تاريخ النشر2010 30 October ساعة 00:27
رقم : 29707
العلامةفضل الله:

العدوان على مواقع الأمَّة

إنّ الخطورة الكبرى تكمن في أنَّ العدو يُسرِّع من وتيرة استعداده للعدوان، ويتحضَّر لكلِّ الاحتمالات، فيما تغرق الأمَّة في بحرٍ من الانقسامات المذهبيَّة والطّائفيّة والسياسيّة، ما يستدعي العمل الجادّ من أجل توحيد الجهود
العدوان على مواقع الأمَّة
وكالة أنباء التقریب (تنا)

ألقى  السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في الخطبة الثانية:
يعرض الكيان الصّهيونيّ عضلاته النّوويَّة، ليكشف عن مفاعله النَّووي العسكريّ للمرّة الأولى أمام وسائل الإعلام، ويتحدَّث بلغةٍ تهديديَّةٍ جديدةٍ عن عمليةٍ سريَّةٍ قامت بها وحداته البحريَّة داخل إيران، ليوحي إلى العالم بأنَّه لا يتوانى عن استخدام الأسلحة النّوويّة إذا شعر بأن ثمّة قوّةً في المنطقة تهدّد تفوّقه النوعيّ، أو يمكن أن تشكّل تهديداً حقيقيّاً لأمنه في المستقبل.

وفي غضون ذلك، يواصل العدوّ القيام بخطواتٍ جديدةٍ تستهدف تسريع تهويد القدس، في سياق مشاريع قوانين جديدة، آخرها مشروع قانون يعتبر المدينة "منطقةً ذات أولويّةٍ وطنيّة"، ويعطي سلسلةً من التّسهيلات لتشجيع استيطانها وتهويدها.

يحدث ذلك كلّه، فيما تعلن السّلطة الفلسطينيَّة عن أنها تلتزم بكلِّ متطلّبات خارطة الطَّريق، وتتحدَّث عن استعدادٍ للعودة إلى المفاوضات، إذا حفظ العدوّ لها ماء الوجه، ولكنَّ المسؤولين الصَّهاينة مشغولون بالاستيطان وبالاستعداد الاستراتيجيّ للحرب عن كلِّ الشّكليّات الّتي يتحدّث عنها العرب في مسألة التّفاوض، وحتى عن بعض الملاحظات الدّوليّة الخجولة الّتي توجّه إليهم بين وقتٍ وآخر، لأنَّهم قرَّروا منذ البداية أنَّ هذا العالم لا يتفاعل إلا مع حقِّ القوَّة، ولا يأخذ بعين الاعتبار قوَّة الحقّ وحقوق الشّعوب.

إنّنا أمام عمليّة الاستعداد الصّهيونيّ المتواصلة، والّتي تترافق مع عمليّات عدوانيّةٍ صهيونيّةٍ خارج فلسطين المحتلّة، بينها ما تمّ الإعلان عنه في السّودان، أو تلك الّتي حدثت في البحر، كما في العدوان على أسطول الحرّيّة، وصولاً إلى عمليّات الزّحف الاستيطانيّ المتصاعدة داخل فلسطين المحتلَّة، ندعو الأمَّة إلى المحافظة على كلّ عناصر القوّة فيها وحمايتها، وإلى تنمية الوعي بمدى خطورة هذا الكيان على مستوى المنطقة والعالم، لأنّنا نخشى من لعبة الاسترخاء لدى الشّعوب العربيّة، بحيث يهون أمامها خطر العدوّ الصّهيونيّ، والدّور الّذي يتحضّر للقيام به..

والطّاقات وتخفيف التوتّر والتشنّجات، على قاعدة: "لأسلمنّ ما سلمت أمور المسلمين".. لتُحلّ مشكلة الحكومة في العراق، وتُزال بذور الفتن في لبنان، وتجتمع الفصائل في فلسطين على القضيَّة الكبرى.

