تاريخ النشر2011 9 March ساعة 14:34
رقم : 42026

قراءة في كتاب (اللاجئون الفلسطينيون في سورية)

وکالة انباء التقریب (تنا) – دمشق
قراءة في كتاب (اللاجئون الفلسطينيون في سورية) الذي صدر مؤخراً عن تجمع العودة الفلسطيني للكاتب علي بدوان.
قراءة في كتاب (اللاجئون الفلسطينيون في سورية)

یشکّل الكتاب الجديد لتجمع العودة الفلسطيني (واجب) الذي يضم بين ثناياه مجموع أوراق العمل البحثية التي قدمت من قبل العديد من الباحثين الفلسطينيين والعرب، في حلقة النقاش التي أقامها تجمع (واجب) في القاعة الشامية في المتحف الوطني بدمشق في نيسان/ابريل ۲۰۱۰، خطوة ايجابية ومشكورة، في سياق خدمة الأغراض الوطنية التي حملها تجمع (واجب) وأعضاءه من شباب فلسطين على عاتقه، وفي المقدمة منها قضية اللاجئين الفلسطينيين/والدفاع عن آمالهم وأحلامهم الوطنية المشروعة، وخصوصاً في المرحلة الراهنة التي تتعرض فيها قضية اللاجئين الفلسطينيين لمحاولات تصفية وإنهاء في ظل عملية التسوية المأزومة، التي أريد من خلالها إهالة التراب على حق العودة وطمسه إلى الأبد.
كما تناولت حلقة النقاش أوراق وعناوين عديدة تخص واقع اللاجئين الفلسطينيين في سورية على مختلف الصعد والجوانب، ومنها الجوانب القانونية المتعلقة بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بالنسبة للتشريعات والقوانين السورية ذات الصلة، ومنها أيضا الجوانب المتعلقة بأوضاعهم الاقتصادية والديمغرافية السكانية، وخدمات وكالة الأونروا المقدمة لهم بمناحيها الثلاثة الصحية والتعليمية وخدمات الإغاثة الاجتماعية، وصولاً إلى واقعهم السياسي ودورهم في صفوف العمل الوطني الفلسطيني منذ النكبة وحتى اللحظة الراهنة.
إذاً، يضم الكتاب بين طياته مادة بحثية غنية ومتنوعة، وتشكّل مادة طازجة لرؤية واقع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا موثقاً بشكل دقيق بعيداً عن التقديرات الارتجالية، وعن التخمينات البعيدة عن المنطق العلمي.
لذا فمادة الكتاب، استندت إلى المنهج العلمي، لتصبح مادة عالية القيمة باعتبارها حصيلة آراء عدد من الباحثين والمتخصصين في الشأن الفلسطيني في سورية، وقد بحثت الأوراق التي تضمها في أوضاع الفلسطينيين في سورية وأبعاد العلاقة الفلسطينية السورية من الناحية المدنية،وطبيعة النشاط الفلسطيني في مخيمات اللاجئين،وانعكاس المعاملة الكريمة التي يحظى بها اللاجئ الفلسطيني في سورية على الحفاظ بهويته وجنسيته وانتمائه الوطني،وتعاطي اللاجئ الفلسطيني مع الهموم الوطنية والحقوق الثابتة وعلى رأسها حق العودة.
تبدأ مادة الكتاب بمقدمة هامة، تناولت تقديم لمحاور وعناوين الكتاب الرئيسية وأوراق العمل التي يضمها بين ثناياه، والتي غطت كامل أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ومن كافة جوانبها، كما تناولت بالخطوط العريضة وبالتكثيف أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وخصائص المجتمع الفلسطيني اللاجىء فوق الأرض السورية، في ظل المرونة العالية للإجراءات القانونية السورين، والمساواة التي نالها اللاجىء الفلسطيني أسوة بالمواطن السوري منذ عام النكبة، وهو أمر استولد خصوصية عالية للمجتمع الفلسطيني في سوريا، ففتحت أمامه طريق العيش الكريم، كما فتحت أمامه طريق الإسهام في العمل الوطني من اجل إعلاء شأن قضيته والمبادرة للإسهام في صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية.
بعد المقدمة، تبدأ مادة الكتاب بعرض لوقائع الافتتاح الرسمي لحلقة النقاش، حيث يمكن القول بأن كلمات الافتتاح شكّلت بدورها مادة نقاشية لوحدها على ضوء ماتم تقديمه من خلال كلمات المتحدثين، العاملين أساسا في الوسط الوطني الفلسطيني، بدءاً من كلمة الأستاذ طارق حمود الأمين العام لتجمع واجب، إلى كلمة المدير العام للهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب في سوريا الأستاذ علي مصطفى، وكلمة منظمة التحرير الفلسطينية التي ألقاها الدكتور طلال ناجي، وأخيرا كلمة المقاومة التي ألقاها عضو القيادة السياسية لحركة حماس أبو أحمد (جمال عيسى).
