يجذب التصميم المعماري لمسجد القبة غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة الفلسطينيين للصلاة فيه، لمقاربة تصميمه من قبة الصخرة المشرفة بالمسجد الأقصى.
شارک :
ويشكل المسجد الذي استكمل بناؤه في السنوات الأخيرة معلما معماريا مميزا كونه نبت من بطن الحصار ليثبت قدرة الفلسطيني على التحدي والإبداع. وتمكن المواطن عبد الله أبو طه بجهوده الذاتية وتعاون أهل الخير من إنشاء مسجده على شكل قبة عملاقة فارغة في باطنها من الأعمدة بشكل هندسي معماري إسلامي مميز، يعتبر الأول من نوعه من حيث الشكل الهندسي والإبداعي في فلسطين. وتبلغ مساحة المسجد الذي يرمز في إنشائه إلى قبة الصخرة ٥٢٠ مترا مربعا وبارتفاع ١٦ مترا وقطر ٢٦ مترا بدون أعمدة داخلية بشكل دائري، ويتسع لنحو ألف مصل. ومكن قرب المسجد من شاطئ البحر على الطريق الساحلي الواصل بين مدينتي خان يونس ورفح من جعله محط أنظار المارة والزوار الذين يقدمون لرؤيته والصلاة فيه. وسعى لتصميم شكل جديد غير مألوف في فلسطين رغم معيقات إنشائه في ظل ظروف الحصار.
وقال أبو طه ما دفعني لإنجاز هذا المسجد على شكل قبة ضخمة هو إيجاد عمل معماري تراثي غير تقليدي، ولكوني أعمل مقاول بناء، فلدي الخبرة الكافية والموهبة والقدرة على إتمام ذلك رغم أني لم أدرس الهندسة المعمارية". وذكر أن فكرة إقامة المسجد خرجت إلى حيز التنفيذ بعد جلاء قوات الاحتلال من قطاع غزة عام ٢٠٠٥، حيث جسد صورة تحد واضحة كونه البناء الأول الذي يقام على أرض كانت تحتلها إسرائيل وتمنع البناء عليها. وأضاف أبو طه "بدأت في التنفيذ بجهد شخصي حتى استطعت إكمال وتأسيس المرحلة الأولى، ولكن مع اشتداد الحصار توقف العمل مؤقتا". وقال "لكن ذلك دفعني للاستعانة بأهل الخير الذين لم يبخلوا وتفاعلوا معي، حتى أن قوافل كسر الحصار التي كانت تأتي إلى القطاع ساهمت بتقديم مساعدات رمزية كان لها دور في إكمال هذا الصرح الإسلامي العريق". وأشار أبو طه إلى أن جميع ما استخدمه من أغراض ومواد خام في بناء المسجد في مرحلة التشطيب جلبها بأسعار مضاعفة عبر الأنفاق التي تربط قطاع غزة بمصر، وهو ما زاد التكلفة الإجمالية. وأوضح المواطن الفلسطيني أن كلفة المسجد الإجمالية بلغت ١٨٠ ألف دولار كانت كفيلة بإتمام المسجد بهذا الشكل، مناشدا الميسورين بتقديم يد العون والمساعدة لسداد ما تبقى من ديون البناء المتراكمة. ومن جانبه أوضح المشرف على إقامة المسجد المهندس سائد الترتوري أن المسجد عبارة قبة كروية كاملة بدون أعمدة، استخدم في تصميمها الخرسانة المسلحة بسمك ٢٥ سم إلى ١٠ سم، إضافة إلى عدد من الأعمدة والقواعد الخرسانية والأحزمة التي تدعم القبة من أعلاها. وقال أجريت للمسجد بعض المعالجات لمنع صدى الصوت الذي ينتج بسبب المساحة الفارغة الكبيرة باستخدام مواد جبسية ساعدت على تكسير الموجات والاتجاهات". وأوضح الترتوري أن أهم المزايا الهندسية التي يتمتع بها المسجد هي قدرته على الصمود أمام العوامل الجوية والتأثيرات البيئية مثله كأي منشاة أخرى حيث يستطيع البقاء عشرات السنوات، علاوة على المساحة الكبيرة التي يوفرها بفعل غياب الأعمدة التي تتوسط المسجد.