الغيرة الإسلامية والوحدة..بمناسبة استشهاد نواب صفوي 1955/1/17
تنا- خاص
نواب الغيرة على الإسلام.. نواب داعية وحدة العالم الإسلامي.. نواب الذي عاش الهم العربي وهم تحرير فلسطين التحق بالرفيق الأعلى، ولكن خطابه لا يزال حيًا لكل الغيارى من المسلمين والأحرار في العالم.
شارک :
كل من يعيش همّ الإسلام وهمّ عزّة المسلمين، تجده داعية وحدة الأمة وداعية التقريب بين مذاهبها وفصائلها.
نواب صفوي ولد عام 1928 ودرس مقدمات العلوم في المدارس الرسمية وقرن ذلك بدراسة العلوم الدينية في أحد المساجد بطهران.
كان رضاخان (والد الشاه المقبور) قد تسلّم السلطة في إيران بدعم بريطاني. واتجه منذ بداية عهده بالحكم إلى محاربة المظاهر الإسلامية مقلدًا أتاتورك في تركيا، وداعيا إلى علمنة السلطة، وإلى إزالة كل ما أسماه مخلفات «الغزو العربي»!! لإيران، ويقصد بذلك كل ما يمت للإسلام بصلة بما في ذلك الخط العربي والتاريخ الهجري، والزي الإسلامي للمرأة، وزيّ علماء الدين وإقامة مجالس العزاء الحسيني و..و..
كان سيد مجتبى نواب صفوي يغلي صدره بالغيرة على الإسلام بسبب ما يواجهه من حرب ثقافية تستهدف اقتلاع الدين الحنيف من جذوره.
بدأ نشاطه بتدريس القرآن ونشر المفاهيم القرآنية بين الشباب والعمال. ولكنه كان يتحين الفرصة ليعلن سخطه بشكل واضح وصريح. جاءت الفرصة حين سمع بأنّ بريطانيًا في شركة النفط قد اعتدى على عامل إيراني. فراح نوّاب يرفع صوته بين العمال مناديًا بضرورة القصاص من هذا البريطاني أو الاعتذار إلى العامل الإيراني. ألهب نواب عواطف العمال فهجموا على محل سكن ذلك البريطاني، الذي لاذ بالفرار.
كان من الطبيعي أن يكون لهذا الأقدام التأثير البالغ في الناس، فتصاعدت جرأة التحدّي وانكسر حاجز الإرهاب النفسي وتحطّم الاستعلاء البريطاني في البلاد.
وكان من الطبيعي أيضًا أن يترك نوّاب إيران ويهاجر سرًا إلى النجف الأشرف، ليواصل هناك دراسته، وليكثف اتصالاته بالعلماء، وليعمل جاهدًا على اتقان اللغة العربية، وليرصد الأوضاع في إيران والعراق وفلسطين والعالم الإسلامي.
بلغه خبر الإعداد لمؤتمر يُعقد في فلسطين في 27 رجب 1350هـ دُعي إليه علماء المسلمين من جميع أنحاء العالم لإدانة اغتصاب أراضي المسلمين في فلسطين وتسليمها إلى الصهاينة اليهود. عزم نواب أن يشارك في هذا المؤتمر فشدّ الرحال سنة 1953 إلى بغداد، ومنها إلى بيروت ومن ثم إلى بيت المقدس ليلتحق بالمدعوين في هذا المؤتمر الإسلامي الكبير.
وفي أول يوم من أيام المؤتمر الذي استمرّ ستة أيام ألقى نواب كلمة حماسيّة، ثم دعا المصلين إلى التوجه نحو القسم المحتل من القدس لأداء صلاة الجماعة، اضطرب الصهاينهة وأرسلوا قواتهم إلى هناك و وضعوا أيديهم على الزناد تحسبًا لهجوم قد يشنه المصلون. وفي مسجد خرب قديم هناك وقف المصلون خلف نواب وأدوا الصلاة، وبهذه الحركة أرسل نواب رسالة إلى الفلسطينيين بأن تحرير القدس يجب أن يكون بتحدي المحتلين، وبالشجاعة والاستعداد للتضحية والاستشهاد.
وفي هذه المؤتمر تقدم أحد المشاركين من مصر إلى نواب بدعوته إلى مصر، وكانت مشكلته أنه لا يمتلك المال للسفر، لكن العلامة الأميني وفّر له مستلزمات هذا السفر، فذهب إلى القاهرة، وكان محمد نجيب قد تسلّم القيادة حديثًا، فشارك الجماهير المصرية المبتهجة بالثورة، وحاول جاهدًا أن يؤلف قلوب الضباط الأحرار، وأن يدعوهم إلى الالتحام بالجماهير المسلمة عن طريق تطبيق مبادئ الإسلام.
ذُكر أنه كان يقف إلى جانب محمد نجيب في الشرفة التي يطل بها على الجماهير لإلقاء خطابه، كان محمد نجيب يخطب ونواب إلى جانبه يهزّ يده وجسمه من شدة التأثر حتى حسب الناس أن نواب هو الذي يخطب!!
هذا الرجل بجثته النحيفة وعماته السوداء (التي تدل على انتسابه الى آل بيت رسول الله(ص) واصل نشاطه في إيران وخارج إيران متحملاً ألوان العذاب النفسي من السلطة بل حتى من ذوي القربى، بدافع من غيرته على الإسلام وعلى كرامة المسلمين.
ويلاحظ في حركته الجهادية أنه كان يؤمن بأهمية العالم العربي في يقظة المسلمين وأهمية فلسطين في استعادة العزّة والكرامة، وأهمية العمل الثقافي ومكافحة الهزيمة النفسية أمام المستعمرين.
وبشأن نواب والخطب التي كان يلقيها في المدن المختلفة يقول السيد الإمام الخامنئي «أنه كان حين يأتي إلى مشهد يلقي خطبه المفعمة بالاهتمام بأمر الإسلام وبالمجتمع الإسلامي ومستقبل الإسلام، وكان له بالغ التأثير عليّ».
ودفعته غيرته إلى أن يكون له إلى جانب عمله الثقافي عمل عسكري يكسر فيه حاجز الخوف والرعب الذي أقامه نظام الشاه تجاه دعاة الإسلام، فأسس جماعة «فدائيان إسلام» التي قامت بأعمال لقنت فيها كل من تسوّل له نفسه من أعوان الشاه أن يتمادى في غيّه على الإسلام دروسًا رادعة.
ألقى جلاوزة الشاه القبض عليه وعلى بعض أعضاء فدائيان إسلام وقُدّم هو وبعض زملائه من أعضاء فدائيان إسلام – إلى محكمة عسكرية فحكم بالإعدام ونُفّذَ الحكم في 17/1/1955م.
نواب الغيرة على الإسلام.. نواب داعية وحدة العالم الإسلامي.. نواب الذي عاش الهم العربي وهم تحرير فلسطين التحق بالرفيق الأعلى، ولكن خطابه لا يزال حيًا لكل الغيارى من المسلمين والأحرار في العالم.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية /
الشؤون الدولية