تاريخ النشر2011 4 January ساعة 10:29
رقم : 35786

مناهج التقريب..ملاحظات نقدية وآفاق مستقبلية

المراد من التقريب الى جانب التقارب الفكري التقارب القلبي وإزالة العوائق النفسية المانعة من تعارف وتآلف المسلمين، وبالتالي إرساء أسس المودة بينهم، مما يساهم في تمتين وحدتهم ورفعة عزتهم وتعاونهم وتكاملهم في بناء المجتمع، واتحادهم في مواجهة أعدائه،
احسان الامين
احسان الامين
وكالة انباء التقريب (تنا) :
في الوقت الذي تمر فيه عشرات السنين على طرح فكرة "التقريب بين المذاهب"، والتي ظهرت بصورة "مجمع التقريب" بالقاهرة، لازالت فكرة التقريب تواجه الكثير من التحديات، وحتى التراجعات عن بعض خطواتها وإنجازاتها الأولى، مما يستدعي وقفة نقدية جادّة ومراجعة حقيقية، فما الذي حرّك دعوات التكفير؟ وما الذي هيّج غرائز العنف والمواجهات الطائفية في أكثر من موقع من عالمنا الاسلامي؟ 

إنّ القول أنّ وراء هذه الدعوات أيادٍ خبيثة ومخططات أجنبية، قول سهل وجواب بدهي؛ ولكن السؤال يبقى قائماً وملحاً، وهو: ما الذي جعل البلاد والعباد لتكون أرضية رحبة لإستقبال وإحتضان مثل تلك الدعوات والإستجابة لتلك النزوات الشيطانية؟
ولماذا بعد عشرات السنين من دعوة خيّرة وبنّاءة، حققت الكثير من العطاءات، لماذا نجدها تتعثر وتتلكأ، بل تردّ وتبدّل بدعوات تكفير وتفسيق وتهم بالردّة والشرك والضلال؟ يجنّد لها وسائل إعلام كبيرة وتيارات دعوية واسعة أججت نيران حروب ومقاتل في بلاد كانت آمنة وبين طوائف كانت متعايشة وكل ذلك في عصر العولمة والتعددية والتنوع والتغيّر المستمر؟ 

إنّ هذا الواقع الجاهلي الذي نواجهه هنا وهناك من التعصّب والتخندق والدعوة للإبادة وتطهير الأرض من الآخرين، إنّ هذا الواقع لابدّ أن يدعونا إلى إعادة النظر في مشروع التقريب وجوداً واستمراراً، ابتداءً من فكرته، حتى منهجيته وآلياته وانتهاءً بأهدافه وغاياته، لا لغرض التراجع عنه وقد قرَّبَ ما قرَّبَ بين متباعدين وبَعَّد ما بَعَّد من ظنون وفتن؛ ولكن لغرض البحث عن رؤية جديدة تعطي للمشروع فاعلية أكبر تمكنه من مواجهة التحديات الطائفية والمؤامرات الإنشقاقية التي باتت كالألغام المدمرة تتفجر كل يوم هنا وهناك وجعلت المقربين ينؤون بأنفسهم عنها والمكفِّرون يحرِّكونها كل حين. 

- حول فكرة التقريب:
التقريب لغة: يعني العمل على الدنو بين طرفين أو أطراف، ليكون بعضها قريباً من بعض، لا بعيداً عنه. والقُرب قد يكون في المكان، وفي الزمان، وفي النسبة، وفي الخطوة، والرعاية، والقدرة.
واستعمل القُرب في القرآن الكريم بمعنى القُرب في الأفكار أو القلوب، أو المواقف والإتجاهات، كقوله تعالى: (هم للكفر يومئد أقرب منهم للإيمان...) (آل عمران/ ١٦٧)، وقوله تعالى: (ولتجدنّ أقربهم مودّة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى) (المائدة/ ٨٢).
وبالتالي، فهل يراد بالتقريب العمل على تقريب الأفكار، من خلال التأكيد على المشتركات وتقريب المواقف في المختلف فيها، مما يتطلب ذلك جهداً ثقافياً مستمراً لتعريف بعض المسلمين ببعضهم الآخر، من خلال بيان الأصول المشتركة والراسخة في جميع المذاهب، حتى يتعارفوا فلا يتناكروا، فإن الناس أعداء ما جهلوا، وكثيراً من التباغض والتباعد إنما بُني على جبال من الوهم والظن وتحميل هذا المذهب أو ذاك ما لا يؤمن به أو ما لا يلتزم ولا يعمل به، كما هو الحال في توريث الإباضية أفكار الخوارج، وتحميل الشيعة آراء الروافض، ومتابعة السنة بما قاله بعض الأشاعرة السابقون وغير ذلك، فإذا ما نفض الغبار وأزيح التراكم التاريخي ولم تبنى المواقف على أفكار مسبقة ومتوارثة، واستقصي رأي القوم منهم، لا من خصومهم، فإن هذا التعارف سيؤدي إلى التقارب والتآلف، لأننا سنجد أن ما تشترك فيه المذاهب، على اختلافها، كثير، ولا خلاف في أصول الاسلام وأركانه، وأن ما اختلفت فيه يشبه في الكثير منه اختلاف المجتهدين داخل المذهب الواحد، بل اختلاف الرأي عند إمام واحد، كما ينقل عن الإمام الشافعي - إمام المذهب السني - في آرائه القديمة واللاحقة، تبعاً لاختلاف رأيه في كتبه أو في ما نقل عنه، أو اختلاف الرأي عند الطوسي والحلي والعاملي - من أعلام الشيعة ـ في كتبهم المختلفة وتغيّر نظرهم في بعض المسائل، من كتاب لآخر من كتب عالم واحد، والشواهد في ذلك كثيرة. 

