في يوم 7 تموز من العام 2014م، وقعت غزة للمرة الثالثة في أقل من ثمانِ سنوات ضحية للإجرام الصهيوني الذي طال كل مَعلم من معالم الحياة على هذه البقعة الفلسطينية الصغيرة، إلا أن المقاومة الفلسطينية استطاعت بكل بسالة وشجاعة منقطعة النظير أن تجعل هذا العدو الذي يمتلك أكبر ترسانة عسكرية في المنطقة يعيش مستنقع الهزيمة والشعور بالصدمة والانكسار أمام بسالة الفلسطيني المتجذر في ارضه ومتمسك بحقه في تقرير مصيره ونيل حقوقه.
شارک :
وسطرت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي بكافة تشكيلاتها العسكرية خلال معركة "البنيان المرصوص" إلى جانب فصائل المقاومة الفلسطينية أروع صور الملاحم والبطولات.
وتميزت المقاومة الفلسطينية في أدائها وقدرتها على إيلام العدو عبر تنفيذ العديد من العمليات النوعية، وقد حققت المقاومة الفلسطينية في مقدمتها سرايا القدس، انجازات عسكرية تاريخية باستهدافها مدنا صهيونية تقع في عمق الكيان كـ(تل أبيب)، كما استهدفت القدس المحتلة ونتانيا ومفاعل ديمونا ومفاعل ناحال تسوراك ومطار بن غوريون وغيرها لأول مرة، واستطاعت المقاومة أيضاً أن تهدد سلاح الجو الصهيوني، وسلاح البحرية بشكل محدود، إلى جانب تمكن المقاومة للمرة الأولى من ممارسة الحرب النفسية على جيش الاحتلال ومستوطنيه بصورة ذكية فاجأت العدو والعالم واستطاعت اختراق هواتف الجنود الصهاينة وبث رسائل تهديد لهم في حال فكروا الدخول برياً لقطاع غزة.
وأدارت المقاومة الفلسطينية المواجهة مع الاحتلال بثبات واستطاعت أن تتحكم بسير المعركة بطريقة أربكت العدو، وشكلت عنصر المفاجأة عاملاً أساسياً في ضرب معنويات الجبهة الداخلية للعدو.
سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، في ذلك الوقت أعلنت عن دك حصون المحتل خلال "معركة البنيان المرصوص" الجهادية بـ3249 صاروخ وقذيفة، من بينها صواريخ براق 100 وبراق 70 وفجر 5 وجراد وقدس وقذائف هاون وصواريخ 107 وC8k وكورنيت ومالوتكا.
أما على مستوى التصدي للعملية البرية التي شهدتها الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، فتمكنت سرايا القدس من استهداف العديد من الآليات العسكرية والقوات الخاصة بصاروخي كورنيت ، و4 صواريخ من طراز مالوتكا وعشرات العبوات الناسفة، وقذائف الـ RPG وتنفيذ عدة عمليات قنص واشتباكات وكمائن.
وزفت سرايا القدس إلى علياء المجد والخلود 135 من خيرة مجاهديها وقادتها الميامين الذين ارتقوا في عمليات استهداف صهيونية منفصلة في قطاع غزة، وأبرزهم الشهيد القائد صلاح أبو حسنين عضو المجلس العسكري ومسئول الإعلام الحربي في قطاع غزة، والشهيد القائد دانيال منصور عضو المجلس العسكري وقائد سرايا القدس بلواء الشمال.
وكان الدكتور المجاهد رمضان شلح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي قال في تصريح سابق: "إذا كان أحد يراهن على أن المقاومة سينفذ سلاحها، وتأتي راكعة أقول لهم: اختصروا الطريق فهذا الرهان خاسر، وإذا لم يوقف العدوان فبرميل البارود في غزة سيتحول إلى كتلة من اللهب ترمي بشرارتها على المنطقة لتحرقها".
واستطرد في القول :" نحن نخوض معركة غير مسبوقة في تاريخ الصراع، والمقاومة أذهلت العدو والصديق".
وأضاف "هذه المعركة هي الأولى في تاريخ الأمة والتي استهدفت فيها كل مدن كيان الاحتلال".
