في السنوات الأخيرة بدأت تشاهد رؤيا تكررت مرارا يظهر فيها والدها خريج الأزهر الشيخ عبد الله العريني ويقول لها "اسعي للحج ماذا تنظري؟" فتبكي فتأتيها والدتها في المنام أيضا تطمئنها بأنها سوف تذهب للحج.
شارک :
وكالة أنباء التقریب (تنا) على كرسي متحرك تتوجه الحاجة ثناء انشراح عبد الله العريني (٧٢ عاما) من مقر بعثة الحج المصرية في مكة المكرمة لأداء الصلاة في بيت الله الحرام لتحط رحال رحلة استغرقت سنين طويلة تكبدت خلالها عناء ادخار المال الكافي، وكاد مرضها العارض في القلب يطيح بآمالها لولا تحديها نصائح الأطباء وإصرارها على أداء فريضة الحج وشرب ماء زمزم حتى وإن كان الثمن موتها في هذه الرحاب الطاهرة.
ورغم أن فكرة أداء فريضة الحج تسيطر على ذهنها منذ ريعان شبابها، فإنها لم تتمكن من ذلك لعدة أسباب أولها الوضع المادي لعائلتها حيث كانت تعمل مع زوجها المرافق لها الحاج عبد السلام عبد الجليل الفرنواني (٧٣ عاما) في التدريس، في وقت كان راتب المدرس ضعيفا، إضافة لفتاوى مشايخ باعتبار تربية أبنائها الأربعة أولى من الحج.
بعد تقاعدها من عملها في مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ شمال القاهرة قبل ١٢ عاما وحصولها على مكافئة نهاية الخدمة بدأت تفكر جديا في أداء فريضة الحج.
وروت الحاجة ثناء بصوت ضعيف ويدين مرتجفتين كيف أنها شرعت بجمع المال لرحلة العمر من راتب التقاعد الذي تتقاضاه ويبلغ ١٣٠٠ جنيه ومثله لزوجها المتقاعد، حيث تدفع ٧٠٠ جنيه شهريا -أي أكثر من نصف راتبها- للعلاج من مرض السكري الوارثي المصابة به منذ أكثر من أربعين عاما.
رؤيا تكررت في السنوات الأخيرة بدأت تشاهد رؤيا تكررت مرارا يظهر فيها والدها خريج الأزهر الشيخ عبد الله العريني ويقول لها "اسعي للحج ماذا تنظري؟" فتبكي فتأتيها والدتها في المنام أيضا تطمئنها بأنها سوف تذهب للحج.
وقد عرض عليها شقيقها المقتدر ماليا مساعدتها في توفير بقية مبلغ الحج، لكنها رفضت اتباعا لفتوى مشايخ بأنها يجب أن تحج من حر مالها ولا تقبل مالا إلا من زوجها أو من أبنائها.
جاهزة ولكن في العام الماضي أصبحت الحاجة جاهزة ماليا للسفر لأداء الحج بمساعدة أحد أبنائها الذي يعمل في الإمارات، لكن السلطات المصرية منعت حينها كبار السن من الحج خوفا عليهم من الإصابة بإنفلونزا الخنازير التي انتشرت حينها. وهو أمر أصاب المسنين بحزن شديد دفعت بعضهم ومنهم الحاجة ثناء لمخاطبة وزير الأوقاف المصري "اتركونا نموت في الرحاب الطاهرة".
وتكلف رحلة الحاج المصري الواحد عبر القرعة (سفرا وإقامة) –وفق الحاجة ثناء- نحو ٢٠ ألف جنيه عدا مصاريف الطعام والشراب، في حين أن تكلفة الشخص فيما يسمى الحج السياحي تتجاوز ٦٠ ألف جنيه.
فرحة ونكسة في هذا العام تقدمت الحاجة ثناء وزوجها بطلب الحج عبر القرعة المصرية بعد التوجه إلى الله والدعاء بتسهيل زيارة بيته العتيق، وقد كانت فرحتها غامرة عندما اختيرت مع زوجها في قائمة حجاج بيت الله الحرام في أغسطس/آب الماضي.
وبدأ الأقارب والأصدقاء يهنئونها بالرحلة المباركة، كما بدأت الاستعدادات لقافلة الحجيج، لكن انتكاسة مفاجئة ألمت بها بعد إصابتها بجلطة في القلب في الشهر التالي. وبدا التأثر على الحاجة كبيرا بعدما نصحها الأطباء بعدم السفر إلى الحج هذا العام كي لا تتعرض للإجهاد، إذ إنها بحاجة لعملية قسطرة وربما قلب مفتوح بعد الجلطة التي أصابتها، واعتبر الأطباء سفرها للبيت الحرام مجازفة. وأمام نصائح وتحذيرات الأطباء أصرت الحاجة ثناء على أداء فريضة الحج، وإن على كرسي متحرك، حيث إن أخذ موعد لإجراء القسطرة وعملية القلب المفتوح قد لا يتم إلا بعد أشهر وربما تموت خلالها، ففضلت الوفاة في الرحاب الطاهرة، على حد قولها.
وتشير الحاجة المصرية إلى أن للحاج دعوة مستجابة أول ما يرى الكعبة المشرفة، فدعت بالصحة والستر، كما شربت واغتسلت بماء زمزم "وزمزم لما شرب به"، فشعرت براحة لم تشعر بها من قبل واستقرار في وضعها الصحي. وتدعو الحاجة ثناء الله تعالى أن يتم لها الحج ولكنها تقول "حتى لو لم أتم الحج فأنا سعيدة ويفعل الله ما يريد".
وعلى غرار قصة الحاجة ثناء تتنوع قصص الحجاج، ولكنها تتقاطع في معظمها في المعاناة التي تكبدوها للوصول إلى بيت الله الحرام وأداء فريضة الحج، من جمع للمال أو صبر على أمراض أصابتهم وإجراءات كادت تمنعهم.