كلمات في الذكرى السنوية لإستشهاد السيد الشهيد الصدر(رض)
وكالة أنباء التقريب (تنا)
شاءت حكمة الله ان يكون يوم شهادت السيد الشهيد الصدر واخته العلوية بنت الهدى(رض) هو يوم سقوط جلاديه في ٢٠٠٣ .
شارک :
الدكتور عباس العبودي
اكثر من ثلاثة عقود مرت على استشهاد السيد الشهيد الصدر واخته العلوية بنت الهدى(رض) وثمان سنوات على تغيير دولة السلطة الغاشمة في العراق,وشاءت حكمة الله ان يكون يوم شهادته هو يوم سقوط جلاديه في ٢٠٠٣ . وبهذه المناسبة لابد لنا من وقفة تقييمية وتقومية لحالنا قبل فوات الاوان .
أن قوى الاخطبوط الاستكباري حينما شعرت بتأثيرالحركة الاسلامية في العراق وبعد إنتصار الثورة الاسلامية في ايران في ١٩٧٩, خططت هذه القوى الشيطانية الى وأد الحركة الاسلامية في العراق من خلال تقطيع اواصرها بالبطش والتنكيل والسجون والتشريد حتى وصل بها الامر الى دعم السلطة الغاشمة في العراق على اصدار قرارها الجائر الذي لامثيل له في التاريخ باعدام كل من ينتسب ويروج لاأفكار الحركة الاسلامية في العراق وباثر رجعي . وقد قدم الشعب العراقي الالآف من القرابين اثر هذا القرار الجائر وكان السيد الشهيد الصدر واخته العلوية بنت الهدى من ضحايا هذا القرار الجائر.
إننا في كل عام نجتمع لنحتفل ,ولكننا ومع الاسف نحتفل بالسنتنا دون قلوبنا وسلوكنا واخلاقنا, فلن يكون احتفالا للمراجعة والتغيير والتطوير نحو الاحسن وتجاوز السلبيات والعمل على تقوية الجبهة الداخلية ونقد الذات وتصحيح المسار نحو الافضل.أصبحنا ومع الاسف ننتسب تاريخيا للسيد الشهيد الصدر ولم ننتسب حاضرا ومستقبلا ولم نسعى لترك بصمات الشهيد الصدر على مسارنا مع بعضنا البعض اومسارنا مع الامة . ولن تترك الذكرى بصماتها على اخلاقنا ومنهجنا وعلاقتنا مع بعضنا.فالسيد الشهيد الصدر اصبح علما لتحقيق المصالح نرفعه للحاجة وننساه في سلوكنا واخلاقنا.
اين نحن من الشهيد الصدر في علاقتنا مع الامة التي قدمت كل القرابين من اجل حفظ المسيرة وتحقيق النصر , فهل كان الشهيد الصدر سنيا ام شيعيا ام قوميا ,ام كان انسانيا في كل وجوده ؟.لقد كان الشهيد الصدر أنسانا بخطابه لايميز بين عربي وكردي وتركماني وغيرهم من ابناء الشعب ولايميز بين سني او شيعي اومسيحي ,بل الجميع إخوة بانسانتيهم ومظلتهم العراق جميعا .
إننا ومع الاسف أصبحنا اليوم كل يبحث عن ذاته وشعارنا الدائم من لم يكن معنا فهو ضدنا, فالحساسية والخصومة والتسقيط العلني او الخفي هو ديدن بعضنا ,حتى اصبحت الدنيا اكثر همنا ,نلهث ورائها بمكافيلية متطرفة , ونسحق جميع المبادئ ومن يدافع عنها . أصبحنا بسلوكنا واخلاقنا ندافع عن الخطأ ونبرر له. ولو كان الشهيد الصدر حيا بيننا وعارض البعض ممن يدعي الانتساب اليه وخالفهم لسقطوه وعزلوه لان وجوده يصطدم مع مصالحهم ومنافعهم. وكانت للسيد الشهيد قراءة مبكرة لحالنا في محاضرة حب الدنيا .
سيدي أبا جعفر اصبح الامر بالمعروف والنهي عن المنكر غريبا في عالم السياسة حتى وصل بنا الحال ان يكون لسان حال البعض- ياشعيب لقد جادلتنا فأكثرت جدالنا ولولا رهطك لرجمناك . نتحدث بولائنا اليك و نحمل في قلوبنا الحساية والخصومة لبعضنا البعض, كل منا يسعى لتسقيط الآخر ليس من اجل الله بل من اجل الدنيا الفانية . حتى اصبحت الصنمية منهجا في خطواتنا ,نبرر لهذا وندافع عن باطل ذاك ونسينا قول الله تعالى (( إن الله كان عليكم رقيبا )) .
سيدي أبا جعفر نسينا التواصي بالحق والتواصي بالصبر.فالموعظة اصبحت ثقيلة على مسامعنا .فإخوتنا أصبحت هشة ,اخوة منافع ومصالح واصبح حب الدنيا اكبر همنا ونسينا مبادئنا وكيف نجعل مرضاة الله همناّ الدائم.
سيدي أبا جعفر نتحدث بولائنا اليك ونحن متفرقون, متباعدون, متصارعون ,نطعنك في كل لحظة بخنجر خلافاتنا وحساسيتنا وخصومتنا. أيها الشهيد الحي ونحن نحتفل بذكرى شهادتك ,اتمنى أن يلتفت اخوة الدين والطريق الى كل خطواتك لتحويلها الى مشروع عمل انساني لاحتواء الجميع كما إحتويّت الابعدين قبل الاقربين وحملت اخلاق القرآن ((كأنهم ولي حميم)) ووصية امير المؤمنين (كن كشجرة الصندل تعطر الفأس الذي يهشمها) والسعي الدائم لتعبيد النفس وتعبيد الناس الى الله . سيدي لم يخلدك الناس لانك صاحب عرش دنيوي بل لانك صاحب عرش التواضع والاخلاق ومواساة الناس صغيرهم وكبيرهم . فقد سقط الطواغيت اصحاب العروش الطاغوتية واصبحوا في مزابل التاريخ وانت خالد بخلود الاسلام لانك ذبت في حب الله فأصطفاك الله مع الخالدين .
سيدي أبا جعفر: لقد بنيت عرشك بحب الله ومن يعش لله في سره وعلانيته يبني الله له عرشا في كل قلب طاهر.
أيها الاحبة :لنجعل ذكرى الشهيد الصدر ذكرى نعيشها في كل جوانب حياتنا مراجعة وتصحيحا وتغييرا لا ذكرى نحييها بالسنتا دون غيرها.
سلام على الشهيد الصدر واخته العلوية بنت الهدى وجميع الشهداء الذين عبدوّا طريق حريتّنا بدمائهم الزكية.