دولة الاحتلال ترمي بثقلها وتوظف طاقاتها وأجهزتها وأدواتها وكل أوراق نفوذها وقوتها من الادارات والقرارات والقوانين والجيوش في شن حملات استيطانية تهويدية مكثفة مركزة متصلة على أرض المدينة المقدسة
شارک :
جاء في تحقيق أجرته صحيفة هآرتس العبرية مؤخرا من ان ما يسمى بـ"الوصي على أملاك الغائبين" يقوم بمصادرة الأملاك، وتقوم ما تسمى بـ"دائرة أراضي إسرائيل" بنقل الأملاك إلى الجمعيات الاستيطانية "إلعاد" و"عطيريت كوهانيم" بدون مناقصات وبأسعار بخسة"، وهي لا يضيف في الحقيقة شيئا جوهريا حول المشهد المقدسي، وان كان يضيف معلومات كمية وسرية حول ما يجري من عملية سطو واستيلاء وتهويد صهيوني جارف لكل شيء في المدينة المقدسة سواء في داخل اسوارها او خارجها، فكتبت الصحيفة أنه "تحت ستار من السرية والغطاء المقنن، وشبكة شركات غامضة ، تواصل الجمعيات إشعال القدس"، ولفت التقرير إلى الوضع في سلوان ، باعتباره نتيجة لعملية طويلة من الاستيطان اليهودي فيها، حيث تنشط فيها الجمعيتان الاستيطانيتان اللتان أصبح بحوزتهما أملاكا ضخمة ، "إلعاد" و"عطيريت كوهانيم". وتعملان بشكل سري، وتفعّلان شركات ثانوية بعضها مسجل خارج البلاد ، وتخفيان جهة المتبرعين بالأموال ، وبمساعدة الدولة، من أجل السيطرة على أملاك أخرى ، وخاصة بالاستفادة من قانون "أملاك الغائبين".
وبحسب التقرير فإن "إلعاد" جلبت نحو 5۰۰ يهودي للاستيطان في سلوان ، في حين تخصصت "عطيريت كوهانيم" بالسيطرة على الأملاك في البلدة العتيقة عامة ، وفي الحي الإسلامي بشكل خاص ، وتمكنت من إدخال 6۰ عائلة يهودية من المستوطنين ، إضافة إلى المئات من المستوطنين طلاب المدارس الدينية التلمودية إلى الحي. كما يشير التقرير إلى أن الدولة تساند ادعاءات الجمعيات في حال اقتضى الأمر الكشف عن دورها في عملية الاستيلاء على المنازل ، سواء بواسطة "قانون أملاك الغائبين" أو بموجب أوراق تدعي أن الأملاك كانت ذات مرة بملكية يهودية، وتتضمن القائمة ۱۱ صفقة ، أنجز منها 5 صفقات مع "إلعاد" و 6 صفقات مع "عطيريت كوهانيم"، وقامت ما تسمى بـ"دائرة اراضي إسرائيل" بموجبها تحويل مبان وأراض إلى الجمعيات بأسعار بخسة للاستئجار أو الضمان أو الشراء.
ومعطيات المشهد المقدسي تفيد ان دولة الاحتلال ترمي بثقلها وتوظف طاقاتها وأجهزتها وأدواتها وكل أوراق نفوذها وقوتها من الادرات والقرارات والقوانين والجيوش في شن حملات استيطانية تهويدية مكثفة مركزة متصلة على أرض المدينة المقدسة.
وتفيد المصادر المقدسية "أن الهجمة الاحتلالية الشرسة الممنهجة المبرمجة لتهويد القدس تجري على ثلاثة محاور هي: الأرض والسكان والأماكن الدينية المقدسة". عملياً على الأرض المقدسية تشن سلطات الاحتلال سلسلة اجتياحات متعاقبة متكاملة تستهدف من جهة أولى عقارات وأراضي القدس القديمة وخارجها، كما تستهدف من جهة ثانية تفريغ المدينة من أهلها المقدسيين بشتى الوسائل... فكل الوسائل لديهم متاحة ومبررة لمحاصرة وخنق المقدسيين وترحيلهم وتحويل الأقلية اليهودية هناك إلى أكثرية مهيمنة، في حين تستهدف تلك السلطات من جهة ثالثة الأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية على حد سواء وتخطط مع سبق النية والتخطيط والاصرار لتكريس الهيمنة والسيادة اليهودية حتى على هذه الأماكن المقدسة، ناهيك عن النوايا والمخططات الرامية إلى نسف ومحو الأقصى عن وجه الأرض لصالح بناء الهيكل الثالث.
وعملياً على الأرض المقدسية هناك أيضاً تشن دولة الاحتلال هجوماً تهويدياً كاسحاً أحادي الجانب على القدس ، وتقوم "بتقطيع أوصال جسد القدس تارة بنصل الجدار وتارة أخرى بنصل الاستيطان.. فينزف الدم من الجسد المقدسي ولا يجد مسعفين..، - ما كتب ماهر العلمي في القدس المقدسية - ". فهذا الذي يجري على أرض المدينة المقدسية تارة تحت غطاء انها مدينة الآباء والاجداد ، وطورا تحت غطاء انها "مدينة موحدة تحت السيادة الاسرائيلية الى الابد" ، وتارة ثالثة تحت غطاء حقائق الامر الواقع" ، وتارة رابعة تحت غطاء الحق الطبيعي للنمو السكاني ، ولكن كل هذه الذرائع وغيرها الكثير تجتمع عمليا مع مخططات احزمة واطواق وجدران الاستيطان والتهويد التي تبتلع المدينة برمتها ، لتقدم لنا - ولمن ما تزال الغشاوة التفاوضية السلامية تجلل عينيه - ، مشهدا مقدسيا يئن تحت حرب صهيونية جارفة تستهدف النيل السياسي السيادي والاستراتيجي من المدينة واهلها واصحابها التاريخيين.
وهذا المخطط وهذه الاهداف الصهيونية صريحة واضحة على رؤوس الاشهاد ، فهي قديمة تعود الى عام ۱۹4۸ فيما يتعلق بالجزء الغربي من القدس ، وتعود الى عام ۱۹6۷ فيما يتعلق بالجزء الشرقي من القدس. ففي اعقاب هزيمة العرب في حزيران ـ ۱۹6۷ كشرت "اسرائيل" عن نواياها المبيتة تجاه المدينة ، وسحبت كما هائلا من المشاريع والمخططات ، واتخذت جملة واسعة من القرارات وسنت مثلها من التشريعات التي ترمي كلها معا الى تفريغ المدينة من اهلها ، وتهويدها واختطافها الى الابد كمدينة يهودية تحت السيادة الاسرائيلية. ان هذا الذي يجري على أرض القدس لا يمكن إلا أن يشكل في الحصيلة والحاصل الاستراتيجي سطواً صريحاً صارخاً على المدينة المقدسة ومقدساتها وحضارتها وتراثها ومعالمها وهويتها وسيادتها الحقيقية. لذلك نقول: ما أهمية كل قصة المفاوضات والمبادرات والمؤتمرات التفاوضية في الوقت الذي تستبيح فيه دولة الاحتلال القدس بمقدساتها وأهلها وتراثها وتاريخها لصالح رواية صهيونية مزيفة...