أمتنا اليوم في حاجة ماسة للوحدة أكثر من أي وقت مضى فأراضيها مغتصبة وحرماتها ومقدساتها منتهكة وثرواتها منهوبة ولأن الاجتماع والاتفاق سبيل إلى القوة والنصر والتفرق والاختلاف طريق إلى الضعف والهزيمة
شارک :
قال المفكر الاسلامي السوري الدكتور عبد القادر كتاني رئيس مركز الدراسات العربية والاسلامية في رده على سؤال وكالة انباء التقريب (تنا) حول الحج واهميته لوحدة الامة الاسلامية بقوله:إن المتأمل في أعمال الحج يستفيد منها عدة دروس، ويستلهم منها معاني سامية، وهناك درس مهم من تلك الدروس العظيمة وهو الوحدة الإسلامية، فالقبلة واحدة، والرب واحد، والدين واحد، والوجهة واحدة، واللبس واحد فلماذا التفرقة؟ أليس هذا درساً عظيماً وبليغاً ليعلمنا أن الانتماء للدين يلغي القوميات والطائفية والمذهبية واللون؛ فالكل سواسية.. فهلا اتّعظنا؟
إن أعظم درس في الحج، دلالته على وحدة الأمة الإسلامية، وقد تجلَّت هذه الحقيقة في الحج من خلال أمور كثيرة، بل أغلب مناسك الحج تدعو إلى ذلك، ومن بينها:
1/ قبلة واحدة: يتجه المسلمون إليها في صلاتهم من مشارق الأرض ومغاربها، وهذه القبلة هي التي يجتمعون عندها ليؤدوا شعائر مناسك الحج.
2/ شعار واحد: فالجميع يلبون تلبية التوحيد لله تعالى (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك)، فهو نداء لله وحده لا لمذهب أو قبيلة أو دولة أو جماعة...أو..، فهي عبودية لله وحده.
3/ رداء واحد: ومن الجوانب الظاهرة لهذا النظام العظيم الذي يربي على الوحدة أنه يطلب من الكل أن يتخلوا عن ملابسهم الخاصة، وأن يرتدوا لباساً واحداً بسيطاً. فيزول هنا الفرق بين الملك والرعية، وتختفي هنا امتيازات الملابس الغربية والشرقية، ويبدو الناس في لباس الإحرام المشترك وكأن لكل منهم وضعاً واحداً.. فالكل عباد الله ولا يختلفون في ذلك.
4/ وحدة الزمان والمكان: فالحج له زمان ومكان محدد لا يجوز القيام بالمناسك في غيره، ويتجلى في عرفات وحدة المكان والزمان من أجل توحيد الأمة الإسلامية كلها، حتى غير الحجاج من المسلمين؛ فهم يتطلعون لذلك اليوم بمشاعر جياشة وقلوب مؤمنة وهم صائمون.
5/ وحدة الهدف والغاية والشعور؛ فالجميع قد جاؤوا من كل فج عميق، يحدوهم الأمل، ويحفهم الخوف والرجاء.
واكد الدكتور كتاني إن الحج رمز لوحدة هذه الأمة، وتأكيد على أن هذه الأمة لا يفرق بين أفرادها لون ولا قبلية ولا عصبية. يجتمع المسلمون من أقطار الأرض حول هذا البيت العتيق الذي يتجهون إليه كل يوم خمس مرات ويقصدونه بقلوبهم وأفئدتهم من خلال صلواتهم في بلادهم الشاسعة البعيدة ها هم، يجتمعون حوله ويرى بعضهم بعضاً يتصافحون ويتشاورون ويتحابّون خلعوا تلك الملابس المختلفة والمتباينة من أجسادهم ووحدوا لباسهم ليجتمع بياض الثياب مع بياض القلوب وصفاء الظاهر مع صفاء الباطن.
إن أمتنا اليوم في حاجة ماسة للوحدة أكثر من أي وقت مضى فأراضيها مغتصبة وحرماتها ومقدساتها منتهكة وثرواتها منهوبة ولأن الاجتماع والاتفاق سبيل إلى القوة والنصر والتفرق والاختلاف طريق إلى الضعف والهزيمة وما ارتفعت أمة من الأمم وعلت رايتها إلاّ بالوحدة والتلاحم بين أفرادها وتوحيد جهودها والتاريخ أعظم شاهد على ذلك، ولذا جاءت النصوص الكثيرة في كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- تدعو إلى هذا المبدأ العظيم وتحذر من الاختلاف والتنازع، إن الوحدة الإسلامية بقدر ما تجد أنها نظرية قوية متماسكة إلاّ أننا نفترق حول كل شيء ولأتفه شيء، وأحياناً حول هذه الوحدة، ذلك لأن الكثير يحسب السعي للوحدة شعاراً، أكثر منه نظرية ضرورية واقعية.
ولفت الدكتور كتاني الى دور النخب والعلماء في هذه القضية مشيرا الى ان الوحدة الإسلامية يجب أن يمارسها الجميع على كل المستويات، ويسعى لها الكل فهي ليست شعاراً شفوياً وعلى النخبة والعقلاء العمل على إيجاد منظمات وهيئات وتجمعات إسلامية عالمية مشتركة، تجمعات اجتماعية وفكرية وثقافية واقتصادية، والمهم أن نجعل (الوحدة الإسلامية) هاجساً للأفراد والمجتمعات، مما يتعين على المسلمين من مفكرين ومثقفين وفقهاء أن يتجاوزوا ذواتهم الشخصية أو الفئوية أو الجماعية أو المذهبية إلى حق الأمة الأعظم في الوحدة والائتلاف.
وقال الدكتور كتاني إن الحج مؤتمر إسلامي كبير، ومصدر عظمة الإسلام، و اتحاد المسلمين و تقوية شوكتهم، فهو من جانب يُرعب أعداء الإسلام، و يفشل خططهم الاستعمارية، و من جانب آخر يبُثُّ في نفوس المسلمين كل عام روح الإيمان و التقوى و الجهاد و الالتزام الديني و الوحدة الإسلامية و يُبصِّرهم بهموم الأمة كما و يُشعرهم بقوتهم و عزتهم الأمر الذي يُرعب الأعداء و ينغص عيشهم و يربك مخططاتهم التآمريَّة تجاه الأمة الإسلاميةو هناك كلمة اخيره اقولها وهي، ويل للمسلمين إذا لم يعرفوا معنى الحج و ويلٌ لأعداءِ الإسلام إذا أدرك المسلمون معنى الحج.