تاريخ النشر2020 8 April ساعة 10:18
رقم : 457942
في ذكرى مولد الحجة ابن الحسن العسكري (عج) ( النصف من شعبان )

الامام المهدي (عج) في الكتاب و السنة وسيرة اهل البيت

تنا
مسألة المهدية في الإسلام التي خُتمت بها الإمامة التي تمثّل الامتداد الحركي والثقافي للرسالة، فالأئمّة (ع) رسل الرسول (ص)، وهم الذين ينطقون عنه ويؤصّلون كلَّ ما ورد من سنّته، ليقدّموها إلى الناس، ليروا في السنّة تفاصيل الكتاب، وليروا في الكتاب عناوين السنّة.
الامام المهدي (عج) في الكتاب و السنة وسيرة اهل البيت
 بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}.  ابن أبي شيبة:١٥/١٩٧ ، بروايتين عن علي (ع) ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة) . ومثله أحمد:١/٨٤ ، ونحوه ابن حماد:١/٣٦٢، بروايتين وتاريخ بخاري:١/٣١٧ ، كرواية ابن حماد الثانية ، عن علي عليه السلام ، وابن ماجة:٢/١٣٦٧، كابن شيبة ، عن علي عليه السلام ، وأبو يعلى:١/٣٥٩ ، عن ابن شيبة ، وحلية الأولياء:٣/١٧٧ كما في ابن شيبة ، بتفاوت يسير ، عن علي عليه السلام ، وأخبار إصبهان:١/١٧۰، وقال الشافعي في البيان/٤٨٧: وانضمام هذه الأسانيد بعضها إلى بعض ، وإيداع الحفاظ ذلك في كتبهم يوجب القطع بصحته . ومال ابن كثير في الفتن:١/٣٨ الى توثيقه ، وقال السيوطي في الدر المنثور:٦/٥٨: وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن ماجة . ورواه الجامع الصغير:٢/٦٧٢، وحسنه . ومرقاة المفاتيح:٥/١٨۰، وفيه: من أهل البيت ، وقال: أي يصلح أمره ويرفع قدره في ليلة واحدة أو في ساعة وأحدة من الليل ، حيث يتفق على خلافته أهل الحل والعقد فيها. والمغربي/٥٣٣ ، وقال: وهو حديث حسن كما قال الحفاظ ، وقد وهم بعضهم فظن أن ياسين هو ابن معاذ الزيات لأنه وقع في سنن ابن ماجة غير منسوب ، فحكم بضعفه بناء على وهمه ، وظنه أن ياسين هو الزيات لاالعجلي ، أما العجلي فثقة) .


 مئات الروايات الواردة عن رسول الله والأئمّة من أهل البيت، والتي تدلُّ على تعيين المهديّ عليه السلام وكونه من أهل البيت عليهم السلام :

أخرج أحمد وابن أبي شيبة وابن ماجة ونعيم بن حمّاد في الفتن

عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: "المهديّ منّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة".
راجع: الحاوي للفتاوي / السيوطي 2: 213 و 215 وفيه،

أيضاً: أخرج أحمد وابن أبي شيبة وأبو داود، عن عليّ، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لو لم يبقَ من الدهر إلاّ يومٌ لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً"، و راجع: صحيح سنن المصطفى 2: 207، وسنن ابن ماجة 2: 1367 / 24085.
 
ومن ولد فاطمة عليها السلام:

الحاوي للفتاوي / السيوطي جلال الدين 2: 214، قال: وأخرج أبو داود وابن ماجة والطبراني والحاكم عن أمّ سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "المهديّ من عترتي من ولد فاطمة". راجع صحيح سنن المصطفى لأبي داود 2: 208.
 
ومن ذرية الحسين عليه السلام:

منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر / لطف الله الصافي الكلبكاني ص 203 دلايل الامامة ،... قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لا تذهب حتى يقوم بأمر أمتي رجل من ولد الحسين يملأ الدنيا عدلاً كما ملئت ظلماً " – بتصرف الناقل-3.
 
