الهجمة الإعلامية على إيران في خدمة الهدف السياسي لآل سعود
تنا
كثيرة هي التساؤلات وإشارات الاستفهام التي تطرح نفسها وبحدة في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، بل والمحيط الإقليمي لهذه المنطقة، وأبرز هذه التساؤلات: ماذا وراء كل هذا التصعيد الاستفزازي والهستيري لمملكة آل سعود حيال إيران؟
شارک :
أحمد صوان
وهل المسألة هي فقط مسألة إعلامية أو مواجهة إعلامية لإيران أم هي أكبر من ذلك بحيث تندرج في إطار المواجهة السياسية، حتى ولو انتقلت إلى مواجهة عسكرية، وهنا أيضاً يبرز دور الإعلام، أو لنقل المحطات والوسائل الإعلامية التي تتبناها مملكة آل سعود أو تقدم لها الرشاوى المالية، بشراء الذمم من أجل أن تخدم السياسة السعودية الحاقدة في تصوير إيران على أنها شيطان، أو العمل على شيطنة إيران ودورها؟..
من الواضح جداً أن مملكة آل سعود هي حليفة للولايات المتحدة أو بالأحرى أداة من الأدوات الأمريكية في المنطقة، وتقوم أمريكا بحمايتها، أو حتى بإصدار الأوامر والتعليمات لممارسة دورها ولو كان هذا الدور خارج إطار السياق السياسي العام للولايات المتحدة، ولقد استطاعت الولايات المتحدة عبر استئجار مملكة آل سعود لحمايتها الأمنية أن تشيع في سنوات قليلة ماضية، ولا سيما من خلال شن إسرائيل لعدوانيين أو أكثر على الشعبين الفلسطيني واللبناني في عامي 2006 و2009 على الجنوب اللبناني وقطاع غزة أن الصراع في المنطقة، وذلك بعد الانتصار على العدوان الإسرائيلي لم يعد صراعاً عربياً صهيونياً، بل هو صراع بين المعتدلين والمتطرفين في الساحة العربية، وعقدت اجتماعات كثيرة ولقاءات هامة بقيادة الولايات المتحدة والعديد من الدول العربية التي تصنف على أنها (معتدلة) أو بصريح العبارة (معتّلة)، وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كونداليزارايس بمشاركة وزير الخارجية الإسرائيلية تسيبني ليفني تروجان لهذه المقولة بالقول أنه لم يعد هناك صراعاً اسمه الصراع العربي الإسرائيلي، ولم تعد القضية الفلسطينية جوهر هذا الصراع، ولا أيضاَ قضية العرب الأول والمركزية، لأن ثمة صراع آخر بدأ يأخذ مساراته ويتبلور هو الصراع بين المعتدلين والمتطرفين؟.. أجابت وبصريح العبارة: المتطرفون هم المقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية والمقاومة العراقية، إضافة إلى سورية وإيران وعلى (المعتدلين) أن يصطفوا إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل في مواجهة هؤلاء المتطرفين.
بالطبع وما دامت السعودية هي رأس النفوذ في منطقة الخليج(الفارسي) بدأت دعوات تفيد في ضم كل من الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون الخليجي، ولم تمض سنوات قليلة حتى بدأنا نشهد ما سمي
بالربيع العربي، المستورد أمريكياً وإسرائيليا باستهداف دول عربية، وعبر الناتو ودول شكلت الضامنة والراعية والشريكة لحركات ومنظمات وتشكيلات إرهابية وبتسميات معظمها (اسلاموية) لتكون عملية الاستهداف هذه جزءاً لا يتجزأ من فتنة طائفية، أو من صراع مذهبي يتيح لدول مثل تركيا والسعودية وقطر ومعها دول أوروبية بقيادة الولايات المتحدة لتكون الخارطة الجيوسياسية في المنطقة، هي خارطة الحروب الطائفية أو الأهلية، ومن هنا لم تعد إسرائيل هي العدو بالنسبة لهذه الدول، ولا سيما الإرهاب، بقدر ما بات العدو تحديداً إيران وسورية والمقاومة، ولم تترك السعودية فرصة أو مناسبة أو حتى مؤشرات وملامح إلا وصعدت من عدائها لإيران، وهو بالأساس عداء سياسي غلفته بذرائع طائفية ومذهبية من أجل التمكن من فرض حروب أو حرب على إيران تكون الولايات المتحدة وإسرائيل جزءاً من هذه الحرب، أو لنقل عمودها الفقري.
وأكثر ما اتضح ذلك من خلال التعاون السعودي- الإسرائيلي حين بدأت مؤشرات التفاوض بين إيران والمجموعة الأوروبية والولايات المتحدة تشير إلى إمكانية الانفراج بشأن الملف النووي الإيراني، وصلت عملية التصعيد الهستيري إلى أبعد من حدودها حيال إيران وخاصة من خلال التهديدات بضربات عسكرية إسرائيلية بمشاركة تسهيلات السعودية للمنشآت النووية الإيرانية، وفي الوقت نفسه سعت السعودية إلى توسيع بيكار العداء لإيران من خلال ما تقدمه عادة من رشاوى وشراء الذمم وعقد الصفقات غير الشرعية مع شخصيات وقوى وأجهزة ووسائل إعلام من أجل الانضمام إلى الحلف المعادي لإيران ورأس الحربة فيه السعودية وإسرائيل.
أما واتضح أن التحالف الإيراني السوري أقوى من أن تناله أدوار تخريبية قذرة وجرائم تمارس في الداخل السوري عبر منظمات وتشكيلات إرهابية تكفيرية شكلت السعودية ودول غربية وإقليمية الحاضنة والضامنة لها، لتدمير الدولة السورية، على اعتبار أن الفكر التكفيري والوهابي مع العدوانية الإسرائيلية هي صورة واحدة، اعتقدت السعودية أنه يمكن أن تكون الحامل لصراع من نوع آخر، وعلى الأرض هذه المرة كبديل عن الصراع العربي- الإسرائيلي، ليس فقط بالقفز فوقه، بل وأيضاً باستبدال العدو الواضح المحدد المحتل للأرض وهو إسرائيل بعدو آخر هو من يشكل رديفاً وقوة دفع لمواجهة إسرائيل واحتلالها من خلال ما يمثله هذا الرديف وهو إيران بالطبع من إمكانات وقدرات ووضوح رؤية وهدف لصالح مقاومة الاحتلال، ومواجهته بالقدر نفسه الذي يتم وتم فيه مجابهة ومكافحة الإرهاب التكفيري والوهابي على حد سواء في الداخل السوري، واعتباره أولوية لا تعلوها أولوية.
لذلك فإن كل عمليات الكذب والافتراء على إيران ومحور المقاومة في المنطقة من الجانب السعودي والإسرائيلي والأمريكي والدول الإقليمية والغربية الضالعة في مؤامرة (الربيع العربي)، هي بالأساس نتاج أرضية سياسية ومواقف سياسية أخذت في الظهور على النحو الإعلامي الذي نراه ونلمسه في الفضائيات المملوكة لآل سعود، والخاضعة لأوامر الأسرة الحاكمة في (السعودية) وتعليماتها في قلب الحقائق، وكيل الاتهامات التي تهدف إلى (شيطنة) إيران، إلا أن كل الاختبارات التي كانت تحت مجهر الحقيقة والمصداقية أكدت استحالة نجاح هذا المخطط، واستحالة استمرار هذا الدور السعودي القذر، مهما تسلح بالأكاذيب والافتراءات على المستوى الإعلامي، لأن إيران بالأساس قوة حق وعدل لصالح قضايا العرب، ولصالح القضية الفلسطينية التي ستبقى البوصلة في ظل هذه التحولات في المنطقة.