تاريخ النشر2024 2 September ساعة 09:33
رقم : 648308
عبدالسلام التويتي*

أهداف ونتائج الهجمة العنيفة على الضفة

تنـا
كل المعطيات تؤكد أنَّ «كيان العدو» كان -حتى من قبل أن يجف حبر اتفاقية «أوسلو»- يبيت النية للاستيطان التدريجي لـ«الضفة الغربية»، لما من شأنه الحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية، وما تتعرض له الضفة اليوم من هجوم صهيوني يبرهن على استغباء المفاوض الفلسطيني.
أهداف ونتائج الهجمة العنيفة على الضفة
الأهداف المضمرة للهجوم المحموم
الحقيقة أنَّ نجاح القوميين في سلخ «القضية الفلسطينية» من إطارها الإسلامي ومن ثمَّ انفضاضهم من حولها لتتحجم -مع مرور السنين- من كونها «قضية جميع العرب والمسلمين» إلى «قضية فلسطين» وصولًا إلى حصر تمثيلها الذي يفترض أن تتشاركه كافة الفصائل في الفصيل الذي قبل بتقديم التنازل بعد التنازل، قد أحاطها بسياجٍ من التجاهل، فكادت أن تنسى، حتى جاء «طوفان الأقصى» ليعيد لها الزخم الذي جعلها القضية الأهم لدى شعوب العالم، الأمر الذي حمل «كيان العدو» إلى المسارعة الآن -تحت مزاعم قطع يد إيران- في وضع اليد على آخر البقاع المعقولة لتحقيق حلم إقامة الدولة واضعًا في باله تحقيق الأهداف التالية :-

١- إرهاب وإبادة الشباب :
لأنَّ «كيان العدو» يدرك أهمية شريحة الشباب في إمداد المقاومة بأهم أسباب الاستمرارية والمواكبة ورفض كافة أشكال المساومة، فقد حصر في إبادة أكبر عدد ممكن منهم جلَّ همه.

٢- تدمير البنية التحتية وضرب الحاضنة :
ولأنَّ البنية التحتية السليمة والحاضنة الشعبية أهم الأسباب التي تعين المقاومين المدافعين عن الأرض والعرض على الثبات في وجه أيّ مهاجم غاشم، جعل الكيان تدمير مشاريع الخدمات العامة وهدم المساكن بذرائع مختلقة أولوية مطلقة.

٣- تهجير السكان قدر الإمكان :
كل من يتابع ما يرتكب -منذ أيام عدة- في محافظات الضفة الغربية بأيدي قوات الكيان المفتقرة إلى الحدّ الأدنى من الصفات الآدمية من مجازر دامية يدرك اعتماد «كيان العدو» على استخدام القوة المفرطة الهادفة إلى إرهاب السكان واضطرارهم طواعية أو بالإكراه إلى مغادرة المكان.

٤- الاستيطان ونسف حل الدولتين :
منذ توقيع اتفاقية «أوسلو» التي استدرجت الطرف الفلسطيني إلى الاعتراف بشرعية «دولة الكيان» على حوالي 80% ممَّا بين النهر والبحر يقضم الكيان اللعين ممثلًا بالمستوطنين -بين الحين والحين- جزءًا من الأراضي المخصصة لقيام دولة فلسطين، أما بعد عودة الحديث عن توافق العالم -وإن بصورة ضمنية- على ضرورة قيام دولة فلسطينية، فقد عمدت سلطات الكيان إلى حملتها المسعورة لتثبيت واقع الاستيطان ونسف حل الدولتين من جذوره.

النتائج المتوقعة لهذه الوقْعَة
من الأمور المعروفة أنَّ توجيهات «نتنياهو» المتعجرفة بالهجوم الشامل على «الضفة» جاء نزولاً عند رغبة بطانته المتطرفة التي تجهل ما قد يترتب عليها من مآلات نقتطف منها ما هو آت :
١- تعدد الجبهات بما له من تبعات
منذ 11 شهرًا تضغط الإدارة الصهيوأمريكية على «نتنياهو» لحصر ثقله العسكري في قطاع عزة، فلا ينتقل منها إلى سواها إلَّا بعد تمكنه من إفراغها من محتواها، بيد أنَّ انشغال تلك الإدارة بالشأن الانتخابي منح «نتنياهو» فرصة فتح جبهة الضفة التي قد تترتب على فتحها -إذا أدرك حزب الله أنَّ «نتنياهو» يعتبره ثاني أهم أهدافه- تبعات مكلفة.

٢- إنهاك القوات الصهيونية
لقد كان غرق القوات الرسمية والاحتياطية الصهيونية في رمال غزة الفلسطينية -طيلة هذه المدة الزمنية- دون تحقيق أيٍّ من الأهداف السياسية والأمنية كفيلة باستنزاف قدراتها النفسية والبدنية وإصابتها بالإرباك، وما من شكّ أنَّ إقحامها بالضفة في مواجهة جديدة سيتسبب لها بحالة إنهاكٍ شديدة، وقد أشير إلى ما بات يعتري تلك القوات من إنهاك في مستهل الرصد الإخباري الذي نشره موقع «الجزيرة نت» أواخر أغسطس الفائت بما يلي: (نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن محللين عسكريين قولهم "إنَّ العمليات الإسرائيلية الحالية في الضفة تشكل مخاطر استراتيجية على إسرائيل"، وقولهم "يعتمد الجيش الإسرائيلي بشكل كبير على جنود احتياط بدوام جزئي وهم في حالة إنهاك شديد بسبب أطول حرب تخوضها إسرائيل في غزة منذ عقود").

٣- انعدام الأمان والهجرة العكسية
ممَّا يفترض أخذه في الحسبان من قبل سلطات الكيان أنَّ قيامها باجتياح محافظات الضفة سيقابله تكثيف العمليات الاستشهادية في كافة بقاع الأراضي المحتلة بكل ما سترتب عليها من فقدان الأمان في أوساط السكان، ولأنَّ الأمان يتصدر حاجات الإنسان الأساسية، فإنَّ من شأن افتقاده تهيئة المناخات لحدوث ما تخشاه السلطات الاحتلالية من هجرات عكسية، وذلك ما يفهم من احتواء الرصد الإخباري على ما يلي: (من جانبه، قال الكاتب بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية «دين تيبليتسكي» إنه قرر الرحيل إلى «برلين» دون أن يشعر بأية ذرة من الخجل.

وأشار إلى أنَّ المواطنة الإسرائيلية ليست ببساطة ضمانة كافية للعيش بأمان في ظل وجود القيادة الحالية التي جردت نفسها من أية مسؤولية تجاه مستقبل "الأمة الإسرائيلية".

انتهى 
_______________________________ 
* صحفي وشاعر وكاتب سياسي يمني
https://taghribnews.com/vdciuvaqvt1a5p2.scct.html
المصدر : 26 سبتمبر
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز