خاص تنا - خطوة بالغة الخطورة اسرائيليا تستكمل بناء محور المقاومة
خاص - تنا بيروت
شارک :
مع مغادرة آخر القوات الاميركية للعراق تجمع التعليقات الاسرائيلية على ان الخطوة تشكل بداية مرحلة جديدة تحمل العديد من المخاطر بالنسبة لاسرائيل من الناحية الجيوستراتيجية، وتضيق الخناق على قدرة اسرائيل في خياراتها الحربية التي باتت اكثر صعوبة من ذي قبل مع تصاعد قوة ونفوذ محور المقاومة. الخطر الاول الذي يمثله هذا الانسحاب هو الفجوة والفراغ الاستراتيجي الذي سيتركه في المنطقة بعد زوال نظام صدام حسين كجزء من المنظومة التي تقف في وجه الامتداد الايراني في منطقة الشرق الاوسط، ولا يقف الامر عند هذا الحد بل ان الاسرائيليين يرون ان ايران هي الطرف الوحيد القادر على ملء الفراغ داخل العراق من خلال العلاقات العميقة التي تربط ايران بالكتل السياسية في العراق، وهي التي تمتلك اطول حدود مع هذا البلد وتربطها به علاقات تجارية متنامية ناهيك عما يحتله العراق من الناحية التاريخية من اهمية بالغة في الوجدان الشعبي الديني الايراني، هذه الامور ستجعل ايران الدولة الاولى ودون منافس في تأسيس علاقات جذرية ومتينة مع العراقيين. الخطر الثاني يتمثل باختلال التوازن الاستراتيجي الذي كان سائدا في ظل الوجود الاميركي في العراق، وما كان يمثله ذلك من فرض لميزان قوى يميل لصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة بحيث كانت القوة العسكرية الاميركية بالنسبة لاسرائيل بمثابة ضمانة استرايجية تمنع بروز اي قوة في المنطقة بشكل يمثل خطرا على الوجود الاسرائيلي وتخرق معادلة التفوق العسكري التي تعد عنصرا اساسيا في ضمان امن اسرائيل ووجودها في المنطقة، واذا ما نظرنا الى خارطة الموازين الاستراتيجية في المنطقة فإن ايران التي تراكم قدراتها العسكرية والتكنولوجية ستكون التحدي الاكبر الذي على اسرائيل مواجهته بمفردها في ظل غياب الوجود الاميركي الفعال على الارض الذي كان يتمثل بالوجود العسكري الاميركي في العراق. الخطر الثالث هو الوجهة التي يسير نحوها العراق المستقبلي وقد ابدى الساسة والمحللون الاسرائيليون تشاؤمهم الشديد من هذه الناحية لأن نتيجة الاحتلال الاميركي للعراق تمخضت عن تسلم السلطة في العراق من قبل تيارات سياسية تكن العداوة لاسرائيل، وتتضامن تلقائيا مع المحور المعادي لاسرائيل، ولا يمكن ان يتم احتسابها على الدول العربية المعتدلة نتيجة المواقف السلبية لبعض الدول العربية المعتدلة من تطورات العراق ما بعد صدام حسين، لذا فإن الارضية مهيأة وفق التحليل الاسرائيلي لأن يكون العراق جزءا من محور يمتد من ايران الى العراق وسوريا ولبنان، ويمثل حالة من التهديد الخطير على وجود اسرائيل وقد وصل الامر ببعض المعلقين الاسرائيليين الى وصف هذا الوضع بتواصل ايران جغرافيا مع الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة مع كل ما يحمل ذلك من ابعاد استراتيجية خطيرة بالنسبة لاسرائيل ووجودها. يتفرع عن هذا الامر سهولة حركة انتقال السلاح الى لبنان وسوريا عبر العراق، وهذا ما يسهل على اطراف هذا المحور التزود بكل الوسائل العسكرية الموجودة لدى مركز المحور المتمثل بايران، بعد ان كانت حركة هذا الانتقال تواجه صعوبات عدة نتيجة عدم التواصل الجغرافي والاضطرار للمرور في الاجواء التركية او عبر البحار ما كان يعرض هذه العملية لمخاطر الاعتراض من قبل العديد من الاطراف، الجانب الاخر يتعلق بالوضع الذي سيلعبه العراق في المرحلة المقبلة، هل سيكون العراق جزء من استراتيجية عسكرية موحدة لمحور المقاومة؟ وهل سيشكل قاعدة للانتشار الصاروخي التي يمكن ان تهدد اسرائيل وتوفر لهذا المحور مساحة جغرافية جديدة تجعل انتشاره العسكري اكثر اتساعا واكثر صعوبة على التدمير في اي مواجهة مقبلة؟ كما ان موضوع تسليح القوات العسكرية العراقية سيكون موضع مراقبة من قبل تل ابيب لا سيما ان العراق لم يبني قوته العسكرية بعد ولم يمكنه الاحتلال من بناء قدرة عسكرية ذات اهمية ما سيطرح السؤال حول البدائل، وهل ستكون ايران هي مصدر التسليح؟ وماذا ستكون طبيعة القوة التسليحية للعراق؟ وماذا سيكون عنوانها ووجهتها؟ وهل ستكون على نفس النمط القائم في القدرات الايراني والسورية التي تركز على القدرات الصاروخية التي تمثل خطرا وتحديا كبيرا بالنسبة لاسرائيل؟. الخطر الرابع وهو انهيار العديد من المكتسبات الاسرائيلية من الناحية الاستخباراتية بعد الانسحاب الاميركي من العراق، فقد كان الكيان الصهيوني يستفيد من الوجود الاميركي في العراق على مستوى جمع المعلومات حول ايران وقدراتها النووية والعسكرية من خلال الاستفادة من القدرة الاميركية على جمع المعلومات عبر الاراض العراقية، كما ان الكثير من الانباء تحدثت عن بناء جهاز الموساد محطات للتجسس على ايران خصوصا في شمال العراق، وهذه الامور ستصبح معرضة للزوال بفعل الخروج الاميركي من العراق، وبالتالي خسارة اسرائيل لعيونها التي كانت تنظر فيها عن قرب الى ما يجري في الاراضي الايرانية. الخطر الخامس ويتمثل بتاثير الخروج الاميركي من العراق على ما يسمى بمحور الاعتدال، وهذا الامر سيطرح العديد من التساؤلات بعد الانسحاب الاميركي حول دول هذا المحور، وهل سيبقى قائما اذا ما تراجع النفوذ الاميركي المباشر في المنطقة؟ ام ان دول هذا المحور وعلى رأسها السعودية ستجد ان من مصلحتها عدم الدخول في مواجهة مع الكتلة الجديدة التي ستتشكل في المنطقة، خصوصا ان الاميركيين سيكونون اقل تاثيرا على سياسات هذه الدول بعدما رفضت الولايات المتحدة طلبها بتأجيل الانسحاب من العراق لمنع ما تصفه هذا الدول تمدد النفوذ الايراني، فقد كان بناء محور من بعض الدول العربية واسرائيل هو طوق النجاة الذي يسعى اليه قادة تل ابيب لمواجهة تحديات صعود قوى المقاومة في المنطقة، وقد اصبح الامل بهذا الامر برسم تطورات الاحداث في المرحلة المقبلة مع ميل المعلقين الاسرائيليين الى ان هذا الخيار بات اكثر صعوبة في الوقت الراهن. الخطر السادس هو الخشية الاسرائيلية بشكل كبير من كون الانسحاب الاميركي من العراق اتى في مرحلة بالغة الحساسية تمر بها المنطقة، وهي تعيش مخاض الثورات العربية التي اودت بانظمة كانت تعد ركائز اساسية في الاستراتيجية الامنية الاسرائيلية خصوصا في الحالة المصرية، حيث يخشى قادة تل ابيب من بروز انظمة جديدة في البلدان العربية اكثر تشددا في التعاطي مع اسرائيل واكثر ميلا الى بناء علاقات جيدة مع ايران ما يشكل المزيد من الاضعاف لوضع اسرائيل الاستراتيجي، وسيكون نشوء نظام معاد لاسرائيل في مصر وعلى علاقة جيدة مع طهران من اكثر الكوابيس المزعجة لحكام تل ابيب، وهذا ما دفع ببعض المسؤولين الاسرائيليين ومن بينهم السفير الصهيوني السابق في القاهرة اسحاق لفانون الى دعوة الحكومة الاسرائيلية للتواصل مع الاحزاب الاسلامية في مصر من اجل ضمان عدم انهيار اتفاقية كامب ديفيد في حال وصولهم الى السلطة، ورغم ان الثورات العربية ولدت بنظر الاسرائيليين بعض الفرص كما هو الحال في الوضع السوري فإن تطورات هذا الملف وصمود النظام هناك وعجز الضغوط والتهديدات الخارجية عن اضعاف نظام بشار الاسد جعل الاسرائيليين يتريثون في توقعاتهم حيال تطورات الملف في سوريا، بعدما اطلق وزير الحرب الاسرائيلي تصريحات علنية تكشف عن امال اسرائيلية عميقة بضرب محور المقاومة من خلال كسر الحلقة السورية.