هذا الشحن والتحريض ليس في مصلحة الكويت قبل غيرها، ثم اذا كانت مشكلة الكويت مع العراق وهو ظاهر البرنامج فلماذا تحشر القناة ايران في الموضوع.
شارک :
خاص بوكالة أنباء التقریب (تنا) عندما كنت أشاهد برنامج تو الليل الذي قدمته فضائية الوطن الكويتية مساء الخميس تداعى الى ذهني القرار الذي اتخذته ادارة القمر الاصطناعي نايل سات مؤخرا باغلاق عدة قنوات فضائية وبررت قرارها بأن هذه القنوات تثير الخلافات الدينية والمذهبية، ولا يراودني أدنى شك أن وسائل الاعلام لديها القدرة على إثارة التوتر بل وتفجير الوضع الداخلي وجر البلاد الى حرب داخلية لا يمكن السيطرة عليها من خلال تحريض شريحة معينة أو قومية معينة أو مذهب معين ضد آخر، وبينما كنت افكر في قرار النايل سات خلال مشاهدتي لفضائية الوطن سألت نفسي اذا كان القرار الذي يتخذ ضد القناة التي يعتقد البعض أنها تثير الخلافات هو الاغلاق فما هو القرار المناسب الذي ينبغي أن يتخذ ضد قناة تقوم بشحن بلد ضد بلد آخر؟
برنامج تو الليل لم يشحن الكويتيين ضد شعب ودولة واحدة وحسب وانما شعبين ودولتين وهما ايران والعراق فالبرنامج قام بتضخيم قضية تجاوزات العراقيين القاطنين في الحدود بين البلدين على الأراضي الكويتية وكأن هناك مؤامرة كبيرة تنفذها بغداد ضد الكويت، والأغرب من كل ذلك هو التلميح بأن الحكومة العراقية لا حول ولا قوة لها في الموضوع وانما تنفذ مشروعا يقوده جيش القدس التابع لحرس الثورة الايراني، فهذا الجيش وعموم المخابرات الايرانية تسيطر على العراق برمته ولا يستطيع أي مسؤول عراقي أن يلتقط أنفاسه من دون اذن المخابرات الايرانية.
هذا الكلام أو في معنى هذا الكلام لم يلفظه مقدم برنامج تو الليل خالد العبد الجلیل وأنما تلفظه العقيد الركن الكويتي المتقاعد رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والخطط ناصر الدويلة
ناصر الدويلة
وقد تحدث الدويلة عن وقائع اسطورية(لا ندري و لايدري احد متی وقعت و ربما وقعت في منامه) أكد فيها أن القوات الكويتية كسرت الجيش الايراني ثلاثة مرات ورفعت العلم الكويتي في مناطق ايرانية متعددة من بينها خرمشهر وميناء الامام الخميني کما أن القوات الكويتية كسرت القوات الايرانية في البحرين ولم يبق اي جندي ايراني في البحرين وسلمت حكم البحرين لآل خليفة.
ولكي يكون كلام الدويلة منطقيا في الظاهر لذلك اعتبر أن ايران تدفع العراقيين الى التجاوز على الأراضي الكويتية كلما واجهت ضغوطا شديدة من قبل الولايات المتحدة الأميركية عليها لذلك فانها تضغط على الحكومة الكويتية لتضغط من جانبها على واشنطن لتخفف وطئتها ضد طهران، وأورد دليلا على سيطرة المخابرات الايرانية على العراق، فقال أن الصواريخ الايرانية هي التي قامت بتدمير سجن بوكة في البصرة الذي كانت تديره القوات الأميركية ويضم آلاف المعتقلين الذين يعارضون أميركا، وبما أن البصرة قريبة من الكويت فان ايران ارادت بتدمير سجن بوكة أن توجه رسالة للكويتيين بأن صواريخها قادرة على تدمير حقول شمال الكويت، ولا شك أن كلامه هذا يتناقض مع قوله بأن ايران تضغط على الكويت لتضغط بدورها على اميركا، فلو كانت لديها هذه القدرة في العراق فلماذا لا تضغط على أميركا مباشرة من خلال توجيه ضربات قاصمة للقوات الأميركية في العراق، ولو كان لايران هذا النفوذ فلماذا لا تقوم باعتقال أعضاء منظمة مجاهدين خلق خاصة وأنهم يتجمعون في مكان واحد مما يسهل اعتقالهم ونقلهم الى ايران؟
رغم أن مقدم البرنامج العبد الجليل كرر قول بأن هذا رأي الدويلة وليس رأي القناة عدة مرات ولكن ومن دون شك ان القناة تبنت آراءه عندما استضافته، ومع أن القناة أكدت أنها ستستضيف الدويلة الخميس القادم على الهواء مباشرة وفتحت المجال للسفارتين العراقية والايرانية في الكويت لينضموا الى البرنامج ويردوا على الدويلة، الا أن هذا الشحن والتحريض ليس في مصلحة الكويت قبل غيرها، ثم اذا كانت مشكلة الكويت مع العراق وهو ظاهر البرنامج فلماذا تحشر القناة ايران في الموضوع، فهل تريد بذلك أن تطلب منها باستحياء أن تتدخل وتتوسط لحل المشكلة القائمة، فطهران ليس لديها مانع في التوسط لحل كافة المشاكل بين الدول الاسلامية وأعلنت مرارا بأن احدى أولويات دبلوماسيتها تعزيز الوحدة والانسجام بين دول المنطقة.
غاية ما في الأمر أن مشكلة العراق والكويت الرئيسية ليست تجاوز بعض العراقيين على الأراضي الكويتية رغم ان هذا الموضوع ذات اهمية وانما رفض الكويت خروج العراق من البند السابع وكما يعلم الجميع أن هذا البند سيف مسلط على العراقيين ويقيد حركتهم في كافة المجالات، كما أن الجميع يعلم بما فيهم الكويتيون أن الدمار الذي ألحقه النظام السابق بالعراق لم يقتصر على السنوات التي حكم فيها العراق بل أن التدمير مستمر حتى بعد زواله اذ ان بقايا هذا النظام لا يوفروا فرصة أو جهدا الا واستخدموه لتدمير العراق، بالتالي فان الكويتيين ليسوا وحدهم تكبدوا اضرارا جسيما من النظام السابق بل ان العراقيين و العالم برمته تعرض لاذی النظام السابق فلا تدري الحكومة العراقية الحالية هل عائدات النفط تنفقها على الدمار السابق أم اللاحق أم بناء العراق أم دفع التعويضات للكويت؟ صالح القزويني