وأنه التاسع من ولد الحسين عليه السلام:

منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر / لطف الله الصافي الكلبكاني ص 209/ 2- كفاية الأثر:... قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله : " لا تقوم الساعة حتى يقوم قائم الحق منا ، و ذلك حين يأذن الله عز و جل فمن تبعه نجى، و من تخلف عنه هلك، فالله الله عباد الله ايتوه على الثلج !! فانه خليفة الله قلنا يا رسول الله متى يقوم قائمكم؟ قال: اذا صارت الدنيا هرجاً و مرجاً و هو التاسع من صلب الحسين " – بتصرف الناقل -.
 
حديث "الخلفاء بعدي اثنا عشر كلهم من قريش" أو "لا يزال هذا الدين قائماً ما وليه اثنا عشر، كلهم من قريش".
هذا الحديث متواتر، روته الصحاح والمسانيد بطرق متعدّدة وإن اختلف في متنه قليلاً.

فإنّ هذه الروايات تحدّد تلك الفكرة العامة وتشخيصها في الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت، وهي روايات بلغت درجة كبيرة من الكثرة والانتشار، على الرغم من تحفّظ الأئمّة واحتياطهم في طرح ذلك على المستوى العام، وقايةً للخلف الصالح من الاغتيال أو الإجهاز السريع على حياته.

و ليست الكثرة العددية للروايات هي الأساس الوحيد لقبولها، بل هناك إضافة إلى ذلك مزايا و قرائن تبرهن على صحّتها، فالحديث النبوي الشريف عن الأئمّة أو الخلفاء أو الأمراء بعده وأنهم اثنا عشر إماماً أو خليفةً أو أميراً - على اختلاف متن الحديث في طرقه المختلفة - قد أحصى بعض المؤلفين رواياته فبلغت أكثر من مئتين وسبعين رواية، مأخوذة من أشهر كتب الحديث عند الشيعة والسنّة،

بما في ذلك البخاري7 ومسلم8 والترمذي9 وأبي داود 10ومسند أحمد11 ومستدرك الحاكم على الصحيحين12،

ويلاحظ هنا أنّ البخاري الذي نقل هذا الحديث كان معاصراً للإمام الجواد والإمامين الهادي والعسكريّ، وفي ذلك مغزىً كبير, لأنه يبرهن على أنّ هذا الحديث قد سُجّل عن النبيّ قبل أن يتحقق مضمونه وتكتمل فكرة الأئمّة الاثني عشر فعلاً، وهذا يعني أنه لا يوجد أي مجال للشك في أن يكون نقل الحديث متأثراً بالواقع الإمامي الاثني عشري وانعكاساً له, لأنّ الأحاديث المزيفة التي تنسب إلى النبيّ ـ وهي انعكاسات أو تبريرات لواقع متأخر زمنياً ـ لا تسبق في ظهورها وتسجيلها في كتب الحديث ذلك الواقع الذي تشكّل انعكاساً له،

فما دمنا قد ملكنا الدليل المادي على أنّ الحديث المذكور سبق التسلسل التاريخي للأئمّة الاثني عشر، وضبط في كتب الحديث قبل تكامل الواقع الإمامي الاثني عشري، أمكننا أن نتأكد من أنّ هذا الحديث ليس انعكاساً لواقع وإنما هو تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها من لا ينطق عن هوى 13، فقال: "إنّ الخلفاء بعدى اثنا عشر". وجاء الواقع الإمامي الاثني عشري ابتداءً من الإمام عليّ وانتهاءً بالمهديّ, ليكون التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث النبوي الشريف.

ويلتقي المسلمون كلّهم بفكرة الإمام المهدي (عج)، وإن اختلفوا في بعض التّفاصيل.

وقد ذكر ابن خلدون في مقدّمته
أن الروايات التي وردت عن النبي (ص) في الإمام المهدي (عج) بلغت حدّ التواتر، بحيث أصبحت من الضروريات التي لا يمكن أن يشكّ فيها أحد. ولذلك، روى السنّة والشيعة عن رسول الله (ص) ذلك، فمن الروايات التي رواها علماء أهل السنّة: "لا تذهب الدنيا حتى يلي رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي".