يضم الكتاب ثمانية أوراق عمل بحثية موثقة ومحكّمة، تمت معالجتها عبر ثلاث جلسات نقاش محكّمة. فقد تناولت الجلسة الأولى الأوراق التالية : الواقع القانوني للاجئين الفلسطينيين مقدمة من الدكتور إبراهيم دراجي، تناول فيها وعبر دراسة قانونية متكاملة عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين وفق منظور القانون الدولي، والمرجعية القانونية التي تنظم الحماية القانونية لهم وفق الاتفاقيات الدولية التي تناولها الدكتور دراجي واحدة واحدة، وشمول اللاجئين الفلسطينيين من ضمنها مع إيراد الخصوصية التي ميزت حالة اللجوء الفلسطيني طبقاً لخصوصية القضية الفلسطينية من حيث هي قضية اقتلاع وطني من قبل استعمار استيطاني إجلائي، وليس قضية لاجئين فروا من بلادهم لأسباب تتعلق بكوارث طبيعية مثلاً أو نتيجة حروب أهلية داخلية.
كما يعرج الدكتور دراجي على تناول أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا من ناحية القوانين السورية التي ساوتهم بالكامل تقريباً مع حقوق المواطنة للمواطن السوري، مع تمسكهم بهوية الوطنية الفلسطينية.
أما ورقة العمل الثانية، فقد قدمها مدير مركز الإحصاء الفلسطيني بدمشق الأستاذ يوسف ماضي تحت عنوان الواقع الديمغرافي والاقتصادي والاجتماعي للاجئين الفلسطينيين في سوريا، حيث قدم الباحث وبناءاً على الدراسات الميدانية على الأرض، معطيات وأرقام جديدة تناولت كافة الجوانب المتعلقة بالفلسطينيين في سوريا، بدءاً من التوزع العمري والنوعي للسكان، ومعدلات الوفيات والولادات وبالتالي النمو السكاني، حيث أشار في استنتاجاته أن المجتمع الفلسطيني في سوريا، هو مجتمع فتي تتسع فيه القاعدة العمرية للسكان.
فيما أشار ايضاً عند تعرضه للخصائص الاجتماعية إلى واقع الخدمات التعليمية المتاحة أمام الفلسطينيين في سورية ودور وكالة الأونروا في هذا الميدان. وانتقل في نهاية ورقته لتناول الأوضاع الاجتماعية للفلسطينيين في سوريا من حيث حجم القوة العاملة وتركيبتها المهنية وقطاعاتها، والبطالة..الخ، وأرفق دراسته بعدد من الجداول الإحصائية التي تعطي صورة حسية وملموسة تجاه العناوين التي قدمها.
أما الورقة الثالثة التي قدمت في الجلسة الأولى، فقد كانت للكاتب الفلسطيني علي بدوان وتحت عنوان (الواقع السياسي للاجئين الفلسطينيين في سورية،الواقع والتفاعل الشعبي وتحولاته) وقد بدا أنها مادة توثيقية تاريخية، تؤرخ لدور الفلسطينيين في سوريا في إطار العملية الوطنية والسياسية التي جاءت في السنوات القليلة التي تلت نكبة فلسطين، حيث لعب التجمع الفلسطيني اللاجىء إلى سوريا دوراً هاماً وملموساً في تفجير المقاومة الفلسطينية وشق طريق العمل السياسي والتنظيمي والفدائي المسلح.
ويقدم الكاتب في دراسته معلومات تفصيلية بهذا الجانب متناولاً فيها إرهاصات نشوء البنى السياسية والحزبية والفصائلية الفلسطينية انطلاقاً من الأراضي السورية. كما ويشير الكاتب واستناداً للمعطيات الرسمية بأن المجتمع الفلسطيني اللاجىء في سوريا قدمت أكثر من (۷۰۰۰) آلاف شهيد في إطار العمل الوطني منذ انطلاقة العمل الفدائي الفلسطيني.
أما الجلسة الثانية، فقد كانت زخمة ايضاً، وتناولت الهيئات الراعية للاجئين الفلسطينيين في سورية، وتحديداً الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب، ووكالة الأونروا، ودورهما في دعم وخدمة المجتمع الفلسطيني في سورية.
فقد تناول معاون المدير العامة للهيئة العامة للاجئين في سوريا عدنان منور المهام الملقاة على عاتق الهيئة العامة، والمتعلقة بمتابعة شؤون اللاجئين الفلسطينيين في سوريا من جوانب مختلفة، خصوصاً أحوالهم المدنية وسجلاتهم، وتنظيمها، وتكامل دورها مع وكالة الأونروا، إضافة لمسؤوليتها المباشرة عن تدعيم وإسناد الواقع الخدمي للفلسطينيين في سورية، ورعايتها لعدد من المدارس والمراكز الاجتماعية والتعليمية كالمدراس والمعاهد، ورياض الأطفال، وتعليم الكبار.. الخ، مع التطرق لإداراتها وفروعها المختلفة والمنتشرة في مناطق توزع الفلسطينيين في سورية.
