في ذكرى استشهاد سيدة نساء العالمين من الأولين الآخرين
السیدة فاطمة الزهراء(س) رمز المرأة المسلمة ومنهاج يقتدي به الصالحون
تنا- خاص
السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام قمر يشع ، ولا يبلى بهاؤه .. إنها كلمة طيبة ترددها شفاه المؤمنين، ومنهاج يقتدي به الصالحون .. إنها شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها .
شارک :
السلام عليكِ يا زهراء .. السلام عليكِ يا بنت رسول الله ..السلام عليكِ يا زوجة ولي الله .. السلام عليكِ يا أم الأئمة الأطهار .. عليكِ منا سلام الله أبداً ما بقيتُ و بقي الليل و النهار ..
ولدت السيدة فاطمة الزهراء (ع) بعد مبعث الرسول (ص) بخمس سنين في بيت الطهارة والإيمان لتكون رمز المرأة المسلمة وسيدة نساء العالمين وأم الأئمة حيث كانت القطب الجامع بين النبوة والامامة. فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها.
صحيح إن فاطمة (س) رحلت عن هذه الدنيا إلى عالم الآخرة قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام ، إلا أنها لم تسكن في زاوية من زوايا التاريخ ، ولم ينحصر ذكرها في أسطر مكتوية في صفحات مطويات ، بل هي حاضرة في ضمائر المؤمنين في كل عصر ومصر ، كما هي حاضرة في ضمائر الأحرار والحرائر من أبناء آدم وبنات حواء . ذلك لأنها نموذج الحق ، وقمة الإيمان ، ورمز تحدي الظلم ومواجهة الطغيان ..
كانت السیدة فاطمة الزهراء عليها السلام معلّمة للناس في عصرها، خاصّة النساء، فقد كنّ يقصدنها ويسألنها عمّا بدا لهنّ من الأحكام الشرعيّة وتفسير القرآن الكريم، وحلّ النزاعات وترسيخ العقائد وغيرها. وكانت الزهراء عليها السلام تجيب عن كل الأسئلة الموجّهة إليها بكل رحابة صدر، وهي بذلك تؤصّل العديد من القيم والأصول الأخلاقيّة والفقهيّة، لتكون بيد كلّ الأجيال. ونذكر على سبيل المثال نماذج من ذلك:
جاءت امرأة إلى السيدة الزهراء عليها السلام وسألتها العديد من الأسئلة الشرعيّة حتى خجلت المرأة والسيدة فاطمة عليها السلام تجيب بكل رحابة صدر دون ملل أو سأم.
وروي عن الإمام العسكري عليه السلام أنّه قال: “… وحضرت امرأة عند الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السلام فقالت: إنّ لي والدة ضعيفة، وقد لبس عليها في أمر صلاتها شيء، وقد بعثتني إليك أسألك، فأجابتها فاطمة عليها السلام عن ذلك، ثمّ ثنّت، فأجابت، ثمّ ثلّثت [فأجابت] إلى أن عشّرت، فأجابت، ثم خجلت من الكثرة،
فقالت: لا أشقّ عليك يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
كانت السيّدة فاطمة عليها السلام قاضيةً بين النساء، تحِلُّ النزاعات والخلافات، سواء الأسريّة أو العقائدية وغيرها، ومن جملتها القصّة المعروفة عندما: “اختصم إليها امرأتان، فتنازعتا في شيء من أمْر الدين، إحداهما معاندة، والأخرى مؤمنة، ففتحت على المؤمنة حجّتها، فاستظهرت على المعاندة، ففرحت فرحاً شديداً، فقالت فاطمة عليها السلام: “إنّ فرح الملائكة باستظهارك عليها أشدّ من فرحك، وإنّ حزن الشيطان ومَردته بحزنها أشدُّ من حزنها”.
أي أنّها بيّنـت عليها السلام حجّــة ودليــل المرأة الموالية .
و افضل ماقیل في فضل السيدة فاطمة الزهراء (ع) احاديث رسول الله (ص) :ـ
قال (ص) : كُنْتُ إذا اشْتَقْتُ إِلى رائِحَةِ الجنَّةِ شَمَمْتُ رَقَبَةَ فاطِمَة.
وقال (ص) : ما رَضِيْتُ حَتّى رَضِيَتْ فاطِمَة.
وقال (ص) : اذاكانَ يَوْمُ القيامَةِ نادى مُنادٍ: يا أَهْلَ الجَمْعِ غُضُّوا أَبْصارَكُمْ حَتى تَمُرَّ فاطِمَة .