وعن أبي حذيفة الصحابي قال:
سمعت رسول الله (ص) يقول: "ويح هذه الأمّة من ملوك جبابرة، كيف يقتلون ويخيفون المطيعين إلا من أظهر طاعتهم، فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه، ويفرّ منهم بقلبه، فإذا أراد الله عزّ وجلّ أن يعيد الإسلام عزيزاً، قصم كلّ جبّار عنيد، وهو القادر على ما يشاء أن يصلح أمَّة بعد فسادها"، وهو (ص) يتحدث عن المستقبل الذي تتغيّر فيه حالة الإنسان من الظلم إلى العدل. ثم قال (ص): "يا حذيفة ـ وهو يشير إلى الشخصية التي يمكن أن تقود هذا التغيير الجذري ـ لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم واحد، لطوّل الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي تجري الملاحم على يديه ويُظهر الإسلام، لا يُخلف الله وعده، إنه سريع الحساب"، إنّه وعد الله الذي لا بدّ أن يتحقّق.

 
وفي الحديث عن النبي (ص) رواه أبو سعيد الخدري:
"لاتنقضي السّاعة حتى يملك الأرض رجل من أهل بيتي، يملأها عدلاً كما ملئت من قبل جوراً". ويقول (ص): "إني مخلّف فيكم الثقلين؛ كتاب الله عزّ وجلّ وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض"، ليؤكّد (ص) من خلال هذا الحديث، أنه مادام الكتاب بين أيدي المسلمين، فهناك رجل من عترته في الموقع القيادي للإمامة، وهذا لا ينطبق إلا علي الامام المهدي (عج).

 عن الأصبغ بن نباتة عن ابن عباس قال:

قال رسول الله(ص): " لما عُرج بي إلى السماء السابعة, ومنها إلى سدرة المنتهى, ومنها إلى حُجُب النور, ناداني ربي تعالى: يا محمد, أنت عبدي وأنا ربك، فلي فاخضع, وإياي فاعبُد, وعليَّ فتوكَّل، وبي فثق, فإني رضيتُ بك عبداً وحبيباً ورسولاً ونبياً, وبأخيك علي خليفة وبابا، فهو حجتي على عبادي, وإمامٌ لخلقي، به يُعرف أوليائي من أعدائي, وبه يميز حزب الشيطان من حزبي, وبه يُقام ديني, وتُنفذ أحكامي, وبك وبه وبالأئمة من ولده أرحم عبادي وإمائي، وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي، وبه أطهر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي، وبه أجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمتي العليا، وبه أُحيي عبادي وبلادي بعلمي، وله أُظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي، وإيَّاه أُظهر على الإسرار والضمائر بإرادتي, وأمدُّه بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني، ذاك ولي حقاً, ومهديُّ عبادي صدقا" .
 
 اليقين بالظهور فعلُ إيمان لا نحيد عنه، وترقُّب الظهور أملاً بالفرج عبادة، وأملنا كبير أن نكون في عصر الظهور، ويكفينا أن نعيش الأمل لنحصل على بركات الحجة (عج) الذي يرعانا في غيبته، هذا هو إيماننا، ودعاؤنا الدائم: اللهم عجل فرج وليِّك القائم، واجعلنا من أنصاره وأعوانه، والمستشهدين بين يديه.
 
إنَّ حجتنا في زماننا هو الإمام المهدي(عج) في غيبته الكبرى، وهي غيبة لا نستطيع التواصل المباشر معه أو رؤيته إلاَّ في حال إرادته لذلك، لكنَّه لا يفارقنا، ويحضر المواسم كموسم الحج، حيث يرى المؤمنين ولا يرونه، فعن أبي عبد الله(ع): "للقائم غيبتان، يشهد إحداها المواسم، يرى الناس ولا يرونه". إنَّ عدم رؤية المؤمنين له لا يعني عدم وجوده، فقد أخبرتنا الروايات بحضوره بطريقة مختلفة عن حضور أحدنا في حياته اليومية، أي إنه يكون غائباً عنا لكنَّه يرانا، حيث يريد ، وحيث يحضر، فعن زرارة قال:
سمعت أبا عبد الله (ع) يقول:

"يفقد الناس إمامهم، يشهد الموسم، فيراهم ولا يرونه"
. وقد أكد أحد سفراء الإمام المهدي(عج) محمد ابن عثمان العمري(رض) بقوله: "والله إنَّ صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كل سنة، يرى الناس، ويعرفهم ، ويرونه، ولا يعرفونه".
 
