" يُراد للبنان أن يكون البطن الرّخو للثّورات والتحرّكات العربيّة"
تنا بيروت
شارک :
رأى العلامة السيّد علي فضل الله أنّنا لم نخرج بعد من مرحلة الوصاية الدّوليّة إلى مرحلة الحكم الحقيقيّ والاستقلال النّاجز، مشيرا إلى أنّ الّذين ينصّبون أنفسهم أئمّةً لما أسموه "الرّبيع العربيّ"، لا يريدون الإصلاح الحقيقيّ للشعوب العربيّة، مؤكّداً أنّ ما يتحدّثون عنه من مرحلةٍ انتقاليّةٍ، يراد لها أن تكون مرحلة الفراغ الّتي يملأونها بالفوضى الأمنية تارةً والفوضى السياسيّة أخرى حيث قدّمت الأمّة، كما قدّم الوطن، طليعةً واعيةً عملت على تحريره للانتقال به إلى رحاب الاستقلال الحقيقيّ، ولكنّ المشكلة تكمن في أنّنا في بلدٍ ومنطقةٍ نحتاج فيهما إلى عمليّة بناءٍ شاملةٍ، حتّى نصل إلى ما ننشده من استقلالٍ سياسيّ واجتماعيّ واقتصاديّ وعلمي ناجز. مؤكداً أن هذه العمليّة لا يزال حرّاس المحاور الدّوليّة والإقليميّة يعملون على تطويقها ومحاصرة أيّ نجاحٍ يحصل بمزيدٍ من التّعقيدات والمشاكل التي يزرعونها في واقعنا المليء بالألغام السياسيّة، والمتخم بالعناوين المذهبيّة والتّعقيدات الحزبيّة وما إلى ذلك. وأضاف:" إنّنا نستمع في هذه الأيّام إلى كلماتٍ تنطلق من هناك من قمّة الثّماني، تتحدث بلغة الأمر والنّهي، والتهديد والوعيد لهذا المسؤول العربيّ أو ذاك، بأنّ عليه قيادة البلاد إلى المرحلة الانتقاليّة، وإلى ما يسمّونه الإصلاح الدّيمقراطيّ، أو التنحّي، من دون أن يتحدّث هؤلاء بكلمةٍ واحدة للمسؤولين الصّهاينة، بأنّ عليهم أن يعيدوا الحقوق إلى أصحابها وأهلها الشّرعيّين في فلسطين أو التنحّي... وعلى الأقلّ، أن يلوّحوا لهم بقرارات الأمم المتّحدة، وقرار العودة، وحقّ تقرير المصير وما إلى ذلك. ولذلك، فإنّ الخطّة هي أن نبقى في داخل الدوّامة، وأن تنتقل شعوبنا من وصايةٍ إلى وصاية، أو أن يكمن هؤلاء الّذين يسمّونهم كباراً في منتصف الطّريق للشّعوب العربيّة التوّاقة إلى التّغيير، لكي يقطفوا ثمار الثّورات والتحرّكات، ويمنّنوا هذه الثّورة أو تلك ببضع مئات من ملايين الدّولارات التي يقطعونها من رصيد الديكتاتوريات التي ما كانت لتعمّر لولا دعمهم لها... بحيث يعملون على تقديم أنفسهم كمنقذين لشعوب المنطقة، وهم السبب الرئيس في كلّ بلاءاتها، وخصوصاً من خلال رعايتهم للكيان الصّهيونيّ الّذي يراد له أن يمارس تفوّقاً نوعيّاً جديداً على شعوبنا وأمّتنا في المرحلة القادمة التي يسمّونها انتقاليّة، والتي يراد لها أن تكون مرحلة الفراغ الحقيقيّ، ليملأوها بالفوضى الأمنيّة تارةً، وبالوصاية السياسيّة أخرى. معتبراً أن هذه المرحلة ضبابيّةٍ على مستوى المنطقة كلّها قد تطول لأشهر، وقد تمتد لسنوات، و ان القضيّة هي ألا نسمح للأوصياء الدّوليّين بأن يعيدوا اختطاف الشعوب، وتعليق مصائرها، أو جعلها رهينةً لمصالحهم ومصالح كيان العدوّ... ولذلك، فالمطلوب أن نبدأ بعمليّة التّحصين الدّاخليّ في كلّ بلد، وخصوصاً في لبنان، الّذي يراد له أن يكون البطن الرّخو للثّورات والتحرّكات العربيّة، ليكتوي بنيران القلق والاهتزاز السياسيّ، وربما ليدخل في أنفاق الاهتزاز الأمنيّ، فيكفّ عن إقلاق العدوّ، ويبدأ عملية الاستنزاف الدّاخليّ الخطيرة..