تطرق الأكاديمي الجزائري المقيم في فرنسا رشيد بن عيسى في حديث خاص مع وكالة أنباء التقریب (تنا) الى الثورات التي تشهدها بعض دول المنطقة وقال أن هذه الثورات تلتحق بالثورة الأم وهي الثورة الاسلامية في ايران التي فجرها الأمام الخميني رضي الله عنه وأسكنه فسيح جنانه، وفيما يلي نص الحوار..
ما هو رأيك بالثورات الحالية التي تشهدها دول المنطقة؟ هذه الثورات تلتحق بالثورة الأم وهي الثورة الاسلامية في ايران التي فجرها الأمام الخميني رضي الله عنه وأسكنه فسيح جنانه، وهذه الشعوب ظلمت وغلبت على أمرها وها هي تستيقظ وتسترجع رشدها وتسترجع مقاليد أمورها، فياللعجب كيف تكون مصر التي عرفناها قائدة ورائدة الأمة العربية كيف تنقلب من مصر الى مصرائيل، تفعل بغزة ما لا تفعله اسرائيل تمنع أهلنا (مليون ونصف من أهلنا من العرب والمسلمين وبالمنطق السني من السنة) هذا الأمر صعب على المصريين أن يتحملوه حتى أصبح المصريون يخجلون من كشف هويتهم للآخرين وأن يقولوا أنهم من مصر.
وبالأمس كنت أرى تلفزيونات عدة والكلمة التي تكررت من قبل المصريين هي استرجاع الكرامة، كلهم يقولون الآن نستطيع أن نقول أننا مصريون، أي أن المذلة التي فرضت عليهم جعلت التعريف بأنفسهم أمرا عصيا، الآن يسترجعون كرامتهم، وبالأمس ظهرت أشارات استرجاع الهوية فأولا فتحوا معبر رفح لأربعة أيام وسمحوا للسفينيتين الايرانيتين بالعبور من قناة السويس مع العلم أن عبورها لا يحتاج الى اذن لأن هذه القناة والمياه دولية عبرت منها السفن الاسرائيلية ولم تستأذن بل صاحبتها سفن مصرية، أما العجب العجاب أن السفن الايرانية التي هي عنوان كرامة الأمة تحتاج الى اذن، ولكن اذا اردنا أن نكون واقعيين فينبغي أن نقول نعم انها البداية.
هناك من يستكثر على الثورة الايرانية أن تكون هذه الثورات متأثرة بها ويعتبر أن هذا الكلام كلام مبالغ ومغالى فيه؟ فاذا كانت حقا كذلك فلماذا تأخرت عنها ثلاثة عقود؟ أولا، لا ينكر أحد صدى ووقع تأثير الثورة الأم ليس على المسلمين وحسب ولكن على العالم أجمع، فالعصر الحديث يمكن أن نؤرخ له ما قبل الامام الخميني وما بعده، فالعالم بعد الثورة الاسلامية ليس هو ذات العالم قبل الثورة، ثانيا، لماذا تأخرت؟ فهذا أمر طبيعي لأن الامام فاجئ العالم، فكل مراصد المستقبل في الغرب اعترفت بأنه لم يكن أحد يتوقع أن شيخا مجهولا في ايران ثم في النجف سيأتي ويقوم بهذا التغير في العالم، بعد هذه الثورة أخذت الدول الغربية أو لنقل محور القوة والهيمنة أخذ الاحتياطات وطوق ايران وحاصروا أتباعها، أنا ٢٥ عاما في فرنسا لا أخرج من هذا البلد ولا أدخل اليه دون استيقاف في المطار علما بأنني كنت موظفا في اليونسكو أي أتمتع بالحصانة الدبلوماسية، فقد كانوا يسخرون مني عندما أظهر جواز سفري الدولي، لماذا؟ لأنني كنت أحب واناصر الثورة الاسلامية.
هناك من أخذ على وصايا الامام الخامنئي (مد ظله) بأنه تدخل في الشأن المصري، فبرأيك أن علماء الدين لا ينبغي أن يتدخلوا في شؤون المسلمين؟ هذا الكلام غريب جدا وقد سمعته من الامام الذي أم الجمعة الأولى بعد الثورة المصرية، أولا، أن الذين قاموا بتحريك الثورة المصرية ليسوا الأئمة وشتان أن يكونوا من أئمة الأزهر، ولكن احتاجوا الى امام ليؤم المصلين ويقول ما يريدون فاستغربت منه دعوته الى ايران وأميركا بعدم التدخل، وهذا أمر صدر من السلطات السابقة والجيش لهذا الامام وقد نفذه، ولكن مع الأسف له سابقة في ذلك.
فهناك من كان يحذر المسلمين من السيل الايراني الشيعي العارم، فجاء السيل العارم على السلطات التي هادنها، وهذا كلام عجيب ففي الوقت الذي نرى فيه الأخطار الاسرائيلية الحقيقية تفعل بنا ما تفعل ثم يظهر أحدهم ليحذر من ايران التي لولاها لما وجد حزب الله الذي يعتبر عنوان شرف وكرامة الأمة، فلم يهزم أحد اسرائيل قبل حزب الله وما كان حزب الله ليظهر من دون الامام الخميني والسيد الخامنئي والثورة الاسلامية، فاذن، انكار هذه الأشياء تجن وتعام عن الحقيقة، ولكن الشعوب المسلمة تعلم من هو الناصر ومن هو العدو ولا ينطلي كلام هؤلاء عليها، وأنا مسؤول عما أقول وقد قلت لهم في غير مكان ذلك .
ما هي توقعاتك للمستقبل، فهل ما يجري مجرد بركان سرعان ما ينطفأ، وموجة سرعان ما تخبو؟ لا ليست موجة وكنا نخشى أن تكون موجة الا أن هذه الثورة تترسخ والملايين التي نزلت الى الشوارع دليل على أن العسكر لا يمكنه أن يسرق الثورة، وهذا تأكيد على أن هناك من يراقب العسكر من اختلاس الثورة، فالهوية المصرية عربية واسلامية ولا يمكن أن تتنكر لهويتها فسيستغنى عنها كما استغني طيلة العقود الماضية، فنحن نسينا مصر أنها دولة عربية اسلامية، وبكل صراحة فان حزب الله سيحل محلها ويكون جديرا بذلك لأنه فعل ما لم تفعله مصر، فاذا رجعت مصر لتحتل مكانتها فمرحبا بها، واذا واصلت طريقها فستنال المذلة التي ذاقتها منذ ثلاثين سنة في عهد اللامبارك.
ما هي الدولة التالية المرشحة لتكون بعد مصر؟ كل الدول مرشحة الا أن اليمن ستأتي بعد مصر، لأن اليمن أصل العرب، فالرئيس الذي يذبح شعبه بتلك الطريقة ويستدعي الطيران السعودي، وأننا لم نسمع بالطيران السعودي الا مرة واحدة عندما ضرب الحوثيين، فالعجب أننا لم نسمع بالطيران السعودي يضرب اسرائيل، ثم استعان (الرئيس اليمني) بالأميركان ليقتل أبناءه ثم قال جيشه هو الذي قتل بينما الأميركان هم الذين قتلوا، فهذا لا يغتفر، والرئيس اليمني يلعب حاليا اللعبة القبلية باعتباره ينتمي الى أكبر قبيلة، ولكن التمرد والثورة في كل مكان، وسبق أن قال: أن السلطة في مغرم وليست في مغنم، فلماذا لا يترك المغرم وبقي متمسكا به طوال هذه السنين؟ هو يقول أنه تعب من السلطة، فلماذا لا يذهب ويستريح في بيته؟
بالطبع أن الأردن أيضا من المرشحين وبالأمس سمعنا رجال يقولون أن الملكية ينبغي أن تتحول الى دستورية، كما أن الثوار الليبيون أقتربوا جدا من النصر ومن المرشحين أيضا البحرين، وهناك من يثير القضية الطائفية في البحرين والغريب أن ملكا سنيا يحكم دولة فيها ٨٠ بالمئة من الشيعة، فهذا تنكر لكافة جوانب الديمقراطية، فبأي حق تكون ملكا لقوم لا تحترم ثقافتهم ولا خياراتهم؟
والزلزال الكبير المنتظر هي السعودية، فهي أم الفتنة ومن المفترض أن تكون قبلة المسلمين ولكنها قبلة الكفار، فانها ترضي الكفار وتسخط المسلمين، وأينما تدخلت في أمر خربته، أنظروا لما حاولت فعله في لبنان وفي فلسطين وفي كل مكان، ولهم وزير خارجية جاهل يحرك رأسه يمنة ويسرة منذ اربعين سنة، وبالتالي فان السعودية هي الزلزال الكبير المنتظر.
بما أنك شاركت في مؤتمر الوحدة الاسلامية فهل تعتقد أن الأمة الاسلامية اقتربت من تحقيق الوحدة الاسلامية؟ المسلمون ينظرون الى الأفعال وليس الى الأقوال، فنحن في شمال أفريقيا لا نسمي أنفسنا مسلمون سنة وأنما مسلمون وحسب، حتى في زمن الاحتلال الفرنسي كانوا يكتبون في بطاقات الهوية فرنسي مسلم، فنحن كبرنا ولا نسمي أنفسنا سنة وبالتالي ليس لدينا عداوة أو تشنج ضد الشيعة، وعامة المسلمين يعرفون الامام الخميني والامام الخامنئي ورجال الدين الايرانيين بينما يتنكرون لعلماء الدين في السعودية ويأخذون عليهم مداهنتهم للحكام الظلمة الفجرة، ويتساءلون لماذا لا تنصر السعودية أهالي غزة على الرغم من أنهم من السنة، اذا كانت غيرتها على أهل السنة حقيقية فلماذا لا تغار على أهالي غزة، وكيف ترضى السعودية بأن يحرم مليون ونصف أخ في الدين والملة وفي كل شيء من أدنى الاحتياجات؟ فالناس لا يصدقون الأقوال وأنما ما تفعله ايران وحزب الله وهذا هو المعيار والميزان.