تاريخ النشر2010 7 December ساعة 10:21
رقم : 33285

بيان مجمع البحوث الإسلامية ردًا على تقرير الخارجية الأمريكية بشأن الحريات الدينية

تدخل أمريكا فى الشأن المصرى مخطط لصالح إسرائيل..
منع الفتن الطائفية ليس تعصباً إسلامياً ضد المسيحية، الذى يعترف بها الإسلام ويحترم رموزها، ويحمى مقدساتها على النحو الذى يعرفه الجميع، وأن هذا التنصير الأجنبى ( من غلاة اليمين الدينىالامريكي) ممنوع، طالما مثل خطراً على الكنائس المسيحية القومية، التى عانت منه كثيراً فهو لا يعترف لا بالإسلام ولا بالمذاهب المسيحية الشرقية.
بيان مجمع البحوث الإسلامية ردًا على تقرير الخارجية الأمريكية بشأن الحريات الدينية
وكالة أنباء التقریب (تنا)

أصدر مجمع البحوث الإسلامية فى جلسته اليوم الاثنين، برئاسة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بيانًا مكونا من ٦ صفحات فند فيها تقرير وزارة الخارجية الأمريكية بشأن الحريات الدينية فى مصر.وقد حصل مراسلنا على نسخة منها واليكم مقتطفات من البيان :

البيان تضمن ردًا علميًا وفقهيًا على ١٦ ملاحظة صادرة فى تقرير الخارجية الأمريكية، حيث انتقد المجمع ما جاء فى تقرير الخارجية الأمريكية من حيث اعتراف التقرير بالتدخل الأمريكى فى الشئون الداخلية لمصر، والذى وصفه المجمع بالمخطط الأمريكى الذى يصب فى صالح إسرائيل. كما تطرق البيان إلى زواج المسلم من المسيحية، وزواج المثليين، وإنفاق وزارة الأوقاف على المساجد دون الكنائس وغيرها مما ورد فى التقرير.
وأكد مجمع البحوث الإسلامية فى بيانه على وجود العديد من المغالطات الصارخة فى تقرير وزارة الخارجية الأمريكية الخاص بالحريات الدينية فى مصر عام ٢٠١٠م، مشيرا إلى أن بعضها مرجعه الجهل بحقائق الإسلام وبحقائق أوضاع الأقليات فى مصر وبعضها الآخر مصدره سوء النية والرغبة فى التدخل بشئون مصر الداخلية، وانتهاك سيادتنا الوطنية.
وفى مواجهة هذه المغالطات، يقدم المجمع للرأى العام المحلى والعالمى وللدوائر الأمريكية التى أعدت فى هذا التقرير وأصدرته.. وأيضاً للأفراد والجماعات التى أمدت الإدارة الأمريكية بهذه المغالطات يقدم المجمع لكل هؤلاء الحقائق التى تصحح الأكاذيب.
ونفى مجمع البحوث فى بيانه وجود اتجاه مصرى لتقييد حرية الاعتقاد، أو الممارسات الدينية، مشيرا إلى أن بناء دور العبادة - فى مصر – ينظمه القانون ولبناء المساجد شروط تسعة، تفوق – فى الضوابط – نظيرتها فى بناء الكنائس، وأن نسبة عدد الكنائس – فى مصر- إلى عدد المواطنين المسيحيين - الذين يعيش كثيرون منهم فى المهجر مقاربة لنظيرتها فى المساجد المخصصة للمسلمين، وكنائس مصر وأديرتها مفتوحة الأبواب على مدار الليل والنهار.. ومنابرها حرة لا رقيب عليها.. ولا دخل للحكومة فى تعيين القيادات الدينية المسيحية، على اختلاف درجاتها، بينما يتم شغل كل الوظائف الدينية الإسلامية بالتعيين من قبل الحكومة ومنذ عام ١٩٥٢م ضمت الحكومة الأوقاف الإسلامية، بينما ظلت الأوقاف المسيحية قائمة، تديرها الكنيسة، وتحقق الحرية والاستقلال المالى للكنائس والأديرة والأنشطة الدينية المسيحية، مشيرا أن الدولة شاركت فى نفقات إقامة كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بالقاهرة التى تعد أكبر كاتدرائيات الشرق على الإطلاق.
وتقوم وزارة الثقافة – فى مصر – وعلى نفقة الدولة، برعاية الآثار الدينية المسيحية واليهودية – مثلها مثل الآثار الإسلامية سواء بسواء.

