انا عالم سنى واؤكد ان ما يجرى فى البحرين يتصادم مع المعايير الموضوعية لان الاغلبية شيعية ولهذا تحركت معايير الطلم
شارک :
المفكر الاسلامي الكبير والفقيد الدكتور عبد الرحيم السايح في اخر حوار له مع وكالة انباء التقريب (تنا) يشرح رأيه حول الثورات العربية ومحاولة الغرب للالتفاف عليها وتحريفها عن مسارها الصحيح ومعارضته الشديدة للفتاوي التي حرمت المظاهرات ، واخيراً رأيه حول الاحتجاجات في البحرين وان مطالب الاكثرية ليست بطائفية مع العلم ان الاقلية هي التي تحكم الاكثرية مدافعا في حواره هذا مظلومية الشعب البحريني . واليكم نص الحوار الذي اجراه مراسلنا في القاهرة مع الفقيد :
مع اشتعال الثورات العربية من تونس مرورا بمصر وانتظارا لليبيا واليمن ومن ثم البحرين وغيرهم من الدول التى تنتظر فان الجماهير فوجئت بحمی كبير من قبل الجماهير والنخب العربية وايضا علماء الاسلام غير اننا فوجئنا ان الحماس بات يفتر فى حالة ثورة البحرين برغم تشابهها مع الثورات الاخرى وللاسف ثبت ان المعايير باتت مختلفة او مختلة حملنا هذه القضية وحملناها الى العالم والمفكر الكبير الدكتور احمد عبد الرحيم السايح لتحليل هذه الظاهرة فكان معه هذا الحوار :
س : ما هي قراءتك لما يجرى على الساحة العربية من ثورات والتي القت بظلالها على المهد العربى كله ؟
ج : قال الدكتور احمد السائح في رايى ان هناك مؤامرة احيكت على العالم الاسلامي وهذه المؤامرة اخذت اشكالا متعددة منها التفريط في قضايا الامة ورهن ارادة الدول والشعوب لصالح الامريكان والتفريط في الريادة الوطنية والوقوف ضد تطالعات الشعوب والتخاذل في مواجهة الصهاينة والامريكان وخاصة فى اعتدائهم على مقدرات الامة واحتلال بلاد المسلمين الى غير ذلك من القضايا التي حركت الشعوب وكانت السبب الرئيسي في اندلاع هذه الثورات كما ان الحكام العرب اصبحوا خاضعيين وتابعيين لامريكا والغرب، ويحاول الغرب ان يسرق هذه الثورات ويحاول ان يصنع بؤر للتوتر داخل الامة ومن ذلك ما قام به الغرب من دفع اثيوبيا لبناء السدود كي تمنع المياه عن المصريين ولا شك ان شعوب الامة فيها صحوة ووعي ولكن الغرب استغل هذه الظروف التى تواجه الامة العربية فاستثمرها لصالحه وسرق ذلك الوعي والصحوة من شعوب امتنا العربية فيجب علينا ان نتنبه لمثل هذه المؤامرات التى تحاك لنا فى الظلام فبينما نحن منشغلون باصلاح شاننا الداخلي يقوم الغرب بالالتفاف علينا وينفذ جميع المكائد التى حاكها ضد المنطقة
س: تردد فى الفترة الاخيرة العديد من الفتاوي التي تحرم حق التظاهر والتعبير عن الراي وتعتبره حرام شرعا بل وصل الامر بالبعض الى اعتباره خروج عن الدين ما رايكم فى ذلك ؟
ج :اولا نستند الى كلام رب العزة عز وجل فسبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز فى سورة الرعد (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فالتغير اولا ياتى من الانفس وكل فرد يبدا بنفسه ثم ياتى بعد ذلك حكم الله وارادته فالاصلاح يجب ان ياتى من القاعدة حتى يكون البناء سليم فلو بدا كل انسان ببيته واسرته ونفسه فى المقام الاول لصلح حال الفرد وبالتالى الاسرة وبطبيعة الحال المجتمع ككل اما هذه الفتاوي المضلله فان اصحابها معروفون فهم شيوخ السلطان والمدافعون عن السلاطين، ولم يكونوا يوما من المدافعين عن الاسلام او عن قضايا الامة .
س: لننتقل للثورة في البحرين والتي يحاول البعض حرفها وتحويلها الى ثورة طائفية واظهارها على انها تطالب بمطالب طائفية برغم مطالبها التى تخص الامة كلها وليست مطالب طائفة فلماذا برايك هذه الثورة تحديدا التى يراد لها ذلك؟
ج : ما يحدث في البحرين الان ما هو الا تعبيرا عن آمال الشعوب العربية المطحونة فان ٧٠% من الشعب البحريني شيعة وبرغم ان الاقلية تحكم هناك فان الاغلبية لم تطلب مطالب طائفية وراينا الشعارات واضحة لاشيعية ولا سنية وحدة وحدة وطنية وانا سني واقول بمنتهى الوضوح ان النظرة فى البحرين غير عادلة ونريد ان يحكمنا الحق ومنطق الحق ولاتكون معايیرنا معایير غير عادلة فعندما يكون تمرد الغالبية على فئة قليلة يكون صحيحا فى سبيل تحقيق آمالهم ومطالبهم المشروعة والاسلام يعمل على ان يعيش الانسان فى عزة وكرامة وسلام فما هو الخطا الذى ارتكبه المتظاهرون هل لكي طالبوا بان يعيشوا في عزة وكرامة يقتلون هل لانهم طالبوا بان يعيشوا في حرية ندهسهم بالدبابات فى ساحات الميادين ثم ناتي بعد ذلك ونحاول ان نتهمهم بالصبغة الطائفية وانها ثورة طائفية، سقف مطالبها هو تنفيذ مخططات واجندات دول اجنبية وهذا هو الظلم بعينه ان الذى يطلبه الشعب البحريني هو العزة والكرامة والحرية التى نص عليها الاسلام و كتاب الله عز وجل .
س: ما يتعرض له شعب البحرين هل برايك هى كربلاء جديدة كما وصفها السيد رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركى بمعنى اننا نشهد الان كربلاء اخرى ؟
ج : قد يكون تعبير رئيس الوزراء التركى لايقصد التشابه الحرفي وانما يقصد المظلومية التى تتشابه فيها الواقعتان ففي هذه الحالة وبهذا التعريف يجب الربط بالماضي فالماضي هنا هو للاعتبار فما يحدث فى البحرين هو تعبير عن مظلومية امة وهو عبارة عن امال وهذه الامال تريد ان تتحقق على ارض الواقع فشعب البحرين يمتلك فلسفة حياتية تريد ان تنطلق لتساهم فى صنع حضارة افضل وان تنهض بالامة العربية والاسلامية الى مكانة ارفع واقوى واعز ولا نريد ان نصور الموقف هنا على انها احداث بسيطة وستمر لا بالعكس ان ما حدث في حق المتظاهرين لامر يرفضه الاسلام وكافة الاديان السماوية فالاسلام لا يامر ابدا بقتل الابرياء وخاصة انها مظاهرات سلمية لم تؤذ احدا وانما هى انات المظلومين .
س: هل يتعارض ربيع الثورات العربية مع النزعات الطائفية التى حاول الغرب زرعها فينا مثل الخلاف بين السنة والشيعة والمسيحين والمسلميين واستخدام هذه القضايا من اجل واد الثورات ؟
ج : في رايي ان الغرب يستطيع ان يفعل ما يريد ضدنا طالما ان الشعوب العربية ضعيفة والحكومات ضعيفة فهم فى هذا الوقت يستطيعون ان يستغلوا العديد من النقاط التى من شانها تمزيق الامة وهدم البنيان الواحد ومنها طبعا الخلافات الطائفية كالخلاف بين السنة والشيعة مع ان مرجع الاثنين واحد وهو الكتاب والسنة وكذلك احداث الفتنة الطائفية ما بين المسلمين والمسيحين كما حاولوا في مصر من قبل اما اذا تنبهت الحكومات والشعوب العربية لتلك المكائد التي تحاك لها فانه من المؤكد انها ستستطيع ان تعبر تلك الازمات والمكائد التى تنصب لها .
س:ما هو تقديركم للتدخل الخليجي في البحرين وهل جاء بالفعل كنوع من انواع التفعيل لميثاق مجلس التعاون الخليجى ام انه جاء للقضاء على اى تحرك شعبي حقيقي حتى لو كان سلميا ؟ ج : يبدو لى ان تدخل دول المنطقة هو امر غير مقبول شرعا لان اصلاح المسلم لا يكون بالقوة العسكرية والاحتلال فيقول سبحانه وتعالى : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين) فهنا امر سبحانه وتعالى ان نحكم بالعدل اولا وان نرى من المخطىء ومن معه الحق ومن الظالم ومن المظلوم فان وجدنا احدهم باغيا على الاخر فلنقومه حتى يرجع الى عقله ونقومه بالعقل والعدل اولا وليس بالقوة والعنف والرسول (ص)قال (الا ادلكم على افضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة قالوا بلى يارسول الله قال : اصلاح ذات البين ) اى الفساد فى المجتمع فينبغى ان يصلحوا ما بين الطرفين وليس ان يعينوا طرفا على اخر اما ما يحدث فى البحرين فالثوار هم من اعتدى عليهم واعتقلوا وهم من معهم الحق ليس لشىء وانما لانهم طالبوا بالعدل والمساواة فهل نقف مع الحكومة البحرينية ام نقف الى جانب المظلوم كما حثنا رب العزة .
س: اظهرت ثورة البحريين التعامل بمكيالين تجاه الثورات العربية فعلى سبيل المثال ليبيا نجد ان جامعة الدول العربية والمجتمع الدولى قد تحركوا لنجدتها بينما لم ينصر احد الحق فى البحرين ؟
ج :هذا خير دليل على ما قلناه مرارا وتكرارا من ان غياب معيار الحق والعدالة، وان الذى يحم العالم هى القوة وليست الحق ولهذا نتمنى ان يسود منطق الحق وليس منطق القوة او قوة الحق والمؤسف ان علماء الاسلام نائمون ويعكفون على روايات لا اصل لها فى الاسلام وهذه المشكلة سببها اشكالية فى التراث المتراكم الذى شوه صورة المسلمين ونحن نطالب بتنقيح كتب التراث لكى نصحح صورة المسلمين فى الغرب وصورة الاسلام بشكل عام فتلك الكتب والمرويات ليس بها الا كل ما يمكن من خلاله زرع الكره والوقيعة ما بين السنة والشيعة والهائهم فى مهاترات جانبية بعيدا عن الاساس المشترك بينهم واظهار الاختلاف وتعزيزه والبعد كل بعد عن المشترك فيما بينهم فالاختلاف ما بين السنة والشيعة هو اختلاف فى الفروع وليس الاصول ونسبة التقارب بينهما تزيد عن ٩٠ % وهذا هو ما خلق هذا النوع من الشعور واللامبالاة تجاه ما يحدث فى البحرين فان ما يتحدث هنا هو النزعة الطائفية وليس الاسلام .
س: هل الصراع فى حقيقته محاولة من بعض القوى السلفية لفرض رؤية واحدة على المنطقة ؟
ج :قد يكون واضحا ان من صنع هذه القوى هى الولايات المتحدة الامريكية واوروبا والانجليز على وجه الخصوص مثل الوهابية التى هى امتداد الغنومية الباطنية التى اشار اليها الدكتور على سالم نشار فى كتابه التفسير الفلسفي في الاسلام فهذه المذاهب الباطنية اخطر من امريكا واسرائيل على الامة الاسلامية والعربية ووحدتها ولقد نماها الاستعمار وجعلها في ظهر الامة العربية والاسلامية لكي تؤرق مضاجع الامة الاسلامية وتجعلها في قلق وعدم استقرار دائمين والاسلام في حقيقته دين وسطية بعيد كل البعد عن التشدد والتعنت حتى في مذاهبه الاربعة فكان في اختلافهم رحمة لاختلاف الظروف واختلاف كل انسان عن اخر فعندما وجدت وجدت للتيسير على المؤمنين فان عدنا الى وسطية الاسلام فلن تستطيع الوهابية او غيرها ان تفرض علينا اى رؤية سواء خاصة بها او بغيرها
س: ما هى رؤيتكم لمستقبل المنطقة العربية وهل تتجه المنطقة بالفعل تجاه التقارب الايرانى وكذلك التقارب التركى باعتبار ان النموذجين يمثلان اهم اضلاع المثلث الذى يكتمل ضلعه بمصر .
ج :لا شك ان النموذج الايرانى له تاثير كبير خاصة على المثقفين الذى كان لهم من البحث والاطلاع والدارية الكثير والكثير وبالتالى وبكل تاكيد فانه سيكون له تاثير فى المستقبل البعيد ونعلم انه يوجد كثيرون يتخوفون من النموذج الايرانى وخاصة الدول الخليجية ولكن السؤال الذى يطرح نفسه الم ينجح النموذج الايرانى فى بناء دولة قوية قادرة على الوقوف فى وجه امريكا والغرب وقادرة على دعم البلدان العربية والاسلامية فى حربها ضد الصهاينة اذا فمرحبا بالنموذج الايرانى والنموذج التركى معا بجانب النموذج المصرى الذى ينتظره الجميع حيث يشكل المثلث قوة كبيرة فى المنطقة يمكن ان يغير الكثير من المعادلات فى الاقليم وهذا ما نتوقع انه يعيد لنا امجاد الاسلام وكرامتنا وعزتنا من جديد .