تاريخ النشر2012 18 October ساعة 13:41
رقم : 112670
بري لـ "السفير"

دفاع اللبنانيين في سوريا عن وجودهم حقٌ مشروع

تنا - بيروت
يرى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أن التحدي اليوم لم يعد يقتصر على مدى النّجاح في ضبط الحدود والحد من التأثّر والتّأثير بما يجري داخل سوريا،بل إنتقل إلى قلب لبنان مع تزايد النازحين السوريين الذين يضمّون في صفوفهم حالات إنسانية لا مشكلة معها،وأخرى ملتبسة يُخشى أن تُشكَّل عبئاً أمنيّاً
دفاع اللبنانيين في سوريا عن وجودهم حقٌ مشروع
بات جلياً أن سياسة الدولة اللبنانية في النأي بالنفس عن الأحداث السورية تعاني من ثقوب آخذة في الإتساع والتمدد، تحت وطأة إحتدام المواجهة العسكرية في سوريا وإرتفاع منسوب التفاعل اللبناني معها. 

وأمام تفاقم عوارض التّورُّط الداخلي، أصبح «الإختراع اللُّبناني» لمعادلة «النّأي بالنّفس» بحاجةٍ إلى صيانةٍ عاجلة، تُعيدُ الإعتبار إليه وتصحح الخلل الذي أصابه، قبل أن يجري تفريغه من كل مضمونه مع مرور الوقت، وتراكم الإنتهاكات له. 

والتحدي لم يعد يقتصر على مدى النجاح في ضبط الحدود والحد من التأثر أو التأثير بما يجري في داخل سوريا، بل هو إنتقل إلى قلب لبنان مع تزايد أعداد
النازحين السوريين الذين يضمون في صفوفهم حالات إنسانية لا مشكلة معها، وأخرى ملتبسة يخشى ان تشكل عبئا أمنياً. 

ويشدد رئيس مجلس النواب نبيه بري، من ناحيته، على وجوب ان تنأى جميع القوى اللبنانية بالنفس عما يجري في سوريا، ويؤكد لـ«السفير» ان ذلك «يصب في مصلحة لبنان والتوافق الوطني، وأيضا في مصلحة سوريا التي لا ينقصها المزيد من التدخل في شؤونها وصب الزيت على نار أزمتها». 

ويضيف بري: «لا يجوز أن يتجاوز البعض قاعدة «النأي بالنفس» ثم يطلب من الآخرين أن يلتزموا بها، وإذا خرق طرف هذه القاعدة فلا يحق له أن يلوم طرفاً آخر إذا خرقها بدوره.. على الجميع أن يلتزموا قولاً وفعلاً بعدم الدخول على خط الازمة السورية، وتجنب الخوض في مغامرات لا طائل منها، سوى تعريض الوضع اللبناني الهش أصلاً إلى مزيدٍ من التصدُّع. 

ولكن بري لا يلبث أن يستدرك قائلاً : من البديهي التأكيد أن من حق اللبنانيين المقيمين في قرى وبلدات سورية الدفاع عن وجودهم في حال تعرضهم لأي اعتداء مسلح، وهذا أمر لا يتعارض مع سياسة النأي بالنفس، ذلك أن الدفاع عن النفس هو حق مشروع
غير قابل للنقاش ولا يحتاج الى قرار سياسي من أحد، واللبنانيون المقيمون في المناطق السورية الحدودية لا ينتظرون إشارة من «حزب الله» أو «أمل» لحماية ممتلكاتهم وأرواحهم. 

ويلفت بري الانتباه الى أن هؤلاء اللبنانيين يقيمون في المناطق السورية المتاخمة للحدود منذ عشرات السنين، وهم دفعوا في الاساس ثمن تقسيمات سايكس ـ بيكو التي وضعتهم على الضفة الأخرى من الحدود بشحطة مقص، معتبراً أن من واجب الدولة اللبنانية الاهتمام بأحوالهم، وليس التخلي عنهم كما فعلت مع البقاع الذي أهملته منذ الإستقلال. 

ويشير بري الى أن سياسة النأي بالنفس لا تعني ترك الساحة مستباحة، على غاربها، بل هي ترتب مسؤوليات وواجبات على الدولة المعنية بضبط أي خلل ومنع استخدام أراضيها، بأي شكل من الأشكال، كمقر أو ممر للتورط في المواجهة العسكرية الحاصلة في سوريا. 

وإذ
يشدد على وجوب احتضان النازحين السوريين من الناحية الانسانية، تماماً كما فعلت سوريا في العام ٢٠٠٦ حين إحتضنت اللبنانيين، يلفت الإنتباه إلى أن ذلك يجب أن يترافَق مع التدقيق في حالات الوافدين إلى لبنان، وتسجيل أسمائهم وعناوين إقامتهم، بما يتيح إبقاءهم تحت عين الدولة. 

ويضرب مثالاً على كيفية التفريق بين البُعد الإنساني والأبعاد الأخرى، بالقول: «إذا دخل سوري جريح الأراضي اللبنانية طلباً للمعالجة، وهو يحمل سلاحا، ينبغي أن ينزع منه السلاح أولا ثم يعالج من إصابته». 

ويتابع: بعض الذين نزحوا الى سوريا في العام ٢٠٠٦ لم يكونوا من مؤيدي حركة «أمل» و«حزب الله»، ودمشق لم تسأل آنذاك عن انتماءاتهم وميولهم السياسية، ولكن هؤلاء التزموا تلقائياً بضوابط معينة وتجنبوا زج أنفسهم في الشأن السوري أو في أي أمر يخالف الانتظام العام، لأنه كانت هناك هيبة للدولة.. واليوم، المطلوب من السوريين الوافدين الى لبنان أن يتجنبوا التورط في الواقع الداخلي، تماماً كما أن المطلوب من
بعض اللبنانيين عدم التبرع بتقديم خدمات أمنية أو عسكرية لهم. 

ويلاحظ بري أن السوريين يتوزعون على المناطق اللبنانية تبعاً لمدى ملاءمة أهوائهم السياسية مع هويات تلك المناطق، مشيراً إلى أن لديه معطيات تفيد بأن معارضي النظام يطلبون التوجه إلى أماكن محسوبة على «قوى ١٤ آذار»، بينما يطلب مؤيدوه التوجه إلى أماكن محسوبة على «فريق ٨ آذار»، وكأن العدوى اللبنانية إنتقلت الى السوريين «الذين أصبحت لديهم على ما يبدو طبعة سورية من ٨ و١٤ آذار». 

ويحذر بري من خطورة عدم تنظيم ملف النازحين السوريين وضبطه، منبهاً إلى أن تركه سائباً يهدد بتحويله إلى قنبلة موقوتة. ويتساءل عما إذا كان هناك إدراك حقيقي لدى جميع المعنيين للتداعيات التي يمكن أن تترتب على الإهمال أو التراخي في هذا المجال، ما لم يتم إتخاذ الإجراءات الكفيلة بإبقاء هذه المسألة تحت السيطرة، مع التأكيد أن من واجب لبنان الرسمي والشعبي تقديم الرعاية والمساعدة للنازحين الهاربين من الحريق المشتعل في بلادهم. 

صحيفة السفير - عماد مرمل
https://taghribnews.com/vdcgux9qzak9q34.,rra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز