>> ربيع القرآن- الدّرس القرآني الثاني والعشرين؛ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ | وكالة أنباء التقريب (TNA)
تاريخ النشر2020 18 May ساعة 11:26
رقم : 462996
موقع KHAMENEI.IR الإعلامي

ربيع القرآن- الدّرس القرآني الثاني والعشرين؛ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ

تنا
اتّباع الذّكر سبيل خلاص حياة البشر. وفي جميع أيّام السّنة، وفي كلّ الليالي، يمكن من خلال تلاوة القرآن والتدبّر فيه وقراءة الأدعية العميقة بهذا اللحن العاشق الذي تحتويه -خاصّة أدعية الصحيفة السجاديّة المباركة- الوصول إلى حالة الطمأنينة الباطنيّة؛ لكنّ شهر رمضان يمثّل فرصة استثنائيّة. ليالي وأيّام هذا الشهر، وكلّ ساعة ودقيقة منه تشكّل فرصة للإنسان، وللشباب بشكل خاص.
ربيع القرآن- الدّرس القرآني الثاني والعشرين؛ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ
ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي خلال أيّام شهر رمضان المبارك بشكل يومي مجموعة من الدروس القرآنية للإمام الخامنئي التي فسّرها سماحته وشرحها ضمن خطاباته. وقد تمّ إعداد هذه الدّروس تحت عنوان "ربيع القرآن" بشكل تراتبيّ من الجزء الأوّل حتّى الجزء الثلاثين من القرآن الكريم حيث سوف يُنشر في كلّ يومٍ من أيّام الشهر الفضيل درسٌ من هذه الدروس على الموقع الرّسمي وحسابات شبكات التواصل الاجتماعي.


إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ
سورة يس المباركة ﴿۱۱﴾

شهر رمضان، أفضل فرصة للاستئناس بذكر الله عزّوجل

شهر رمضان شهرٌ مبارك. تتجلّى بركات شهر رمضان انطلاقاً من كلّ فردٍ من المسلمين الذين يرغبون في الدّخول إلى الضيافة الإلهيّة في هذا الشّهر؛ وهي تتجلّى انطلاقاً من القلوب. أوّل حقيقة تتأثّر ببركات هذا الشّهر، هي قلوب وأرواح المؤمنين والصائمين والذين يدخلون الساحة المقدّسة والمباركة لهذا الشّهر. فالصّوم في هذا الشهر من جهة، وتلاوة القرآن في هذا الشهر والاستئناس بالأدعية التي وردت فيه من جهة أخرى، تجعل الإنسان في معرض التزكية والتهذيب والتنقية الباطنيّة، ونحن جميعاً محتاجون لهذه التنقية الباطنيّة. 

شهر رمضان فرصة للعروج المعنوي. الفرصة متوفّرة دائماً. شهر شعبان كذلك وشهر رجب أيضاً. وسائر أيّام السّنة هي كذلك لمن هم أهل الذّكر والتوجّه إلى الله عزّوجل؛ ”إنّما تُنذر من اتّبع الذّكر“ (١) فاتّباع الذّكر سبيل خلاص حياة البشر.

وفي جميع أيّام السّنة، وفي كلّ الليالي، وفي منتصف الليالي، يمكن من خلال تلاوة القرآن والتدبّر فيه وقراءة الأدعية العميقة بهذا اللحن العاشق الذي تحتويه هذه الأدعية -خاصّة أدعية الصحيفة السجاديّة المباركة- الوصول إلى حالة الطمأنينة الباطنيّة؛ لكنّ شهر رمضان يمثّل فرصة استثنائيّة. ليالي وأيّام هذا الشهر، وكلّ ساعة ودقيقة منه تشكّل فرصة للإنسان، وللشباب بشكل خاص. (٢)

أهمّ تجسيدٍ للشكر على نعمة الشباب

إنّ أهمّ تجسيدٍ للشكر على نعمة الشباب هو أن تستفيدوا من هذا النقاء وهذه النورانيّة وعدم تلوّث وصفاء الإنسان الشاب وتتقدّموا بأنفسكم في مراحل التزكية واكتساب الأخلاق. هذه الأمور ستكون بمثابة ذخر لحياتكم كلّها إن شاء الله.