وأشار إلى أن الاحتلال إذا غامر أكثر من ذلك في قطاع غزة فسوف يتكبد خسائر كبيرة"، مشدداً على أن المقاومة قلبت المعادلة من اليوم الأول للمعركة عندما سقط أول صاروخ على تل ابيب من سرايا القدس.
وبين أن المقاومة اليوم صنعت أفق أكبر من التفاصيل وقطاع غزة سيعدل مسار تاريخ المنطقة بأكملها، وإن الذي سيرسم نهاية هذه المعركة هو أداء المقاومة في الميدان، مؤكداً أن إمكانات المقاومة أكبر بكثير مما يظن الاحتلال.
ولفت الأمين العام لحركة الجهاد إلى أن شعبنا في غزة يخوض معركة غير مسبوقة في تاريخ هذا الصراع ونحن واثقون جيداً بتحقيق النصر.
الجدير بالذكر :
ووقعت معركة "البنيان المرصوص" في الـ 8 من يوليو/تموز لـ2014م، و استمرت لنحو 51 يوماً، قدمت فيها غزة الجريحة 2,147 شهيدًا، منهم 530 طفلاً، و302 امرأة، و23 قتيلاً من الطواقم الطبية، و16 صحفياً، و11 قتيلاً من موظفي وكالة "الأونروا" التابعة للأمم المتحدة، فيما بلغ عدد الجرحى 10,870 جريحًا، منهم 3303 طفلاً، و2101 امرأة، وقدر المرصد الأورومتوسطي مجموع الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بالقطاع الاقتصادي في قطاع غزة بنحو 3 مليار و6 مليون دولار.
كما شهدت الحرب ارتقاء عدد من القادة العسكريين لسرايا القدس كـ صلاح أبو حسنين ودانيال منصور، وكتائب القسام كـ رائد العطار، ومحمد أبو شمالة، ومحمد برهوم.
لم تتوقف مشاهد العدوان الصهيوني عند هذا الكم الهائل من الإجرام بحق الإنسان الفلسطيني، بل تجاوز الأمر أن تجرأ الكيان الصهيوني الذي أسس دولة عدوانه على جماجم الأبرياء، على ارتكاب المزيد من الجرائم التي تضاف إلى سجله الحافل، فكانت مجازر الشجاعية، وخزاعة، ورفح، خان يونس والتي خلفت عددًا كبيرًا من الشهداء والجرحى وتدمير المنازل على رؤوس ساكنيها ومنع سيارات الإسعاف من الوصول لتلك الأماكن مما فاقم المعاناة.
وأمام هذا المشهد الدامي والمُظلم، كان صمود شعبنا الفلسطيني يسجل أروع صور الثبات والدعم للمقاومة الفلسطينية التي استمدت من صمود شعبنا القوى والعزيمة والإصرار على مواصلة المعركة بكل قوى وثبات، فقامت المقاومة بإطلاق القذائف الصاروخية بكل أنواعها المتوفرة نحو المواقع العسكرية واماكن تجمع الجنود والمستوطنات الصهيونية وصولاً لعمق الكيان ليوقعوا في صفوفهم القتل والرعب، فقتل نحو 140 ضابطًا وجنديًا صهيونيًا، وفق إحصائية للمقاومة الفلسطينية، فيما اعترف الاحتلال بمقتل 71 منهم. وأما الجرحى، فقد اعترف الاحتلال بـ 1620 جريحًا صهيونيًا، 322 خرجوا من الحرب بإعاقة، وهروب 292 جندي صهيوني من الخدمة العسكرية خلال معركة البنيان المرصوص، فيما أصيب 3000 جندي مصاب بصدمات نفسية جراء المعركة.
وبلغت تكلفة الحرب على جيش الاحتلال ما بين 3 و4 مليارات دولار منها 2.5 مليار خسائر في الذخائر والمعدات، أما خسائر المستوطنين المباشرة فقد بلغت أكثر من 450 مليون دولار، وقدم 18 ألف طلب تعويض للمستوطنين إلى حكومتهم، بينما بلغت خسائر قطاع السياحة في الكيان الصهيوني 650 مليون دولار، وقدرت الخسائر الاقتصادية المباشرة بحوالي مليار دولار.
/110