والهدف الآخر للتقريب الفكري، هو الحوار العلمي الهادئ والموضوعي للوصول إلى مواقف مشتركة، خصوصاً في مجالات الحياة العملية من خلال البحث الأصولي والفقهي، وهو ما نجد مصاديقه في المجمع الفقهي لمنظمة المؤتمر الاسلامي بجدّة، وما صدر عنه من آراء وفتاوى بشأن مسائل فقهية مهمة، في الاقتصاد والبنوك، وبعض المسائل الشخصية وغيرها، وإشترك في ذلك علماء من مختلف المذاهب سنة وشيعة واتفقوا فيها على جلّ المسائل، وهذا ما يقرّب الآراء والمواقف في آن واحد، خصوصاً أن بعض هذه المسائل حساسة ولها مساحة يومية من حياة المسلم المعاصر. 

وكل ذلك نماذج من مساعي التقريب الفكري، فهل المطلوب ذلك، أم يراد بالتقريب، التقارب القلبي وإزالة العوائق النفسية المانعة من تعارف وتآلف المسلمين، وبالتالي إرساء أسس المودة بينهم، مما يساهم في تمتين وحدتهم ورفعة عزتهم وتعاونهم وتكاملهم في بناء المجتمع، واتحادهم في مواجهة أعدائه، ويكون ذلك حتى مع اختلاف آرائهم وتشعّب أقوالهم، فالتقريب هنا بمعنى التأليف، بين القلوب أكثر مما هو بين العقول، فقد يكون الأخوة في الأسرة الواحدة مختلفي المشارب والمذاهب، ولكنهم يبقون قريبين من بعضهم البعض ومتعايشين
مع بعضهم، تربطهم مصالح الأسرة الواحدة التي يستظلون بظلالها ويحتمون بها. 

والذي يبدو أن دعوة التقريب، التي أطلقها مجمع التقريب في القاهرة، كانت في مبدئها ومنطلقها قائمة على هذا الأساس أكثر مما هو التقريب الفكري، بل هي قائمة على أساس الاعتراف بالاختلاف، ولكن مع ذلك التقارب والائتلاف، فإن المؤسسين لذلك المجمع الكريم قد اتفقوا على قاعدة ذهبية، يمكن أن يترفعوا من خلالها عن كل اختلاف، مع وجوده واستمراره، وهي: "أن نجتمع فيما اتفقنا عليه وأن يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه".
والمهم في هذه المقولة شطرها الثاني، فالأول تحصيل حاصل، ولكن الثاني هو الأمر المشكل الذي يولد المشاكل، فإن القاعدة هنا تقرّ بالاختلاف ومع ذلك تؤسس للائتلاف، بأن يعذر البعض الآخر فيما اختلف فيه، وهذا أساس ركين لفكرة التسامح والتعايش والسلم الأهلي. 

وفي هذا المعنى يقول الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، وهو من مؤسسي مجمع التقريب بالقاهرة، قال في مقال له بعنوان بيان للمسلمين: "نعم، إنه (رفع الخلاف) لمن المستحيل إن لم يكن عقلاً فعادةً: إذ لو كان الغرض هو إزالة الخلاف بين المذاهب الاسلامية، وجعلها مذهباً واحداً سنياً فقط، أو شيعياً فقط، أو وهابياً، كيف واختلاف الرأي والخلاف في الجملة طبيعية ارتكابه في البشر، ولعلّ إليه الإشارة بقوله تعالى: (ولا يزالون مختلفين إلا مَن رحم ربك ولذلك خلقهم) (هود/ ١١٨)، أي للرحمة أو للاختلاف على الخلاف!! 

ولكن ينبغي أن يكون من المتيقن به أنه ليس المراد من "التقريب بين المذاهب الاسلامية" إزالة الخلاف بينها، بل أقصى المراد وجُلّ الغرض هو إزالة أن يكون هذا الخلاف سبباً للعداء والبغضاء، الغرض تبديل التباعد والتضارب، بالإخاء والتقارب، فإن المسلمين جميعاً مهما اختلفوا في أشياء من الأصول والفروع، فإنهم قد اتفقوا على مضمون الأحاديث المقطوع عندهم بصحتها من "أن مَن شهد الشهادتين واتخذ الاسلام ديناً له، فقد حَرُم دمه وماله وعرضه، والمسلم أخ المسلم، وأنّ مَن صلّى إلى قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، ولم يتديّن بغير ديننا فهو منّا، له مالنا وعليه ما علينا". 

ولكن جماعة التقريب بالقاهرة لم تغفل أهمية التقارب الفكري، خصوصاً في مجال التعارف وتأكيد المشتركات، ولذا فإنها أسست مجلة (رسالة الإسلام) والتي عملت طوال سنوات صدورها على عرض الأفكار والآراء، من السنة والشيعة، مع التأكيد على الأسس والمساحات المشتركة.
ولكن حيثما كان التقريب أساسه التأليف بين القلوب، قبل الأفكار، والتي قد تبقى مختلفة، وقد اختلفت لمئين من السنين، فإن ذلك الاختلاف لا يضر مع صفاء القلوب وحسن النوايا، وكما قيل، فإن الاختلاف في الرأي لا يفسد في الودّ قضية. 

ومما يؤكد أهمية التقريب القلبي وأسبقيته عن التقريب الفكري، هو أن العالم يتجه نحو مزيد من الاختلاف الفكري والتنوع الثقافي والتعددية في الرأي والمعتقد، حتى كأن الاختلاف سنة من سنن الخلق والتكوين جبل عليها الانسان ولا انفكاك له عنها. قال تعالى: (ولو شاء ربّك لجعل الناس أمّة واحدة ولا يزالون مختلفين  إلا مَن رحم ربّك ولذلك خلقهم...) (هود/ ١١٨ – ١١٩).
على أن منحى التقريب قد اجتذبته الآراء، عبر تلك السنوات الطويلة، ليتمظهر في مشاريع ونظريات، غلب عليها طابع التقريب الفكري، أكثر من الجانب القلبي، وهذه المساعي - رغم نبل أصحابها وشرف غاياتها – إلا أنها قد تميل بمشروع التقريب عن جادته الأصلية، أو قد تبطئ من حركته الأساسية، ولا تبلغ به غاياته، خصوصاً إذا طرحت كبديل تام لمشروع التقريب وشكلت محور حركته، وسنقف عند بعض هذه الأطروحات وقفة نقد وتأمل، لا بهدف إبطالها، وإنما بهدف تسديدها وإرفادها، إن شاء الله وبعونه. 

- مشروع الوحدة الإسلامية:
طرح مشروع الوحدة الإسلامية، بتصوره القائم على أساس وحدة النظم السياسية واجتماعها على قيادة سياسية واحدة منذ أواخر القرن الماضي بشكل واضح وكدعوة لها روادها ودعاتها، ولعل "جمال الدين الأفغاني" كان من طلائع القائلين بها، ولكنها دخلت من بعده في أدبيات معظم الاتجاهات والحركات الاسلامية، كمشروع منقذ وضرورة دينية، ولكنه على مستوى الواقع لم يتعد أن يكون حلماً وأماني وطموحاً مقترناً بآهات وحسرات.. ليس إلاّ.
فمشروع "الوحدة الإسلامية" كما تصوره وأراده الكثيرون، هو مشروع نظري وايديولوجي يكفي الاستدلال بعدم واقعيته، عدم تحققه طيلة أربعة عشر قرناً من بعد رحلة الرسول الكريم(ص)، بل ربما نجد واقع العالم الاسلامي يسير في الاتجاه المعاكس تماماً لهذا المشروع الخيالي، فنحن اليوم أمام نيف وخمسين دولة، والكثير منها معرض للانقسام، ونحن أمام العديد من أشكال الأنظمة التي لا يجمعها جامع سوى التسمّي بالاسلام، وأمام ولاءات متعددة، بدلاً من مشروع وحدوي يتبنى قيادة واحدة، خلافة كانت أم إمامة، بل إننا نجد حركات اسلامية كبيرة كانت تمتد لعدة بلدان، وها هي اليوم قد انقسمت وتوزعت وتعددت وتنوعت، ولا يمكن أن نوعز كل ذلك إلى عوامل خارجية أو أيد خفية، ولكنها سنة في الخلق لا يمكن تجاوزها وطبيعة في البشر لا يمكن إلغائها، ولذا لابدّ من إعادة النظر في جوهر دعوة الوحدة وإعادة صياغة أهدافها وبرامجها. 

