تحولت مدينة هامترامك بولاية ميشيغان الأمريكية، إلى نموذج بالبلاد، بعد انتخاب كامل مجلس إدارة المدينة من المسلمين ، وعمدة المدينة مسلما .
شارک :
انتخبت مدينة (هامترامك) الأمريكية مجلس مدينة مكونا بالكامل من مسلمين، وكذلك عمدة مسلما، لتكون أول مدينة في الولايات المتحدة بإدارة مسلمة.
ونجح في الانتخابات التي أجريت، في الأسبوع الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، كل من خليل الرفاعي وأماندا جاكوسكي وآدم البرمكي، وبذلك ينضموا إلى 3 أعضاء مسلمين في المدينة التي يديرها 6 أعضاء.
وقال موقع (ذا ديترويت) نيوز إن فوز اليمني عامر غالب بمنصب عمدة المدينة يعد تحولًا زلزاليًا في مدينة لم يكن بها عضو مجلس آسيوي أو مسلم حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وعلق سفير الولايات المتحدة السابق لدى البحرين آدم إيرلي على فوز المسلمين بانتخابات المجلس وقال في حسابه عبر تويتر "أصبحت هامترامك رمز الأمل لبقية أمتنا المنقسمة".
كتابة التاريخ
وقالت (بي بي سي) "بهذه الانتخابات تسجل المدينة الواقعة في الغرب الأوسط من الولايات المتحدة، والتي يبلغ عدد سكانها 28000 نسمة، خطوة جديدة لافتة في تاريخها وتاريخ الدولة".
وأشارت إلى أن وضع المسلمين في المدينة تغير رأسا على عقب في السنوات الماضية، فبعد أن كانوا يتعرضون للتمييز، باتوا مكونا رئيسًا في المدينة ذات الثقافات المتعددة، وأصبحوا يشكلون أكثر من نصف السكان.
ولفتت إلى أنه بالرغم من التحديات الاقتصادية والصدامات الثقافية المكثفة، يتعايش سكان (هامترامك) المنتمون إلى خلفيات دينية وثقافية مختلفة في وئام وانسجام.
وقالت إن (هامترامك) تحولت من بلدة سكنها مستوطنون ألمان إلى أول مدينة ذات غالبية مسلمة في الولايات المتحدة.
وتضم المدينة الآن أكثر من 41% من السكان المولودين في الخارج، كما أن ما يقرب من 69% من السكان يتحدثون لغة أخرى غير الإنجليزية في المنزل.
وعند المشي في شوارع المدينة يمكنك ملاحظة لافتات المحلات وهي مكتوبة باللغتين العربية والبنغالية، كما تعرض المخازن الملابس البنغلاديشية المطرزة، والجنبيات اليمنية، وهي خناجر يمنية تقليدية تتدلى من حزام حول الخصر.
وخارج المخابز البولندية يصطف مسلمون لشراء الباكزكي، وهو نوع من الكعك البولندي المحشو بالكاسترد.
عند المشي في شوارع المدينة يمكنك ملاحظة لافتات المحلات وهي مكتوبة باللغتين العربية والبنغالية.
من هو العمدة اليمني؟
وقالت (بي بي سي) إن عامر غالب (41 عاما)، الذي حصل على 68% من الأصوات، سيصبح أول رئيس بلدية من أصل يمني في الولايات المتحدة.
ويقول غالب "أشعر بالشرف والفخر، لكنني أعلم أنها مسؤولية كبيرة".
وولد غالب في قرية باليمن، وانتقل إلى الولايات المتحدة عندما كان عمره 17 عاما، وعمل في مصنع لتصنيع قطع غيار بلاستيكية للسيارات بالقرب من (هامترامك).
وتعلم غالب اللغة الإنجليزية، ولديه شهادة في العلوم البيولوجية وكذلك علوم الصحة، وهو يعمل الآن مختصا بتقديم الرعاية الصحية.
وتقول العضوة المنتخبة في مجلس المدينة أماندا جاكوفسكي، بدلا من أن تصبح "بوتقة انصهار" أو "صحن سلطة" فإن هامترامك تشبه إلى حد بعيد "كعكة من سبع طبقات" إذ تحتفظ المجموعات المختلفة التي تعيش فيها بثقافتها المتميزة، وفي نفس الوقت تتعايش بشكل بانسجام مع بعضها البعض.
وتضيف جاكوفسكي، وهي في التاسعة والعشرين من عمرها "لا يزال الناس فخورين بثقافتهم الأصلية، في حين أنه لو كان الانصهار تاما، لفقدنا التفرد"، مؤكدة أنه "عندما يعيش أحدنا بجوار الآخر، فنحن مجبرون على التغلب على الاختلافات".
التمييز ضد المسلمين
وقد حصل انقسام في المدينة عام 2004 بعد التصويت على رفع الأذان عند موعد كل صلاة على الملأ. وجادل بعض السكان بأن حظر الحانات بالقرب من المساجد يضر بالاقتصاد المحلي.
وقبل ست سنوات عندما أصبحت هامترامك أول مدينة أمريكية تنتخب إدارة ذات أغلبية مسلمة، توافدت عليها الصحافة من أنحاء العالم. وصورت بعض التقارير الإعلامية في ذلك الوقت المدينة على أنها "متوترة" بسبب تدفق المسلمين. وسأل مذيع في إحدى القنوات التلفزيونية الأمريكية ماجوسكي إن كانت لديها مخاوف لكونها العمدة.
كما اعتبر البعض حينها بأن مجلس المدينة الذي تسيطر عليه أغلبية مسلمة قد يفرض الشريعة الإسلامية، لكن ماجوسكي تقول "الناس في هامترامك، يستغربون هذا النوع من الكلام".
ولا يقوم مكتب الإحصاء الأمريكي بجمع معلومات حول الدين، لكن وفقا لتقديرات مركز الأبحاث بيو فإن عدد المسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة بلغ نحو 3.85 مليون عام 2020 ، أي ما يعادل 1.1 في المئة من إجمالي عدد السكان. وبحلول عام 2040، من المتوقع أن يصبح المسلمون ثاني أكبر مجموعة دينية في الولايات المتحدة بعد المسيحيين.
ورغم تزايد أعدادهم، فغالبا ما يتعرض المسلمون في أمريكا للتمييز. ولا تزال ظاهرة الإسلاموفوبيا تطارد المسلمين والعرب في الولايات المتحدة بعد مرور عشرين عاما على هجمات 11 سبتمبر/ أيلول.
وقد قال ما يقرب من نصف البالغين المسلمين الأمريكيين لمركز بيو عام 2016 إنهم تعرضوا شخصيا لشكل من أشكال التمييز خلال الفترة التي اقترح فيها المرشح الرئاسي آنذاك دونالد ترامب حظر دخول المهاجرين من الدول ذات الأغلبية المسلمة إلى الولايات المتحدة.
كما وجد الباحثون أيضا أنه من بين جميع الجماعات الدينية، لا يزال المسلمون يواجهون النظرة الأكثر سلبية من قبل الشعب الأمريكي.
وقد قال أكثر من نصف الأمريكيين إنهم لا يعرفون أي شخص مسلم بشكل شخصي، لكن الذين يعرفون شخصا مسلما عن قرب، هم أقل ميلا للاعتقاد بأن الإسلام دين يشجع على العنف أكثر من الأديان الأخرى.
وتعتبر هامترامك مثالا حيا على كيف يمكن للمعرفة الشخصية أن تقود إلى تراجع الإسلاموفوبيا.
عندما ترشح شهاب أحمد لعضوية مجلس المدينة بعد وقت قصير من هجمات 11 سبتمبر/ أيلول، كان عليه خوض معركة شاقة.
وقال أحمد وهو من أصل بنغالي "كانت هناك منشورات في جميع أنحاء المدينة تقول إنني الخاطف رقم 20 الذي لم يتمكن من الوصول إلى إحدى الطائرات".
وبعد خسارته في الانتخابات عام 2001، قرر أحمد أن يطرق أبواب الجيران للتعريف بنفسه. وتم انتخابه بعد ذلك بعامين، ليصبح أول مسؤول مسلم في مدينة هامترامك.
ومنذ ذلك الحين، تحسن مستوى الدعم للجالية المسلمة في المدينة.
وعندما فرضت إدارة ترامب عام 2017 قرار حظر دخول القادمين من عدة دول ذات أغلبية مسلمة، تجمع السكان للاحتجاج.
ويقول راضي جعفري، المخرج المشارك للفيلم الوثائقي "هامترامك، الولايات المتحدة الأمريكية" إن ذلك "بطريقة ما جمع الكثير من الناس معا ووحدهم، لأن الجميع يعلم أنه من أجل العيش في هامترامك، عليك احترام الآخرين".
وعلى صعيد الولايات المتحدة ككل، أصبح حضور المسلمين الأمريكيون أيضا أكثر وضوحا من الناحية السياسية. وفي عام 2007، أصبح كيث إليسون من مينيسوتا والمنتمي إلى الحزب الديموقراطي أول مسلم في الكونغرس، الذي يضم حاليا أربعة أعضاء مسلمين.
وفي اليوم الذي أجريت في الانتخابات في هامترامك في وقت سابق من هذا الشهر، تجمع العشرات من أهالي المدينة أمام مركز اقتراع لتبادل التحيات، وكثير منهم كانوا يستعرضون تذكارهم من هذا اليوم، وهو ملصق مكتوب عليه "لقد صوتت".
وفي ليلة الانتخابات بعد فوز غالب برئاسة البلدية، أقيم حفل قدمت فيه البقلاوة والكباب. وكان غالب محاطا بحشد مبتهج من نحو 100 من أنصاره ذوي الأصول اليمنية، وجميعهم رجال.
ويقول غالب إن النساء شاركن في حملته، لكن تقاليد الفصل بين الجنسين لا تزال متبعة، رغم رفض الأجيال الشابة لذلك، والتي أصبحت أكثر "أمريكية".
وتواجه هامترامك أيضا تحديات كغيرها من مدن الولايات الشمال شرقية وولايات وسط غربي الولايات المتحدة بسبب التدهور الصناعي وفرص العمل المحدودة. وقد تسببت الأمطار الغزيرة خلال الصيف بإغراق مجاري المدينة كما فاضت المياه في العديد من المنازل.
وعثر أيضا على مستويات عالية من الرصاص في عينات مياه الشرب في المدينة. كما أن نحو نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر. وهذه ليست سوى بعض القضايا الملحة التي يتعين على الإدارة الجديدة للمدينة التعامل معها.