الشيخ عبد المنعم الزين لـ"تنا" : نحن بحاجة الى تربية دعاة يجيدون مواجهة الفكر التكفيري - 1 -
تنا - خاص
اكد الشيخ عبد المنعم الزين رئيس المؤسسة الاسلامية الاجتماعية في السنكال على ضرورة ان تركز الحوزات العلمية على تربية جيل جديد من الدعاة يدركون المستجدات العصرية وفن الاعلام والخطاب الدعوي المتحضر لمواجهة الفكر التكفيري المنحرف .
شارک :
على هامش المؤتمر الدولي الثلاثين للوحدة الاسلامية الذي عقد في ديسمبر 2016 التقى مراسل وكالة انباء التقريب "تنا" بالمفكر والداعية الاسلامي الشيخ عبد المنعم الزين ليحدثنا عن جذور الفكر التكفيري المنحرف وبدايات نشوء هذا الفكر وسبل معالجة هذا النهج الخطير بعد القضاء عليه ميدانيا .
وتحدث عن تباين الاهداف لصانعي وداعمي هذه الجماعات الارهابية بين الدول العربية الممولة والغرب الداعم لافتا الى ان هدف الدول العربية في تسليحها وتمويلها لهذه الجماعات يكمن في حدود مصالحها السياسية الاقليمية ولكن الغرب هدفه اوسع وهو استهداف الوحدة الاسلامية عن طريق استغلاله للفكر التكفيري الذي تحمله هذه الجماعات .
وحين سألناه عن جذور وتاريخ هذا الفكر قال ان جذوره يرجع الى عهد الرسول (ص) حين كان عدد من اصحابه يجتمعون في منزل ويقيمون حسب فهمهم مستوى تقوى وتدين النبي محمد (ص) معتبرين ان فهمهم وعملهم لمقولة التقوى افضل من الرسول (ص) ، شارحا الرواية بهذا الشكل ان احدهم قال ان التقوى تكمن في الصلاة ولهذا قررت ان اقيم الصلاة ليل نهار والثاني قال ان مفهوم التقوى تعني اجتنابك للمحرمات وابتعادك عن ملذات الدنيا وهذا يتحقق في الصوم وسأبقى صائماً طوال حياتي واما الثالث تحدهام وقال ان التقوى تعني ابتعادك عن الشر والنساء هم شر هذه الدنيا ولهذا قررت ان لا اتزوج , وبهذه التفاسير استنتجوا انهم اكثر تقوى وتدينا من الرسول الاعظم محمد صل الله عليه واله وسلم .
واوضح الشيخ الزين ان الرسول عندما اطلع على تفاصيل هذا الاجتماع صعد المنبر لينبه الناس على انحراف هذا الفكر وهذه التفاسير لمفهوم التقوى مؤكدا "اني اصلي واصوم واعمل واقعد وانام واكل واتزوج النساء وهذه سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني " ، مشیرا الى ان زعيم هذا الفكر الجمودي بعدها اصبح احد قيادات الخوارج الذي خرجوا على الامام علي (ع) في النهروان وقتل .
ولكن متى ظهر هذا الفكر المنحرف على شكل جماعة وكتلة منسجمة قال الشيخ الزين انها ظهرت في نهاية حرب صفين في موضوع التحكيم بين الامام علي (ع) ومعاوية انذاك حيث احتج الخوارج على الامام بتوقف الحرب والتحكيم القران الذي دعا اليه معاوية ولكن الامام رفض موضحا انها خدعة ولكن الخوارج لم يلتزموا باوامر امير المؤمنين وهددوه بالقتل ان لم يقبل التحكيم .
واوضح ان امر الخوارج تعاظم بعد ذلك ولكن في معركة النهروان قتل منهم اكثر من اربعة الاف ولم يبقى منهم الا القليل حينها جاء بعض الصحابة الى الامام علي (ع) يباركون له هذا النصر عندما قالوا "الحمد لله الذي اراحك منهم " ولكن الامام قال لهم "لا والله أنهم في اصلاب الرجال وقرارات النساء (اي في ارحام نساءهم) " وهذا الكلام يعني ان الفكر الخوارجي واي فكر منحرف لا يموت بموت رجاله لانه سوف يأتي من يحي هذا الفكر من جديد .
والدليل على كلام الامام علي (ع) قال رئيس المؤسسة الاسلامية الاجتماعية في السنكال وهو يتحدث مع مراسل وكالة انباء التقريب "تنا" ان امر الخوارج تعاظم في عهد الدولة الاموية حيث حاربوا هذه الدولة بشراسة وفي عهد الدول العباسية ضعف امرهم ولم ينشطوا حتى قبل مئتين عام .
واوضح سماحته ان محاولات احياء هذا الفكر وهذا النهج المنحرف بدأت منذ قرن اي منذ بداية القرن العشرين ، حيث كنا نائمين ولم ننتبه الى هذه المؤامرة حيث صرفت ملايين الدولارات لنشر هذا الفكر عن طريق تأسيس المدارس والمراكز الدينية وتربية الدعاة اللذين يحملون هذا الفكر التكفيري في كل انحاء العالم في اوروبا واسيا وامريكا و...
واما الهدف من دعم هذا الفكر واسناده فيرى الشيخ عبد المنعم الزين ان هدف الدول العربية الداعمة لهذا التيار يختلف عن هدف الغرب معتبرا الدول العربية الداعمة بالخونة وهدفها استغلال هذه الجماعة لتأمين بعض مصالحهم السياسية واما الغرب فهدفه هو قصم ظهر المسلمين عن طريق ايجاد فتنة بينهم يقسم المسلمين الى فئات وفرق ليس بالمفهوم الفقهي او التشريعي وانما الى فرق متناحرة حول محور قبول هذا الفكر او رفضه اي كل من يرفض المنهج التكفيري فهو كافر ايا كان انتمائه المذهبي .
واكد ان الغرب رأى في هذا النهج ، الارضية المناسبة لاستهداف وحدة المسلمين فعمل على تقويته وايجاد منظمات مختلفة له يحمل نفس الفكر والاتجاه تارة باسم القاعدة وتارة اخرى باسم داعش والنصرة وما شابه ذلك .
ويرى الشيخ الزين ان الانتصار العسكري على هذه الجماعات لا ينهي هذا النهج فيجب مكافحته بالفكر والعمل على تجديد الخطاب الديني في المساجد والتدقيق في تدوين الكتب الدينية والمناهج الدراسية والتركيز على الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي وتربية دعاة واعين يروجون للاسلام الصحيح والوسطي يستطيعون مواجهة هذا الفكر ولهم القدرة على اقناع الشباب المغرر بهم بهذا الفكر .
وكيف يمكن وما هي السبل لمواجهة ومعالجة هذا الفكر المنحرف والخطير اكد على الحاجة الى علماء ودعاة يجيدون محاربة هذا الفكر بشكل جيد وعصري لهم المام بمستجدات العصر ، لان هذا الفكر لا يموت حتى وان قتلنا اليوم كل من ينتمي الى هذه الجماعات لان فكرهم ومؤلفاتهم تبقى موجودة بين المكتبات ويأتي يوم من يحي هذا الفكر مرة اخرى ولهذا السبب نقول ان المواجهة الصحيحة والناجعة لهذا الفكر يأتي عن طريق الفكر وتثقيف وتوعية الشعوب على انحراف ومخاطر هذا النهج الاعوج .
وعن مسؤولية الحوزات العلمية في هذا المجال انتقد سماحته الحوزات لانها لا زالت تسير وفق اسلوب تقليدي خاصة في مجال الاعلام والخطاب الديني ، مؤكدا ان حوزاتنا ومؤسساتنا الدينية بحاجة الى اتقان فن العمل الاعلامي والدعوي لمواجهة اي فكر ونهج منحرف ان كان تكفيري او شيوعي او ليبرالي ورأسمالي واضاف قائلاً " مع الاسف اننا فقراء في مجال هذا الفن وحوزاتنا لا تعمل بجد لتربية علماء يجيدون مقارعة هذا الفكر بشكل عصري ومقنع .