فالوحدة في التصور الوحدوي الشائع قائم على أساس تطابق الذوات والموضوعات، ولذا فإن الداعين لها يسعون إلى فرض ايديولوجية واحدة، يقوم على أساسها كيان سياسي واحد بقيادة واحدة، لا يأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الاقليمية القائمة أو الفروق القومية، بل يعتبر هذه الاختلافات والفروق تمايزات وضعية لابدّ من إزالتها وإذابتها في الجسم الاسلامي
الكبير.
إن هذا التطابق والتوحّد في الرؤى والبرامج والنظم والولاء، بات مجرد أمنية وأغنية يرددها الحالمون دون أن يعوا أن العالم كله يسير إلى التنوع والتوزع، فكلما تقدمت البشرية كلما تعددت الأفهام وتنوعت الاتجاهات وتعددت الرؤى، ولذا فإن مشاريع الوحدة الواقعية لابدّ أن تعي هذه الحقيقة فلا تلغي الفروق والامتيازات، بل توسّع من أفقها وتنفتح في أطروحاتها لتستوعب الاجتهادات المختلفة والآراء المتعددة، بما في ذلك اختلاف المذاهب والنحل، فهي تسعى إلى فهم متقارب لأمهات القضايا حتى يتم اتخاذ مواقف مشتركة، دون الغاء الكيانات المستقلة والمختلفة القائمة، ولكن يعمل على تقاربها في مسائل الأمة الأساسية وبرامجها السياسية والتنموية المشتركة. 

وبالتالي فيجب إعادة النظر في كثير من الفكر والفقه القائم على أساس وحدة الخلافة والإمامة ونظام الحكم ـ في عصرنا الحاضر ـ والذي استصحب فكرة الخلافة أو الإمامة بعد رسول الله(ص)، لأنه يستبطن شرعية نظام واحد دون سائر الأنظمة الاسلامية، وبطلان كل القيادات السياسية، دون قيادة واحدة، وبالتالي ستنشأ مشاكل كبيرة بين فرق واتجاهات، كل يرى نفسه الحق وأنه يحمل الشرعية دون غيره.
فلابدّ والحال هذه من أن يتحول مشروع الوحدة إلى مشروع اتحاد، نظير مشروع الاتحاد بين الدول الأوروبية، فهو لا يلغي الفروق ولا يتجاوز الكيانات القائمة، بل يتجه إلى تأصيل المشتركات والاتحاد في أمّهات الموضوعات. 

- مشروع إسلام بلا مذاهب:
وهو مشروع طرحه عدد من العلماء حرصوا فيه على إلغاء النزاعات والعودة إلى أصوله، حيث كان الاسلام واحداً وكان الصحابة ومَن تبعهم وأصحاب مدارس ومجتهدين في الدين، لا متذهبين ومتخندقين بمذهب واحد، متقابل مع سائر المذاهب الأخرى.
وبالتالي يسعى أصحاب هذه الدعوة إلى أن تكون الاختلاف اجتهادية علمية، لا طائفية ومذهبية، وأن يكون البحث العلمي والحوار الموضوعي هو سيِّد الموقف، وكل مجتهد معذور فيما يراه ويذهب إليه، وأن "المجتهد إذا أصاب له أجران وإن أخطأ له أجر واحد" وهكذا ترفع الحواجز بين المذاهب وتردم الخنادق بين الملل والنحل، وتعود الحوزات والمدارس الدينية، معاهد وجامعات علمية، تتداول فيها الآراء وتناقش وتنتقد، كما هو الحال في ميادين الفكر المختلفة، من دون تكفير أو تفسيق وأحكام بالردّة والقتل على الهويّة. 