إنّ حال الانقسام الدّاخليّ الّتي تنسحب على أكثر السّاحات في البلدان العربيّة والإسلاميّة، والّتي يُصار فيها إلى تعطيل المصالحات بين الدّول وبين الجماعات لحساب الرّغبات الأميركيّة، هي حالٌ خطيرة يُراعي فيها البعض مصالح العدوّ على حساب مصالح شعبه ودولته، وعلى حساب الاستقرار الدّاخليّ الّذي ينبغي أن يكون الأرضيّة الاقتصاديّة والسياسيّة لعمليّة البناء المتكامل لمواجهة الأخطار المحدقة بالوطن والأمَّة. إنّ المطلوب هو وعي عناصر القوّة لدى الشعوب العربيّة والإسلاميّة، وهي كثيرة لو أرادت أن تستفيد منها.

لتعزيز العلاقات الإسلاميّة ـ المسيحيّة

وفي موازاة ذلك، نرى شيئاً من الإيجابيّة في ملامسة السينودوس الذي أُقيم لدراسة وضع المسيحيّين في الشّرق الأوسط، الّذي انعقد في الفاتيكان، للمسألة الفلسطينيّة، وفي تأكيده أنّه "لا يمكن الاستناد إلى مسألة أرض الميعاد، لتبرير عودة اليهود إلى إسرائيل وتهجير الفلسطينيّين"، كما جاء في الرّسالة الختاميّة للسينودوس، لأنَّنا نعتقد أنَّ هذا الموقف يمكن أن يؤسِّس لتعاونٍ إسلاميّ ـ مسيحيّ عالميّ، تكون فلسطين المحتلّة منطلقه الأساس، ونريده أن يمتدّ ليشمل كلّ المواقع التي تُظلم فيها الشّعوب، ليكون الموقف استمراراً لموقف السيّد المسيح(ع) الّذي طرد اللّصوص من الهيكل، وهو لا يمكن أن يعطي شرعيّةً للصوص الأوطان، وليكون امتداداً لموقف رسول الله(ص) في نصرة المظلوم، بصرف النّظر عمّا هو دينه وعرقه وجنسه..

لبنان: ارتهانٌ للتَّفاهمات الخارجيَّة

أمّا لبنان، الّذي دخل في مرحلة تهدئةٍ جديدةٍ بفعل الاتّصالات الخارجيَّة والتّفاهمات الإقليميَّة، فسوف يبقى مرتهناً لهذه الاتّصالات والتّفاهمات، ليرصد من محطَّة الانتظار آفاق التطوّرات في المنطقة في مدى الشّهور المقبلة، ليعرف مصيره المعلَّق بين براثن المحكمة الدّوليَّة وهواجس العدوان الصّهيونيّ، ليبقى الاستقرار المرحليّ في قبضة الحركة الدّوليّة والإقليميّة.

ولكنَّ ذلك كلَّه لا يضع حدّاً للقلق الدّاخليّ الّذي يُساور الجميع في غياب الاستقرار الحقيقيّ، وعدم التّفاهم على كيفيّة إدارة موضوع المحكمة الدولية، والكثير من علامات الاستفهام، والّتي عزّزتها الحادثة الأخيرة في العيادة النّسائيّة، والتي تعتبر تجاوزاً لحدود التحقيق إلى أمورٍ تطال أمن البلد الاجتماعيّ والسياسيّ، والتي باتت تترك تأثيراتها الكبرى على السّاحة الداخليّة، وتعزّز الانقسام الدّاخليّ الّذي يُنذر بفتنٍ متحرّكةٍ ومتنقّلة، إلى جانب العجز القاتل عن معالجة الملفَّات السياسيّة والاقتصاديّة والمعيشيّة، مع الارتفاع الفاحش في أسعار السّلع الضّروريَّة، وانكفاء الحكومة في مسائل المياه والكهرباء، وشعور المواطنين بأن لا مظلّة تحميهم من جشع التجّار الكبار والصّغار، الّذين سرقوا الأموال العامّة والخاصّة، وأفلسوا الخزينة، ووقفوا مع الآخرين يتساءلون: كيف حدث ما حدث، ومن أين تأتي الحلول؟! 

المصدر : بينات
https://taghribnews.com/vdcguu9x.ak9yz4r,ra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز