لقد باتت المقاومة مصدر النور الاساسي في لبنان الذي يضيء درب الحرية و السيادة و الكرامة الوطنية، و مصدر القوة الذي يحمي الوطن و كان متوقعا ان تعمل اسرائيل ما في وسعها للتخلص من هذه المقاومة التي عطلت مشاريعها، و لكن لم يكن مقبولاً ان الامم المتحدة و بكل هيئاتها واشخاصها ان تلاقيها في سعيها و تعمل لمصلحة المعتدي ضد المعتدى عليه ثم تجد لبنانيين يدعمون الامم المتحدة في خدمتها لاسرائيل.
شارک :
وكالة انباء التقريب (تنا)
بات واضحا ان لبنان لا يملك الاساسيات من عناصر و مقومات الدولة المستقلة وفقاً للسائد من القواعد، حيث ان لا دولة ان لم يكن هناك سلطة و سيادة و كلا الامرين غائبين في لبنان. فالسلطة في لبنان وهم غير قائم لان السلطة لا تعني وجود الموظفين و الاشخاص الذين يضاف الى اسمهم القاب من قبيل رئيس او وزير او نائب الخ .. بل ان السلطة توجد حيث تكون الحرية و القدرة على اتخاذ القرار والقدرة على تنفيذه و القدرة على تحقيق الاهداف التي توخاها المجتمع من دفاع و امن و تقديمات.
نعم لدينا حشد ممن يقبضون الرواتب و يتنعمون بالمكاسب على حساب الشعب الذي تتسرب بعض ما لديه من اموال الى جيوب اولئك الذين احترفوا سرقتها حتى كان عنوان السرقة الاكبر ان المتمول ياتي الى الحكم ومعه مليار، فينميه خلال عقد واحد الى 16 مليار، في مقابل دين على الدولة يرفعه من مليار الى 48 مليار في الفترة ذاتها.
اما السيادة، التي يفترض ان يحتفظ بها الشعب لنفسه من غير تنازل، و ان يتولى ممارستها ممثلون عنه يشكلون السلطة المنوه عنها، فان " جماعة المستثمرين في السلطة " تنازلوا عنها و بات لبنان تحت وصاية دولية اكيدة، وصاية تمارس من قبل موظفين اجانب يتحركون تحت تسميات متعددة من قبيل "ممثل الامين العام للامم المتحدة في لبنان " او "ناظر القرار ۱559" او "قائد قوات اليونيفل" او المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان "، فضلا عن بضعة سفراء لا يرد لهم طلب و لا يناقشون بما يأمرون، وصولاً الى مجلس الامن الذي يضع ملف لبنان و متفرعاته، على جدول اعماله الدائم ينظر فيه لحظة بلحظة، بحثاً عن وسيلة او قرار يناسب اسرائيل و يفتح الطريق امام مشاريعها في لبنان. مجلس الامن هذا يوصف بانه ممثل للشرعية الدولية الواجب الانصياع لها، و طبعا مع هدر للسيادة، لان السيادة ضاعت بتآمر او خنوع او استسلام.
و لان الوطنيين اللبنانيين الشرفاء ادركوا كل ذلك فانهم لجؤا الى قدراتهم الذاتية لاستعادة السيادة و التحرير ونظموا المقاومة التي ما نظمت الا بعد ان احتلت اسرائيل ارضهم و ظهر بوضوح قاطع ان لا سلطة وطنية تحررها او تدافع عن حقوقهم، كما لا هيئة دولية تؤمن ما عجزت السلطة الرسمية عن القيام به، و كان نجاح رائع لهذه المقاومة التي استطاعت ان تحرر الارض، ثم تمنع الاحتلال، ثم تمنع الحرب على لبنان من خلال امتلاكها القوة التي تردع العدو عن الهجوم.
نعم لقد باتت المقاومة مصدر النور الاساسي في لبنان الذي يضيء درب الحرية و السيادة و الكرامة الوطنية، ومصدر القوة الذي يحمي الوطن و كان متوقعا ان تعمل اسرائيل ما في وسعها للتخلص من هذه المقاومة التي عطلت مشاريعها، و لكن لم يكن مقبولاً ان الامم المتحدة و بكل هيئاتها و اشخاصها ان تلاقيها في سعيها و تعمل لمصلحة المعتدي ضد المعتدى عليه ثم تجد لبنانيين يدعمون الامم المتحدة في خدمتها لاسرائيل، اما الفضيع المستنكر حتما فهو ان تجد من يتولى شأنا في ما يسمى "سلطة " في لبنان او مسؤولية رسمية عامة، ان تجد هؤلاء يجهدون لمساعدة اولئك في محاصرة المقاومة و التآمر عليها، او تسهيل التآمر الخارجي عليها.
و الان نرى ان التآمر الدولي على مقاومة لبنان بات واضحاً و جليا و لم يعد سرا، فالمنتج الاميركي الصهيوني المسمى "محكمة خاصة بلبنان" ليس لها غاية الا حماية اسرائيل عبر ملاحقة من يدافع عن نفسه في مواجهتها، والمستغرب كما قلنا انه بدل ان يتصدى اللبنانيون جميعا ً لتلك المؤامرة عبر كشفها، (و ليس من طريق اقصر لكشف المؤامرة افضل من كشف المنظومة التي لفقت الاتهامات لسوريا و احدثت ما احدثت من نتائج سياسية وامنية وعسكرية ادت الى تغيير المسار العام في لبنان، منظومة زورت وقائع و حرفت السير عن الحقيقة و حصدت اسرائيل و اميركا النتائج). تجد فئة منهم يبذلون الغالي و النفيس و يعرضون مصالح المواطنين للخطر عبر تجميد اعمال مجلس الوزراء كل ذلك لمنع كشف المؤامرة و من وراءها في لبنان، موقف احدث الشرخ في لبنان و اظهر اللبنانيين فئتين: - فئة الحقيقة و الكرامة و السيادة الوطنية، التي تسعى الى كشف المؤامرة و سد نوافذ الشر و منع دخول الريح السموم الى لبنان و التفرغ للدفاع عن الوطن . - و فئة الارتهان للخارج و التآمر على المقاومة، و التنازل عن السيادة الوطنية، و التي تعول على المؤامرة و ما سينتج عنها من فتنة تمكن اسرائيل من تحقيق اهدافها في لبنان و تبقيهم في ما يسمى سلطة عليه.
والفئتان تتواجهان في مجلس الوزراء، مواجهة عطلت المجلس و منعت ملاحقة شهود الزور نتيجة التناقض الحاد بين الفريقين. و مع الجمود نسأل ما جدوى هذه الحكومة الان؟
قبل الاجابة قد يقول قائل بوجود حال ثالث من الوسطية التي تشكل مساحة جمع المتناقضين لكننا لا نرى في المواضيع الجذرية الحساسة محلا لذلك، فلا وسطية بين من يريد السيادة و من يتنازل عنها لان السيادة لا تتجزأ تحضر كلها او تغيب كلها، و لا وسطية بين حق و باطل، و بين حرية و ارتهان. نفي يقودنا الى القول بان الحكومة الحاضرة و بعد افتضاح امر كل من فيها، حكومة غير قادرة على الاستمرار، و يجب ان يكون هناك اختيار و قرار بان يستلم الحكم فئة من الفئتين، فاما ان تتولى الشأن فئة التحرير و السيادة و تنشئ سلطة تنظم امر الداخل، و تواجه اسرائيل دفاعاً عن الوطن و تقيم الدولة، و اما ان تتغلب الفئة الاخرى و تتولى الامر و تتابع ما بدأته في اهدار السيادة و سرقة البلاد و منع قيام الدولة و تتحمل مسؤولية ما سيكون الوضع عليه بعد ذلك لاننا لا نعتقد انه بالامكان تكرار تجربة ما قبل العام ۲۰۰۸ التي انتجت من القرارات ما سيبقى لبنان يدفع ثمنه لعقود من الزمن.
انه زمن الاختيار و القرار و تجب المبادرة، والقبول بالممكن المتاح، اذ بات صعبا ان لم نقل اكثر ان يجمع سقف واحد مقاوم وطني مع متآمر عليه (مع علمنا بان صف المقاومة يتسع للجميع و تحت سقفها تقوم الوحدة الوطنية الحقيقية)، و نكرر السؤال عن جدوى بقاء حكومة المتناقضات المعطلة لمصالح الناس، و المسهلة لعمل الخارج ضد لبنان و مقاومته، متسببة بالموت البطيء للوطن، مع زعم بانها بوجودها تمنع الانفجار والدمار !!!!.