وحول النص الدستورى على أن دين الدولة فى مصر هو الإسلام.. وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، وأن اللغة العربية هى اللغة القومية لمصر، قال المجمع فى بيانه إن الإسلام جزء أصيل من تاريخ مصر الإسلامية، الذى مضى عليه أكثر من أربعة عشر قرنا، وهو تعبير عن هوية الدولة والمجتمع والأمة، مثلما تعبر العلمانية عن هوية بعض المجتمعات.. وتعبر الليبرالية عن هوية مجتمعات أخرى.. وفى هذه المجتمعات العلمانية والليبرالية تعيش أقليات إسلامية، لا تعترض على هويات المجتمعات التى تعيش فيها.
وأضاف بأن هذه الهوية العربية والإسلامية لمصر، قد اختارتها وأقرتها اللجنة التى وضعت الدستور المصرى عام ١٩٢٣م بإجماع أعضائها، بما فيهم القيادات الدينية المسيحية واليهودية.. ولقد صادقت الأمة على هذا الاختيار فى كل التعديلات التى أجريت على هذا الدستور، على امتداد عقود القرن العشرين.. فى تعبير حر عن إرادة الأمة، على اختلاف أديانها، وليست أمراً مفروضاً على غير المسلمين.
وأضاف أيضا أن التشريعات الإسلامية لا تجور على الخصوصيات الدينية للمواطنين غير المسلمين، الذين أمرت الشريعة الإسلامية "أن يتركوا وما يدينون".. وعلاوة على ذلك، فإن القانون الإسلامى ليس بديلاً لقانون مسيحى، إذ المسيحية تدع ما لقيصر لقيصـر، وإنما هو بديل للغزو القانونى والاستعمارى، الذى أراد الاستعمار فرضه على بلادنا فى ظل الاحتلال.. فهو قانون وطنى يعبر عن هوية المصريين والخصوصية الحضارية للشرقيين.ووصف البيان دعوى منع الحكومة المصرية حرية التبشير بالمسيحية بأنها دعوى مجانبة للحق والصواب، مشيرا إلى أن لكل صاحب دين سماوى – فى مصر – حرية عرض دينه، والدفاع عنه، والدعوة إليه.. أما الممنوع فهو التنصير، الذى تمارسه دوائر أجنبية غربية.. والذى جاء إلى بلادنا مع الغزو الاستعمارى منذ القرن التاسع عشر.
وأضاف البيان، يشهد على هذه الحقيقة، أن المنصرين الأمريكيين – من غلاة اليمين الدينى – قد دخلوا إلى العراق عام ٢٠٠٣ على دبابات الغزو الأمريكى.. وهم يمارسون نشاطهم التنصيرى فى العراق – وفى أفغانستان – تحت حماية جيوش الاحتلال، لذلك فإن هذا التنصير هو أمر مختلف عن حرية الدعوة إلى المسيحية، ودخل فى إطار الغزو الفكرى، الذى يقوم على ازدراء دين الأغلبية – الإسلام -.. ومنعه هو جزء من الحفاظ على الاستقلال الحضارى والحفاظ على الأمن الاجتماعى، ومنع الفتن الطائفية وليس تعصباً إسلامياً ضد المسيحية، الذى يعترف بها الإسلام ويحترم رموزها، ويحمى مقدساتها على النحو الذى يعرفه الجميع، وأن هذا التنصير الأجنبى الممنوع، طالما مثل خطراً على الكنائس المسيحية القومية، التى عانت منه كثيراً فهو لا يعترف لا بالإسلام ولا بالمذاهب المسيحية الشرقية.
وحول انتقاد تقرير الحريات الدينية الأمريكى إباحة الشريعة الإسلامية زواج المسلم بالمسيحية واليهودية، ومنعها زواج المسلمة من غير المسلم، أكد البيان عدم وجود علاقة له بالتمييز السلبى، ولا بالتعصب الدينى، مشيرا إلى أن مرجعه أن المسلم – بحكم عقيدته – يعترف بالمسيحية واليهودية ديانات سماوية، ويحترم ويعظّم رموزهما.. وينص قرآنه الكريم على أن ( فى التوراة هدى ونور ) و( فى الإنجيل هدى ونور ).. ومن ثم فالمسلم مؤتمن على عقيدة زوجته المسيحية واليهودية، ومطالب – دينياً – باحترام عقيدتها، وتمكينها من أداء شعائرها.. بينما غير المسلم لا يعترف بالإسلام ديناً سماوياً، ولا يقدس رموزه.. ومن ثم فإنه غير مطالب - دينياً – باحترام عقيدة المسلمة، الأمر الذى يشكل مخاوف حقيقية على عقيدتها وحريتها الدينية وإيذاء لمشاعرها إذا هى اقترنت بمن لا يعترف بدينها ولا يعظّم رموز هذا الدين.. فالقضية أقرب إلى الكفاءة بين الأزواج، منها إلى التعصب أو التسامح الدينى.
وردا على مطالبة التقرير الأمريكى مصر بأن تسمح بالزواج بين المسلمين وأهل الديانات الوضعية – غير السماوية، قال البيان إن هذه المطالبة تكشف عن جهل وافتراء.. فمصر ليس بها ديانات غير سماوية.
وقال البيان إن الخلاف مع التقرير الأمريكى – هنا.. وفى كثير من القضايا ليس مرده الخلاف حول "درجة الحرية والحقوق"، وإنما حول "مفهوم الحرية والحقوق".. فالمرجعية الوضعية الغربية تجعل الشذوذ الجنسى وزواج المثليين – مثلاً – من الحرية وحقوق الإنسان، بينما المرجعية الدينية – فى الديانات السماوية الثلاث – تنكر ذلك كل الإنكار.. فالخلاف هو فى "مفهوم الحرية"، وليس فى "درجة الحرية".

