تاريخ النشر2011 11 January ساعة 12:19
رقم : 36469

حاكموا الجواسيس الكبار

الحكومة المصرية واتفاقيات التطبيع معى الكيان الصهيوني في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية , هي التي مهدت للتجسس الاسرائيلي منذ 31 عاما .
رفعت ىسيد احمد
رفعت ىسيد احمد
وكالة انباء التقربب (تنا) :
بعد الانتخابات التشريعية الهزيلة التي جرت في مصر والتزوير الفاضح في هذه الانتخابات مما ادى , ولأول مرة في تاريخ الانتخابات المصرية , الى اعتراض واسع لجميع اجزاب المعارضة وتدخل القضاء المصري للبت في الطعون على نتائج الانتخابات الى جانب احتجاجات الشارع , تفاجئ الشارع المصري بالكشف عن شبكة تجسس اسرائيلية لصرف الانظار عن الاحتجاجات والطعون على نتائج الانتخابات . 
وبهذه المناسبة كتب الدكتور رفعت سيد احمد في مركز يافا للدراسات مقالا حول موضوع التجسس في مصر وان هذا النشاط بدأ منذ ان عقد انور السادات معاهدة التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب , وان عملية التجسس مهد لها كبار المسؤولين في الحكومات المتعاقبة منذ انور السادات والى يومنا هذا . 
ننقل اليكم هنا ما جاء في المقال :

 اسمحوا لنا أن نتحدث بصراحة ، آن لكل محب لهذا الوطن أن يعلنها ويصرخ به ، لأن الأمور اختلطت إلى حد الهزل والسخرية شديدة المرارة ، وبات الضحك فيها كالبكاء ..

* فأولاً : عندما نعلم أن الحكومة المصرية تطبع مع العدو الصهيونى منذ ١٩٧٩ (أى منذ ٣١ عاماً) قدمت فيها عشرات التنازلات ، من السياسة إلى الاقتصاد ، إلى الثقافة والإعلام ، من تبادل السفراء إلى المساعدة فى بناء الجدار العازل وتوصيل الغاز بأقل من ثمنه العالمى ، إلى حصار الشعب الفلسطينى عبر منفذ رفح ، فى مشهد تاريخى مهين ؛ يتكرر
منذ العام ٢٠٠٧ وحتى اليوم (٢٠١١) ، تطبيع على كافة المستويات وبكل الطرق ، وخروج بلا عودة للدور المصرى من المسئولية العربية ، وزيارات لا حصر لها للخبراء الاستراتيجيين (تابعوا من فضلكم على سبيل المثال فقط زيارات ولقاءات خبراء مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية (وتحديداً كل من د. عبد المنعم سعيد – د. محمد عبد السلام – د. جمال عبد الجواد – د. هالة مصطفى) والمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط بإخوانهم الإسرائيليين فى مراكز الأبحاث الإسرائيلية التى لا تخفى علاقاتها الوطيدة بأجهزة المخابرات هناك) .

* ومن إنشاء للجمعية المصرية للتطبيع والسلام التى رأسها قديماً الراحل لطفى الخولى ثم د.عبد المنعم سعيد إلى اتفاقية الكويز بكل إفادتها للصناعات الإسرائيلية .. كل هذا التطبيع الدافىء عندما نعلم به ، وبأكثر منه ، فهل نلم (الصغار) من أمثال أصحاب جريمة التجسس الأخيرة ، بعد أن فعلها (الكبار) من رئيس الدولة السابق (أنور السادات) إلى حسين سالم رجل التطبيع البترولى والغاز ، وصولاً إلى يوسف والى بل والدكتور أحمد زويل !! .

إننا بالطبع لا نبرر – ومثلنا ممن قضى شطراً طويلاً من عمره يقاوم هذا التطبيع بالكلمة والسلوك لا يمكن أن يبرر فعل التجسس القبيح هذا ، ولا جريمة مدانة مثل تلك - ولكن إذا أردنا أن نفهم ، وأن نقيم العدل بجد فى بلادنا فلنفتح الملف عن آخره ، ولنحاسب ونحاكم من تسبب فى خلق مناخ (التجسس) و(أرضية التجسس) و(ثقافة التجسس) من مسئولينا وباحثينا ووزراءنا بل وعلمائنا (الكبار) ، ثم بعد ذلك نحاسب هؤلاء الصغار على فعلهم الذميم .

ثانياً : عندما نعلم أيضاً أن يوسف والى الذى تسبب فى سجن أبطال وطنيين أمثال عادل حسين ومجدى أحمد حسين وصلاح بديوى ، وغيرهم من الرموز الوطنية الشريفة ، بسبب اتهامهم له بالتطبيع الزراعى الواسع النطاق مع العدو الصهيونى إبان توليه لوزارة الزراعة المصرية لأكثر من عشرين عاماً تسبب خلالها فى خراب الزراعات الرئيسية للبلاد (القطن والقمح – الأرز) واستبدالها
بزراعات ، وعلاقات ، وأسمدة ومبيدات إسرائيلية (سامة) تسببت فيما نحن فيه من أمراض وخراب اقتصادى ، ولنقرأ ما كتبه عنه ثانى سفير إسرائيلى فى مصر (موشيه ساسون) فى كتابه الخطير (سبع سنوات فى بلاد المصريين) وعقده عدة فصول من كتابه عن دوره التاريخى فى توطيد العلاقات الزراعية مع الكيان الصهيونى ، والتى تسببت فى الخراب السابق الحالى للزراعة المصرية ، لنقرأ جيداً ثم لنسأل : من الأولى بالمحاسبة هذا الوزير وما فعله تحت دعوى التطبيع مع التحجج المتهافت بأن لدينا علاقات دبلوماسية مع هذا الكيان العدوانى ، أما نحاسب صغار العملاء الخونة ، رغم أن نفس الكيان لم يحترم هذه العلاقات وأهان مصر عدة مرات عبر حروبه المتتالية على البلاد العربية (لبنان ثلاثة حروب – الفلسطينيين ثلاثة حروب فى نفس فترة التطبيع معه) بل وأهان مصر ذاتها بأكثر من ٥٠ عملية تجسس ضد أمنها القومى ، ورغم ذلك توسع (الكبار) فى التطبيع ، ثم نأتى لنحاسب الصغار ، فأى مسخرة تلك يريدون أن يزيفون بها عقولنا ويجعلوننا ننسى أنهم هم أصحاب الجريمة الأصلية ، جريمة التطبيع ، وكيف لصاحب عقل سليم أن يلم المطبعين الصغار ، والجواسيس الصغار أليس هؤلاء وفقاً للعرف والقانون والمنطق (ضحاياهم) ، وأنه من العار أن يحاكموا لوحدهم ولابد من محاكمة (الكبار) قبلهم !! .

ثالثاً : وإذا كان الشىء بالشىء يذكر ، فهل يجوز أن نظل مكممى الأفواه لمجرد أن الدعاية الواسعة التى صاحبت ولاتزال أسماء من قبيل (أنيس منصور – جلال الزوربا – سعد الدين إبراهيم – على سالم وغيرهم من المطبعين مثل الدكتور أحمد زويل العالم المصرى الحاصل على نوبل قبل سنوات ، ألم يساهم هؤلاء فى خلق وتقوية مناخ التطبيع وشرعنته بقوة مع إسرائيل ، إن الأخير (زويل) – على سبيل المثال لا الحصر - قد زار إسرائيل مرتين ، وألقى فى الكنيست الإسرائيلى خطاباً تاريخياً يشيد بهم وبدولتهم وبالتقدم العلمى بها ، وأنه قد حصل من معهد وايزمان (بحيفا المحتلة) على جائزة بعد
أن أقام به ٦ أشهر بغرض مساعدة الجيش الصهيونى فى تطوير منظومة صواريخ تعمل بالليزر أرض أرض وأرض جو ليتم التعامل من خلالها مع صواريخ حزب الله فى الجنوب اللبنانى . (تفاصيل هذه المعلومات فى السيرة الذاتية لأحمد زويل والتى قال فيه انه حصل على جائزة ولف برايز الاسرائيلية عام ١٩٩٣م ، ووردت أيضاً فى كتاب شخصيات لها تاريخ - جلال أمين - القاهرة، دار الشروق، ط٢ ، ٢٠٠٨ ، وفى صحيفة الاهرام ويكلي عدد ٢٠ فبراير ٢٠٠٢م ، وفى مقال يوسف القعيد في مقال في جريدة الاسبوع بتاريخ ٢٣ يناير ٢٠٠٦م ، وأيضاً فى مقال صلاح بديوي على شبكة الانترنت على موقع صوت المقاومة ، وحكى فيه انه في ندوة في جامعة القاهرة واجه المرحوم اللواء صلاح الدين سليم زويل بهذه المعلومات فرد ببرود ان العلم لا وطن له) هل عندما يقرأ شبابنا وعلمائنا الصغار هذه المعلومات عن رجل أحبوه (مثل أحمد زويل) ، وطنطن له الإعلام العالمى والمحلى وبعض الصبية من صغار الباحثين والصحفيين!! ، وقلدوه جائزة نوبل (طبعاً أحد الأسباب الخفية لمن لا يعلم لحصوله على الجائزة هو علاقاته الطيبة بإسرائيل) هل نلم هؤلاء الشباب عندما يقلدونه ، ويسيرون على خطاه ويبدأون الطريق من تل أبيب وواشنطن .. وهل يجوز بعدها أن نحاكمهم بتهمة التجسس، بعد أن فعلها (الكبار) قبلهم ، الفارق المضحك – ولكنه ضحك كالبكاء – إن هؤلاء الكبار فعلوها ، فى وضح النهار وبكل افتخار وبدون خجل ولم يلحظوا وهم يصافحون رئيس الكنيست أو نتنياهو أو شيمون بيريز أو باراك أو غيرهم (الدم فى كل كف) كما قال سابقاً أمل دنقل فى رائعته لا تصالح !!) .

* إذن ..

إن (الجريمة) التى جرت ، وما سيصاحبها من ضجيج ومحاكمات ، لا أظن أنها تكفى لمعالجة سليمة لخطر كبير يحيق بهذا الوطن ، اسمه الخطر الصهيونى ، وعمليات التجسس لصالحه إن الصواب فى ظنى هو أن نفتح الملف عن آخره ، وأن نعيد تعريف مفهوم (التجسس مع إسرائيل)
، وأن نوسعه ونعلنه للكافة وأن يشتمل بوضوح على إدانة كل أشكال التعاون السياسى والعلمى والاقتصادى مع العدو الصهيونى ، وخاصة تلك التى يقترفها (الكبار) الذين من المفترض أنهم قدوة صالحة لهؤلاء (الصغار) ؛ وأن نستدعى أولادنا الذين يعملون فى الكيان الصهيونى ، ويقدر عددهم بـ (٢٠ ألف مصرى وفقاً لاحصاءات نشرت قريباً ، ووفقاً لدراسة مطولة سننشرها لاحقاً فى هذه الصحيفة) وأن نسمح بفضح كل المطبعين فى قطاعات الإعلام والبترول والغاز والنسيج والسياحة ممن ليس مطلوباً منهم أن يؤدوا دوراً رسمياً – على الأقل فى هذه العلاقات الرسمية مع الكيان الصهيونى - ومطلوب ، إذا كنا نريد ألا تتكرر عمليات التجسس تلك ثانية ، أن نعيد قراءة ونقد تجربة العلاقات مع هذا العدو وما تعرضنا له من خسائر بسببه ، وألا نستخدم سلاح تجسس (الصغار) لنلعب به فى مجال السياسة – كما يحدث الآن ، مع إسرائيل .

* إننا وبصراحة شديدة نخشى أن يكون كشف هذه المشكلة فى هذا التوقيت بهذا الضجيج هدفه صرف الأنظار عن قضايا تزوير مجلس الشعب .. أو رداً متأخراً على إهانات إسرائيلية لمصر فى الملف الفلسطينى وليس بهدف مواجهة جادة لقضية تتصل بالأمن القومى المصرى؛ تحتاج إلى استراتيجية أخرى تبدأ برأس وأصل التطبيع لا بنتائجه وذيوله ، فلنحارب الظاهرة من جذورها ، لا من أطرافها ونتائجها ، لنجتث الجذور ، ولنفضح زارعيها، قبل أن نحاكم الثمار المرة ، التى تنتجها ومنها ثمرة (أو شبكة) التجسس الأخيرة هكذا نفهم القضية .. وهكذا يعتدل الميزان ، ميزان العدل والحق ، المائل فى بلادنا منذ أن بدأ التطبيع مع هذا العدو قبل ثلاثين عاماً .. والله أعلم 

بقلم: الدكتور رفعت سيد أحمد

https://taghribnews.com/vdcjhxet.uqemmzf3fu.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز