تنامي التمويل الاسلامي و منتجات الحلال في القارة الافريقية
تنا
وفق الدراسات العالمية ، حيث أسهم النمو الاقتصادي القوي للقارّة الأفريقية مدفوعاً بارتفاع الدخل الفردي، في ارتفاع الطلب على مختلف المنتجات الحلال، ما عزز نسب الاستهلاك وخلق فرصاً تجارية عالمية لهذه المنتجات.
شارک :
أشارت الدراسات العالمية إلى أنّ دول جنوب الصحراء الكبرى أنفقت على المنتجات الحلال نحو 114 مليار دولار في العام 2013، وفق الدراسة ، حيث أسهم النمو الاقتصادي القوي للقارّة الأفريقية مدفوعاً بارتفاع الدخل الفردي، في ارتفاع الطلب على مختلف المنتجات الحلال، ما عزز نسب الاستهلاك وخلق فرصاً تجارية عالمية لهذه المنتجات. وفيما تركّز الطلب على اللحوم بشكل أساسي، شهدت السنوات القليلة الماضية توجهاً كذلك نحو الشركات الحلال والوجبات الجاهزة والمعلبة والمجلدة والأطعمة سريعة التحضير.
وقد حلّت جنوب أفريقيا بين أكبر خمس دول منتجة للمنتجات الحلال عالمياً، وذلك رغم قلّة عدد السكان المسلمين فيها نسبياً. ويعزى ذلك إلى موقعها وسهولة وصولها إلى أسواق الدول الأخرى في القارّة ووجود برنامج متقدّم للحصول على شهادة المنتج الحلال، حيث يحمل ما نسبته 60% من منتجات تجار التجزئة شهادة «حلال»، بقيمة تصل إلى 71.7 مليون دولار وفقاً لهيئة تنمية التجارة الخارجية الماليزية. وتأمل جنوب أفريقيا في زيادة قيمة صادرات الحلال لتصل إلى 31 مليار دولار في العام 2020، وتعزيز مكانتها كبوابة عبور إلى سوق التغذية والمشروبات الحلال في القارة السمراء.فرص في الاقتصاد الإسلامي بجنوب الصحراء الأفريقية.
وبيّنت الدراسة، أن الصكوك "الاسلامية" تشكل أداةً جاذبة لتمويل مشاريع البنية التحتية الأفريقية، حيث تواجه القارة السمراء عجزاً في ميزانيات الحكومات لتمويل مشاريع البنية التحتية نتيجة عوامل عدّة أبرزها انخفاض أسعار السلع.
وأظهرت الدراسة أن الصكوك استخدمت في 5 دول أفريقية لجمع التمويل، إلا أن الطريق لا يزال طويلاً في مجال إصدار الصكوك بسبب وجود تحديات تقنية وقانونية، مبينةً وجود معرفة محدودة بأدوات التمويل الإسلامي بين المستخدمين وصنّاع السياسة في القارة الأفريقية.
وأشارت الدراسة التي ركّزت على أسواق جنوب وشرق وغرب القارة الأفريقية، إلى أن التمويل الإسلامي منتشر في 21 دولة أفريقية، ويتنوع وجوده بين أنظمة قائمة مثل السودان، وأسواق ناشئة وجديدة مثل اوغندا. كما تحدثت عن أنّ جنوب أفريقيا خطت خطوات رائدة في هذا المجال منذ العام 2011، إضافة إلى نيجيريا والسنغال وكينيا، فيما لا تزال أسواق دول مثل إثيوبيا وأوغندا وزامبيا وموزمبيق في مرحلة الاستكشاف لقطاع التمويل الإسلامي.
وكشفت الدراسة أن الاقتصاد الإسلامي لا يعتمد على الكثافة السكانية الأفريقية المسلمة، حيث إن حكومات الدول غير المسلمة بدأت بتحديد القدرات الاقتصادية في قطاعات الحلال والصكوك، وهناك توجه لتبني الممارسات الاقتصادية الإسلامية في عدد من القطاعات.
ولفتت الدراسة إلى ضعف انتشار التمويل الإسلامي والخدمات المصرفية الإسلامية وأدواتها في غرب أفريقيا، مثل غانا وساحل العاج، في حين أن النيجر التي يشكل المسلمون 94% من سكانها، تشكل الحسابات المصرفية الإسلامية 3% فقط من إجمالي أصولها، وكذلك الأمر في مالي التي يتخطى عدد سكانها من المسلمين 90%.
ومن بين قطاعات الاقتصاد الإسلامي المختلفة، حدّدت الدراسة التمويل الإسلامي والأغذية الحلال والسفر الحلال مجالات لم تستغل بالقدر الكافي في أفريقيا.
ونوّهت الدراسة بتنامي الطلب على منتجات التمويل الإسلامي في كل من كينيا وأثيوبيا وجنوب أفريقيا، مع هيمنة واضحة للصيرفة الإسلامية والصكوك على قطاع التمويل الإسلامي ووجود آفاق واسعة في قطاعات إدارة الأصول والتكافل.
تناولت الدراسة جنوب أفريقيا التي يبلغ تعداد المسلمين فيها 1.3 مليون نسمة، وهم يساهمون بأكثر من 10% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، بينما تشير بعض التقديرات إلى أنّ ما بين 10 و15% من هؤلاء فقط يستخدمون التمويل الإسلامي.
وأتاحت جنوب أفريقيا في سبتمبر من العام 2014 إمكانية تقديم قروض متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وذلك في خطوة كانت الأولى من نوعها في القارة الأفريقية. وقد باتت جنوب أفريقيا بذلك ثالث دولة غير إسلامية، بعد هونغ كونغ والمملكة المتحدة، توفّر هذه القروض.
وقد ذكرت الدراسة أنّ مبيعات الصكوك وصلت إلى 500 مليون دولار بترتيب مشترك بين بنك باريبا وبيت التمويل الكويتي وبنك ستاندرد في جنوب أفريقيا، وبلغت قيمة التغطية أربعة أضعاف، وتعتبر هذه السندات التي يستحق سدادها في يونيو 2020، جزءاً من الأهداف الوطنية لوزارة المالية الجنوب أفريقية في تنويع مصادر التمويل والمستثمرين، علماً أنّ الوزارة تعمل أيضاً على إصدار أول صكوك بعملة الرند المحلية من أجل تنويع التمويل وتوسيع التمويل الإسلامي إلى مجالات أبعد من القطاع المصرفي.
من جهة أخرى، تعمل زامبيا على تهيئة الأرضية الملائمة للمصارف الإسلامية إلى جانب البنوك التقليدية، خصوصاً مع إمكانية استخدام أدوات التمويل الإسلامية في تمويل البنية التحتية ومشاريع الزراعة والصناعة، ما أوجب خلق أرضية تشريعية تتلاءم مع الاحتياجات المصرفية الإسلامية للدولة.
وتعد موزمبيق، العضو الوحيد في البنك الإسلامي للتنمية في جنوب القارة السمراء، وحصلت منه على 300 مليون دولار للاستثمار، وذلك منذ انضمامها إليه في العام 1995. ويجري حالياً تمويل وتنفيذ 22 مشروعاً من البنك الإسلامي للتنمية بقيمة إجمالية تزيد على 160 مليون دولار.
ورغم أنّ المسلمين يشكّلون 33% من إجمالي عدد السكان في كينيا، أي نحو 14.5 مليون نسمة، يستحوذ التمويل الإسلامي على حصّة نسبتها 2% فقط من السوق بسبب عدم توفر كفاءات بشرية مؤهلة ومنتجات تمويلية إسلامية كافية.
ووافقت حكومة أوغندا من جهتها في يونيو على تعديلات مشروع قانون المؤسسات المالية، لتمهد بذلك الطريق أمام المصارف الإسلامية والتمويل الإسلامي. ولكونها تحظى بعضوية البنك الإسلامي للتنمية، تستقطب أوغندا اهتمام المؤسسات المالية الأجنبية والمحلية لتقديم خدمات متوافقة مع أحكام الشريعة. وقد تقدّمت المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، الذراع التمويلية للقطاع الخاص التابع للبنك الإسلامي للتنمية، بطلب لإنشاء مصرف إسلامي في كمبالا.
وفي أثيوبيا، لا يزال التمويل الإسلامي في طور النمو رغم أن ثلث السكان من المسلمين، وذلك بسبب الحاجة إلى بيئة تشريعية تحفز المنتجات المصرفية الإسلامية، في حين يعتبر سوق التكافل في السودان السوق الأهم في أفريقيا، وهو ثالث أكبر سوق عالمياً بعد الدول الخليجة وماليزيا.
جاء في الدراسة ، أنّ أفريقيا تحتاج حالياً إلى حوالي 98 مليار دولار سنوياً لتمويل احتياجاتها من البنية التحتية، وقد لعبت الصكوك دوراً ملحوظاً في تضييق فجوة التمويل للقطاع في أفريقيا.
أشارت الدراسة إلى أنّ السياحة الحلال قطاع واعد أيضاً، لكنّ لا يزال في مراحله الأولية. فإذا تمّ تسويقه بشكل جيّد، يمكن للسفر الحلال في القارّة أن ينافس وجهات أكثر قوّة وعراقة. وتقود هذا التوجه كل من تنزانيا وزنجبار وجنوب أفريقيا.
وخلصت الدراسات إلى أنّ إنفاق المسلمين في العالم على السفر من المتوقّع له أن يصل إلى 238 مليار دولار بحلول العام 2019، في حين أنّ حصّة أفريقيا حالياً من سوق السفر الحلال متدنية ولا تتخطى 5% من إجمالي السوق العالمي، حسب بيانات «دينار ستاندرد»، بينما تبلغ حصة القارة الأوروبية 51%، ما يفتح المجال أمام فرص للنمو والتطور بالنسبة للقارة الأفريقية في هذا المجال.
وتركّزت توصيات الدراسات على ضرورة تطوير آلية ومعايير للخدمات الإسلامية تغطي جميع الجهات والهيئات المالية وفق المعايير المعتمدة عالمياً، إضافة إلى أهمّية تأسيس علاقات مع مؤسسات ومراكز تمويل إسلامية في ماليزيا ولندن و ... وإنشاء مجلس رقابة مستقل للإشراف على تطبيق المعايير الإسلامية المتوافقة مع الشريعة، وأخيراً تعزيز التعاون مع مموّلين لمنتجات التمويل الإسلامي مثل الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.