وفي الفكرة هذه بُعدان: الأول عملي ـ علمي، والآخر أخلاقي ـ منهجي.
أمّا الأول، فلا يمكن في ليلة وضحاها أن تلغى المذاهب، وجذورها تمتد لأكثر من ألف سنة، ولها روادها وأتباعها، ومعتنقوها ومؤيدوها، المتعبّدون بها والمحتمون بلوائها، بل لا نجد في تاريخ البشرية يوماً شهد توحيداً في الأديان والمعتقدات، بل التاريخ يثبت عكس ذلك، والطبيعي في حركة البشرية أن تنحو نحو التوزع والتنوع، فإذا كان الدين إلهي المنشأ، فإن الأفهام بشرية، ولا يمكن توحيد الفهم، ودونك التاريخ، بل حاضر البشرية وعالمها المعاصر.
ثم إن هذا بذاته سيخلق معركة مفترضة لإثبات حقانية هذا الفكر دون ذلك، وأصالة هذا المذهب وأسبقيته عن غيره، وهو ما نجده في كثير من كتب الكلام التي تحاول إضفاء الشرعية على مقولاتها بالسبق التاريخي ومقولة السابقين بآرائها، مع أن القرآن الكريم يؤاخذ على التمسك بأقوال السابقين وجعل قولهم، أياً كانوا، حجة دون دليل، قال تعالى: (وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون * أم آتيناهم كتاباً من قبله فهم به مستمسكون * بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون * وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون  قل أوَلو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءَكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون) (الزخرف/ ٢٠ ـ ٢٤). 

فإذا كانت هذه الدعوة تريد إلغاء آراء المجتهدين والعودة بنا إلى ما قبل ذلك، أي قبل نشوء المذاهب وتعدد الآراء، دون إفساح النظر للرأي والاجتهاد والنقد العلمي الذي يوجد بطبيعته قوة الرأي وتقدّم الفكر.. إذا كان هذا المراد فهو خلاف المنهج العلمي، لأن السبق ليس بدليل، وربما وصل المتأخرون إلى ما غاب عن ذهن المتقدمين السابقين، لعدم وصول الدليل إليهم، من رأي أو رواية، أو قصور الفكر لعوامل ليس مجال لذكرها هنا وغير ذلك.
أما إذا أريد بهذه الدعوة إلغاء الخصومات والمواجهات المذهبية والطائفية والعودة إلى أجواء التعايش الديني والحوار الأخلاقي الذي كان موجوداً عند الأقدمين، فلم يكن أئمة المذاهب يتقاطعون ويتعاركون كما يفعله بعض أتباعهم، بل كانوا يتزاورون ويتحاورون، ويتحابون ويأتلفون فيما بينهم، كما نجده في علاقة الإمام أبي حنيفة النعمان ابن ثابت والإمام مالك بن أنس بالإمام جعفر بن محمد الصادق، وهكذا علاقة الشافعي بأحمد بن حنبل، ولم تكن تلك المسميات المذهبية مطروحة فيما بينهم. 

إذا أريد بنا العودة إلى التسامي والتسامح والتفاهم والتحاور الأخوي بما يحمل ذلك من أجواء إيمانية ومناخات أخلاقية أخوية، فإن ذلك مطلوب في ذاته وفي موضوعه، وهذا هو يعنيه التقريب والتأليف المنشود، رغم اختلاف الآراء وتعدد المقالات. 

- مشروع التقريب السياسي:
وقد يؤكد على التقريب من زاوية سياسية، باعتبار أن أعداء الاسلام يتربصون بالمسلمين الدوائر وأن المخاطر تحيط بهم من كل جانب، وأن العدو لا يفرّق بين مسلم وآخر، بناءً على مذهبه، فالكل مستهدف ومعركة الاسلام ضد الكفر واحدة.. بل إن خطة الأعداء هي "فرِّق تسد"، ومما يؤكد هذه المعاني قوله تعالى: (إنّ هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) (الأنبياء/ ٩٢)، وقوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً
فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً) (آل عمران/ ١٠٣)، وقوله تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) (آل عمران/ ٤٦).
إلى غيرها من الآيات والروايات التي تدعو إلى الاتحاد ونبذ التفرّق واجتناب الفتنة، حتى عدّت هذه المسألة عند بعض الفقهاء من الضرورات الشرعية المقدّمة على غيرها عند التزاحم والتعارض.
وهذا المنهج في الدعوة إلى التقريب حقيقي وواقعي، ولكنه قد يجابه من بعض التكفيريين بأنهم لا يعدّون مذاهب وفرق غيرهم من المسلمين، بل هم يكفِّرونهم ويعدّونهم مشركين، ولذا فإن يقولون بأن الوحدة هي بين المسلمين، لا بين المسلمين والكافرين أو المشركين. 

