خصوم 14آذار: المعارضة تفعل كل شيء لعزل نفسها.. لا ميقاتي
عندمـا تدعـم أميـركا وأوروبا "حكومـة حـزب اللـه"!
تنا - بيروت
يبدو أن المعارضة إتخذت قراراً بخوض مواجهة مفتوحة تفتقر أولاً إلى المظلة الدولية، وتفتقر ثانياً إلى طرف داخلي يكون مستعداً لخوضها على الأرض، كما تقول مصادر ٨آذار، فأصبحت المشكلة مع المجتمع الدولي ومؤسسات الدولة، لتغدو المعارضة هي المعزولة تقريباً، لا ميقاتي!
شارک :
لم يكن أكثر المتفائلين في فريق ٨ آذار يتوقع أن ترتكب قوى ١٤ آذار كل هذه الفاولات في منطقة الجزاء السياسية، بعد ساعات قليلة من إغتيال اللواء وسام الحسن.
وإذا كان إغتيال الحسن قد وضع للوهلة الأولى قوى الأكثرية في موقع غير مريح، فإن اليد التي أمتدت سريعاً لإخراج هذه الأكثرية من الزاوية لم تكن سوى يد ١٤ آذار، نتيجة الإنفعال الذي أدار الهجوم المضاد، وأدى الى إصابة جسم المعارضة بجروح سياسية تسببت بها نيران صديقة.
ويمكن القول إن الهجوم الفاشل على السرايا شكّل نقطة التحول المفصلية التي أعادت تصحيح التوازن بين الحكومة وخصومها، بمعزل عن الظروف الحقيقية التي أحاطت به، وهل إنطلقت شرارته بقرار فردي أم سياسي، علماً أنه إذا كان هذا الهجوم قد دُبر بتخطيط مسبق وتوزيع أدوار داخل صفوف ١٤ آذار وانتهى الى ما انتهى إليه فهذه مصيبة، وإذا كان قد تم فعلاً بمبادرة فردية من بعض المتحمسين خارج أي مظلة سياسية، فالمصيبة أعظم.
والمفارقة أن الحكومة، التي أطلقت عليها المعارضة تسمية «حكومة حزب الله»، وكانت تواجه ما يشبه الحصار الخارجي عند ولادتها، باتت اليوم تلقى دعماً حاراً من الولايات المتحدة وحلفائها الأوربيين، بل إن هذه القوى الدولية هي التي تتمسك ببقاء الحكومة، وتحث أركان الحكم في لبنان على عدم جر البلاد الى الفراغ.
وقد دفع هذا المشهد أحد القياديين البارزين في الأكثرية للقول: «تصوروا أن واشنطن أصبحت حليفة حكومة حزب الله، وتبذل جهدها لمنع إسقاطها».
ومن الواضح، أن المجتمع الدولي الغارق في وحول الأزمة السورية يريد أن يتجنب في هذا التوقيت فتح أي جبهة جديدة، وهو ينظر الى لبنان باعتباره ساحة رديفة او ورقة احتياطية، لم يحن بعد أوان استعمالها، محتفظاً بإمكان استخدامها في الوقت المناسب تبعاً لمسار التطورات في سوريا، وبالتالي فإن مراكز القرار الدولي تتفادى صرف هذا الاحتياط الآن، ما دام أن الاتجاهات النهائية للمواجهة الأساسية مع نظام الرئيس بشار الأسد لم تتبلور حتى الآن.
ويمكن القول إن تقاطع مصالح حصل في هذه اللحظة بين المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، وبين الحكومة الحالية التي تضم «حزب الله»، حول ضرورة عدم تفجير الوضع الداخلي في لبنان، وإن يكن كل طرف ينطلق في موقفه من اعتباراته وأسبابه ومصالحه.
بالنسبة الى واشنطن وأوروبا لا أولوية تطغى على الملف السوري في هذه المرحلة، كما أن الإدارة الاميركية، التي تستعد للانتخابات الرئاسية بعد أسابيع قليلة، لا تبدو مهيئة للانشغال بمزيد من الملفات واتخاذ خيارات حاسمة بشأنها.
أما «حزب الله»، فليست له، بدوره، أي مصلحة او رغبة في دفع الساحة الداخلية الى فتنة مذهبية، ستكون المقاومة أول ضحاياها، بمعزل عن الرابح او الخاسر فيها، وبالتالي فإن الحزب يتجنب زج نفسه في آتون فوضى الشارع، مفضلاً في هذه اللحظة التسلح بالهدوء وإجهاض أي محاولة لاستدراجه الى صدام داخلي، برغم كل مظاهر الاستفزاز، تاركاً فريق ١٤ آذار في مواجهة الجيش وقوى الأمن الداخلي ورئيسي الجمهورية والحكومة، والمجتمع الدولي.
ويؤكد مقربون من الحزب أن ما يجري يثبت أنه من الحريصين فعلاً على منطق الدولة والقانون، وأنه يتهيب المساس بالسلم الأهلي الذي يستسهل البعض تعريضه لمخاطر كبرى.
وفي السياق ذاته، عُلم أن الرئيس نبيه بري أبلغ قيادات حركة «أمل» وكودارها بوجوب ضبط النفس وعدم الانجرار الى أي رد فعل على الاستفزازات الحاصلة، مشدداً على وجوب التعامل بمسؤولية عالية مع مرحلة ما بعد اغتيال الحسن والتي تكاد تكون نسخة طبق الأصل عن مرحلة ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
ويعتقد فريق ٨ آذار أن خصمه يعيش في حالة تخبط، ويتآكل لوحده ويغرق في الرمال المتحركة كلما أقدم على خطوة إضافية، ولذلك من الأفضل تركه عالقاً في مأزقه، وتفادي إنعاشه او معاودة شد عصبه، عبر الإنزلاق الى ملعبه. وترى مصادر ٨ آذار أن معالم مأزق المعارضة تتمثل في الآتي: - إخفاق «الضربة الاولى» في تحقيق أهدافها، بعد الفشل في اقتحام السرايا، فقد انقلب السحر على الساحر، وتحولت «موقعة السرايا» من رافعة مفترضة لمعركة إسقاط ميقاتي، الى عبء عليها.
- اصطدام المعارضة مع قوى الأمن الداخلي أمام مدخل السرايا بما تمثله من رمزية، ثم الاشتباك مع الجيش اللبناني في أماكن عدة، وإعلان أحد نواب الشمال عن النية بتنفيذ عصيان مدني في طرابس، وكلها ظواهر تتناقض كلياً مع شعار بناء الدولة الذي يتسلح به فريق ١٤ آذار، في حين بدا الفريق الآخر قادراً على الانضباط وإمساك قواعده، مفسحاً في المجال أمام الجيش لمعالجة الموقف الميداني.
- نأي المجتمع الدولي بنفسه عن معركة ١٤ آذار ضد حكومة ميقاتي، بما يثبت مرة أخرى أن القوى الدولية لا تعمل عند أحد او لحساب أحد في لبنان، كما قد يتوهم البعض أحياناً، بل إن الأولوية هي لمصالحها فقط، حيث لا مكان للعواطف او للصداقات.
- شعور ميقاتي ان خصومه لم ينجحوا في تعبئة الشارع السني ضده بحجم عددي كبير، قياساً الى معدل الجمهور الذي لبّى دعوة «المستقبل» وحلفائه الى إسقاط الحكومة في الشارع.
بهذا المعنى، يبدو أن المعارضة إتخذت قراراً بخوض مواجهة مفتوحة تفتقر أولاً إلى المظلة الدولية، وتفتقر ثانياً إلى طرف داخلي يكون مستعداً لخوضها على الأرض، كما تقول مصادر ٨آذار، فأصبحت المشكلة مع المجتمع الدولي ومؤسسات الدولة، لتغدو المعارضة هي المعزولة تقريباً، لا ميقاتي!