بين مقولة "مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة" وبين مقولة "أن ما أُخذ بالقوة لا يُستردّ إلاّ بالقوة" ينقسم العالم حول ثمار حيازة فلسطين صفة دولة غير عضو في الأمم المتحدة..
إلى كل المنادين بالسلام والإستسلام مع الكيان الصهيوني نقول "في يدينا بقية من بلادٍ فإستريحوا كي لا تضيع البقية" ودعوا الصواريخ تفعلُ فعلها..
شارک :
حين دقّت عقارب السّاعة الثانية عشرة من منتصف ليل يوم ٢٩ تشرين الثاني في القدس المحتلة، بات للفلسطينيين "دولة"، هي أشبه بمثابة شهادة الميلاد لفلسطين الجديدة دولياً بعد أن كانت صفتها في الأمم المتحدة "كيانٌ مراقب"..
إستقبل الفلسطينيون والعالم المولود "الجديد" بإحتفالات وزغردات،زفوها دولة ناقصة العضوية،شبه خرساء،وُلدَت بعض مخاضٍ عسير،وبعد محاولات لجعلها دولة كاملة غير منقوصة الحقوق،أبسط حقوق الدولة في الوجود.
إبتهج أهالي غزة والضّفة وسائر الفلسطينيين من شتات ولاجئين في مختلف أصقاع الأرض،صفقوا وهللوا لإعتراف دولي بهم،بأنهم هنا موجودون،فرحوا لحفظ ما تبقى مما كان يسمى فلسطين ما قبل عام ١٩٤٨،قبل القرار المشؤوم بولادة المولود غير الشرعي المدعو "إسرائيل".
بعد منح فلسطين صفة العضوية غبر الكاملة،إنقسمت التحليلات والمواقف بين مؤيد للقرار ومعارض له،البعض رحب بالفكرة محلياً في لبنان،وإقليمياً،وحتى دولياً،معتبرين أن مسير الألف ميل يبدأ بخطوة،وهذه الخطوة هي ما أحرزه الرئيس الفلسطيني محمود عباس من إعتراف دولي ببلاده.
أما المعارضين،فقد طغت على تصريحاتهم لهجة يائسة من الحلول الدبلوماسية والسياسية بشأن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني،معلنين بشدة موقفهم المناهض للحلول الناعمة،جازمين بأن ما أُخذ غصباً لا يُسترد إلاّ بالقوة،أي بمنطق الصواريخ التي هزّت الكيان الصهيوني.
من لبنان،أثنى خطباء منبر الجمعة على الحدث الفلسطيني الذي طغى على الساحة الإعلامية والسياسية،محذرين في الوقت نفسه من ترك نهج المقاومة والتراخي بالمواجهة مع العدو الذي لا يفقه سوى مبدأ القوة وتوازن الرّعب.
إلى سوريا،التي طالما وقفت شامخة تعيق مصالح الدول المستكبرة وتحول دون إحداث ثقب في محور المقاومة،ما تزال على عهدها،رغم تكالب المتكالبين عليها من أعرابٍ وأغراب.
"عليكم أن تعلموا أن في هذا العالم مصالح،فلا يضيع بلدكم يضيع بلدكم وسط تضارب المصالح"،هي نصيحة أجمع عليها الخطباء متوجهين لأهالي سوريا بالتحلي بالوعي الموازي لحجم الأزمة.
البحرين الحوار الذي نادى العلماء بإعتماده في سوريا،أكدوا من على المنابر أنه الحوار نفسه المطلوب في البحرين،إذ أن سلمية المعارضة البحرينية تخنق النظام وتدفع به إلى مزيد من التنكيل بالمواطنين والتعرض للمقدسات والشعائر الدينية التاريخية،داعين النظام إلى سلوك الحوار الجاد والموضوعي لقطف ثمار ناضجة. إلى جانب الحدث الفلسطيني،تعود مصر إلى الواجهة،بعد إنفجار الشارع وإستعادة ثورة ٢٥ يناير عقب الإعلان الدستوري الذي اعلنه الرئيس مرسي.
مصر الثورة ومن الميدان المشتعل حيويةً وشباباً،تخوف خطباء الجمعة في لبنان من إستغلال التوتر الحاصل ممن يريدون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء،خاصة أن مصر الثورة لمذا يشتدّ عودها بعد ولم يصل حتى لايوم بأهلها إلى بر الأمان.
على الضفة المقابلة،علق العلماء آمالهم على وعي القيادة المصرية،مطالبين بإعادة مصر لأمجادها عبر رصّ الصّفوف دون اللجوء إلى منطق الشارع والشارع المضاد .
العراق من مصر أطل الخطباء على الوضع العراقي،تنقلوا بين فاجعة التفجيرات خلال أيام عاشوراء من الحلة إلى كركوك وكربلاء،آملين أن تشهد العملية السياسية مزيداً من التفاهم، على أن يتحرك الجميع لتعميق اللحمة داخل بلد لا يتكامل سوى بمقوماته الدينية والمذهبية والقومية.
ختاماً، في حين أن سوريا تنزف دماءً طاهرة وتعشش فيها الأنفس الإرهابية الهجينة،ويختنق حكام البحرين بسلميّة المعارضة فيزيد النظام إلى بطشه بطشاً،والعراق تخنقه العَبرة وتسكنه أرواح شهداء التفجيرات الإرهابية،إلى مصر الريادة التي تحاول إستعادة عافيتها ليشتد عودها فتنتفض على المصالح الدولية،أما غزة فتحقق إنتصاراً عسكرياً كخطوة أولى على درب التحرير المُنتظر.
من هذه المشهدية،نوجه صرخةٌ بوجه دعاة السّلام والإستسلام للكيان الصهيوني المحتلّ كما قال الشاعر تميم البرغوثي " في يدينا بقية من بلادٍ فإستريحوا كي لا تضيع البقية"!