مع مصر.
شارک :
تترقب إسرائيل تواصل الاحتجاجات الشعبية بالأردن، خصوصا في ظل الفتور في العلاقات ما بين عمان وتل أبيب. وأتى مخطط الجدار عقب جولة ميدانية قام بها نتنياهو لغور الأردن برفقة كبار ضباط جيشه، حيث صرح بأن المنطقة وامتداد الحدود مع الأردن ستبقى تحت السيادة والسيطرة الإسرائيلية. وبحسب نتنياهو فإن إقامة الجدار وسيطرة الجيش الإسرائيلي على الحدود مع الأردن بمثابة وسيلة لمنع تسلل المقاتلين وتهريب الأسلحة. وسيساهم الجدار وفق نظرية نتنياهو في الدفاع عن أمن إسرائيل، خصوصا في ظل الزلازل السياسية التي تعصف بالمنطقة والتي ما زالت نتائجها وتداعياتها مبهمة. واعتبر الباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن تصريحات نتنياهو تهدف إلى تسويغ مفهوم إستراتيجي في "نظرية الأمن الإسرائيلية" فحواه أن نهر الأردن يجب أن يكون جزءا من حدود إسرائيل الأمنية لأنه يضمن لها حدودا يمكن الدفاع عنها. وأشار إلى أن هذا المفهوم ورد بعد حرب يونيو/حزيران ١٩٦٧ وعُرف بخطة يغئال ألون التي اقترحت أن يظل غور الأردن بيد إسرائيل. وأكد شلحت أن النظرية الأمنية لنتنياهو تنسجم مع مسعاه منذ أن تولى رئاسة الحكومة لجعل السلام مستندا إلى الأمن، وبذلك يواصل تقاليد مديدة لرؤساء حكومات إسرائيليين رأوا في غور الأردن خط الدفاع المتقدم لدولة إسرائيل. ولفت إلى أن نتنياهو يهدف لتمرير رسالة للفلسطينيين والعرب فحواها أن خطوط العام ١٩٦٧ وكذلك خط الجدار الفاصل لا يمكن أن يشكلا خط حدود يمكن الدفاع عنه. ولذا فإن السيطرة الإسرائيلية الكاملة على غور الأردن كله كمنطقة أمنية تستند إلى نهر الأردن بوصفه خطا حدوديا، هي الكفيلة فقط بضمان الأمن لإسرائيل بحسب ما يراه الباحث. ويضيف شلحت أن إسرائيل تقدر المأزق الذي يعيشه الملك الأردني وتعي الضعف المتواصل على نظامه وتبحث عن الجدار كحل، لكنها يمكن أن تقوم بخطوات غير محسوبة قد تخلف دمارا، وهذا سيشعل الاحتقان وسيزيد من الاحتجاج الشعبي ضدها. أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح عبد الستار قاسم أن إسرائيل تسعى لحصر الفلسطينيين بالضفة الغربية بين الجدار الغربي والشرقي الذي يبعد ٢٠ كيلومترا عن نابلس، وهذا يعني أن منطقة الأغوار الفلسطينية ستكون تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي. ولفت إلى أن إسرائيل تعيش أزمة أمنية متفاقمة إثر الوضع الذي طرأ بالساحة العربية، وهي تعلم أنه حتى لو لم يتغير النظام بالأردن فستشتد بالمملكة المقاومة الشعبية المناهضة للتطبيع. وتابع الأكاديمي الفلسطيني أن عدم بقاء سفارة إسرائيلية بعمان احتمال وارد تماما كاحتمال عدول الجيش الأردني عن القيام بمهمة الدوريات لصالح إسرائيل على طول الحدود، وهذا سيضع تل أبيب بمأزق أمني. وعن إستراتيجية إسرائيل بالتحصن بالجدار، أكد قاسم أن الجدار تحول لأحد العوامل المساندة لإسرائيل بالحفاظ على أمنها، لكن على أرض الواقع تعي إسرائيل أن الجدار لن يوفر الحماية لكيانها. واستبعد تحول الأردن لجبهة ساخنة مع إسرائيل ما دام الملك عبد الله الثاني موجودا بالحكم، لكنه أكد أن عمان لن تكون جبهة مائعة ومهادنة. وذكر قاسم بأن التحولات التي تشهدها المنطقة والأردن ستضع نهاية للتناغم السائد بين قصر الملك وحكومة إسرائيل.