الغزو الثقافي الغربي يريد استلاب شخصيتنا الإسلامية ومسخ هويتنا وتدمير قيمنا وتراثنا ومنظومتنا الفكرية والعقائدية فالمسؤولية الدينية والاخلاقية تحتم ان تقوم كل وسائلنا ومؤسساتنا الاعلامية بدورها التنموي والثقافي والاخباري .
شارک :
وكالة انباء التقريب (تنا) : ظهر في الآونة الأخيرة نمط جديد للغزو الاستعماري لبلادنا ومجتمعاتنا الاسلامية الحديثة العهد نسبيا بالخروج من دائرة الانتداب والوصاية تمثل في الغزو الثقافي الغربي الذي يريد استلاب شخصيتنا الإسلامية ومسخ هويتنا وتدمير قيمنا وتراثنا ومنظومتنا الفكرية والعقائدية والاخلاقية، واتخذ هذا الغزو من وسائل الاتصال والإعلام حصان طروادة يدخل من خلاله ليس الى مجتمعاتنا وبيوتنا فحسب انما الى عقولنا وجوارحنا بحيث اغوى الكثيرين من شبابنا وبناتنا فاستلب عقولهم بشكل اصبحوا يفكرون فيه بطريقة تخدم مصالح الغرب ومخططاته·
ويحمل هذا الغزو في طياته برامج ومواد اعلامية لايقتصر خطرها على نقل الاخبار وتوجيهها وحرف اهتمامات الراي العام فحسب انما يتجاوز الخطر حدود الاطر الاعلامية ليضرب الاسس والركائز الاخلاقية التي يقوم عليها المجتمع الاسلامي، فنجد الانتاجات الضخمة التي تعمم الرذيلة والفاحشة كثقافة عامة تدعو الى ممارسة المنكر والتعاطي معه كنهج طبيعي فطري للحياة، فيما تكفل الافلام الجنسية المعدة خصيصا لاقطار اسلامية مدبلجة بلغات ابنائها وشعوبها فضلا عن المواقع الالكترونية الجنسية مهمة التدمير النهائي للمجتمع من خلال اغواء المسلمين عموما والشباب منهم خصوصا واغراقهم في الرذيلة التي تحول كثير منهم الى نواة فساد تعدي بفسادها كل من يحيط بها، كما ويتم دس السم في العسل في اعمال فنية ودرامية واخرى ثقافية وتاريخية ينتجها الغرب بهدف تشويه المفاهيم وقلب الحقائق وضرب القيم الدينية ونسف النظم الاخلاقية·
في المقابل يصد الاعلام الاسلامي الغزو الثقافي الغربي من خلال ما يملكه من وسائل اعلام وتقنيات حديثة جعلته يحتل موقعا مؤثرا وفعالا على مساحة العالم الاسلامي، حتى نشكل مؤخرا مصطلح الإعلام الديني الذي بات يكتسب الأهمية البالغة في نهضة الأمة بكل أبعادها الثقافية والفكرية والحضارية لأنه يشكل الوسيلة الأنجع والأفضل للتواصل مع اكبر شريحة من اتباع الديانات السماوية عموما والمسلمين خصوصا مما يرتب على القيمين على وسائل الإعلام الديني مسؤولية تأكيد الهوية الدينية والمحافظة عليها وتعميم الثقافة الدينية النابعة من القران الكريم القيم والمفاهيم والأحكام الشرعية فضلا عن نقل التراث الديني الى الأجيال وتقديم مادة إعلامية هادفة تحقق التثقيف والترفيه والإمتاع وتسهم في حفظ المجتمع ورفده بالقيم والفضائل والمعلومات المفيدة·
ولما كان هذا الاعلام مقرونا بخاتم الديانات السماوية فانه مطالب بان يتمتع بروحية الاسلام الذي تدخل في تفاصيل الحياة العامة والخاصة للمسلمين، فلا يصح ان يحصر الاعلام الاسلامي اهتماماته بالقضايا والشؤون الدينية بمنأى عن اسهاماته في ملامسة القضايا والشؤون والشجون المعيشية والاجتماعية للمسلمين الذين تزداد مشاكلهم وهمومهم ومعاناتهم بفعل الفقر والتخلف وغياب التنمية عن مجتمعاتهم، فاذا كانت مهام المؤسسات الإعلامية تقتضي ان تسلط اضواءها على المشاكل التي تعترض مسيرة الانسان وتعيق تقدمه وتسيء الى وضعه فان اولى واجبات الاعلام الديني العمل لما فيه مصلحة ونفع الانسان انطلاقا من الاخوة الايمانية التي قال فيها سبحانه وتعالى: انما المؤمنون اخوة·
فالمسؤولية الدينية والاخلاقية تحتم ان تقوم كل وسائلنا ومؤسساتنا الاعلامية بدورها التنموي والثقافي والاخباري انطلاقا من المسؤولية التاريخية التي حملها رسول الله (ص) قادة المسلمين ونخبهم كما عوامهم حين قال : كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته· ان المسلمين اخوة ينضوون في بوتقة الايمان الذي يجعل منهم جسدا واحدا اذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الاعضاء بالسهر والحمى، فاين التضامن الاسلامي في معاناة شعوبنا مع الشعب الفلسطيني والافغاني والعراقي، وهل استطاع اعلامنا الديني ان يلامس قضايانا ومشاكلنا وهمومنا افرادا وشعوبا فيقدم الحلول التي جعلها الاسلام دواء لكل داء· من هنا فان على وسائل الاعلام الديني ان تبادر الى تحمل مسؤوليتها فتأخذ موقعها ودورها الريادي في تنمية الامة ونهضة شعوبها فتسهم بشكل مباشر في محاربة الظلم والفساد ومكافحة الجهل والتخلف والفقر فتسلط اضواءها على مشاكل المسلمين في الدنيا فتعالجها انطلاقا من روحية القران وتعاليم الاسلام لتكون دنياهم مزرعة لاخرتهم·