تاريخ النشر2014 25 February ساعة 12:31
رقم : 153247

صدمة استقالة الببلاوي المفاجئة !

تنا
لم تكن استقالة الدكتور حازم الببلاوي مفاجئة في جوهرها ، فحملات معسكر السيسي كانت متوالية عليه خلال الأسابيع الأخيرة وتحاول تحميله وحده فاتورة الانتكاسات الأمنية والاقتصادية .
جمال سلطان
جمال سلطان

بقلم : جمال سلطان
 لكن المفاجأة كانت في التوقيت ، لأن الترتيبات لم تكتمل فيما يخص ترشح المشير السيسي ، وخاصة في حسم أمور تتعلق بالمؤسسة العسكرية ، وهي الأهم في المعادلة الحالية ، لأن استقالة الحكومة تعني استقالة وزير الدفاع ضمنيا ، وإقالة وزير الدفاع وفق الدستور الجديد تحتاج اجتماعا من المجلس العسكري للموافقة وكذلك الموافقة على وزير الدفاع الجديد ، ومن الصعب أن يتم إعادة تكليف المشير السيسي بحقيبة وزارة الدفاع ، ثم يستقيل منها بعد أسبوع واحد تقريبا تمهيدا لترشحه للرئاسة ، كما لا يمكن تكليف رئيس الأركان بحقيبة وزير الدفاع في الوقت الذي يظل فيه السيسي قائدا عاما للجيش ، هي صورة مربكة جدا .

وحسب معلوماتي هناك حاليا اجتماع أزمة في المجلس العسكري من أجل دراسة الموقف وتحديد الاختيارات وحسم الأمور التي تراخت خلال الفترة الماضية ، وقد يتم الليلة أو غدا الإعلان عن قائد عام جديد للقوات المسلحة والاسم المرشح لوزارة الدفاع بديلا للمشير السيسي ، وهذا يعني أن استقالة السيسي من القوات المسلحة قد نفاجأ بها خلال ساعات أو غدا ، إلا أن يتم البحث عن "تحليل" قانوني لهذا الاشتباك ، والمحللون كثر في القانون المصري كما نعلم ، فكل شيء جائز ، وفي حدود معلوماتي أن قرار الببلاوي كان قرارا ذاتيا منه ، ولم يطلب منه أحد ذلك ، لا المشير السيسي والمؤسسة ولا الرئيس عدلي منصور ، ومنصور لا يملك ـ عمليا ـ الجرأة على قرار بهذا الحجم ، والسؤال هو : لماذا تسرع الببلاوي بقرار استقالته ، وهل تعمد أن يربك المشهد ، وهل أراد أن يحفظ آخر قطرة في كرامته السياسية بإعلان الاستقالة وليس الإقالة .

الأسماء المطروحة لرئاسة الوزارة خلفا للببلاوي يتصدرها المهندس إبراهيم محلب ، وزير الإسكان ، وهو الرجل الذي تربطه علاقات وثيقة بالمؤسسة العسكرية ، الآن وسابقا ، خاصة وأن أهم المشروعات الاقتصادية للجيش كان يتعلق بدائرة عمل محلب ، في استثمارات الأراضي والعقارات والطرق والبنية الأساسية ، غير أن المشكلة ستأتي من كون محلب أحد وجوه نظام مبارك المعروفين ، وأحد أصدقاء جمال مبارك والمقربين منه ، والذي قدم خدمات جليلة له ولشقيقه والأسرة بشكل عام في الفيلات أو القصور المملوكة لهم والتي تخضع للمحاكمات حاليا ، كما كان محلب عضوا بلجنة السياسات التي شكلها جمال لقيادة الحزب الوطني والتمهيد لمشروع التوريث .

فإبرازه وتوسيده رئاسة الحكومة يضع تعهدات المشير السيسي على محك المصداقية ، وخاصة كلامه عن أنه لا عودة لرموز ما قبل ٢٥ يناير ، أي رموز مبارك ، كما أن تولي محلب رئاسة الوزارة في هذه الفترة سيفهم على أنه محاولة الاستفادة من كفاءات وقدرات الفلول في إدارة العمليات الانتخابية وهندسة النتائج ، ونحن على أبواب استحقاقات انتخابية مهمة للغاية سواء لرئاسة الجمهورية أو البرلمان .

الببلاوي أربك المشهد فعلا ، وليس تمثيلا ، غير أن المؤسف أن الرجل لم يجد أحدا يبكي عليه وهو يودعه ، فقد خسر الجميع ، كما ظل حتى الأيام الأخيرة من حكمه وهو يدافع عن سياسات عقيمة ومدمرة ، سواء السياسات الأمنية أو الاقتصادية أو القوانين التي تم إصدارها وورطت البلد كله في متاهات ، كقانون التظاهر ، وكان عجيبا أن الرجل في كلمة الوداع يتحدث عن إنجازاته فيضع في أبرزها نجاحه في ترسيخ الديمقراطية واحترام الحريات وحقوق الإنسان ، هذا رجل أتى من الخيال وعاش في الوهم وذهب إلى العدم السياسي .


https://taghribnews.com/vdcbafb8zrhbs5p.kuur.html