على مشارف الذكرى السنوية الرابعة للعدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز ٢٠٠٦ ، لا تزال الحقائق تتكشف عمّا واكب هذه الحرب، وما تلاها من مؤامرات ومحاولات لتشويه صورة حزب الله
شارک :
وكالة انباء التقريب : على مشارف الذكرى السنوية الرابعة للعدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز ٢٠٠٦ ، لا تزال الحقائق تتكشف عمّا واكب هذه الحرب، وما تلاها من مؤامرات ومحاولات لتشويه صورة حزب الله المشرقة، ومحاولة تطويق انتصاراته اللامعة على العدو الصهيوني، حتى لا تتردد تداعياتها على الساحة الفلسطينية وفي أرجاء العالم العربي والاسلامي، ولعل ذلك ما حمل الادارة الأميركية على خوض حروب اعلامية وسياسية شرسة عبر أدوات داخلية اثناء الحرب وبعدها مباشرة في محاولة منها لرسم صورة عن المقاومة في أذهان الشعوب العربية والاسلامية مغايرة لصورتها الحقيقية، وكل ذلك بالطبع خيض نيابة عن العدو، ومن دون خجل أو وجل، خصوصاً وأن الادارة الأميركية تجاهر ليلاً نهاراً بأن أمن الكيان الصهيوني من أمنها، فلا ضير في ذلك اذا ما استكملت العدوان الاسرائيلي العسكري على لبنان وهي التي زودته بمئات القنابل الذكية خلال الحرب بإنفاق مئات ملايين الدولارات لاستخدام الأقلام المأجورة، وتشكيل الغرف السوداء لادارة منظومة اعلامية هدفها التأثير على صورة حزب الله والتحريض عليه واحداث الانقسامات الداخلية بوجهه لمحاولة اشغاله عن العدو الأساسي. • "القوة الناعمة" و"القوة الصارمة" ولا شك ان المتابع للسنوات الأربع الماضية لا بد أن يلحظ حجم الجهد الاعلامي المبذول والحملات السياسية والاعلامية والدعائية التي سيقت بوجه حزب الله، والتي تجنّدت لها وسائل اعلام محلية وعربية، مراكز دراسات، وجمعيات، وصحف، ومواقع الكترونية، ما أوحى وكأنها فرقة اوركسترا تعزف على وتر أميركي همه وغمه النيل من حزب الله عبر ادارة ممنهجة ومركزة من خبراء أميركيين في السفارة الأميركية في بيروت، كانوا يجهدون لبناء سيناريوهات هجينة وغريبة عن حقيقة حزب الله ثم يعمدون الى ترويجها. وذلك في سياق الحرب الانتقامية التي خيضت للانتقام من المقاومة بعدما أجُهض مخططهم ومشروعهم للشرق الأوسط الجديد، ما دفعهم لاستكمال "القوة الصارمة" التي فشلت عبر العدوان المباشر، باللجوء الى ما اصطلح على تسميته بـ"القوة الناعمة" لتحقيق مآرب الادارة الاميركية في المنطقة عن طريق ما يسمى محاولة "كسب العقول والقلوب". والحرب الناعمة، استخدمتها الادارة الاميركية كعنصر مكمّل للقوة العسكرية أو "القوة الصارمة"، وهي قامت بدمجها في استراتيجيتها لما يسمى "مكافحة الارهاب" بعد احداث الحادي عشر من ايلول/سبتمبر ٢٠٠١ ، على قاعدة ان أميركا قادرة على "الحصول على كل ما تريده من خلال الجذب بدلاً من الإكراه". ولممارسة هذه القوة الناعمة انشأت الادارة الاميركية مؤسسات خاصة أكثر مكراً ودهاء تستخدم كواجهة للتأثير على شعوب المنطقة من اجل تحقيق أهداف سياستها الخارجية ومخططاتها على المدى الطويل، ومن هذه الادارات وكالة التنمية الاميركية، ومبادرة الشراكة الشرق أوسطية التي استحدثت بعد أحداث الحادي عشر من أيلول ٢٠٠١، والتي يعمل مكتبها في صلب إدارة شؤون الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأميركية. ويمثّله في المنطقة مكتبان إقليميان الاول في أبي ظبي بالإمارات العربية المتحدة والثاني بتونس. وانطلاقا من قناعة راسخة لدى ادارة بوش وخلفه اوباما من ان الإصلاحات الاقتصادية والسياسية سيكون لها تأثير على تشكيل مستقبل منطقة الشرق الأوسط وفق رؤيتهم لها نشطت مبادرة الشراكة الشرق اوسطية ليس بتقديم المساعدات للدول انما لمنظمات غير حكومية .
• اهداف الادارة الاميركية في لبنان فصول الحرب الناعمة التي استخدمت في افغانستان والعراق وفلسطين، بدأت تتكشف في لبنان على لسان أكثر من مسؤول أميركي. وليس آخرهم نائب وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادني والسفير الاميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان الذي اقر في شهادته أمام الكونغرس الأميركي ( ٨ حزيران/ يونيو٢٠١٠ ) ان الادارة الاميركية صرفت في لبنان منذ عام ٢٠٠٦ حتى اليوم ما يفوق عن ٥٠٠ مليون دولار من أجل تحقيق عدة أهداف : ١ـ إيجاد بدائل "للتطرف".. ٢ـ الحد من صورة حزب الله الإيجابية لدى الشباب اللبناني.. ٣ـ تمكين الناس من خلال المزيد من الاحترام لحقوقهم.. ٤ـ توفير حظوظ الحصول على فرص.. ٥- عدم تهيئة الظروف ليتمكن حزب الله من ملء الفراغ او من أن ينمو ويقوى
بالطبع هذه الأموال لم تكن هي الوحيدة التي رصدتها الولايات المتحدة للبنان، فمجموع تقديماتها فاق المليار دولار بحسب ادعاء فيلتمان نفسه، وهي قد عملت على أكثر من خط لتحقيق الأهداف المشار اليها أعلاه والتي تصب جميعها في خانة واحدة هي حماية أمن الكيان الصهيوني انطلاقاً من لبنان. فبالاضافة الى رصد هذا المبالغ الضخمة لتشويه صورة حزب الله، خصصت الادارة الاميركية ٦٠٠ مليون دولار تحت عنوان مساعدات للقوى الأمنية، وذلك في اطار سعيها الدائم لتغيير عقيدة الجيش اللبناني وضباطه من خلال تقديم بعض الأسلحة والعتاد الخفيف الذي لا يشكل خطراً على أمن "اسرائيل" ومن خلال برامج التدريب، وبالطبع يدخل من ضمن هذه الأموال الـ٥٠ مليون دولار التي قدمت تحت عنوان هبة لقوى الامن الداخلي بما اصطلح على تسميتها بالاتفاقية الامنية التي وقعها فيلتمان نفسه مع مدير عام الامن الداخلي اشرف ريفي والتي شكلت مؤخراً مثار جدل واخذ ورد لالغائها.
• الجهات المستفيدة من أموال فيلتمان
اذا هي خمسة أبواب صرفت عليها دولارات فيلتمان، ولكن يبقى سؤال من قبض وأين صرف وكيف؟ ما لم يوضحه فيلتمان أوضحه مسؤول أميركي آخر رفض كشف اسمه في حديث لـ "صحيفة الشرق الأوسط" الثلاثاء حيث أكد ما تحدث عنه فيلتمان، فأقر بأن ادارة بلاده قدمت مساعدات بقيمة مليار دولار لحكومة لبنان منذ عام ٢٠٠٥ ، لكنه أضاف قائلاً: " قدمنا هذا الدعم بشفافية ومحاسبة كاملة للعامة وللإعلام، على عكس غيرنا من لاعبين في لبنان..". وهنا بيت القصيد، فالدعم المادي بحسب المسؤول الاميركي قدم "للعامة وللاعلام وبشفافية"، لكن السؤال الذي يطرح اذا كان مفهوماً تقديم بعض الفتات من هذه الاموال لتمويل مشاريع في بعض البلديات باعتبار انها ادارات محلية، ففي أي سياق يأتي الدعم الى وسائل الاعلام ومن أجل ماذا؟، ثم هل هناك علاقة للازمات المالية التي شهدتها بعض المؤسسات الاعلامية منذ مدة بتوقف تدفق أموال المساعدات الاميركية اليها؟. صحيفة "الوطن" السورية نقلت الثلاثاء عن مصدر واسع الاطلاع قوله أن هناك لوائح شبه مكتملة لمجموعات وأحزاب وشخصيات وأفراد ومراكز أبحاث ووسائل إعلام لبنانية مكتوبة والكترونية وجمعيات ذات طابع تعاوني زراعي وصناعي، تلقت وتتلقى دعماً مالياً أميركياً، وتنفذ أجندة أميركية محددة ترمي إلى تشويه صورة "حزب الله" وإضعافه في بيئته من خلال تقديم الإغراءات لهذه المجموعات والجهات تحت عنوان غامض وهو "المساعدات".
عضو المجلس الوطني للاعلام هذه المعطيات أكدها لنا عضو المجلس الوطني للاعلام غالب قنديل الذي أشار الى أن الولايات المتحدة الاميركية وضعت خطة منذ عهد الرئيس الاميركي السابق جورج بوش لا تزال مستمرة مع الرئيس الاميركي الحالي باراك اوباما، وهي رفد موازنات ضخمة لاثارة الاشكالات الداخلية في لبنان والتحريض ضد قوى المقاومة وتحديدا حزب الله الذي وضع في صلب الاستهداف. ولفت قنديل الى أن الـ ٥٠٠ مليون دولار التي تحدث عنها فيلتمان هي جزء من مبالغ استخدمت لتشويه صورة الحزب واستحدث لها مكتب للتواصل أنشئ في أبو ظبي بدأ ينشط في بيروت منذ الـ ٢٠٠٦ ولا يزال، وهو قام بشراء مساحات من الهواء على بعض المحطات التلفزيونية، فضلاً عن أن هناك وفود أميركية تزور بيروت باستمرار وتعرض مبالغ على الوسائل الاعلامية بهدف تجنيدها لتنفيذ الاستهدافات الأميركية التي تتركز ضد المقاومة كخيار، وتعمل على تأسيس انشقاق داخلي وتعميم لغة العصبيات المذهبية. وكشف قنديل عن وجود غرفة سوداء تتحرك من داخل السفارة الأميركية ولديها شبكة من العلاقات مع الصحافة اللبنانية والعربية وفي الخليج أيضاً، وهي تشكل منظومة تدخل استعماري اعلامية تستهدف المنطقة وتقودها الادارة الاميركية . ولفت قنديل الى أن الرئيس الاميركي باراك اوباما لا يزال يواصل العمل بتوجيهات بوش بهذا المجال ويعمل على انفاق المبالغ التي كانت مرصودة لهذه المهمة. وأضاف ان أوباما ذهب أبعد من ذلك من خلال الأمر التنفيذي الذي وجهه لقائد القوات المركزية الاميركية في المنطقة ديفيد بترايوس من أجل تكليف القوات النظامية التابعة للبنتاغون بعمليات التخريب واستمالة الاكاديميين والكتاب والاعلاميين وذلك حتى تبقى هذه العمليات بمعزل عن رقابة الكونغرس الاميركي.
الاعلامي رفيق نصر الله
من جهته، لفت رئيس المركز الدولي للإعلام في لبنان الاعلامي رفيق نصر الله الى أن الجهات التي قبضت أموال فيلتمان متعددة المواقع، مشيراً الى أنها كانت تشكل رأس الرمح لمشروع تشويه صورة المقاومة بلبنان ومحاولة رسم واقع جديد مغاير للواقع الحالي. وكشف نصر الله أن "هذه الأموال ذهب بعضها الى محطات اعلامية تلفزيونية والبعض الآخر الى صحف عبر أصحابها مباشرة والبعض الثالث الى مجموعات من الاعلاميين من مختلف المواقع من كتاب أعمدة عملوا كمرتزقة للمشروع الأميركي بما فيهم بعض مراسلو الصحافة العربية وبعض الجمعيات الاعلامية، وشركات الاحصاء وشركات الاعلام، وغير ذلك من المجموعات التي كانت حركتها تتأطر لتشكل حملات تهدف الى نزع الصورة المشرقة للمقاومة من الذاكرة على الساحة العربية وليس لبنان فقط . واعتبر نصر الله أن وكالة التنمية الاميركية ومبادرة الشراكة الشرق أوسطية ليسا سوى واجهة يعمل الاميركي من خلالهما، مؤكداً ان حقيقة الامور تشير الى أن الأموال أنفقت مباشرة لأشخاص محددين، ولافتاً الى انه كان هناك خبراء يقيمون في السفارة الاميركية والمواقع الاعلامية ويتعاطون مباشرة مع هؤلاء الاعلاميين. واوضح نصر الله أن الغرفة السوداء في السفارة الاميركية كانت توزع المصطلحات والعناوين والمواضيع والمانشيت، مؤكداً أنه عندما كان يعمم مصطلح ما خلال فترة معينة كان الجميع يلتزم به ويجري على ألسنتهم، ويكتب حوله في الصحافة اللبنانية والعربية، كاشفاً أن بعض وسائل الاعلام والاعلاميين كانوا يتقاضون الأموال من الأميركي مباشرة، وخصوصاً أولئك الذين لعبوا دوراً قذراً ما قبل وأثناء حرب تموز ٢٠٠٦ في تشويه صورة المقاومة واثارة الفتن والانقسام السني الشيعي وغير ذلك مما وصلنا اليه. علي عوباني