ولا عجب فإن هؤلاء يدّعون بأنه يمكن التعايش والتفاهم مع اليهود والنصارى (إسرائيل وأميركا) لأنهم من أصحاب الكتاب دون التعايش مع الشيعة مثلاً لأنهم من المشركين أو الكفرة، بل ظهرت دعوات صريحة في بعض وسائل الإعلام ومواقع الانترنيت تدعو إلى التعاون مع أميركا وتشجيع إسرائيل على ضرب بعض بلاد الاسلام التي يقطنها الشيعة "الكفرة" و"المجوس" إلى غير ذلك من نعوت باطلة.
وهنا تتعطل لغة الحوار مع هؤلاء، فهم يرصدون كل الأبواب بوجه التقارب والتقريب، بل يعدّونه نوعاً من الركون إلى الذين ظلموا، قال تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار..) (هود/ ١١٣).
ويجرون في ذلك على تأويل الآيات والروايات بما يتناسب مع تفكيرهم وتكفيرهم. ويستفيدون من العوامل السياسية القائمة بالاتجاه الذي يريدونه ليبرّر مواقفهم، فالشيعة موالون لأميركا، مثلاً، ويجب قتلهم وقتالهم، ويحرَّفون الكلم عن مواضعه، فإذا قيل لهم حزب الله يواجه إسرائيل وأميركا، جهدوا في تأويل الأحداث وتحريف الوقائع، حتى يغيّبوا الحقائق عن مسيرها. 

وبالتالي، يكون العامل السياسي، عاملاً في زرع الفتنة والشقاق بين المسلمين بدل أن يجمعهم ويوحِّد كلمتهم، وسبباً لإشعال الفتن الطائفية وتحريكها، بل إخمادها وتجاوزها.
ولغرض أن يكون العامل السياسي بالاتجاه الصحيح لتأليف المسلمين وجمع كلمتهم وتجنبهم الفتنة، يبرز دور أئمة المسلمين وعلمائهم ودعاتهم ووسائل إعلامهم في التوعية السياسية المستمرة والكاشفة لما يحاك من مؤامرات ودسائس وللخطر الذي يمثله الفكر التكفيري في تمزيق وحدة المسلمين وتشويه صورة الاسلام السمحاء بأعمالهم المنكرة ووحشيتهم الدموية، والتي قد تكون العائق الأول أمام انتشار الاسلام في العالم، ولا يستبعد أن تكون وراء كثير من الحركات المتطرفة أياد خفية يغذيها أعداء الإسلام، أو أنهم يساهمون في تهيئة الفرص لظهورها ونموها لأهداف سياسية تخدم مصالحهم في السيطرة على بلاد المسلمين وادارة صراع القوى في العالم وتعبئة شعوبهم نحو المواجهة مع المسلمين. 
يجب أن يؤكد دائماً: "إن الذين يفرقون بين السنة والشيعة لا هم من السنة ولا هم من الشيعة" ـ قول الإمام الخميني(رض)ـ . 

- التقريب من مبدأ حريّة الرأي بين المسلمين:
وقد طرح بعض المفكرين المسلمين هذا المبدأ "حريّة الرأي" واعتبره عاملاً أساسياً باتجاه وحدة المسملين وتقاربهم، باعتبار أن حريّة الرأي يحرر الفكر من تبعات الماضي ويوفر مناخات سليمة للحوار والتقارب ويحفظ للأطراف المختلفة حق الاختلاف والمعارضة في الرأي، دون أن يؤدي هذا الاختلاف البنّاء إلى خلاف وشقاق، إذا كان الجو السائد في المجتمع احترام حريّة الرأي والتمتع به كحق من حقوق المسلم. 

وهذا البحث يشكل أساساً سليماً من أسس التأليف بين المسلمين والتقريب بين مذاهبهم وطوائفهم، لأنه أولاً يثبِّت حق الاختلاف، فلا أحد يملك الحقيقة المطلقة، دون غيره، ولا جهة تمتلك الشرعية لتسلب الآخرين شرعيتهم، فتقرّ مَن تشاء على دينه وتنزع الإيمان وتضفي عليه صفة الكفر بمقاساتها، فقد اختلف مسلمون مع خلفاء المسلمين وقادتهم، وحفظ لهم هذا الحق، وكانوا أحياناً أقرب إلى الحق، ليتراجع الخليفة أو الحاكم عن رأيه.
وبالتالي فإن واقع المسلمين، منذ صدر الاسلام، حفظ للمسلمين حريّة الرأي وإذا ما ضمن لهم اليوم هذا الحق فإنه سيقرّبهم من بعض البعض ومن الحق، ويزيد من ألفتهم ووحدتهم. 

ومن هنا لا يمكن منع أصحاب المذاهب من بيان رأيهم والدعوة إلى مذاهبهم، لأن في ذلك منعاً لحريّة الرأي وسلباً لحق الانسان في التعبير والبيان، والتي تكفل بها الاسلام فضلاً عن ميثاق حقوق الانسان، فليست المشكلة في أن يدعو كل فريق إلى رأيه وأن يبيِّن كل طرف صحة قوله، وأن يكون للآخرين حريّة الاستماع والاتباع عملاً بقوله تعالى: (فبشر عبادِ * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) (الزمر/ ١٧ - ١٨)؛ ولكن المشكلة في أن تتجنب الدعوة ما أمر الله به من اتباع الحكمة والجدال بالتي هي أحسن، إذ قال: (ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن...) (آل عمران/ ٦٤)، بأن تتبع الوسائل الجاهلية كالسب والشتم وإثارة البغضاء والفتنة، إذ يحرم ذلك وقد نهي عنه، فلابدّ من اجتناب تلك الأساليب التي لم يتبعها نبي مرسل ولا إمام ولا ولي. 

وتأكيداً لاتباع السبل الحسنة واجتناب غيرها، فقد دعا القرآن أهل الكتاب إلى التفاهم والتعاون على طريق الإيمان بالله تعالى، فقال: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئاً...) (آل عمران/ ٦٤)؛ ولم ينه عن الحوار معهم، بل حاورهم في مواضع عديدة من القرآن الكريم، ولكنه نهى عن الجدال السيئ والمثير للعداوة والبغضاء، فقال تعالى: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن...) (العنكبوت/ ٤٦). 

فكيف يتقبل أن يغلق باب الحوار بين المسلمين، وهو باب للتفاهم والتقارب والنصح والتكامل في الرأي؟ نعم ينهى عن كل ما يثير
الفتنة وينشر البغضاء من أي طرف صدر، ولا ينبغي أن نخشى حريّة الفكر والمعرفة بقدر ما يجب أن نخشى الاستبداد والذي يؤدي إلى مزيد من الجهل والتخلّف والعنف والتمرد، وقد اختلف الناس في أجواء الحريّة ولكنهم نادراً ما اقتتلوا، ولكن اقتتل الناس حيثما كان الظلم والقهر والتعصب والجمود. 

ولكن الذي قيل عمّا سبق قد يصدق هنا، فيذهب البعض إلى أن هذه الحريّة مختصة بالمسلمين دون غيرهم، فلا يحق للكافر والمشرك – ويقصد بذلك بعض أتباع المذاهب - أن يكون حرّاً في رأيه، مختاراً في عقيدته، وبالتالي فإننا قد نجد بعض أصحاب المذاهب الاسلامية يعانون كبتاً وضغوطاً في بلادهم المسلمة أكثر مما يعانونه في غيرها من بلاد العالم غير المسلمة، لأن الأولى تصادر حرياتهم باسم الاسلام، والثانية تضمنها تحت عنوان حقوق الانسان وحريّته في الاعتقاد. 

ومن هنا فإننا ندعو إلى التأمل بهذا المبدأ وتوسيعه إلى حريّة الرأي والاعتقاد لسائر الناس، على أساس حقوقهم الانسانية، وهو ما يمكن استفادته من العديد من الآيات، كقوله تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغي..) (البقرة/ ٢٥٦).
وقوله تعالى: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) (يونس/ ٩٩).
وقوله: (فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر) (الغاشية/ ٢١ - ٢٢).
وقوله: (وما على الرسول إلا البلاغ المبين) (النور/ ٥٤). 

وغيرها من الآيات الكريمة، والتي تحتاج إلى بحث ومزيد تأمل.
كما إن هذه الدعوة تنسجم مع الاتجاه العالمي حول حقوق الإنسان وتأكيده على حريّة الاعتقاد والبيان، وبالتالي فهي تضمن للمسلمين على اختلاف مشاربهم وآرائهم حقوقهم ومواطنتهم، وهذا المنهج يصادر الفكر التكفيري، على المطلوب، ويشيع في المجتمع جوّ التسامح الديني والتعايش السلمي، والذي يجب أن يكون التعامل مع المجتمع على أساسه، فإن "الناس ـ كما قال الإمام علي ـ صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق". 

- منهج التقابل والمعاملة بالمثل:
تقوم الكثير من العلاقات والمعاملات العالمية والمواثيق الدولية، بين الدول والكيانات الاجتماعية والسياسية، على مبدأ تكافؤ الحقوق والمعاملة بالمثل، ولم يعد بالإمكان لمجتمع أو دولة أن يعيش معزولاً أو منفصلاً عن غيره، لأن العالم بات قرية صغيرة تداخلت وتمازجت فيه الشعوب والأفكار والقيم والمصالح، ولذا أقرت معظم الدول العهود والمواثيق الدولية، سواء آمنت بها أو اضطرت إليها، وحتى لو تعارضت بعض تفاصيل هذه المواثيق مع بعض من مبادئها وقوانينها، لأن مبدأ التعايش والسلم العالمي يلزمها بها، وهي محكومة بالكثير منها لأن الإفلات والتمرد عليها قد يقابل بالمثل وتعامل هذه الدولة أو تلك بما ألزمت به نفسها من عدم الاشتراك في تلك العمود والمواثيق، وبالتالي يبرر للآخرين انتهاك حقوقها وعدم احترامها مواثيقها.
وليست فكرة التقابل والمعاملة بالمثل بغربية عن فكرنا الاسلامي، بل هي أصيلة فيه.
قال تعالى: (وإنْ جنحوا للسلم فاجنح لها...) (الأنفال/ ٦١).
وقال تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم...) (البقرة/ ١٩٤).
وفي الأثر الشريف: "عاملوا الناس بمثل ما تحبّون أن يعاملوكم به".
وبالتالي فإن هذا المنهج قد يلزم كل طائفة وأتباع مذهب باحترام حق الآخرين في الاعتقاد والالتزام بما آمنوا به وعدم المساس برموزهم الدينية، في مقابل أن يحترم الآخرون حق هذه الطائفة أو تلك في الالتزام بعقيدتها وشريعتها واحترام رموزها.. بغض النظر عن إيمان كل جهة بحقانية تلك الاعتقادات أو بطلانها، فالمسألة لا تتعلق بصحة الفكر أو النظر، بل بأمر واقعي وحق متبادل. وهو منهج أرساه القرآن الكريم وعمل به حتى مع الكافرين، قال تعالى: (يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد * ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد * لكم دينكم ولي دين).
ومع هذا التمايز الواضح بين دين النبي(ص) ودين الكافرين، نهى الله تعالى عن سبّ أئمة الكافرين ورموزهم في مقابل كفّهم عن سبّ الله، قال: (ولا تسبّوا الذين يدعون من دون الله فيسبّوا الله عدواً بغير علم كذلك زيّنا لكل أمة عملهم ثم إلى ربّهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون) (الأنعام/ ١٠٨).
فإن كل أمة لها عقيدتها التي تتمسك بها وهي مقدسة في نظرها ـ بغض النظر عن صحة هذا الاعتقاد في نظر الآخرين أو بطلانه ـ وعلينا عدم المسّ برموزها، وترك الحساب على الدين لله تعالى، الذي إليه مرجع العباد، وهو القائل جلّ شأنه: (إنّ إلينا إيابهم * ثم إنّ علينا حسابهم) (الغاشية/ ٢٦).
وهكذا فإن هناك قوانين اجتماعية صارمة حاكمة في كل زمان ومكان، ومنها مبدأ التقابل، إذ قيل ويقال: "احترم تحترم واخدم تخدم"، وعلى أتباع أي مذهب أن يعوا بأن من خدمة مذهبهم واحترام رموزهم أن لا يتعرضوا للآخرين بسوء حتى لا يعاملونهم بالمثل ويعرضوا أتباعهم ورموزهم الدينية للأذى والعدوان، ولهذا المنهج أثره الفاعل في ايجاد الأرضية الأخلاقية والاجتماعية المناسبة للتقريب والتعايش السلمي، لأن إدراك الأفراد والجماعات لآثار الأعمال المنفرة وما يترتب عليها من آثار سيئة تعود عليهم يولِّد قوة ردع داخلية كبيرة تصدهم عن الإقدام على الممارسات العدوانية، حتى وإن لم يؤمنوا بفكرة التقريب أو حريّة الآخرين في الاعتقاد. وينبغي العمل على التوعية المستمرة بأن هذه الممارسات الخاطئة في التعامل مع الآخرين المختلفين في العقيدة والمذهب، لا تنسجم ولا تتناسب مع الدين وشريعته السمحاء ولا مع مكارم الأخلاق التي جاء من أجلها الأنبياء وجاهد في سبيلها الصديقون والشهداء.
وكل ما سبق يؤكد لنا أن مسألة التقريب ليست من القضايا الثانوية، بل هي من المسائل الأساسية التي ترتبط بمصير الأمة ومستقبلها وفشل مخططات أعدائها أو نجاحها، وهي تحتاج إلى إرادة فاعلة وعمل دؤوب من روّاد الاصلاح والمؤمنين الرساليين.
د. احسان الأمين - مدير معهد الابحاث والتنمية الحضارية

https://taghribnews.com/vdcai0ne.49nma1kzk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز