المعارضة الأردنية بكل أطيافها حالة رشد غير مسبوقة، ففي الوقت الذي خرج الشعب التونسي يطالب بسقوط ابن علي، والشعب المصري يطالب بخروج مبارك، وسالت دماء عزيزة علينا من كلا الشعبين، وشهد البلدان أعمال عنف وتخريب ونهب، وإن كنا نحمل مسؤوليتها للنظامين المتشبثين بالسلطة حتى الرمق الأخير، خرج الشعب الأردني، أحزاباً ونقابات، ومبادرات وجماهير يطالب بمطالب محددة، ضمن قدرات البلد وإمكانات أصحاب القرار، الجامع بينها الإصلاح، والإصلاح الذي يصر عليه الشعب الأردني يمكن تلخيصه بأربعة مطالب:
إصلاحات تشريعية في مقدمتها قانون انتخاب يتفق والمعايير الديموقراطية، ويفضي إلى حكومة برلمانية برامجية، وضمان الحريات والحقوق الدستورية للمواطنين بما يكفل لهم حق التعبير والعمل والتنظيم الحزبي والنقابي والانتقال، بعيداً عن تدخل الأجهزة الأمنية، وعدالة تتيح فرصاً متكافئة للمواطنين في التعليم والعمل والعلاج، ووضع حد للفساد المالي والإداري والأخلاقي، يحافظ على الثروة الوطنية، ويمد الأجهزة بإدارات كفؤة، ويوفر بيئة اجتماعية آمنة، بعيداً عن الإثارة والفتنة وإفساد الناشئة، والعنف المجتمعي.
فهل يختلف على هذه المطالب منصفان؟ وهل يرفض هذه المطالب إلا ظالم يصر على إساءة استخدام السلطة؟ هذه المطالب مطالب عادلة وواقعية وقابلة للتحقق إذا توفرت الإرادة السياسية. إن إدارة الظهر لهذه المطالب، والتظاهر بالانحناء للعاصفة، ثم العودة إلى النهج ذاته لن يحل المشكلات، ولكنه يفاقمها، وربما يخرج المعارضة عن رشدها، أو يدفع قوى معارضة إلى تجاوز المعارضة التقليدية كما حدث في أكثر من مكان في العالم العربي.
فهل يلتقط أصحاب القرار الرسالة، ويستثمرون اللحظة الراهنة والمواتية، ويؤسسون لشراكة مع القوى الحزبية والمجتمعية لتحقيق إصلاح سلمي متدرج ومقنع يلبي مطالب الأردنيين، ويجنب الوطن احتجاجات غير مأمونة العواقب؟ *الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الأردني