وأضاف، الغريب والخطير هو محاولة الغرب الذى يمثل ٢٠% من البشرية – فرض مفاهيمه اللادينية فى الحريات والحقوق على الأمم والحضارات الجنوبية – التى تمثل ٨٠% من البشرية، والتى تؤمن بأن حقوق الإنسان يجب أن تكون محكومة بحقوق الله، وبالقيم التى جاءت بها ديانات السماء، وفوق ذلك فإن الغرب - وخاصة أمريكا – عندما تعمل على فرض مفاهيمها على الآخرين إنما تخون الليبرالية التى تتشدق بها والتى تقوم على تنوع الثقافات والحضارات وتدعو لاحترام هذا التنوع فى الثقافات الوطنية.
وأفاد بيان مجمع البحوث الإسلامية بأن حديث التقرير الأمريكى عن ظلم الإسلام للمرأة فى الميراث.. يعبر عن جهل مركب بفلسفة الإسلام فى الميراث، مشيرا إلى أن الأنثى – فى الشريعة الإسلامية – ترث مثل الذكر أو أكثر من الذكر أو ترث ولا يرث الذكر فى أكثر من ثلاثين حالة من حالات الميراث بينما ترث نصف نصيب الذكر فى أربعة حالات هى التى يكون العبء المالى فيها ملقى على الذكور دون الإناث.
وأضاف التقرير أن الذين يعرفون القواعد الشرعية فى الميراث يعرفون أن الإسلام يقدم الإناث على الذكور عندما يجعل أنصبتهن فى "الفروض" بينما يؤخر الذكور عندما يضع أنصبتهم فى "التعصيب" أى فيما بقى بعد "الفروض" ولكنه الجهل المركب الذى انطلق منه الذين أعدوا هذا التقرير الأمريكى.
ووصف البيان حديث التقرير الأمريكى عن أوضاع المتحولين من الإسلام أو إليه عن جهل بالقيم الثقافية التى يتفق فيها الشرقيون على اختلاف دياناتهم، مضيفا أن المجتمعات الشرقية لا تنظر إلى الدين كشأن فردى وشخصى يتم تغييره دون مشكلات بل إنه يعبر عن هوية اجتماعية يماثل "العرض والشرف" وقد يعلو عليهما.. ومن ثم فإن الانسلاخ عنه والتحول منه إنما يمثل مشكلة عائلية واجتماعية.. وفى هذا يتفق الشرقيون جميعاً.. وربما كان موقف الأوساط المسيحية – فى مصر – من هذه القضية أكثر تشدداً.. والقانون فى أى مجتمع من المجتمعات إنما يعبر عن الواقع الاجتماعى ليضبط حركة هذا الواقع الاجتماعى.. ودون مراعاة هذه العادات والتقاليد والقيم الدينية والاجتماعية السائدة لا يمكن للقانون أن يحقق السلام الاجتماعى.

وفى قضية الحجاب اتهم البيان التقرير الأمريكى بتجاهل واقع مصر والأغلبية الساحقة فيها تعتبر قضية الزى ضمن الحريات الشخصية.. وإذا كان الغرب يعتبر حرية المرأة – فى الزى – مقصورة على "العرى" فإن الإسلام والمسيحية واليهودية تدعو إلى الحشمة – دون أن تفرض هذه الحشمة – وإنما فقط تحبذها وترغب فيها.. وفى مصر تتفق الأسر المصرية – على اختلاف دياناتها – فى الريف – الذى يمثل ٨٥% من السكان.. وفى الأحياء الشعبية فى المدن.. وفى البادية يتفقون على الحشمة – التى يسميها البعض "الحجاب".
وقال البيان إن حديث التقرير الأمريكى عن ولاية الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية على الشأن الدينى.. وعن منعه للكتب والمطبوعات.. فى هذا الحديث جهل كبير وافتراء شديد.. ذلك أن الأزهر مؤسسة من مؤسسات الدولة تستشيره الدولة فى الشأن الدينى كما تستشير أى مؤسسة من مؤسسات المجتمع فيما تختص به وتتخصص فيه من خبرات.. وليس من سلطة الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية منع أى كتاب من الكتب أو أى مصنف من المصنفات الفنية.. فقط يبدى رأيه الاستشارى، أما منع الكتب والمصنفات الفنية – فى مصر – فهو شأن من شئون القضاء وحده يطبق فيه القانون الوضعى الذى سنته المؤسسة التشريعية المنتخبة والممثلة للشعب على اختلاف دياناته وتيارات الفكر فيه.
وردا على ما ذهب إليه تقرير الخارجية الأمريكية حول إنفاق وزارة الأوقاف المصرية على المساجد دون الكنائس، نفى بيان مجمع البحوث وجود أى تمييز سلبى، مشيرا إلى أن وزارة الأوقاف انما تنفق على المساجد من عائدات الأوقاف الإسلامية التى تم ضمها للدولة والتى أصبحت الوزارة ناظرة عليها.. بينما ظلت أوقاف الكنائس والأديرة والمؤسسات الدينية المسيحية قائمة تديرها الكنيسة وتنفق من عائداتها وتحقق لها الاستقلال المالى عن الدولة.
وبخصوص قصر الدراسة بجامعة الأزهر على الطلاب المسلمين قال بيان مجمع البحوث إن السبب فى ذلك لا علاقة له بأى لون من ألوان التمييز السلبى ضد غير المسلمين أو التعصب الدينى فمناهج الدراسة فى جامعة الأزهر – بما فيها الكليات العملية – هى مناهج دينية إسلامية ومما ينافى حرية الضمير والاعتقاد فرض دراسة الدين الإسلامى فى هذه الجامعة – على غير المسلمين وخاصة فى المراحل العمرية الأولى.. كما أن هذا هو الوضع السائد والمتعارف عليه فى معاهد اللاهوت والكليات الأمريكية المسيحية التى لا تفرض دراسة مناهجها الدينية على غير المسيحيين.. علماً بأن جامعة الأزهر لا تقبل إلا الحاصلين على الثانوية الأزهرية وترفض قبول الثانوية العامة ولو كان الحاصل عليها مسلم.


وأخير تساءل مجمع البحوث الإسلامية، لماذا لا تكون متابعة شئون حقوق الإنسان وحرياته – عالمية – وإصدار التقارير السنوية عنها شأنا من شئون الشرعية الدولية والنظام الدولى الممثل فى المجلس الأممى لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة؟ ولماذا تغتصب الإدارة الأمريكية اختصاصات الشرعية الدولية فى هذا الميدان؟
القاهرة / احمد السيوفي

https://taghribnews.com/vdccpiq1.2bq148aca2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز