أثر التغييرات الأمريكية الجديدة على الاتفاق النووي
تنا
بعد أن أوكل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حقيبة الخارجية إلى المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية، مايك بومبيو، أصبح مصير الاتفاق النووي الذي وقعته أمريكا والدول الخمس الكبرى مع إيران غامضاً باعتبار أن بومبيو كان يعدّ حتى الأمس القريب من أكبر المعارضين لهذا الاتفاق.
شارک :
المسؤولون الأوروبيون والأمريكيون بدؤواً سريعاً، بحسب وكالة رويترز، تقييم آثر التغييرات الجديدة داخل المؤسسة الدبلوماسية الأمريكية على الاتفاق النووي الإيراني، باعتبار أن تعيين رئيس وكالة المخابرات المركزية محل "تيليسون" يعني أن أحد أقوى منتقدي إيران (بعد أن عارض الاتفاق النووي في الكونغرس بشدة عام 2015) هو الآن مسؤول عن الدبلوماسية الأمريكية، وهذا ما يعني أن بومبيو سيسعى ربما إلى تخريب هذا الاتفاق
ويرى بعض المحللين أن السياسة الخارجية الأمريكية تحت إشراف بومبيو، ستتخذ موقفاً أكثر عناداً ورفضاً للاتفاق النووي وستضغط على الأطراف الأوروبية لتسوية جديدة في محاولة لابتزاز طهران، في حين يرى آخرون أن وجهة نظر بومبيو حول الاتفاق النووي الإيراني ربما تغيرت مع مرور الوقت وأصبح الأخير أكثر اقتناعاً بأهمية الاتفاق مع إيران وبالتالي سيسعى إلى إقناع ترامب بضرورة الحفاظ عليه أو تغييره ضمن نطاق ضيق بأسوأ الأحوال.
الاتفاق النووي الإيراني كان يوم الخميس الماضي موضوع نقاش بين مسؤولين أمريكيين وبريطانيين وفرنسيين في برلين، وفي هذا الصدد قال "ريتشارد نافيو" المسؤول السابق في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية زمن الرئيس الأسبق باراك اوباما "المسؤولون الأمريكيون الذين يتفاوضون حالياً مع الأطراف الأوروبية سيكونون أكثر عناداً بعد حصول بومبيو على حقيبة الخارجية".
ترامب اعترف بنفسه أن الاتفاق النووي مع إيران شكّل نقطة خلاف كبيرة مع وزير خارجيته المقال ريكس تيلرسون، وقال ترامب في تصريح صحفي مقتضب عقب الإطاحة بتيلرسون "لقد كنّا متوافقين في الواقع، لكننا اختلفنا في بعض الأمور، وخاصة الصفقة الإيرانية، أعتقد أنها رهيبة، بينما اعتقد هو أنها مقبولة، أردنا إما أن نخرج من الاتفاق أو نعدله، ولكن موقفه كان مختلفاً، وبالنتيجة نحن لم نفكر بنفس الطريقة"، وأشاد ترامب بوزير خارجيته الجديد قائلاً " نحن على نفس الموجة".
وطبقاً لترامب، فإن الاتفاق مع إيران له ثلاث نقاط ضعف، أولاً: إنه لا يشمل برنامج إيران الصاروخي، وثانياً: لا يمكن تحديد الشروط التي يمكن للمفتشين الدوليين من خلالها زيارة المواقع النووية الإيرانية المشبوهة بوضوح بحسب زعم ترامب، أما النقطة الأخيرة فهو ما يسمى بـ "غروب "، والذي بموجبه سيتم رفع القيود على برنامج إيران النووي تدريجياً بعد عشر سنوات. واشترط ترامب تعديل هذه النقاط الثلاثة في الاتفاق النووي حتى يوافق على بقائه ولا يقوم بإلغائه.
يقول مسؤولون أمريكيون وأوروبيون قريبون من المحادثات النووية الإيرانية إن الموافقة على بامبيو من قِبل مجلس الشيوخ وتعيينه سيكون لها تداعيات غامضة وغير واضحة على المحادثات الجديدة بخصوص الاتفاق النووي، باعتبار أن موضوع الاتفاق يشكّل أهمية بالغة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وبحسب وكالة روتيرز فإن عدداً كبيراً من أهم المسؤولين والمستشارين الأمنيين، بمن فيهم ريكس تيلرسون، أكدوا أكثر من مرة أن إبرام الاتفاق النووي مع إيران أكثر فائدة لواشنطن من عدم إبرامه.
وعلى الرغم من أن بومبيو انتقد في مجلس النواب الاتفاق النووي الإيراني وقت إبرامه عام 2015، إلا أنه أظهر موقفاً أكثر اعتدالاً نحو الاتفاق في جلسة الاستماع في يناير 2017، قبل أن يستلم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.
وفي هذا الصدد قال مسؤول بارز سابق في الإدارة الأمريكية: "رغم أن بومبيو يعدّ ناقداً نارياً لإيران، لكنه الآن لا يريد إنهاء الاتفاق النووي، وعليه يجب أن نحكم على أرائه في الوقت الحالي ".
كما أبدى قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال جوزيف فوتيل تأييده للاتفاق النووي مع إيران، معتبراً أن الاتفاق النووي يصبّ في مصلحة الأمن القومي الأمريكي، واعتبر فوتيل أنه إذا ألغي الاتفاق النووي سيتعين على واشنطن أن تجد طريقة أخرى للتعامل مع برنامج إيران للأسلحة النووية، مؤكّداً أن الاتفاق النووي يتصدّى لواحد من التهديدات الرئيسية التي تواجهها أمريكا من إيران، بحسب تعبيره، وعندما سُئل فوتيل عما إذا كان يتفق مع وزير الدفاع جيم ماتيس ورئيس هيئة الأركان المشتركة جوزيف دنفورد في أن البقاء ضمن الاتفاق يصبّ في مصلحة الأمن القومي الأمريكي قال "نعم أتفق مع موقفهما".
كذلك يرى مسؤول سابق في البيت الأبيض أن إدارة ترامب قد تعيد النظر في موقفها بشأن الاتفاق النووي الإيراني، بالتزامن مع التقارب الحاصل بين واشنطن والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ آن، الذي سيساعد ترامب على فرض مزيد من الضغوط على طهران.
وكان ريكس تيلرسون يتجنب التصعيد مع إيران ويخفف من لهجته مع كوريا الشمالية، ويتشدد نوعاً ما في الملف السوري، وكان أقرب إلى المواقف الأوروبية في النزاعات أكثر من قربه من موقف رئيسه المباشر دونالد ترامب، أما تعيين بومبيو ربما سيفاقم الاختلاف الدبلوماسي الأمريكي مع دول حليفة مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وقد يتحول إلى نسخة من ترامب ولكن في العلاقات الخارجية.