والسبيل إليها مراعاة نقطتين: الذّكر والتوبة. الذّكر نقيضٌ للغفلة؛ والغفلة عن الله، والغفلة عن التكليف والمسؤولية، والغفلة عن المراحل الحسّاسة التي يواجه فيها الإنسان الملائكة الإلهيّين في عالم الملكوت وعندما يحاسب أمام الله عزّوجل في يوم القيامة. هذه الأذكار مصيريّة. فلم نُؤمر بأن نعتقد بيوم القيامة فقط، وأن يكون اعتقادنا به مجرّد اعتقاد علمي؛ لا. بل علينا أن نتذكّر هذا الأمر دائماً كي يترسّخ هذا الاعتقاد في حياتنا وحركتنا واتّخاذنا للقرارات، احفظوا هذا الذّكر في أنفسكم ”إنّما تُنذر من اتّبع الذّكر“؛ إنذار الرّسول الأكرم والإنذار الإلهيّ مفيدٌ أيضاً للّذين يسعون لأن يواظبوا على هذا الذّكر ويُبعدوا أنفسهم عن الغفلة.(٣)

الخطوة الأولى نحو الإصلاح والتكامل الاجتماعي

ذاك الذي يكوّن هذا الذّكر في داخله ويتبعه، يصبح بعد مدّة صالحاً للإنذار، والإصلاح، والإرشاد والتكامل والكفاح في سبيل الأهداف الإجتماعية. هذه هي الخطوة الأولى. عندما يغفل البشر عن الأمور المعنويّة، تُغلق بوجهه كلّ أبواب الإصلاح والصّلاح. واليوم، أنظروا إلى العالم المادّي! فكلّ ما يمكن أن يُعتبر في العالم المادّي مفتاحاً للإصلاحات وتحقيق السعادة، هو أن يستيقظ الناس ويتذكّروا، ويبحثوا عن هدف الخلقة في ما وراء هذه المظاهر الماديّة للحياة، وأن يبحثوا عن الحقيقة.

جذور الفساد، هي عدم الالتفات إلى الباطن الحقيقي لهذا العالم. سرّ، معنى وباطن حياة الإنسان هو هذا: أن يلتفت إلى المبدأ والتكليف، وأن ينتظر الإلهام، وأن ينصت إلى المبدأ الحاكم والقادر والذي بيده مقاليد الأمور. هذا هو أساس القضيّة؛ وحسب التعبير القرآني أيضاً، هو ”الإيمان بالغيب“: ”الذين يؤمنون بالغيب.“ (٤) ولا يغرقون في المظاهر الماديّة في هذه الحياة. ولا يحدّون الحياة بهذا المأكل والمشرب والأكل والنوم والشهوات والميول الإنسانيّة والقوّة والرئاسة وأمثال هذه الأمور. هذه هي أولى هدايا البعثات للإنسان وأوّل هدف للرسول الأكرم (ص)؛ وهي تتمثّل بأن يذكروهم ويمنحوهم الإيمان؛ الإيمان بالغيب. (٥)

وفي أماكن عديدة من القرآن الكريم ورد الحديث عن الخشية بالغيب والالتفات إلى الغيب، فعلى سبيل المثال يقول في إحدى الآيات، ”وخشي الرّحمن بالغيب“ (٦) وهناك آيات أخرى من هذا القبيل؛ والغيب يعني ما يخفى عن حواس الإنسان وعالم الوجود كلّه ينقسم إلى الغيب والشهادة، والشهادة تعني العالم الذي نشاهده، ولا يقتصر الشهود على النظر بالعين فقط، بل المشاهد بالحواس كلّها، وما يتعرّض لسكّين الجراحة خاصّتكم، وما ترونه بالمرصد (التلسكوب) خاصّتكم، وما ترونه بالمجهر والميكروسكوب: كلّ ما ترونه وتسمعونه وتلمسونه هو شهادة وما وراء هذه الشهادة يوجد عالم آخر، لا يقتصر الوجود على ما نراه أنا وأنتم وما نستطيع رؤيته. بل إنّ الوجود يستمرّ في أماكن لا يستطيع المرء إدراكها، أي عالم الغيب؛ وهنا الحدّ الفاصل في الرؤية الكونيّة بين الرؤية الإلهيّة والرؤى الماديّة. (٧)
الهوامش:
1)    سورة يس؛ الآية ١١
2)    كلمته في لقاء جمع من العلماء ٢٤/١٢/١٩٩٧
3)    كلمته في لقاء طلاب جامعة الشهيد بهشتي ١٢/٥/٢٠٠٣
4)    سورة البقرة؛ الآية ٣
5)    كلمته في لقاء مسؤولي النظام ٢٠/١٢/١٩٩٥
6)    سورة يس؛ الآية ١١
7)    كلمته في جلسة تفسير سورة البقرة ١٦/١٠/١٩٩١
 

/110
https://taghribnews.com/vdcf10djvw6dv1a.kiiw.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز