المقاومة تضرب بـ"الكورنيت" وتحمّل الاحتلال مسؤولية التصعيد
شارک :
خلال ساعات الظهيرة والمساء أمس، كانت جولة التصعيد العسكرية قد تراجعت نسبياً في قطاع غزّة، بعدما خلّفت نحو ٦ شهداء فلسطينيين وعشرات الجرحى، إضافة إلى ٤ إصابات على الجانب الإسرائيلي، وسط تهديد إسرائيلي بتوسيع رقعة الحرب سناء.
تتوافد جموع من الرجال والنساء على منزل عائلة أبو العطا الكائن في حيّ الشجاعية، حيث تختلط المشاعر، ما بين التعزية بإستشهاد الفتى مطر أبو العطا (١٤ عاماً)، والتهنئة بولادة شقيقه في اليوم نفسه الذي إستُشهد فيه أخوه البكر. تتحدّى قوة الطبيعة القوة العسكرية الإسرائيلية، التي صعّدت من عملياتها العسكرية ضدّ أهالي قطاع غزّة، وسيّلت الدماء على أرض الشجاعية شرق مدينة غزة قبل هطل مياه الأمطار التي ينتظرها سكان القطاع، بعد صيف حار أرهقهم.
«الله يرحمه، وينولك الصبر، والحمد لله اللي عوضك فيه خير بإبنك الجديد»، دارت هذه العبارة على لسان النساء المتوافدات على جميلة (٣٥ عاماً)، التي باتت ترى وتسمع وتتحدث ولا تعي ما تقول.
تصف ساعة ولادتها لطفلها الجديد، الذي أطلقت عليه اسم مطر أيضاً، وتقول: «وأنا في كشك الولادة، ذات المشهد رأيته في مطر حين ولدته، نسيت للحظات أن بكري توفي وأنني ألد للمرّة الأولى. مطر لم يمت، لكن حياته بدأت من جديد». أم مطر لم تكن مهيّأة للولادة. كان باقياً لولادتها ما يقارب نصف شهر، لكن خبر إستشهاد إبنها عجّل الولادة.
حكاية لا يمكن أن يشهدها سوى قطاع غزة الذي يشهد تصعيداً عسكرياً إسرائيلياً خلّف ٦ شهداء. وإستُشهد محمد سعيد شكوكاني، وهو أحد عناصر «سرايا القدس»، وذلك خلال إستهداف طائرات الإحتلال لمجموعة من رجال المقاومة في محيط أبراج الكرامة. فيما إستهدف قصف مدفعي للدبابات الإسرائيلية بيت عزاء يعود إلى عائلة حرارة، ما أدى إلى إستشهاد أربعة وإصابة ٣٠ وُصفت حالة ١٠ منهم بالخطيرة جداً، إضافة إلى بتر أطراف أغلب الإصابات.
وأوضحت مصادر طبية فلسطينية، أن الشهداء هم أحمد الدردساوي (١٨ عاماً) ومحمد حرارة (١٧ عاماً)، أحمد حرارة (٢٠ عاماً)، ومطر أبو العطا (١٦ عاماً)، مشيرة إلى أن جثث الشهداء وصلت ممزقة، إضافة إلى تشوّه أجساد المصابين نتيجة الإصابة المباشرة لهم. وأشارت المصادر إلى العثور على جثة فلسطيني سادس يدعى محمد عابد (٢٠ عاماً)، وهو ناشط في حركة الجهاد الإسلامي، في مخيم جباليا للاجئين.
وكانت المقاومة الفلسطينية قد استهدفت سيارة جيب إسرائيلية، تسير بمحاذاة الشريط الشرقي للمدينة، بصاروخ «كورنيت» المطور، حسب إعلان القناة العاشرة الإسرائيلية، ما أدى إلى إصابته مباشرة، واستدعى وصول الطائرات الإسرائيلية إلى المنطقة، إضافة إلى مواجهات مسلحة بين رجال المقاومة وجيش الإحتلال.
وأعلنت كتائب أبو علي مصطفى، الجناح العسكري للجبهة الشعبية، مسؤوليتها عن العملية، وذلك بقصفها دورية إسرائيلية بقذيفتين مضادتين للدروع. وأوضحت أن «العدو الإسرائيلي سيدفع ثمن دماء الشهداء التي نزفت».
وأكدت مصادر إسرائيلية إصابة أربعة جنود إسرائيليين، أحدهم بحالة موت سريري «حرجة جداً»، وآخران بحالة خطيرة، والرابع بحالة متوسطة، بعدما تعرضت دورية إسرائيلية لقذيفة مضادة للدبابات.
وعقب التصعيد الإسرائيلي، أعلنت تنظيمات المقاومة الفلسطينية، بينها سرايا القدس وكتائب الناصر صلاح الدين وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى، مهاجمة مواقع وتجمعات إسرائيلية محاذية لقطاع غزة بعدة قذائف صاروخية.
وأكدت حركتا حماس والجهاد الإسلامي رفضهما لتغيير قواعد التهدئة مع الجانب الإسرائيلي، مشيرتين إلى أن الهدوء في غزة سيقابله هدوء، وأنهما متلتزمتان بالرد على أي تصعيد إسرائيلي محتمل.
وحمّلت حركة الجهاد الإسلامي إسرائيل مسؤولية التصعيد في قطاع غزة، وخصوصاً أنها استهدفت المواطنين العزّل شرق مدينتي غزة وخان يونس.
وفي أعقاب حديث القناة العاشرة للتلفزيون الاسرائيلي عن قرب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، أكد مصدر مسؤول في حركة الجهاد الإسلامي أن تجدد الحديث عن التهدئة مع الاحتلال هو للاستهلاك الإعلامي فقط. وشدد على أنه «لا تهدئة ما دام الاحتلال لم يلتزم بتعهداته بوقف سياسة الاغتيالات».
من جهتها، أدانت «حماس» استهداف المدنيين. وأشار المتحدث باسم الحكومة المقالة في غزة، إيهاب الغصين، إلى أن محاولة الاحتلال تصدير أزماته الداخلية ولعبة الانتخابات على حساب الدم الفلسطيني لا يمكن القبول بها.
كذلك، رأى القيادي في حماس، مشير المصري، أن «محاولات تغيير قواعد التهدئة لن نسمح بها، ولن نسمح بممارسة الدعاية الانتخابية للجانب الإسرائيلي على حساب الدم الفلسطيني»، محذراً من أنه في حال «أي توسعة للاعتداءات، فإن المقاومة جاهزة لتوسيع ردودها».
