تاريخ النشر2021 20 May ساعة 04:00
رقم : 504571
#سيف القدس

معركة "سيف القدس": تصعيد أو تهدئة؟

تنا
العامل الشخصي لنتنياهو وسعيه إلى البقاء في سدة الحكم ساهم في استمرار العملية العسكرية، وبالتالي غياب الإجماع الصهيوني على العدوان.
معركة "سيف القدس": تصعيد أو تهدئة؟
وسام أبو شمالة 


العامل الشخصي لنتنياهو وسعيه إلى البقاء في سدة الحكم ساهم في استمرار العملية العسكرية، وبالتالي غياب الإجماع الصهيوني على العدوان.

تتساءل العديد من الأوساط عن العوامل التي ساهمت في استمرار المواجهة العسكرية حتى اللحظة وموعد توقفها.

تدخل معركة "سيف القدس" في قطاع غزّة يومها العاشر ، وتبذل الأطراف الدولية والإقليمية جهوداً مكثفة - ولا سيما في الساعات الأخيرة - لتحقيق وقف إطلاق النار بين الاحتلال والمقاومة، توّجت باتصال ثالث أجراه الرئيس الأميركي جوزيف بايدن مع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، بالتوازي مع تكثيف الاتصالات مع قيادة "حماس" والمقاومة، والتي تجريها مصر والأمم المتحدة. وقد توّجت باتصال مباشر من القيادة المصرية مع رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، وهو الاتصال الأوّل معه بعد قيامه بزيارة إيران، بخلاف الرغبة المصرية، ومشاركته في تشييع الشهيد قاسم سليماني.

قدَّمت المقاومة الفلسطينية للوسطاء شرطين لقبولها وقف العمليات؛ الأول يتعلّق بالقدس، ويتمثّل في وقف الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى، وعدم مساس الاحتلال بحرية العبادة فيه، وامتناعه عن طرد المقدسيين من بيوتهم في حيّ الشيخ جراح. والشرط الآخر هو مبادرة العدو إلى وقف إطلاق النار أو التوصل إلى ذلك بالتزامن بينه وبين المقاومة، وهي شروط تتوافق مع الهدف الاستراتيجي الذي حددته الأخيرة مع بدء العدوان، والّذي عبر عنه رئيس حركة "حماس" إسماعيل هنية في تصريحاته المعلنة وأحاديثه مع الوسطاء والعديد من الأطراف الإقليميّة والدّولية، التي اتصل بها لتوضيح موقف الشعب الفلسطيني ومقاومته والإصرار على المطالب المشروعة بوقف العدوان على القدس والمسجد الأقصى.

يطلب الاحتلال مبادرة المقاومة بوقف إطلاق النار، ويرفض طرح موضوع القدس، والهدف الأساسيّ الذي وضعه منذ بدء العملية هو تحقيق الهدوء والقضاء على قدرة المقاومة على إطلاق الصواريخ على "إسرائيل".

على الرغم من عدم نجاح الجهود الدولية والإقليمية في وقف إطلاق النار، حتى كتابة هذا المقال، فإنَّ المقاومة تمكَّنت من فرض قواعد اشتباك خلال مسرح العمليات؛ فبعد بدء طائرات الاحتلال بقصف الأبراج والمنازل والشقق السكنية، قصفت المقاومة مدينة تل أبيب بعشرات الصواريخ، وهددت بالاستمرار بقصفها في حال استمر الاحتلال في القصف، ما أجبره على التوقف عن ذلك، واستمراره في قصف المواقع الفارغة والمقار الحكومية، فيما واصلت المقاومة استهداف القوات العسكرية المتمركزة في جنوب عسقلان بقذائف الهاون، واستهداف البوارج العسكرية البحرية وأهداف عسكرية مختلفة، إضافة إلى قصف ما يعرف بغلاف غزة بالصواريخ القصيرة المدى على بعد 50 كلم.

يسعى الاحتلال إلى اغتيال قيادات عسكرية وسياسية بارزة بعد فشل "جيشه" في الخطة الاستراتيجية التي تدرَّب عليها لأكثر من 3 سنوات، وكان يهدف من خلالها إلى توجيه صدمة كبرى للمقاومة بقتل المئات من مقاتليها بمجرد دخولهم الأنفاق، بعد إيهامها ببدء الحرب البرية. وقد تنبهت المقاومة إلى الخدعة الصهيونية وأحبطتها. 

تتساءل العديد من الأوساط عن العوامل التي ساهمت في استمرار المواجهة العسكرية حتى اللحظة وموعد توقفها. منذ عدوان العام 2014 على قطاع غزة، خاضت المقاومة 13 جولة تصعيد انتهت بعد عدة أيام، ونجح الوسيطان المصري والأممي في وقف سريع لإطلاق النار، وتثبيت قواعد الاشتباك المرتبطة بقطاع غزة، ونجحت المقاومة في تحقيق توازن ردع وكسر جزئي للحصار على غزة...

في المعركة الحالية، تسعى المقاومة إلى تغيير قواعد الاشتباك، لإجبار الاحتلال على الكف عن جرائمه تجاه المقدسيين والمسجد الأقصى، ما يعتبر تحولاً استراتيجياً في المعركة معه، وهو ما أطال أمد المعركة.

كثافة النيران وطول مديات صواريخ المقاومة التي غطّت كل أراضي فلسطين المحتلّة وتطوّر قدرتها التدميرية أربك حسابات العدو. وقد اعترف ما يُسمى بقائد الجبهة الداخلية في تصريح إلى القناة "11" العبرية في 17 أيار/مايو بأنَّ "إسرائيل" تلقّت ضربات صاروخيّة بكثافة غير مسبوقة منذ قيام "الدولة".

مؤسسات صنع القرار السياسي والعسكري والاستخباري الصهيوني تفاجأت من توجهات حركة "حماس" وقرارها إطلاق صواريخ على القدس لمنع اقتحام المستوطنين المتطرفين وجنود الاحتلال للمسجد الأقصى، وهو ما نجحت به فعلياً. 

وقد كشف الصحافي الصهيوني تسفي برئيل في مقاله المنشور في صحيفة "هآرتس" في 17 أيار/مايو الحالي، أن ردود الفعل الصادمة في "إسرائيل" على قرار "حماس" تشبه المفاجآت التي هزت أجهزة المخابرات العالمية عندما انهار الاتحاد السوفياتي، وهو ما ساهم في فشل جهود وقف إطلاق النار حتى الآن.

العامل الشخصي لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو وسعيه إلى البقاء في سدة الحكم والقضاء على فرص ما سُمي بكتلة التغيير بقيادة لبيد وبينيت وغانتس لتشكيل الحكومة الصهيونية، ساهما أيضاً في استمرار العملية العسكرية، وبالتالي غياب الإجماع الصهيوني على العدوان والتشكيك في نيات نتنياهو تجاه الحرب.

ثمة عوامل متعددة تساعد على نجاح جهود وقف إطلاق النار خلال الأيام، وربما الساعات القادمة، أبرزها أن الضربات الجوية للعدوّ فشلت في تحقيق أهدافها، ولم تنجح خطة رئيس أركان العدو كوخافي التي سميت "تنوفا" في إنجاز نصر سريع وحاسم، كما كان هدفها، مع غياب أي رغبة في تنفيذ هجوم بري، نتيجة كيّ وعي "جيش" العدو وخشيته من تكبد خسائر فادحة في صفوف جنوده، على غرار ما خلّفته المواجهة العسكرية في العام 2014، إضافة إلى الضغوط الدولية، ولا سيما بعد ازدياد استهداف المدنيين والمؤسسات الإعلامية، ما عزز فضح صورة العدو العالمية.

خشية العدو من اشتعال الضفة الغربية، واستمرار الصدامات داخل المدن والقرى الفلسطينية في فلسطين المحتلة العام 1948، على خلفية العدوان على الأقصى وقطاع غزة، سيدفعان باتجاه إنهاء المعركة.

لا شكّ في أن قيادة العدو تعاني ارتباكاً وعدم ثقة داخل مكوناتها السياسية والعسكرية. وما زاد من اهتزاز منظومة صنع القرار داخلها، صعوبة فك شيفرة قيادة المقاومة والمفاجأة من قدراتها وإدارتها للمعركة والتحكم والسيطرة العالية التي تتميز بها، ما سيضيف إليها رصيداً أكبر على صعيد الوعي وتوازن الردع وتغيير قواعد الاشتباك، وسيجبر الاحتلال على التفكير مرات عديدة قبل الإقدام على أي عدوان وجرائم ضد الشعب الفلسطيني في شتى أماكن تواجده، وهو الهدف الذي تسعى المقاومة لإنجازه في معركة "سيف القدس".


/110
https://taghribnews.com/vdcbzabs8rhbgsp.kuur.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز