حق النقض الفيتو اسقط المشروع الغربي القاضي بالتدخل العسكري في سوريا. البعثة مهمتها تنتنهي اليوم ودعوات لتمديد مهمتها. موسكو ستؤيد التمديد.
شارک :
أطاح الفيتو الروسي - الصيني بالقرار الغربي ضد سوريا، وللمرة الثالثة على التوالي تستخدم كل من الدولتين حق النقض في مجلس الامن كونهما يتمتعان بالعضوية الدائمة.
وانقسمت اصوات المجلس بين أحدَ عشرَ مؤيد للمشروع الغربي وامنتاع دولتين عن التصويت، فيما اسقطت موسكو وبكين المشروع ارضاً.
الى ذلك، رأى مندوب روسيا الدائم لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين ان تصويت اليوم ما كان ينبغي ان يتم من الاساس لاننا "اوضحنا اننا لا يمكن ان نسمح بتمرير القرار تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة الذي يمهد الطريق الى الضغط بالعقوبات والتدخل العسكري الخارجي في الشؤون السورية لاحقا"، مؤكداً ان روسيا تسحب مشروعها لحل الازمة في سوريا بسبب "المجابهة" في المجلس.
واشار تشوركين الى ان بعض الدول في المجلس تنفي وجود نوايا لها لتدخل عسكري في سوريا، لكنها ترفض استبعاد هذا الامر وتعمد الى صب الزيت على النار في سوريا"، مطالباً بـ"تمديد مهمة بعثة المراقبين الدوليين في سوريا ولو لفترة قصيرة وبالحفاظ على القدرات الايجابية لبعثة المراقبين حتى ولو كانت اعمالها محدودة من اجل "عدم
فقدان حضور غير متحيز للمجتمع الدولي يحتاج اليه مبعوث الامم المتحدة والدول العربية الى سوريا كوفي انان لمواصلة العمل على التسوية السياسية للازمة السورية".
بدوره، لفت مندوب سوريا الدائم في الامم المتحدة بشار الجعفري إلى أن "سوريا حكومة وشعبا كانت تتوقع من مجلس الامن ان ينخرط بشكل ايجابي في مساعدتها، والانخراط الايجابي يتصل بشكل مباشر في ضرورة الاستفادة من تراث غني وخبرة مديدة راكمها المجلس على مدى عقود ليساعد سوريا من خلال احترام احكام ميثاق الامم المتحدة ومبادىء القانون الدولي، دون أجندات لكل عضو ضمن ما يمثل مجلس الامن من الحفاظ على الامن والسلم الدوليين".
ورأى الجعفري ان "الشعب السوري تنتابه الريبة قبل انعقاد أي جلسة من جلسات مجلس الامن حول سوريا، بسبب تزامن لهذه الجلسات مع اعمال ارهابية غادرة طالت الكثير من ابرياء الشعب السوري وكوادره وطاقاته"، مشيراً الى ما "حدث من مجازر روعت السوريين تزامنا مع جلسات مجلس الامن، وتكرر هذا الامر المحزن، حيث امتدت يد الارهاب لتطال عددا من الوزراء والقياديين الامنيين خلال اجتماعهم"، آسفاً لـ"عدم ادانة مجلس الامن لهذا العمل الارهابي".
كما اضاف المندوب السوري في المجلس انه "اذا لم يكن هذا العمل قادرا على استقطاب ادانة فورية للعمل الارهابي، فهذا يعني ان كل ما بناه مجلس الامن من توافق حول مكافحة الارهاب لم يكن سوى حبر على ورق، كما ان تقاعس المجلس يعني ان الحديث عن دعم الحل السياسي لا يعدو كونه أكثر من شعار لكسب الوقت وخداعا للرأي العام وتقويض لخطة أنان"، مشدداً على ان "الاحاديث التي تكررت عن اسلحة كيميائية ونية سوريا باستخدامها هي عارية من الصحة وصيد في الماء العكر، وان دلت على شيء، فعلى نوايا استخدام الاسلحة الكيمائية ضد شعبنا الامن".
وأكد الجعفري أنه "اصبح واضحا ان نجاح خطة أنان يتطلب الى جانب الدعم الحكومي السوري، توافر التزام دولي صادق وارادة سياسية لدى الجميع، اضافة الى رفع العقوبات الاحادية على الشعب السوري"، موضحاً ان "بعض الدول مصرة على افشال اي تحرك نزيه لحل الازمة من خلال اختلاق تفسيرات خاطئة لمضمون بيان جنيف، واجتماعات اصدقاء الشعب السوري التي تتناقض مع خطة أنان التي لاقت اجماعا دوليا".
وعن موضوع السفراء السوريين وتعامل وكيفية تعامل بعض الدول معهم، لفت الجعفري الى ان "من قرر اغلاق السفارات في سوريا وسحب السفراء لا يعرف ان المجموعات المسلحة هاجمت محطات توليد الكهرباء ثلاث مرات"، مؤكدا أن "هناك دولاً تدخلت في الشأن السوري بشكل فظ وقرعت طبول الحرب وجعلت من نفسها جزءا من الازمة عبر الدعم اللوجستي للمجموعات المسلحة وفرض العقوبات على الشعب السوري، والتي أثرت سلبا على الشعب السوري، ضاربة الاعراف والقيم الدولية، ناهيك عن قطع العلاقات الدبلوماسية، ما يعني قطع الحوار".
من جهتها، شككت مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الامن سوزان رايس في كفاءة بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، واصفةً دور البعثة "بغير المجدي". معلنةً ان "الولايات المتحدة ستسعى للعمل مع شركائها خارج مجلس الامن للضغط على سوريا".
اما مندوب الصين الدائم في الامم المتحدة لي باو دونغ، لفت الى ان سوريا تواجه "ارهاباً متطرفاً ولذلك فانه لا يمكن الاستغناء عن مهمة المراقبين الدوليين في سوريا لأنها قامت بدور مهم كما اننا ندعم تمديد عملها"، مشيراً الى "كل الضغوط لن تحل الازمة السورية وستحيدها عن مسار الحل السلمي"، مؤكداً ان بكين لا توافق على اي تدخل خارجي في سوريا لأنه لا مكان للحل العسكري هناك".
كما اعلن مندوب الهند في المجلس ان هناك ضرورة لاستمرار عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا.
الى ذلك، اتهم مندوب باكستان فاخور اميل القرار الغربي بالانحياز الى احد الاطراف في الازمة السورية. مؤكداً ان استخدام الفصل السابع ليس الحل المثالي للازمة السورية، مطالباً بتمديد عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا لمدة اسبوعين على الاقل.
من جهته، اعرب المبعوث الاممي كوفي انان عن "خيبة امله" لفشل مجلس الامن الدولي في اتخاذ قرار بشأن سوريا".
وقال المتحدث باسم انان احمد فوزي ان "انان يشعر بخيبة امل لانه في هذه المرحلة الحرجة لم يتمكن مجلس الامن من ان يتوحد ويتخذ عملاً قوياً ومتسقاً دعا اليه وامل فيه".
بدوره، دان رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال روبرت مود التفجير الذي استهدف اجتماعًا لكبار القادة في مقر الأمن القومي في دمشق الأربعاء، داعياً الأطراف "إلى إنهاء حمام الدم والعنف بكل أشكاله والالتزام مجددًا بحلّ سلمي للصراع".
وشدد مود على ضرورة أنَّه على الحكومة السورية والمعارضة على حدّ سواء "تقديم التنازلات" والجلوس إلى طاولة حوار.
على صعيد آخر، اكد النائب السابق في مجلس الشعب السوري خالد نجاتي ان الفيتو الروسي الصيني في مجلس الامن على مشروع القرار الغربي المدعوم عربياً وجه ضربة قاسية لجهود الولايات المتحدة في قيادة محور الارهاب ضد سوريا، محذراً من ان اثارة قضية تحريك النظام في دمشق ترسانته المزعومة من الاسلحة الكيمياوية يستبطن نوايا مبيتة ضد دمشق.
واوضح نجاتي في حديث صحافي، ان الهجوم الغربي على الفيتو الروسي الصيني هو بقدر ما اصابهم من ضربة قاسية وقوية، لانه اراد ان يحقق التوازن الدولي داخل مجلس الامن، وأحبط محاولة تمرير مشروع القرار الغربي المدعوم عربياً لفرض المزيد من العقوبات على سوريا ووضعها تحت الفصل السابع، تمهيدا للتدخل العسكري، مضيفاً ان "مشروع القرار الغربي اراد افشال الاتفاق الذي حصل في مؤتمر جنيف الذي شارك فيه المعسكر الغربي ودعا الى حل سلمي في سوريا نحو انهاء العنف بكل اشكاله".
الى ذلك، اتهم النائب السوري السابق الولايات المتحدة والدول الغربية بقيادة محور الارهاب ضد سوريا، ومحاولة اتخاذ كل السبل المختلفة لتأزيم الموقف في سوريا بكل ابعاده، وجعل الدولة عاجزة عن حماية مواطنيها، مبيناً ان "محاولة اثارة المخاوف من استخدام النظام في سوريا الاسلحة الكيماوية ضد الشعب يؤكد ان هناك عملا مبيتاً من محور الارهاب لتبرير ضربة ما لسوريا بهدف تدمير الدولة السورية".
بالمقابل، بيّن الخبير والباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى ديفيد بولوك ان الفيتو الروسي الصيني لمشروع القرار الغربي المدعوم عربياً في مجلس الامن ضد سوريا جعل مسؤولية انهاء الازمة داخل سوريا بيد الشعب، لافتاً الى ان "النظام السوري لم ينهر بعد، لكن تفجير مبنى الامن القومي بدمشق شكل منعطفاً في الازمة السورية".
ولفت الخبير الاميركي الى ان الفيتو الروسي الصيني كان متوقعاً، و ان سقوط القرار الغربي في مجلس الامن يعني ان قرار ومسؤولية حل الازمة يبقى داخل سوريا وعند الشعب السوري.
وأكد الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى ان انهياراً لم يحصل حتى الان في النظام السوري، رغم تفجير مبنى الامن القومي في دمشق، مشيراً الى ان انفجار دمشق شكل مفصلا في الازمة السورية.
في سياق آخر، أعلنت روسيا أنها ستؤيد، مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، يمدد بدون شرط مهمة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا ٤٥ يوما.
وتجدر الاشارة الى ان رئيس بعثة المراقبين الدوليين الجنرال مود قدّم تعازيه وحزنه العميق لـ"عائلات الضحايا والجرحى الذين سقطوا في هذه التفجيرات"؛ مشددًا على أنَّ عمل البعثة "سيكون هامًا حين تنطلق العملية السياسية". فضلا عن انه تنتهي اليوم مدة التفويض الممنوح للبعثة من قبل مجلس الامن الدولي.