إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عنكمُ الرِّجْسَ أهل البيتِ ويُطهِّرَكم تطهيرا
المباهلة في تفسير وصحاح المسلمين
تنا
في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجّة, كانت الايدي مبسوطة تحت السماء, إلاّ أنّ الأرض كانت واجفة، والشمس كاسفة، والسحب داكنة. يوم المفاجآت الكبرى , والمواقف الحازمة والحاسمة.. هو يوم سيكون مشهوداً على مدى الأجيال وامتداد الزمن، لا شبيه له ولا مثيل .
شارک :
مجاهد منعثر الخفاجي
قال تعالى الذين آتيناهُمُ الكتابَ يَعرِفونَهُ كما يَعرِفون أبناءَهُم وإنّ فريقاً مِنهم لَيكتُمون الحقَّ وهم يَعلمون .
أنّ المباهلة كانت جارية في الاُمم السابقة، ولها اُصولها وسننها، حتّى ذكر الأسقف قائلاً: جثا واللهِ محمّدٌ كما يجثو الأنبياء عليهم السّلام للمباهلة.
أمّا وقتها، فيقول الإمام أبو جعفر الباقر عليه السّلام مبيّناً له: الساعة التي تُباهل فيها ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
قال ابن منظور: «البَهْل: اللعن، وبَهَله الله بَهْلاً أي: لعنه، وباهل القوم بعضهم بعضاً وتباهلوا وابتهلوا: تلاعنوا، والمباهلة: الملاعنة، يقال: باهلت فلاناً: أي لاعنته».
وقال الراغب الأصفهاني: «والبهل والابتهال في الدعاء الاسترسال فيه، والتضرع؛ نحو قوله ـ عز وجل ـ: (ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) , ومن فسر الابتهال باللعن فلأجل أن الاسترسال في هذا المكان لأجل اللعن» .
المباهلة: من البهل، والبهل في اللغة بمعنى تخلية الشيء وتركه غير مراعى، هذه عبارة الراغب في كتاب المفردات.
وعندما تراجعون القاموس وتاج العروس وغيرهما من الكتب اللغوية ترونهم يقولون في معنى البهل أنّه اللعن8.
يقول السيد علي حسين الميلاني رأيت عبارة الراغب أدق، فالبهل هو ترك الشيء غير مراعى، كأنْ تترك الحيوان مثلاً من غير أن تشدّه، من غير أن تربطه بمكان، تتركه غير مراعى، تخلّيه وحاله وطبعه.
وهذا المعنى موجود في رواياتنا بعبارة: «أوكله الله إلى نفسه»، فمن فعل كذا أوكله الله إلى نفسه.وهذا المعنى دقيق جدّاً.
وجدت عبارة الراغب أدق، معنى البهل، معنى المباهلة: أن يدعو الانسان ويطلب من الله سبحانه وتعالى أن يترك شخصاً بحاله، وأنْ يوكله إلى نفسه، وعلى ضوء كلام أمير المؤمنين أن يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الشخص أبغض الخلائق إليه، وأيّ لعن فوق هذا، وأيّ دعاء على أحد أكثر من هذا ؟
لذا عندما نرجع إلى معنى كلمة اللعن في اللغة نراها بمعنى الطرد، الطرد بسخط، والحرمان من الرحمة، فعندما تلعن شخصاً ـ أي تطلب من الله سبحانه وتعالى أن لا يرحمه ـ تطلب من الله أن يكون أبغض الخلائق إليه، فالمعنى في القاموس وشرحه أيضاً صحيح، إلاّ أنّ المعنى في مفردات الراغب أدق، فهذا معنى المباهلة.
واغلب التفاسير والصحاح عند المسلمين السنة تذكر بان الذين خرجوا مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) هم علي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ) .
ومن اجابات الشيخ الكرباسي عن المباهلة قال : في صحيح مسلم : و لما نزلت هذه الآية : ( فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ ...) دعا رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) عليا و فاطمة و حسنا و حسينا فقال : " اللهم هؤلاء أهلي ".
و في صحيح الترمذي : عن سعد بن أبي وقَّاص قال : لما أنزل الله هذه الآية :(.. نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ ...)دعا رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) عليا و فاطمة و حسنا و حسينا ، فقال : " اللهم هؤلاء أهلي .
و في مسند أحمد بن حنبل : مثله.
و في تفسير الكشاف : قال في تفسير قوله تعالى :(.. فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ ... ).
.فأتى رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) و قد غدا محتضنا الحسين ، آخذا بيد الحسن ، و فاطمة تمشي خلفه و علي خلفها ، و هو يقول :
" إذا أنا دعوت فأَمّنوا " فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى لأرى و جوها لو شاء الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا و لا يبقى على وجه الأرض نصارى إلى يوم القيامة .
قال العلامة الطريحي ـ صاحب كتاب مجمع البحرين ـ : و قالوا : حتى نرجع و ننظر ، فلما خلا بعضهم إلى بعض قالوا للعاقِب و كان ذا رأيهم : يا عبد المسيح ما ترى ؟ قال والله لقد عرفتم أن محمدا نبي مرسل و لقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم ، والله ما باهَل قومٌ نبيًّا قط فعاش كبيرهم و لا نبت صغيرهم ، فإن أبيتم إلا إلف دينكم فوادعوا الرجل و انصرفوا إلى بلادكم ، و ذلك بعد أن غدا النبي آخذا بيد علي و الحسن و الحسين ( عليهم السَّلام ) بين يديه ، و فاطمة ( عليها السَّلام ) خلفه ، و خرج النصارى يقدمهم أسقفهم أبو حارثة ، فقال الأسقف : إني لأرى و جوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا لأزاله بها ، فلا تباهلوا ، فلا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة ، فقالوا : يا أبا القاسم إنا لا نُباهِلَك و لكن نصالحك ، فصالحهم رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) على أن يؤدوا إليه في كل عام ألفي حُلّة ، ألف في صفر و ألف في رجب ، و على عارية ثلاثين درعا و عارية ثلاثين فرسا و ثلاثين رمحا .
و قال النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) : " و الذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلّى على أهل نجران ، و لو لاعنوا لمسخوا قردة و خنازير و لأضطرم عليهم الوادي نارا ، و لما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا ،
إنّ رواة السّير ونقلة الأثر لم يختلفوا في أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) أخذ بيد الحسن والحسين وعلي وفاطمة ودعا النصارى الذين حاجّوه إلى المباهلة .
يقول القاضي نورالله الشوشتري في كتابه «احقاق الحقّ» :
أجمع المفسّرون على أن «أبناءنا» إشارة إلى الحسن والحسين (عليهما السلام) و«نساءنا» إشارة إلى فاطمة (عليها السلام) و«أنفسنا» اشارة إلى علي (عليه السلام).
وذكر آية الله العظمى المرعشي في حاشيته على هذا الكتاب نقلاً عن ستين كتاباً «من كتب أهل السنّة» ما يؤيد هذا المطلب.
و «أنفسَنا» هو أمير المؤمنين عليه السّلام؛ إذ هو نفس النبيّ صلّى الله عليه وآله ـ كما أيدّت ذلك روايات عامّة وخاصة، منها:
أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله ذكر جماعة، فسأله عمرو بن العاص: فأين عليّ ؟ فالتفتَ إلى أصحابه وقال: إنّ هذا يسألني عن النَّفْس! .
وفي كتاب بحار الأنوارالجزء الثامن. حول قوله تعالى: (ونساءنا ونساءكم) فقد أجمع المسلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يأخذ معه من الرجال إلاَّ علياً، ومن الأبناء إلاَّ الحسن والحسين، ومن النساء إلاَّ ابنته فاطمة الزهراء، فلو كانت في نساء المسلمين امرأة كفاطمة الزهراء في الجلالة والعظمة والقداسة والنزاهة لدعاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لترافقه للمباهلة، مع العلم أن الله تعالى أمر نبيه أن يدعو نساءه بقوله تعالى: (ونساءنا) ولكنه (صلى الله عليه وآله) لم يجد امرأة تليق بالمباهلة سوى ابنته الصدّيقة الطاهرة. ولهذا انتخبها.
اعمال يوم المباهلة
الأول: الغسل.
الثاني: الصيام.
الثالث: الصلاة ركعتان ، ولكن فيها تقرأ آية الكرسي الى هم فيها خالدون.
الرابع: أن يدعو بدعاء المباهلة وهو يشابه دعاء أسحار شهر رمضان كما ذكره الشيخ في المصباح قال:
دعاء يوم المباهلةمرويا عن الامام الصادق (صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ) بما له من الفضل تقول:
الخامس: أن يدعو بما رواه الشيخ والسيد بعد الصلاة ركعتين والاستغفار سبعين مرة، ومفتتح الدعاء: «الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ» وينبغي التصدق في هذا اليوم على الفقراء تأسيا بمولى كل مؤمن ومؤمنة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وينبغي أيضاً زيارته (عليه السلام) والأنسب قراءة الزيارة الجامعة.