وقال (ص) : أَحَبُّ أَهْلِي إِليَّ فاطِمَة.
وقال (ص) : سيّدَةُ نِساءِ أَهْلِ الجَنَّةِ فاطِمَة .
وقال (ص) : إذا إشْتَقْتُ إلى ثِمارِ الجنَّةِ قَبَّلتُ فاطِمَة .
وقال (ص) : مخاطبا الزهراء (ع) : فاطِمَة إِنّ اللّهَ غَيْرُ مُعَذِّبِكِ وَلا أَحَدٍ مِنْ وُلْدِكِ .
وقال (ص) : فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي، يُريبُنِي ما رابَها، وَيُؤذِيني ما آذاهَا.
وقال (ص) : فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يَسُرُّنِي ما يَسُرُّها.
وقال (ص) : فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي فَمَنْ أَغْضَبَها أَغْضَبَنِي .
وقال (ص) : فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يُؤْذيِني ما آذاها وَيَنَصُبَني ما أنَصَبَها.
وقال (ص) : فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي يُغْضِبُني ما يُغْضِبُها وَيَبْسُطُني ما يَبْسَطُها .
وقال (ص) : فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي وَهِيَ قَلْبِيْ وَهِيَ روُحِي التي بَيْنَ جَنْبِيّ .
وقال (ص) : فاطِمَة بَهْجَةُ قَلْبِي وَابْناها ثَمْرَةُ فُؤادِي.
وقال (ص) : فاطِمَة إِنّ اللّهَ يَغْضِبُ لِغَضَبَكِ .
وقال (ص) : فاطِمَة خُلِقَتْ حورِيَّةٌ فِيْ صورة إنسيّة.
وقال (ص) : فاطِمَة سِيِّدةُ نِساءِ أَهْلِ الجَنِّة 25.
وقال (ص) : فاطِمَة أَنْتِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتي لُحُوقاً بِي.
وفي الصواعق المحرقة لابن حجر ص 190 أن النبي (ص) قال إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش " يا أهل الجمع نكسوا رؤوسكم وغضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد على الصراط فتمر مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمر البرق.
العبادة و الدعا ء : الزّهراء (ع) هي العابدة لله، الّتي كانت تعيش اللّيل مع الله، كانت تدعوه وتدعو للمؤمنين والمؤمنات، وكانت تخشع بين يديه وتتوسّل إليه، وبذلك كانت تستمدّ من هذه السّاعات التي تقضيها مع الله سبحانه وتعالى، تستمدّ الطاقة على كلّ المعاناة التي تعيشها.
ويُنقل عن الزّهراء (ع) دعاء كانت تدعو به في أوقات جلوسها بين يدي الله ، التی كانت تدعو بها الزّهراء (ع)، وهذه ثقافة الدّعاء، وأن نلتقط الأشياء التي نقدِّمها أمام الله سبحانه في الدّعاء.
و ذكر هذا الدّعاء للزّهراء (ع) صاحب "مهج الدّعوات": "اللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي"، اجعلني فيما ترزقني من رزقٍ قانعةً به، أن لا أمدّ عينيَّ إلى الناس، وأن لا أشكو من رزقك، وإنما أدرس هذا العطاء الّذي أعطيتني إيَّاه من خلال ظروفي الطبيعيّة، أدرسه وأقنع به، وأحاول في رجوعي إليك، وبجهدي، أن أطوّره أكثر، ولكن قنّعني به حتى لا أمدّ يدي إلى الناس، قنّعني بما رزقتني حتّى لا أذلّ أمام الناس، قنّعني بما رزقتني حتى لا أُسقط مواقفي ولا أُسقط شرفي ولا أسقط أخلاقي من خلال ما أمدّ به يدي إلى النّاس، اجعلني أصبر على نفسي لأنّ الناس لا يصبرون عليّ.
"قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي واستُرنِي"، لا تفضحني فيما اطّلعت عليه من سرّي، "وَعَافِنِي أبداً ما أبقيتَنِي"، ارزقني العافية يا ربّ، "واغفِرْ لِي" ذنوبي التي أذنبت بها في كلّ حياتي، "وارحَمنِي إذا تَوَفّيتَني"، فإذا جاءتني الوفاة، ولم يبق لي إلّا أنت، ارحم في ذلك البيت الجديد غربتي، حتى لا أستأنس بغيرك.
"اللَّهُمَّ لا تُعْيِنِي في طَلَبِ مَا لم تقدِّر لي". تقول يا ربّ، هناك بعض الأشياء التي أنت تعرف بعلمك أني لن أحصِّلها، فلا تجعلني أتعب في السعي وراء شيء تعرف أنّني لن أحصل عليه، "وَمَا قَدَّرتَهُ علَيَّ فاجعلهُ مُيَسَّراً سَهلاً".
"اللَّهُمَّ كافِ عَنِّي وَالِدَيَّ" {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}[الإسراء: 24] "وَكُلَّ مَن لهُ نِعمَةٌ علَيَّ خيرَ مُكَافأة".. إنّني أستغفر لوالديّ، وأطلب منك أن تكافيهما، لأنهما أنعما عليّ، وأريدك يا ربّ أن تكافي عني كلّ من أنعم عليّ، وكلّ من قَدّم لي خيراً.. وهذا ما يجعل الإنسان دائماً يتحسّس الذين يقدّمون له الخير والنّعمة.
"اللَّهُمَّ فَرِّغنِي لما خَلقتَنِي لَهُ" لقد خلقتني لعبادتك، وخلقتني لطاعتك، وخلقتني للقيام بالمسؤوليّات الّتي حمّلتني إيّاها في الحياة، اللّهّم فرّغني لما خلقتني له، لا تشغلني عن طاعتك ولا عن عبادتك، فرّغني لما خلقتني له {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذّاريات: 56].. "وَلا تُشغِلنِي بما تَكَفَّلتَ لي به"، لا تشغلني بالرّزق الذي تكفّلت لي به. ليس معنى لا تشغلني أي لا تجعلني أعمل، بل لا تجعله همّي الأكبر الذي يُشغل فكري ويعطّل طاقاتي وعملي، "ولا تعذِّبنِي وَأنا أستغفرُك"، فإذا استغفرتك يا ربّ، فاعف عنّي ولا تعذّبني، "وَلا تَحرِمني وَأنَا أَسأَلُك" لأنّك تعطي كلّ من سألك.
"اللَّهُمَّ ذَلِّل نَفسِي فِي نَفسِي"، لا تجعلني أعيش الغرور، ولا تجعلني أعيش التكبّر، ولا تجعلني أعيش الاستعلاء على النّاس، اجعلني ذليلاً في نفسي، "وَعَظِّم شَأنَكَ في نَفسي، وأَلهِمْنِي طاعَتَك، وَالعَمَلَ بِما يُرضِيكَ، والتجنُّبَ لما يُسخِطُك، يا أرحَمَ الرَّاحِمِين .
السلام عليك أيتها الصدّيقة الشهيدة، السلام عليك أيتها المظلومة، السلام عليك أيتها العالمة التي ملأت حياتها علماً وجهاداً ورسالة، السّلام عليك يا سيّدة نساء العالمين، سيدتي فاطمة الزهراء، ورحمة والله وبركاته.
وعند وفاتها قيل :
عند ما فراغ الامام علی (ع) من دفن الزهراء (سلام الله علیها) رثاها قائلاٌ :
وردت نصوص متنوّعة تشيـر إلى أنّ الإمام عليّاً(عليه السلام) رثى الزهراء(عليها السلام) في جملة مواقف، ومن ذلك ـ مثلاً ـ في الفراغ من دفنها، حيث تذكر النصوص ـإضافةً لما تقدّم ـ أنّه بعد أن وضع أمير المؤمنين(عليه السلام) الصدّيقة الطاهرة ـ سلام الله عليها ـ في لحدها أنشأ يقول:
لكلّ اجتماع من خليلينِ فرقةٌ وكلّ الّذي دون الفراق قليلُ
وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمد دليلٌ على أن لا يدوم خليل
وقال(عليه السلام) أيضاً:
نفسي على زفراتها محبوسة يا ليتها خرجت مع الزفرات
لا خير بعدكِ في الحياة، وإنّما أبكي مخافة أن تطول حياتي
ولآية الله السيد محسن الأمين العاملي(قدس سره):
بأبي بضعة النبيّ اُضيعت بعده ما رعى لها الخلق حقّا
فقضت نحبها وقد أوهن الحزن قواها ودمعها ليس يرقى
دُفنت ما رأى لها الناس نعشاً لا ولم يُدرَ لحدها أين شُقّا؟
بيتُ شعرٍ لأمير الشّعراء "أحمد شوقي" يقول عنها:
وما تمنّى غيرها نسلاً ومن يلد الزَّهراء يزهد في سواها
والسَّلام عليها يوم ولدت، ويوم ماتت، ويوم تبعث حيّةً...