وتناولت الورقة الثانية المقدمة من قبل الباحث الفلسطيني إبراهيم العلي الواقع الصحي لخدمات وكالة الأونروا المقدمة لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين في سورية، وقد أحسن بعرضه للوقائع الإحصائية والرقمية في إسناد مادته العلمية، اعتماداً على العمليات المسحية الميدانية التي قام بها تجمع العودة الفلسطيني (واجب) في عموم المخيمات الفلسطينية في سوريا التي شملتها، وهو ما يضفي عليها الموضوعية و المصداقية، حيث تناول من خلاله الجانب الصحي للاجئين الفلسطينيين في سورية، ودور وكالة الأونروا في هذا المجال من خلال مراكزها الـ (۲۳) المنتشرة في التجمعات الفلسطينية وبرامجها الصحية. وتطرق لأهم الأمراض المنتشرة فيها سواء الوراثية أم المكتسبة بشقيها النفسي و الجسدي.
وتعرض الكتاب إلى برامج التوعية الصحية المطبقة في المخيمات و إلى الطواقم الطبية من أبناء اللاجئين الفلسطينيين في سورية ومدى مساهمتها في تقديم الخدمات الطبية للمرضى من أبناء المجتمع المحلي، ومن ثم استقراء المعلومات والجزئيات وتسجيل النتائج التي تم الوصول إليها والتوصيات اللازمة لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين صحياً. وقد سجل الباحث إبراهيم العلي في نهاية مادته البحثية استخلاصات إضافية منها وجود منغصات عديدة في عمل وكالة الأونروا بالرغم من خدماتها الكبيرة، ومنها مشكلة تتمثل بضعف التمويل مع تراجع ميزانية وكالة الأونروا من عام لعام أخر، ووجود خلل إداري ومحسوبيات.
أما الورقة الثالثة المقدمة للجلسة الثانية، فقد أنجزها الباحث الفلسطيني سليمان دباغ، وقد تناول فيها دور وكالة الأونروا في الجانب التعليمي تحت عنوان (الواقع التربوي والتعليمي/مشكلات وطموحات)، ركز من خلالها على خصوصية هذا الجانب بالنسبة للفلسطينيين في سوريا، ذلك أن مسؤولية العملية التعليمية تقع على الدولة السورية ومعها وكالة الأونروا، إلى جانب القطاع الخاص.
وقدم الباحث شروحاً إضافية في هذا المجال، مستندة إلى الأرقام والمعطيات، وتحديداً بالنسبة لدور وكالة الأونروا التي تدير ما مجموعه (۱۱۰) مدارس في سوريا تعمل أغلبها وفق نظام الفترتين. كما تعرض للمشاكل التي تقع في هذا الجانب، ومنها الأساليب التربوية والاكتظاظ، وضعف الاستقرار، ونظام الفترتين الخ.
وقد أحسن في إرفاق دراسته ببعض الجداول الإحصائية الصادرة عن الأونروا.
اقتصرت الجلسة الثالثة على ورقتي عمل تناولت واقع مؤسسات ولجان حق العودة العاملة في الوسط الفلسطيني في سورية، من حيث واقعها ونشوئها ودورها وآفاق عملها.
وقد قدم الورقة الأولى، الأستاذ رجا ديب (منسق مجموعة عائدون) تحت عنوان (واقع لجان العودة ونشوئها)، فيما قدم الورقة الثانية الأستاذ أحمد الباش تحت عنوان (الواقع الحالي وآفاق المستقبل).
وقد احتوت الورقتان على مقدمات سياسية لامست تاريخ ونشوء قضية اللاجئين الفلسطينيين وماتعرضت لها إلى الآن من محاولات تصفية وإنهاء، خصوصاً بعد مؤتمر مدريد للتسوية منذ العام ۱۹۹۱، وهو مادفع باتجاه توليد العوامل التي سّرعت بنشوء لجان العودة وانتشارها في عموم التجمعات الفلسطينية داخل فلسطين وفي بلدان الشتات ومنها المخيمات والتجمعات الفلسطينية فوق الأرض السورية.
كما تعرض الباحثان إلى بعض التوصيات، التي تشير إلى أهمية تلك اللجان والدور المنتظر منها، مع ضرورة توحيد جهدها وعملها، وتجاوز بعض المشاكل التي اعترضت عملها، مع حدوث ظاهرة التضخم التي تعيشها (الشكل والاسم دون مضمون).


https://taghribnews.com/vdcfvxdj.w6d00aikiw.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز