الحوار الشيعي يؤكد على أهمية تأسيس المجلس الأعلى ووحدة الوطن
عشرات رجال الدين الشيعة في السعودية يشددون على تنقية الأجواء الشيعية وإيجاد ميثاق شرف للخلافات من خلال إشاعة فكرة الحرية .
شارک :
وكالة أنباء التقریب (تنا) : أجمع عشرات من رجال الدين الشيعة على أهمية الحوار بين كافة الأطياف والتوجهات الشيعية، كون غياب الحوار هو أكبر مشكلة تواجه المجتمع.
مشددين على أن دعم فضيلة الحوار وتربية أبناء الطائفة على هذا الخلق القويم، والذي تتحقق من خلاله الكثير النتائج الايجابية، ليس اقلها فهم كل طرف لأفكار وأساليب الطرف الأخر ووجهة نظره.
وكان منتدى حوار الحضارات بالقطيف قد استضاف ندوة بعنوان "الحوار الشيعي الشيعي" حيث شارك بها العشرات من رجال الدين الشيعة من الأحساء والقطيف والدمام والمدينة المنورة وجدة،.
وشددت الكلمات في اللقاء على أهمية إنشاء مجلس أعلى للطائفة الشيعية في المملكة، يكون داعما لكافة متطلبات الوحدة الوطنية، ومكملا لكافة الجهود المبذولة لتقوية النسيج الوطني.
وشدد العلماء الحاضرون على أهمية تنقية الأجواء الشيعية من خلال إشاعة فكرة الحرية وحقوق الإنسان، داعين إلى إيجاد ميثاق شرف يضع الجميع على مسافة واحدة، ولكل طرف الحق في إبداء رأيه.
واستهل العلامة السيد علي السيد ناصر السلمان الحوار بتأكيد أن موضوع الحوار الشيعي الشيعي يعتبر من أهم المواضيع التي ينبغي أن نتطرق لها ونتحدث حولها، ونعطي الرأي الصائب حولها فهي من القضايا التي ليست مختصة بالشيعة فقط، بل هي مشكلة مجتمعنا، حيث التورم في القلوب، والنظرة الخاطئة التي يحملها بعضنا عن الآخر، مما يشكل عقبة أمام نمو مجتمعنا، وصورة لواقع نعيش آلامه، ولا نستطيع أن نقدر ما سوف تكون عليه الأيام المقبلة، لذلك لا بد من الإصلاح بالطرق السليمة التي رسمها لنا القرآن الكريم النبي (ص) واله الطيبون الطاهرون،
وأضاف السلمان بأننا أمة تحمل لواء الإصلاح للإنسانية عامة، ونحن مسؤولون لتحقيق الهدف الأسمى وهو الأمة الواحدة، تحت راية لا إله الا الله، وشهادة أن محمدا رسول الله ص، فلا بد أن نزرع المواطنة الجيدة تحت هذين الشعارين، ولابد أن يكون لنا دور في إزالة كافة الشحنات والجذور التي تولد البغضاء في إطار مجتمعنا الكبير، والمطلوب لتحقيق ذلك هو حوار أكثر انفتاحا، ونعالج المشكلة فيما بيننا، وذلك بقبول كل عمل يقوم به احدنا لمصلحة الوطن، وأن نأخذ بيد كل من يعمل للمصلحة العامة، ولا نتعامل مع الناس على نواياهم، فالنوايا في علم الله ، وألا تكون لدينا فواصل بين الشيعي والشيعي، ولا بين الشيعي والسني، ولا بين السني والسني، وذلك لتحقيق الأمن والسلامة في هذه الدنيا.
وتحدث الشيخ عبد الله النمر عن الحوار باعتباره ضرورة حياتية ومعلما من معالم الحياة والحيوية، لافتا إلى أن تفعيل الحد الأدنى من المشتركات والمسلمات وتحقيقها على ارض الواقع وعلى جميع الأصعدة العقائدية بآفاقها الفكرية والثقافية والفقهية، والأصعدة الاجتماعية والاقتصادية وعدم تجميدها بقيود الاختلافات والتفاوت في بعض المصالح ووجهات النظر هو رهن الحيوية والحركة في جسم المجتمع، وهذا ما يضمنه روح الحوار الذي يكسر الحواجز ويردم الهوة بين الأطراف ليحيل المجتمع من مستنقع آسن إلى ينبوع دفاق بالحيوية في جميع المجالات والأصعدة .
وأعرب كلا من الشيخ صالح الجدعان والشيخ محمد عطية على أهمية احياء الحوار الداخلي ونشر وتعليم وتدريب أبناء الأمة على هذه الثقافة القرآنية المحايدة بعيدا عن أساليب الجدل والخصومة. مشددين على أهمية أن يتحول هذا الحوار إلى فعالية مهمة تخدم وحدة المذهب ضمن المسيرة إلى وحدة الأمة ودعم الوحدة الوطنية في الخطوات القادمة.
وأضاف الشيخ العطية على أن من أهم مقومات الحوار الشيعي ـ الشيعي هو وجود وتوافر النظرة الشمولية التي تسعى للتعرف على اثر الخطاب الشيعي الموحد والمختلف على غير الشيعة، بل حتى على الشيعة أنفسهم، حينئذ سنجد أن من أهم مصاديق الحوار مع الأخر وتقوية الوحدة الوطنية النظر إلى البيت الداخلي وحل مشاكله وإشاعة حالة حسن الظن في صفوف العاملين فيه فيما بينهم وهذه وغير مما تجود به علينا روايات المعصومين عليهم السلام.
وقال ان الحوار الشيعي ـ الشيعي ورقة يجب ان تتحول الى منظومة عمل تنطلق من اسس علمية عملية توحد الخطاب ليجد كل شيعي نفسه في هذا الخطاب من جهة، وليجد نفسه محميا لا يستعد لتحضير الاجابات اليوم التالي لتلك التساؤلات التي اثارها اختلاف الخطاب الشيعي.. مؤكدا " إننا لا نريد خطاب يحد بعض الشيعة انفسهم فيه، بينما يجد البعض الآخر من الشيعة المشاكل بسبب في وقاع فرضه علينا التوجه العاطفي، فخدمة المذهب الشريف مسالة عقلية تدعمها العاطفة، لا قضية عاطفية بعيدة عن التعقل والتدبر"
وقال الدكتور صادق الجبران ان عدم تصدي المهتمين للحوار الداخلي الشيعي وعدم تلمس الحاجة إليه وإدراك أهميته وخطورة غيابه .. موضحا بأن سيادة قيمة الحوار قليلة، مما يعيق العديد من المشاريع، وتضاربها وتناقضها.
ولفت إلى أن عدم سيادة قيمة الحرية وحقوق الإنسان، وانتشار حالة من التقية الداخلية، حيث ان العديد من العلماء لا يستطيع أن يجهر برأيه وذلك بسبب غياب قيمة الحرية وقيم حقوق الإنسان، فالكل مثلا يتحدث عن الوحدة التي باتت أنشودة جميلة الكل يتغنى بها، ولكن في ظل انعدام قيم الحرية باتت أغنية على اللسان فقط.
ومن العوائق أيضا ـ حسب الجبران ـ عدم وجود المبادرة بالحوار إلا في وقت الأزمات، اذ تغيب القيمة خلال فترات السلم والرخاء.
وشدد على الحاجة إلى تنقية الأجواء الشيعية ـ الشيعية التي تسهم في صنع أرضية للحوار، ويرى أن هناك حاجة ماسة إلى مجلس شيعي أعلى تشارك فيه جميع ألوان الطيف الشيعي وكل جهة تختار ممثليها، يقوم هذا المجلس بوضع رؤية وأهداف إستراتيجية عمل وخارطة طريق للمجتمع.
كما دعا الجبران إلى ميثاق شرف للعامين في أوساط الطائفة من كافة التوجهات من أهم ملامحه الاعتراف بالانتساب للمذهب للجميع، وحق الجميع في ممارسة عقائدهم وعباداتهم وطقوسهم دون تفسيق أو تبديع، والمناصرة والمناصحة وعدم التجاوز والتهميش، وإعطاء المثقفين الشيعة دور في هذا الشأن ولا يكون حكرا على رجال الدين.
وكانت هناك مداخلات أخرى في المنتدى تحدث فيها كلا من الشيخ عبد الله اليوسف والشيخ عباس الموسى والشيخ توفيق العامر والشيخ محمد الخميس مشددين على أهمية الحوار وتشكيل ورش عمل ولجان مشتركة وإقامة مجلس شيعي.
وفي الختام تم الاتفاق على بعض التوصيات والتي من شأنها أصلاح الواقع الشيعي منها : شمولية الخطاب الشيعي، الشفافية والوضوح وإبداء الرأي وترسيخ الحوار وعدم احتكار الحوار في أي حوار شيعي شيعي، أن تكون مبادرات الحوار في كل الأوقات وليس وقت الأزمات فقط، التأكيد على أهمية الوحدة بين المسلمين، تكوين مجلس شيعي وإيجاد ميثاق شرف بين كفة المكونات الشيعية .