لقد أجاب الإمام الصادق(ع) (أحد أصحابه) سليمان عندما سأله: فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ فقال(ع): "كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب". فآثار الفائدة لا تقتصر على المشاهدة، بل تعمّ جوانب كثيرة، منها: الاطمئنان إلى وجود الإمام المهدي (عج) الذي يكون على يديه الفرج، ما يعطي الأمل الدائم بنصرة الله تعالى لدينه، والتعلق بالقائد الذي يحقق السكينة النفسية عند اتباعه بسبب حضوره ووجوده، واستعداده لقيادتهم في يوم ما، وتسديده للمؤمنين بأشكال مختلفة لا نعلمها ولا ندركها ولكننا نلمس نتائجها...
 
إن نموذج المؤمنين في زمن الغيبة، أفضل بشكل عام من نموذجهم في أزمان حضور المعصوم، لأنَّ الغيبة تستبطن امتحاناً إضافياً في عدم الارتواء بالبركات والتوجيهات المباشرة لحضورالامام المعصوم. ومَنْ صبر على هذا الامتحان، وقدَّم أفضل ما عنده مضحياً بالمال والنفس في سبيل الله، حصل على ميزة التضحية في غياب بعض محفزاتها، ومَنْ يعطي من المؤمنين المجاهدين في زمان الغيبة، إنما يساهم أيضاً في مراكمة عطاءات المجاهدين لتعجيل الظهور، وهذه ميزة إضافية.

ولولا تمايز هؤلاء المجاهدين، لما تصدُّوا للكفر والنفاق والظلم، واستمروا حاملين لراية الإسلام المحمدي الأصيل.

يروي أبو خالد الكابلي قائلاً: دخلت على سيدي ومولاي علي بن الحسين زين العابدين(ع)، فقلت له: يا ابن رسول الله، أخبرني بالذين فرض الله عزَّ وجل طاعتهم ومودَّتهم، وأوجب على عباده الاقتداء بهم بعد رسول الله(ص)...ومما قاله له (ع):"...ثم تمتد الغيبة بولي الله عزَّ وجل، الثاني عشر من أوصياء رسول الله(ص) والأئمة من بعده. يا أبا خالد، إنَّ أهل زمان غيبته، القائلين بإمامته، والمنتظرين لظهوره، أفضل من أهل كل زمان، لأنَّ الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله(ص) بالسيف، أولئك المخلصون حقاً، وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله عزَّ وجل سراً وجهراً".

في ذكرى هذه الولادة المباركة، وفي ليلة النصف من شعبان التي تصادف هذه الليلة، علينا أن نرتفع بأرواحنا إلى الله تعالى، ونفتح قلوبنا لله، حتى ننزع منها كل حقد وبغضاء وسوء، لأنّ قلوبنا هي عرش الله، فهل تقبلون أن يكون عرش الله محلاً لعصبياتكم وأحقادكم وظلمكم؟

إنّ رسالة الإمام المهدي (عج) لكلّ الناس: كونوا مع العدل العالمي الشامل، كونوا مع كل صوت للعدل حتى لو كان هذا الصوت لا يلتقي معكم في دينكم، لأنّ الله تعالى يريد العدل لكلّ الناس، فالعدل فوق الصداقات والعداوات: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى؟ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى؟}.

وقد عاش الإمام زين العابدين (ع) هذا الجوّ الرسالي في دعائه، إذ يقول: "اللّهمّ ارزقني التحفظ من الخطايا، والاحتراس من الزلل، في الدنيا والآخرة، في حال الرّضى والغضب، حتى أكون بما يرد عليّ منهما بمنزلة سواء، عاملاً بطاعتك، مؤثراً لرضاك على ما سواهما في الأولياء والأعداء، حتى يأمن عدوّي من ظلمي وجوري، وييأس وليّي من ميلي وانحطاط هواي". 

و نختم بالدعاء اللهم كن لوليك ........


             


اعداد وتدوين
علي اكبر بامشاد


 
https://taghribnews.com/vdcay0nyu49nmo1.zkk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز